جوبا تدافع عن تواجد القوات الأوغندية وتتهم المتمردين بعدم الجدية
الخرطوم 13 يناير 2015- رفضت حكومة جنوب السودان بشدة، إتهامات صوبها المتمردون بخرق إتفاق وقف العدائيات، وقالت أنها قدمت مايكفي من تنازلات لمصلحة السلام متهمة الطرف الآخر بزعامة النائب السابق للرئيس رياك مشار بعدم الجدية، ودافعت قيادات نافذة بحكومة الجنوب من العاصمة السودانية عن انتشار القوات الأوغندية في الاراضي الجنوبية، وقطعت بعدم أحقية المتمردين في فرض اي اشتراطات على الحكومة القائمة هناك ونفت ذات القيادات في إتجاه آخر تقديم اي دعم لقوى المعارضة السودانية ملمحة الى ان السودان يأوي معارضي الجنوب لكنها تتحاشى إثارة الأمر حفاظا على العلاقات الثنائية.
واستضافت الخرطوم الإثنين،مشاورات بين الفرقاء في دولة الجنوب، برعاية الصين لدعم مساع “إيغاد” للإتفاق على رؤية مشتركة لدفع عملية السلام وإنهاء الإحتراب وخلصت الجلسات الى اتفاق بين الحكومة وحركة التمرد التي يتزعمها رياك مشار على اتفاق من خمس بنود تصدرها الالتزام بوقف إطلاق النار، وتنفيذ الإتفاقيات الموقعة بين الطرفين، بجانب تسريع وتيرة المفاوضات لتعجيل تشكيل الحكومة الانتقالية، كما اتفقا على إتخاذ الإجراءات الملموسة لتخفيف الأزمة الإنسانية، والشروع في تقديم التسهيلات الضرورية لدخول المساعدات من المجتمع الدولي.
وقال وزير خارجية جنوب السودان برنابا بنجامين في مؤتمر صحفي بالخرطوم الثلاثاء ان حكومته وافقت على كل النقاط التي جرى التوصل اليها في إجتماع الخرطوم التشاورى، انطلاقا من الحرص على السلام، ونوه الى ان قوات الجيش الشعبي في الجنوب اضطرت للدفاع عن النفس وصد هجمات المتمردين لكنها لم تخرق اتفاق وقف العدائيات.
وأكد ان حكومة الرئيس سلفاكير أعلنت عدم الممانعة في تشكيل حكومة إنتقالية وإستحداث منصب رئيس وزراء وقال “الرئيس سلفاكير وافق على العمل مرة أخرى مع رياك مشار وهذا تقدم كبير” ولفت الى ان الأجل الدستوري للحكومة ينتهي في العام 2015 بما يستلزم إجراء إنتخابات، ويقوي من الرغبة في الوصول الى سلام لكنه شدد على ان عدم التوصل لإتفاق لن يلغي الإنتخابات.
وأشار بنجامين الى الإتفاق على إجراءات لتخفيف الأزمة الإنسانية، مع ضمان سلامة المنشآت والأفراد، وقال ان حكومته منحت المنظمات الحق في الوصول الى كل المناطق شريطة إخطار السلطات لتتمكن من توفير الحماية.
ورفض الوزير إحتجاجات المتمردين على دخول القوات الأوغندية الى الجنوب، وشدد على ان تواجدها بدأ قبل إنطلاق شرارة التمرد في إطار العلاقات الثنائية وبموجب إتفاق مع الإتحاد الأفريقي و”إيغاد”، وقال “وجود القوات الأوغندية فرضته أنشطة جيش الرب بشرق الإستوائية وقيادته حملات تقتيل ضد المواطنين”.
ولفت وزير الخارجية الى أن القوات الأوغندية عملت مع الجيش الجنوبي على حماية المنشآت الهامة ومن بينها مطاري جوبا وبور من هجمات المتمردين سيما وانهما يمثلان المنفذ للأمم المتحدة والوكالات الدولية العاملة في الجنوب بما يستدعي على الحكومة القيام بمسؤولياتها في الحماية،وأكد ان القوات الأوغندية لم تشارك البته في القتال ضد قوات مشار.
وكشف بنجامين عن ان حكومة جوبا أبلغت الخرطوم رسميا بأن قوات الجيش الأوغندي في دولة الجنوب لن تنتشر في أي منطقة على الحدود مع السودان.
وأعلن وزير الخارجية عدم ممانعة بلاده في إستقبال قوات صينية في إطار الأمم المتحدة ،واصفا الصين بالدولة الصديقة.
من جهته قال كبير مفاوضي حكومة جنوب السودان، نيال دينق نيال، ان مشار ومجموعته إتخذت من التدخل الأوغندي في الجنوب ذريعة للتنصل عن الاتفاقيات التي تم التوصل اليها مشددا على ان دولة الجنوب تتمتع بالسيادة والشرعية الكاملة ولها الحق في إبرام اي اتفاقيات وصفقات مع من تراه من الدول.
وأضاف “موضوع أوغندا أدرج كشرط تعجيزي لعدم تنفيذ الاتفاقيات، وأوغندا لم تكن طرفا في اى عمليات حربية”.
وأشار الى ان المصفوفة التي جرى التوقيع عليها بين حكومة الجنوب والمتمردين في 11 نوفمبر الماضي، حسمت معضلة القوات الأوغندية بأن نصت على إنسحابها بمجرد التوقيع على إتفاق لوقف إطلاق النار.
ولفت نيال في مؤتمر صحفي بالخرطوم الثلاثاء، الى ان الجيش الشعبي ظل على الدوام في موقف الدفاع ولم يبادر الى مهاجمة المتمردين، وقال ان الحكومة كانت ترى أفضلية إحتفاظ المتمردين بالمناطق التي يسيطرون عليها بحسبانهم “مواطنين” وليسو قوة خارجية محتلة، وأوضح ان إصرار المتمردين على إستفزاز الحكومة دفعها للهجوم وإستعادة تلك المناطق.
ومضي نيال الى تأكيد أن حكومتهم قدمت حزمة من التنازلات لأجل السلام في دولة الجنوب أبرزها التوقيع على اتفاق لوقف اطلاق النار، والسماح للمتمردين بالسيطرة على العديد من المواقع، بجانب الموافقة على تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة، والموافقة على إستحداث منصب رئيس وزراء برغم ان نظام الحكم رئاسي، لافتا الى ان المتمردين رفضوا التوقيع على البرتوكول وأضاف “هناك حالة من عدم الجدية في طرح القضايا وتناولها” .
وشن وزير الإعلام المتحدث بإسم الحكومة مايكل مكوى هجوما على المتمردين وشدد على عدم أحقيتهم في وضع أي اشتراطات على الحكومة بشأن القوات الأوغندية او سواها، منوها الى تواجدهم الآن على الشريط الحدودي مع السودان.
وقال “لم يهزمونا حتى يفرضوا شروطوهم ولايحق لاى متمرد ان يقول أطردوا الأوغنديين”، وأكد على ان بلاده قدمت تنازلات كبيرة لكن الطرف اللآخر يعمل على عرقلة التفاهمات وأضاف “اذا كانوا جادين في المحادثات لوقعنا اتفاق سلام منذ وقت مبكر، غير انهم يرفضون ذلك لشئ في نفس يعقوب، لا ندركه نحن.. ربما ينتظرون هزيمة الحكومة.. لكن ينبغي ان يعوا انهم لا يمكنهم هزيمتها مهما كانت الظروف”.
وشدد مكوى على ان حكومة الجنوب لن تقف مكتوفة الأيدي حال إستمرار هجمات المتمردين، وقال “من هنا ارسل رسالة للتمرد ولأصدقاءهم ان يسدوا اليهم بالنصح للتوقف عن تلك التصرفات”.
وقال ان المتمردين يرمون الى إستهداف منشآت النفط وواجب الحكومة يقتضي الدفاع عنها مؤكدا ان ذات الحماية ليست مسؤولية حكومة الجنوب وحدها وان على الصين والسودان أيضا حمايتها بوصفهما مستفيدين من البترول المنتج.
العلاقات مع السودان
وبشأن العلاقات مع السودان وبطء تنفيذ اتفاقيات التعاون بين الخرطوم وجوبا قال وزير الإعلام الجنوب سوداني مايكل مكوى ان إنشغال الرئيس الجنوب افريقي السابق الوسيط الرئيسي في الملف ثابو أمبيكي بقضايا المنطقتين وملفات اخرى أدت لتأجيل تفعيل التفاهمات المشتركة بين البلدين معلنا اعتزام لجنة الحدود المشتركة عقد إجتماع خلال فبراير المقبل، في جوبا.
وقال مكوي ان الجانبين لم يتمكنا من الإتفاق على ترسيم غالبية المناطق الحدودية، وقال “هذه المناطق أما فيها متمردين من السودان ، أو متمردين من دولة جنوب السودان”.
ونفي الوزير بشدة إتهامات سودانية متلاحقة لبلده بايواء جماعات متمردة ولفت الى ان الجنوب مفتوح لكن “لا نؤيد أي تنظيم يعمل ضد الحكومة السودانية وذلك لأجل المصلحة العامة”.
والمح الى ان السودان يأوي عددا من مؤيدي التمرد يجوبون الخرطوم مردفا “لكن لا نريد قول ذلك لاننا باحثين عن السلام”، وأضاف “المحادثات جارية للتوصل الى تفاهم حول المناطق المتنازع عليها بين البلدين”.
من جانبه أكد نيال دينق ان تقدما ملموسا طال ملفات أخري بين السودان ودولة الجنوب، سيما في النواحي الإقتصادية فيما يلي إعفاء الديون وأضاف “هناك لجان تعمل في اديس ابابا لاعفاء الديون ،والبلدين سيجلسان لمعرفة حجم الديون التي استخدمت في المنشآت بدولة الجنوب لتتولي جوبا سدادها” لكنه إستدرك بأن البلدين قدرا العمل المشترك لإعفاء مجمل الديون.
وأشار نيال الى ان التعثر لا زال يلازم الملف الأمني، وقضايا الحدود، مشيرا الى أساليب اخرى ينبغي اتباعها لحل المشكلات الحدودية الى جانب الحوار، ومن بينها اللجوء الى التحكيم الدولي لافتا الى ان السودان يتخوف من التحكيم “لكن من الأفضل العمل في هذين الاتجاهين”.
ونفي نيال بدوره دعم بلاده للمتمردين السودانيين وقال “ليس هناك تواجد لاي من قادة المتمردين في الجنوب لكن انظروا الى الخرطوم من الذي يتواجد فيها”.
وشدد على ان الرئيس سلفاكير هو الأحرص على متانة العلاقات مع الخرطوم بناء على المنفعة المشتركة وأضاف “اذا لم تستثمر الحكومة السودانية العلاقات الجيدة في ظل وجود الرئيس سلفاكير فلن تتمكن من ذلك مع غيره”.
ملحقية ثقافية لجوبا بالخرطوم
وشاركت القيادات الجنوبية، الثلاثاء، في تدشين مبنى الملحقية الثقافية لسفارة جوبا في الخرطوم.
وأثنى وزير الخارجية برنابا بنجامين على تعامل السلطات السودانية مع الطلاب الوافدين من دولة الجنوب، مشيرا الى ان عددهم يقارب الخمسين الف طالب في الجامعات والمدارس الثانوية.
وحث الطلاب على رسم صورة مشرفة لبلادهم وقال “اذا كان بعضهم يناصر التمرد فالسودان ليس مكانا لتلك الانشطة”.