دعوات متصاعدة لاتخاذ تدابير تحمي المدنيين في السودان مع تزايد الانتهاكات
نيويورك 12 نوفمبر 2024 ـ تزايدت الضغوط على المجتمع الدولي لاتخاذ تدابير لحماية المدنيين في ظل تصاعد وتيرة الانتهاكات، وسط دعوات لتوسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل كل السودان، فيما يعقد مجلس الأمن الدولي مساء اليوم الثلاثاء جلسة احاطة حول الوضع في السودان.
ودعت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، في بيان تلقته “سودان تربيون”، الجيش وقوات الدعم السريع والمجتمع الدولي إلى “إعطاء الأولوية بشكل عاجل لحماية المدنيين في ظل الصراع المستمر في السودان”.
واقترحت تحديد مناطق آمنة للمدنيين تتوقف فيها الأعمال العدائية وتنسحب منها القوات العسكرية ويُحظر فيها الطيران، لتكون ملاذًا آمنًا بشرط أن تكون تحت حماية قوات دولية مستقلة ونزيهة.
وطالبت “تقدم” بتوسيع نطاق الحظر الذي فرضه مجلس الأمن على إمداد الجماعات العاملة في إقليم دارفور بالأسلحة ليشمل كل السودان، حيث إن منع تدفقها أمر حاسم لتخفيف حدة العنف وإنهاء النزاع.
وقالت في بيان إن المدنيين يعانون من الإعدامات خارج نطاق القانون، والتعذيب، والتهجير القسري، كما تواجه النساء والفتيات أهوالاً مروعة بما في ذلك العنف الجنسي، والاغتصاب، والاسترقاق.
ودعت إلى توسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل أنحاء السودان، لضمان محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والجيش والقوات المتحالفة معهما.
ونادت بضرورة معالجة انقطاع الاتصالات، حيث فاقم انقطاعها الأزمة من خلال منع المدنيين من الحصول على المعلومات الحيوية أو التحذيرات، كما طالبت بزيادة الدعم المالي والفني للمجتمع المدني المحلي والمبادرات النسوية.
جلسة لمجلس الأمن
ويعقد مجلس الأمن اليوم جلسة إحاطة رفيعة المستوى حول الوضع في السودان.وسيرأس الاجتماع وكيل وزارة الخارجية البرلماني لأفريقيا في المملكة المتحدة، اللورد كولينز أوف هايبري.
ومن المتوقع أن تقدم إحاطات من وكيل الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو، ورئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في جنيف ومدير قسم التنسيق راميش راجاسينغام، وممثل عن المجتمع المدني.
ومن المتوقع أن يشارك السودان في الجلسة بموجب المادة 37 من النظام الداخلي المؤقت للمجلس.
وتوقع دبلوماسي سوداني تحدث لـ«سودان تربيون» الثلاثاء، أن يجدد المجلس دعوته للطرفين لوقف الأعمال العدائية فوراً وأن يدين العنف الجاري والهجمات على المدن والقرى والمرافق المدنية.
ووفقاً للدبلوماسي، من المتوقع أن يناقش المجلس سبل حماية المدنيين، بما في ذلك مقترحات باتخاذ قرارات لتعزيز آليات مراقبة حقوق الإنسان وفتح مزيد من التحقيقات في الانتهاكات الأخيرة، خاصة في شرق ولاية الجزيرة.
ويرى مراقبون أن الوقت حان لكي يشكل المجلس بعثة مراقبة وامتثال لحماية السودانيين بعد تصاعد العنف في أكتوبر الماضي واجتياح القوات المتحاربة لعدد من المناطق الجديدة.
كما يناقش المجلس التدخل الأجنبي في الصراع السوداني وضرورة التزام الأطراف الخارجية بنظام العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591، بالإضافة إلى الوضع الإنساني والمجاعة وضرورة مواصلة فتح معبر أدري الحدودي.
فظائع جماعية
وأرسلت 13 منظمة وتنظيم تعمل في كشف الانتهاكات والدعوة لإنهاء الحرب، رسالة مشتركة إلى وكيل وزارة الخارجية البريطانية للشؤون الأفريقية ورئيس الإحاطة الوزارية لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بشأن السودان، كولينز أوف هايبري.
ودعت الرسالة هايبري إلى دعم قرار مجلس الأمن بإنشاء تحقيق دولي حول الوضع في ولاية الجزيرة، كما نادت الأمين العام للأمم المتحدة بطرح هذه المسألة أمام مجلس الأمن.
وطالبت بإحالة الوضع في ولاية الجزيرة والسودان بأسره إلى المحكمة الجنائية الدولية، لتحقيق العدالة للضحايا وردع المتورطين عن ارتكاب فظائع مستقبلية.
وشددت على ضرورة إلزام الإمارات بوقف تزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة والمعدات ووقف تدخلها العسكري وجرائمها الفظيعة ضد الشعب السوداني.
وذكرت الرسالة أن قوات الدعم السريع صعدت حملتها الإرهابية في ولاية الجزيرة بعد انشقاق قائدها أبو عاقلة كيكل في 20 أكتوبر الماضي، حيث نفذت هجمات انتقامية ضد مدنيين عُزّل باستخدام أسلحة متقدمة وتقنيات عسكرية عالية الدقة.
ووثق مؤتمر الجزيرة، وهو كيان مدني يرصد الانتهاكات، مقتل 1,237 مدنيًا في مناطق شمال وشرق الجزيرة على يد قوات الدعم السريع خلال ثلاثة أسابيع فقط.
ضغوط جديدة
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الاثنين، إن قوات الدعم السريع قتلت وجرحت واحتجزت تعسفًا أعدادًا كبيرة من المدنيين واغتصبت النساء والفتيات خلال الهجمات في جميع أنحاء ولاية الجزيرة.
وأضافت: “نظرًا إلى حجم وخطورة التهديد الذي يواجهه المدنيون، من الضروري أن تستخدم بريطانيا رئاستها لمجلس الأمن خلال نوفمبر الجاري للدعوة إلى تدابير تتخذها الأمم المتحدة لنشر بعثة لحماية المدنيين في السودان”.
وفي 28 أكتوبر الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الظروف ليست ملائمة لنشر قوة تابعة للأمم المتحدة في السودان.
وتتولى بريطانيا مسؤولية الملف السوداني في مجلس الأمن الدولي الذي تترأسه هذا الشهر، وسط توقعات بأن يبحث المجلس كيفية تحسين حماية المدنيين في السودان.
وشددت “هيومن رايتس ووتش” على أن التصاعد العنيف للهجمات على المدنيين يتطلب أن تضغط بريطانيا، بالتعاون مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، على مجلس الأمن لتفويض بعثة لحماية المدنيين في السودان.
وتابعت: “على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أيضًا أن تعزز الدعم لبعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان”.
وفي السياق، قال موقع “سكاي نيوز عربية” ــ نقلًا عن مصادر ــ إن مجلس الأمن الدولي يتجه للاتفاق على صيغة تشكيل “آلية امتثال”، للإشراف على خطوات محتملة لحماية المدنيين وضمان الالتزام بإعلان جدة الموقّع في مايو 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأفاد بأن بعثة بريطانيا في المجلس قطعت شوطًا كبيرًا لحشد التوافق على مشروع قرار ينص على تبني خطوات واضحة لحماية المدنيين، والتوسط بين طرفي القتال، ووقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب.
وأضاف: “على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح الشكل الذي قد تتخذه مثل هذه الآلية، إلا أن مصادر أشارت إلى أن الخطة ستستند إلى تشكيل وحدات رقابة عسكرية أفريقية مدعومة من الأمم المتحدة”.
وفي 27 أكتوبر الماضي، ذكر موقع “تقرير مجلس الأمن الدولي” أن أعضاء المجلس يبحثون إمكانية نشر بعثة بقيادة الاتحاد الأفريقي في السودان.