Sunday , 28 April - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

ما يمكن إنقاذه.!

شمائل النور

شمائل النور
أكملت حرب 15 أبريل ثمانية أشهر إلا أياما، لم يحصد فيها السودانيون غير الدماء والخراب والانهيار المريع في كافة المناحي للدرجة التي قد لا تُصدق، فلا ”كرامة“ تحققت ولا ”فلول“ حوربوا.

بعض المؤسسات الكبيرة الخاصة بدأت تتخلص من موظفيها وعمالها بشكل نهائي بسبب توقف العمل، ونتيجة ذلك آلاف الأسر سوف تتضور جوعاً بسبب فقدان مصادر دخلها الرئيسية التي أصلاً لم تكن تغطي كافة الاحتياجات المعيشية مع تدهور العملة الوطنية المستمر، دع عنك تعطل الدراسة بكافة مستوياتها وتعطل مؤسسات الدولة.

المؤكد والذي لا يختلف حوله إثنان، أن قضية الإنسان ليست محل اهتمامات المعادلات العسكرية ولا السياسية، لأن الطغمة المسيطرة حالياً لا تتحلى بالحد الأدنى من الأخلاق. وكلما تراجع الالتزام بأخلاق السلطة كلما تراجعت واضمحلت قيمة وكرامة الإنسان، والنتيجة ما نراه يومياً من مهانة لكرامة السودانيين داخل وخارج الوطن.

هؤلاء لا يُنتظر منهم أن يضعوا هذه القيمة موضع اعتبار، لذلك، بعد هذه الشهور الطويلة ثبت تماماً أن هذه الحرب لن تتوقف من تلقاء أطرافها الرئيسية، لأنها غير متضررة.

هذه الفترة كافية جداً كي ينهض الجميع لإيقافها وقطعاً أن الجميع هنا، مقصود به القوى المدنية الفاعلة، أولاً أن هذه الحرب وقعت كل خسائرها على المواطنين العزل وسوف يتحمل المواطنون المزيد من الخسائر. هذا يحتم على القوى المدنية أن تتحمل مسؤولية مضاعفة لتتولى قضايا الناس، التي دون شك ليست محل اهتمام العسكريين.

أما ثانياً: إذا استمرت هذه الحرب أكثر من ذلك فسوف تضعف مستقبلاً حظوظ القوى المدنية في معادلات السياسة والسلطة، وسوف تكون الغلبة لحملة السلاح وعندها؛ فإن ما ستكون عليه الدولة لا يحتاج إلى شرح.

إذ أنه؛ بعد ثمانية أشهر لم يعد خافياً حالة انحلال الدولة التي بدأت ملامحها في كل شيء، الأداء العسكري، السياسي والدبلوماسي، وهي حالة انحلال غير مسبوقة ولا شك أن نهاياتها زلزالية أن لم نتحد وننقذها.

وهذا الوضع الكارثي يبدو طبيعي بسبب غياب التنظيم السياسي الحقيقي، الذي يُدرس ويُخطط ويقيّم ويُصحح، فأصبح كل فعل خبط عشواء ” يا صابت يا خابت“.

إن الفرصة لا تزال مواتية أمام كل القوى المدنية، لإخراس صوت السلاح وانتزاع الفعل وتحويله من عسكري لسياسي.
أولى خطوات قنص هذه الفرصة أن ينفتح ملف العدالة مع النظام السابق وأن يناقش بكل شجاعة وشفافية انطلاقاً من سؤال ماذا نحن فاعلون بشأنه؟ وما قدرتنا وما مقدرتنا.