الخرطوم بحري تستفيق من هزائم المتنفسات وتنقذ حديقة (الزوادة)
الخرطوم 12 أغسطس 2016 ـ كسبت الخرطوم بحري معركة أتاحت لها الاحتفاظ بآخر متنفسات المدينة المتمثل في حديقة “الزوادة”، بعد سلسلة من الهزائم أفقدتها كازينو النيل الأزرق وحدائق البلدية التي شيد عليها فندق قصر الصداقة في سبعينيات القرن الماضي.
واحتوت حكومة ولاية الخرطوم صراعا بين معتمد الخرطوم بحري ووزارة التخطيط العمراني حول حديقة وكازينو “الزوادة”، كاد أن يدفع معتمد المحلية لتقديم استقالته قبل أن تلغي السلطات هذا الأسبوع قرار إزالة شرع فيه جهاز حماية الأراضي الذي يتمتع بصلاحيات واسعة وقوات شرطية تحمي قراراته.
وتمثل النزاعات حول الأراضي قضية متجددة في ولاية الخرطوم حيث تصل قيمة الأراضي في العاصمة السودانية إلى مبالغ مهولة.
وبدأ جهاز حماية الأراضي الثلاثاء الماضي في إزالة حديقة “الزوادة” التي عرفت قديما باسم “حديقة أركويت”، لكن تدخلا لمعتمد الخرطوم بحري اللواء حسن محمد حسن إدريس أوقف الإزالة التي كانت تستهدف على ما يبدو تغيير غرض الأرض المميزة والواقعة في مثلث تطل أضلعه على طرق رئيسية.
وتعهد المعتمد بعد مشاورات واسعة في حكومة الولاية بإعادة تأهيل منتزه “الزوادة” ليتحول لحديقة عامة ومتنفس لسكان الخرطوم بحري، قائلا إنه اتفق مع حكومة الخرطوم على تأهيل المنتزه وعدم إزالته، على أن ترحل الأنقاض التي هدمتها الجرافات فورا.
وتابع المعتمد في تصريح: “ان حديقة (الزوادة) رمز تاريخي لسكان مدينة الخرطوم بحري ولن نسمح بإزالتها وسنعمل على زيادة المساحات الخضراء بدلا من تقليصها”، مؤكدا تجاوز الخلافات التي نشبت مع وزارة التخطيط العمراني بشأن إزالة المنتزه.
ويتذكر سكان الخرطوم بحري بمرارة فقدان مدينتهم لحدائق البلدية الغناء التي شيد عليها الكوريون في سبعينيات القرن الماضي فندق قصر الصداقة في مساحة 65 ألف متر مربع كمقر لإقامة الشخصيات المهمة ونادٍ للقمار شكل ملاذاً مثالياً للسياح والنزلاء الأجانب، قبل أن يشهد المكان تراجعا بعد تطبيق الشريعة الإسلامية في سبتمبر 1983.
ويقول رئيس منتدى الشاعر ود المأمور بالخرطوم بحري السر عثمان شهلي لـ “سودان تربيون” إن حدائق البلدية التي تغنى لها الفنان الراحل سيد خليفة، كانت مساحة أرض في شكل هلال مطل على نهر النيل شيدها ونسقها الحكام الإنجليز وأصبحت قبلة للفنانين والشعراء قبل تحويل غرضها.
ويشير شهلي بشئ من الحسرة أن الخرطوم بحري رغم أنها محاطة بالنيل من الجهتين الغربية والجنوبية لكنها تفتقد تماما لأي متنفسات تطل على شواطئ النهر التي تسيطر عليها أسلحة تابعة للجيش “سلاحي المظلات والإشارة” أو استثمارات مثل أبراج شيدتها شركة “الديار القطرية”.
ولا يجد كل من جعفر نوري وعاطف الجميعابي، وهما من سكان حي المزاد بالخرطوم بحري، سببا لتحول كازينو النيل الأزرق العريق إلى (خرابات) بعد أن كان قبلة لأسر المدينة ومقرا جاذبا لكبار الفنانين لإحياء الحفلات نهارا وليلا.
وتحولت مساحة الكازينو المجاورة لجسر النيل الأزرق أحد أقدم الجسور في السودان، إلى أرض مهجورة عدا مساحات شيد عليها مصرف ومسجد، لكن البنايتان بلا رواد الآن.
وإلى الجنوب من حديقة “الزوادة” التي تطل على شارع “الإنقاذ” حدائق عبود التي شيدها الرئيس الأسبق الفريق إبراهيم عبود، ويؤكد جعفر نوري أن الحدائق ما زالت قائمة لكن ثمة تغول على مساحتها عبر تشييد صالات للأفراح وميادين رياضية قلصت المساحات الخضراء لحد كبير.
ويرى سكان الخرطوم بحري أن التغول على معالم المدينة طال أيضا الميادين والمباني العتيقة، مثل النزاع الموجود على ميدان “عقرب” التاريخي ومبنى المحافظة القديم والسينما الوطنية.