الحكومة تؤكد رفضها والمعارضة تتمسك بتكوين حكومة وطنية لإعداد دستور جديد
الخرطوم 1 اكتوبر 2012 — جدد مسؤول برلماني سوداني رفض حكومته لمطالبة المعارضة تكوين حكومة انتقالية تضم قوى المعارضة مؤكدا ان الحكومة الحالية تستمد شرعيتها من الانتخابات التى اجريت في عام 2010 وكفلت الفوز لحزب المؤتمر الوطنى الحاكم .
وذلك في وقت اكدت فيه المعارضة تمسكها بشروطها ورفضها الاعتراف بالبرلمان الحالى وافتقاره الشرعية التى تخوله اجازة الدستور
وترهن المعارضة السودانية مشاركتها في اعداد اول دستور سوداني بعد انفصال الجنوب بتكوين حكومة شاملة تضم كل القوى السياسية لإدارة البلاد خلال فترة انتقالية يعد فيها دستور جديد وتنظم فيها انتخابات جديدة وهو ما ترفضه الحكومة التي جددت مؤخرا الدعوة للمعارضة بالمشاركة في اعداد الدستور.
وقالت رئيسة اللجنة القانونية في البرلمان السودانى بدرية سليمان في ندوة عن الوضع السياسي الراهن والدستور اقيمت امس بالمركز السوداني للخدمات الصحفية بالخرطوم انه يمكن اجراء استفتاء شعبي على البنود الرئيسية للدستور وطرح مسودة لاختيار “نظام الحكم” و”مصادر التشريع” سواء ان كانت من مصادر التشريع الاسلامية او العلمانية او المدنية بجانب الاستفتاء على النظام البرلماني والرئاسي
وعما اذا كان هناك رغبة لتداول عملية الرئاسة بشكل دوري بين الاقاليم او الابقاء على نظام رئاسي واحد او اختيار نظام مختلط موضحة ان العملية يمكنها ان تختزل في اطار محدد بدلا عن طرح مسودة كاملة عن الدستور وتواجه بتعقيدات غير مبررة على حد قولها.
واشارت الى ان حجج المعارضة باتساع نطاق الحرب لتأجيل صناعة الدستور غير مقبولة وقالت انه مع تواضع دولتي السودان وجنوب السودان على اقامة سلام دائم بحسب اتفاق اديس ابابا الاخير فان الاوضاع تسير الى الافضل ويمكن تضمين اتفاق سلام الشرق والدوحة كأحكام في الدستور الدائم اسوة بما حدث في دستور 98 حينما اضيف اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997 وزادت ” ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان مصيرهما ان تنضما للعملية السلمية “.
وقاطعت المعارضة السودانية دعوات اطلقها الرئيس عمر البشير للمشاركة فى وضع الدستور الدائم وأعلنت العزم على وضع مسودة دستور منفصلة مؤكدة ان الحزب الحاكم وضع دستوره منذ وقت طويل بمعزل عن القوى السياسية الاخرى
وقالت بدرية سليمان ان الدستور الانتقالي الذي اسس في العام 2005 بالتزامن مع اتفاقية السلام الشامل اجيز بواسطة برلمان كان يضم القوى السياسية والحزب الحاكم بجانب قوى معارضة تشكك في شرعية الحكومة من بينها الحزب الشيوعي مؤكدة ان الارادة السياسية لإعداد الدستور الدائم “متوفرة بقوة”.
وحثت المعارضة على الامتناع عن التشكيك في جدية الحكومة وعزمها على اقرار دستور دائم وقالت ان مطالب احزاب المعارضة لا تحظى باى قبول واعتبرت الدعوة لإجازة الدستور بواسطة جمعية تأسيسية يعني اجراء انتخابات مبكرة قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية لكن الدستور الانتقالي ينص على اكمال ولايته وإجراء انتخابات
وتخوفت سليمان من مقاطعة المعارضة للانتخابات حال الموافقة على اجراءها مستشهدة بما جرى فى الانتخابات الاخيرة حين هرولت احزاب المعارضة للمشاركة بعد انتهاء الفترة القانونية والدفع بقوائم المرشحين “.
لكن الامين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر عبدالسلام وصف دعوات الحكومة للأحزاب للمشاركة فى صناعة الدستور بانها عملية “مكياج” يستخدمها المؤتمر الوطنى لاصباغ شرعية على الحكم مؤكدا ان الانتخابات المستند عليها لإضفاء الشرعية غير معترف بها لأنها مزورة حسب تعبيره.
واشار عمر الذى تحدث فى ذات الندوة الى ان البرلمان يمارس دورا اشبه بالسلطة التنفيذية بدلا عن الناحية الرقابية وتمسك عبد السلام باشتراطات قوى المعارضة بتكوين حكومة انتقالية تتولى صناعة الدستور الدائم وبرر ذلك بنشوب الحرب في اجزاء واسعة من السودان وخضوع مناطق شاسعة لقانون الطوارئ وغياب الحريات الصحفية والسياسية ومصادرة وإغلاق السلطات الحكومية الصحف التي تكافح الفساد .
وشدد عبدالسلام على ان البرلمان الحالي ليس شرعيا ليتولى اجازة الدستور الدائم وقال انه اقرب ما يكون الى “سلطة تنفيذية” لتمرير قوانين تتماشى مع الحزب الحاكم ورأى ان تمسك بعض السياسيين بمواد في الدستور الانتقالي تشير الى اعداد الدستور الدائم عقب عملية الانفصال غير مبرر لجهة انه يدعو لاقامة دستور في ظل دولة المؤسسات وليست دولة الحزب الواحد كما يحدث حاليا.
وحذر كمال من المضي في العملية دون اعطاء اولوية للعملية السلمية في المناطق المتوترة قائلا ا ن اي دعوة لصياغة دستور دائم بمعزل عن مناطق النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور يعني استثناء ها من المشاركة وتكريس الانفصال لاحقا لتلك الاقاليم
من جهته حدد استاذ القانون الدستوري بجامعة الخرطوم محمد نوري الامين مطلوبات صناعة الدستور الدائم بالاتفاق والتراضي بين جميع المكونات السياسية والاجتماعية واجازته بواسطة برلمان يستند الى شرعية حقيقية وليست مزيفة كالبرلمان الحالي او جمعية تأسيسية او انتفاضة شعبية تهب لتأسيس دستور دائم للمحافظة على مكتسبات الثورة وضمان استمراريتها قائلا ان السودانيين منذ الاستقلال لم يحظوا بجمعية تأسيسية منتخبة بشكل حقيقي لتنهض بواجباتها التشريعية.
ووجه نوري انتقادات لاذعة لرئيسة اللجنة القانونية بالبرلمان بدرية سليمان وقال انها ليست الشخصية المناسبة للحديث عن الدستور لمشاركتها في نظامين شمولين وصلا الحكم بانقلاب عسكري مضيفا انه طوال متابعته لانشطتها السياسية لم يلحظ انتقادها لنظام مايو الذي شاركت فيه وكشف سلبياته للرأي العام السوداني وزاد ” بدرية لاتؤمن بالديمقراطية ولا تعترف بالآخر وهي غير مؤهلة للحديث عن قضايا الدستور وهي شمولية حتى النخاع “.
وقال نوري ان المناخ الملائم لصناعة الدستور الدائم وتكوين لجنة قومية محايدة شرطيين اساسيين لايتوفران حاليا في ظل استمرار النظام الحاكم وكشف عن انه كان احد اعضاء اللجنة المكلفين لاعداد دستور عام 98 لكنه فوجئ باستبدال المسودة الاساسية التي اقرتها اللجنة باطروحات تتماشى مع الحزب الحاكم آنذاك قبل المفاصلة وطرح اسئلة على من اسماهم قانوني الحزب الحاكم وقال ماهو المقصود بدولة المدينة التي تستمد احكامها من الشريعة الاسلامية ؟ واستدرك لا “اعتقد ان هذه عبارة صحيحة “.
من ناحيته اعتبر المشرف السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل تاج السر محمد صالح رفض المعارضة تلبية دعوة رئاسة الجمهورية للمشاركة في اللجنة القومية للتفاكر حول الدستور الدائم ” غير مقبول” وقال ” ما كان يجب رفض دعوة قبل معرفة مضمونها” مؤكدا ان حزبه يحاول ” رد الجميل” للسودانيين بالمشاركة في الدستور الدائم وإظهار قدرا عاليا من العملية الديمقراطية التي لا تكتمل الا بصناعة دستور دائم وفق تعبيره .