متى يخرج السودان من دوامة الفشل (1-3) ؟
بقلم : نعمة المهدي
فى غضون العام ٢٠١٤ احتشدت مجموعة من طلاب جامعة كويتية فى بهو جامعتهم الرحب، ينشدون ويتراقصون على ايقاع مدائح عصابات داعش، انشدت المجموعة شيلات ” يا عاصب الراس” المنددة بحكم شيوخ وملوك العرب والتى تمثل كلماتها تحدياً سافراً لحكام العرب، ومن ثم حملت تلك المجموعة ملامح احتفائها بظهور واتساع رقعة سيطرة عصابات داعش انذاك على قناة اليوتيوب، لكى يصبح احتفالها هى والماره من مؤيدى ذلك الاحتفال من طلاب تلك الجامعة الذين رددوا “داعش، خوش دولة” على مسمع ومشهد الكل من رواد تلك القناة المرئية حول العالم.
فى ذات السياق اوضحت دراسات متفرقة لدور ابحاث واعلام غربية بان مؤيدى عصابات داعش ينشرون وبكثافة غير مسبوقة فى العالم العربى وانهم دون شك فى تزايد وانتشار.
ان الدعم المتزايد لعصابة اجرام تذبح البشر دون هوادة وتسبى النساء وتستبيح اعراض الناس مهللة، ومبشرة تحت راية اسلام زائفة، لا يختلف كل الاختلاف من دعم وتأييد، مجموعات كبيرة من شعب السودان لبدايات حكم الاسلاميين فى السودان، وما صاحب تلك البدايات من بطش وقتل واستباحةٌ لاعراض الرجال والنساء على حد سواء، وخطفاً للقُصر من شوارع المدن لالحاقهم قسراًوقهراً بصفوف قوات الدفاع الشعبى سيئة الصيت، لتشارك فى حرب شعوب السودان ضد اخوتهم وبنى جلدتهم من شعوب السودان.
فان دعم وتأييد دولة الانقاذ لا يقتصر على التحاق الالاف بركبها وانضمامهم لصفوف أليات بطشها من اجهزة الأمن والشرطة وغيرهم من ادوات قمع شعوب السودان، بل على الصمت المبين امام جرائم يندب لها الجبين فى جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور وبورتسودان وكجبار وغيرهم من سلسلة جرائم الانقاذ المستمرة.
فكيف لشعب حشد صفوفه وقهر حكم الطاغية النميرى والطاغية عبود ولديه تاريخ هزم احد اعتى جيوش العالم، ان يصمت امام هذ الكم الهائل من الظلم والاستبداد؟
كثرت التفاسير وتعددت ما بين تفسير دعاية الانقاذ بانعدام البديل وضعف القيادات البديلة و هلع الشعب وخوفهم من بنى جلدتهم من الحركات المسلحة الى تفسير وتبرير المعارضة بغياب وعى الشعب واختيارة الهجرة دون البقاء فى السودان احتجاجاً على الحكم وغيرهم، اما دعايات الحكومة فتلك يسهل بطلان حقائقها واما تبريرات المعارضة فاغلبية المهاجرين من مؤيدى هذا النظام بل ان عدداً كبيراً من وزراء الانقاذ يحملون وثائق هوية وجنسية اوربية او كندية او امريكية.
التفسير الارجح فى رأيي يكمن فى ثقافة وعقلية شعوب السودان وجيرانها فى المحيط العربى والافريقي والتى تؤمن بان الحاكم لا يمثل مشيئة ومصالح الجماهير والشعوب، كما هو الحال حول العالم الديمقراطى، بل بل ان البلد ملكه هو وان دورة هو دور الأمر والناهى، دور ولى الامر الحازم، وان الحاكم الجيد هو الحاكم المستبد، صعب المراس والذى يضرب اعدائه بيداً من حديد ويخرس من ينتقدة، وهو صاحب القرار الاخير والذى لا يسمح بان يكسر قرارة احد، وبان الاسلوب الاوحد لمجارية هذا الحاكم هو التعامل معه بكل الحذر وتجنب اغضابه حتي يسلموا وأسرهم من شر بأسه، بل والعمل على التقرب منه بكل السبل ومن خلال كل الواسطات للنيل من اوجه حلمة وللدخول فى دائرة عطفه ورحمتة وللحصول على بعض موارد الدولة لتيسير امور حياتهم ولكى يتمكنوا من توفير مطالب الحياة لانفسهم ولأسرهم وللاستفادة من الفرص المتاحة للدولة والتى يتحكم فى توزيعها هو – الحاكم المالك.
ولذلك وبناءً على تلك العقلية فان الحاكم الباطش المسيطر ليس ظالماً ومقصراً فى دوره، بل هذا حقة من باب الحكم والولاية وهو الدور المتوقع منه حسب توقعات عقلية الاغلبية.