Friday , 26 April - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

شيعة السودان … خيارات النزول تحت الارض

بعد قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ..
شيعة السودان … خيارات النزول تحت الارض ..

بقلم :الهادي محمد الأمين

رغم مرور أكثر من اسبوعين علي قرار الحكومة السودانية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران إلا أن ذيول الحدث وانعكاساته لا زالت تلقي بظلالها علي المشهد العام في الساحة السودانية ولا زالت تداعيات القرار وتبعاته تستحوذ وتسيطر علي اهتمامات الرأي العام غير أن السؤال الذي يفرض نفسه بشدة يتعلق بمصير الشيعة في السودان سواء علي صعيد الجالية الإيرانية التي تستقر في الخرطوم أو علي مستوي أتباع المذهب الشيعي السودانيين وما مستقبلهم في ظل الاوضاع الراهنة ؟ وكيف تتعامل معهم الحكومة بعد طي ملفها الدبلوماسي مع طهران علي النحو الذي بدأ منذ منتصف العام قبل الماضي حينما نفذّت السلطات إجراءاتها في مواجهة المد الشيعي بالسودان بإغلاق المركز الثقافي الإيراني وطرد الملحق الثقافي والطاقم العامل في تلك المكاتب وانتهاء بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ؟ ..

(1)

لكن قبل الاجابة علي هذا التساؤل لا بد من استرجاع الشريط قليلا وفتح الملف للتعرف علي خارطة انتشار الشيعة في السودان في الفترة التي سبقت قرار الحكومة بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران حيث ظهرت دراسات مؤخرا وجود حالات تشيّع في اوساط المعدّنين ببعض مناطق التعدين بالشمالية ونهر النيل وأن هناك جهات تعمل تحت غطاء الاستثمار في مجال التنقيب عن الذهب لكنها تتخذه ذريعة لاستقطاب بعض العاملين نحو الفكر الشيعي بشكل ملحوظ تزيد وتتسع رقعة النشاط الشيعي بصورة مكثفة للغاية وأن المعلومات الأولية كشفت عن حقائق خطيرة ومذهلة حول حجم التشيّع بتلك المواقع ودعا الكتور عمار صالح مدير مركز الدراسات المقارنة المهتم بمتابعة نشاط الشيعة بالسودان السلطات الرسمية بالمركز وولايتي الشمالية ونهر النيل للأهتمام بهذه القضية والتدخل لحسم هذه التجاوزات وقال عمار صالح أن أتباع المذهب هاجروا من الخرطوم للإستقرار بنهر النيل مستفيدين من حالة الوجود السكاني الكثيف في مناطق التعدين للتبشير بالفكر الشيعي والعمل علي إغراء البعض لجذبهم واستقطابهم نحو اعتناق الفكر الشيعي وأماط اللثام عن حقيقة أخري وثيقة الصلة بهذا الملف مبينا أن بعض السودانيين الذين اتخذوا من طهران مقرا لهم قبل اتخاذ الحكومة لقراراتها الخاصة بإغلاق المركز الثقافي الإيراني في العام قبل الماضي طردتهم السلطات الإيرانية كمعاملة بالمثل في مقابل طرد السودان لإيرانيين كانوا يعملون في الخرطوم مؤكدا ان العائدين للبلاد هاجروا من الخرطوم لمناطق الذهب وبإمكانيات مالية ضخمة استقروا في عدد من مناطق التعدين بنهر النيل وأشار إلي تمركزهم في قرية تسمي عكاشة .

(2)

ولفت الشيخ عمار صالح الإنتباه الى نشاط آخر للشيعة في منطقة (أبو زبد) بشمال كردفان وقال إن حركة التشيع في تلك المنطقة لا زالت نشطة وإن عدد معتنقي الفكر الشيعي بأبو زبد يزيد عن الـ125 شيعي من الجنسين لا زالوا يمارسون طقوسهم ويتحركون بحرية بين سكان المنطقة ومضي عمار صالح في حديثه مؤكدا تغلغل الشيعة في بعض المواقع برفاعة بشرق الجزيرة وقال إن النشاط هناك يتخذ من وسائل السرية والخفاء طرقا لاستهداف المواطنين وجذبهم لاعتناق المذهب الشيعي وكشف الشيخ عمار صالح حقائق أخري عن نشاط كبير يقوم به الشيخ النيّل أبو قرون في مناطق شرق النيل بمنطقة أبو قرون ونهر النيل والنيل الابيض والجزيرة وقال إن النيّل أبو قرون يعمد علي إنجاز زيارات ميدانية لاتباعه في تلك المواقع وقال إن الرجل له مؤيدون كثر يتوزعون داخل وخارج الخرطوم وطالب الشيخ عمار صالح السلطات الحكومية لاستدعاء أبو قرون وتشكيل محكمة خاصة بقضاة شرعيين لمحاكمة النيّل أبو قرون ومناقشته في أفكاره المنحرفة والهدامة – علي حد وصفه – مضيفا أن الإستتابة التي تمت للشيخ النيّل أبو قرون قبل أكثر من 10 أعوام بها الكثير من الثغرات ولم تثن الرجل عن مواصلة تبني أفكاره القديمة الخاصة بالدعوة لتبني المذهب الشيعي.

(3)

وطبقا لوزير الخارجية البروفسير إبراهيم غندور الذي قطع بعدم وجود نشاط شيعي إيراني بالخرطوم بشكل واضح وملموس عقب قرار إغلاق المركز الثقافي الإيراني إلا أنه أكد وجود أعداد كبيرة من الإيرانيين مقيمين بالسودان ولديهم الكثير من الأنشطة والأعمال التجارية وشركات إيرانية يديرها إيرانيون تعمل في مجال المياه لكنه لم ينف بصورة قاطعة وجود نشاط شيعي يمارسه سودانيون وقال إنهم سيتعاملون بحسم مع شيعة السودان وفقا للقانون في حالة وجود اي مخالفات تم ضبطها ومضي قائلا (قد يكون هناك نشاط لسودانيين اعتنقوا المذهب الشيعي وهؤلاء يخضعون للقوانين السارية بالبلاد) وهو ذات الامر الذي أشار إليه الدكتور عمار صالح الذي أكد وجود نشاط وحراك لبعض الناشطين للتبشير والدعوة لاعتناق الفكر الشيعي بيد أن الامر أخذ أبعادا أخري وتفاعلات إسفيرية خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي ففي قروب منصة نداء الاصلاح فتحت أعضاء ناشطون في الصفحة ملف الشيعة بالسودان وأوردوا اسماء شخصيات شيعية في القروب ودوّن أسعد التاي (بوستا) وشريطا في صفحة السائحون تتساءل عن مستقبل القيادي بالمؤتمر الشعبي ورئيس لجنة اسناد الحوار الدكتور عمار السجاد وقال هل يمكن أن تبعده الحكومة عن لجان الحوار نظرا لارتباطه الوثيق بالشيعة ؟ بل وصل عدد المعقبين والمتداخلين في البوست لقرابة الـ(750) تعليق كلها تطرح سؤالا مهما يتعلق بمصير شيعة السودان بعد قرارات الحكومة بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وتساءل آخرون عن سر العلاقة والتقارب بين الشيعة والمؤتمر الشعبي علي خلفية رفض الشعبي الاجراءات الاخيرة التي اتخذتها الحكومة في مواجهة طهران في أعقاب التطورات التي حدثت بين السعودية وإيران بعد إعدام نمر النمر وآخرين وعمار السجاد نفسه محل البوست حينما تداخل لم ينف اعتزازه وانحياازه للمذهب الشيعي غير انه عاد وقال ليس مهما ان تكون سنيا أو شيعيا لكن المهم هو بناء سودان حضاري وأرساء دائم دولة المؤسسات والشوري والعدالة والحريات .

(4)

من ناحية ثانية فإن آخر نشاطين للسفارة الإيرانية بالخرطوم بحسب موقع السفارة الإلكتروني كانتا تتعلقان بإقامة مناسبة تأبين لفقداء الحج الايرانيين أثناء حادثة تدافع الحجاج بمشعر مني حيث نظم طاقم السافرة يوما للترحم علي قتلي مشعر مني في مناسك موسم الحج بحضور سفير طهران بالخرطوم د . شبيب جويجري والمنشط الثاني جاء بمناسبة إحياء ذكري عيد الغدير الذي تعظمه الشعوب الفارسية كذكري يتم الاحتفال بها سنويا وبمشاركة أفراد الجالية الايرانية بالخرطوم التي يتراوح عددها ما بين 400 إلي 500 إيراني بما فيهم الطلاب الوافدون الذين يدرسون في عدد من الجامعات السودانية بجانب العاملين في الشركات التجارية والاستثمار حيث تراجع العدد الكلي كثيرا بعد بيع شركة إيران غاز لشركة سودانية قبل عامين وتسمي جاسكو غاز في غضون ذلك اعتذر وفد مكون من عدد من الشخصيات السودانية من بينهم خبراء ومفكرون عن تلبية دعوة قدمتها طهران لهم للحضور والمشاركة في مداولات مؤتمر التقريب بين أهل السنة والشيعة الذي ينظمه مجمع التقريب بين المذاهب الذي يرأسه آية الله محمد علي التسخيري وتنعقد أعماله كل عام وكانت آخر فعالية ومشاركة سودانية قبل عامين بوفد رفيع يتكون من عدد من رموز العمل الاسلامي وعلي اي حال فإن التطورات التي فرضت نفسها في المشهد السوداني بما يشبه الانقلاب انتهت بنتيجة حاسمة لصالح التيارات السلفية التي اتسعت رقعة تمددها وتناميها مؤخرا بشكل تلاحمت فيه القيادة السياسية الحاكمة مع المجموعات السنية والسلفية بالتنسيق لمحاصرة المد الشيعي وتجفيف مصادره ومنابعه الامر الذي يضطر معه أتباع المذهب الشيعي بالسودان باتخاذ الساتر واستخدام الاغطية والاتجاه نحو العمل السري والخفي والدخول تحت الارض والبحث عن بدائل أخري يبقي النشاط العلني الظاهري هو آخر خياراتها في سلم التبشير بفكرهم !!..

Leave a Reply

Your email address will not be published.