Sunday , 24 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

البشير يسعى لتحسين علاقات السودان الفاترة مع دولة الامارات

واشنطن/ أبوظبي 23 فبراير 2015 ـ بدأ الرئيس السوداني عمر حسن البشير زيارة لدولة الامارات العربية المتحدة يوم السبت الماضي تهدف إلى طمأنة الدولة الخليجية الغنية بالنفط أن بلاده يمكن أن تكون حليفاً قوياً لها في الحرب ضد الجماعات الإسلامية المتشددة.

الرئيس عمر البشير محاطا بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان ونائب رئيس دولة الأمارات محمد بن راشد آل مكتوم ـ أبوظبي 22 فبراير 2015
الرئيس عمر البشير محاطا بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان ونائب رئيس دولة الأمارات محمد بن راشد آل مكتوم ـ أبوظبي 22 فبراير 2015
ورأى مراقبون أن ضخامة الوفد المرافق للبشير والذي يضم 11 مسؤولا له دلالات واضحة على الأهمية التي توليها الخرطوم لهذه الزيارة ولكنه اثار ايضا التساؤلات حول الحاجة لهذا العدد في مثل هذه الزيارة. ويضم الوفد وزراء الرئاسة والدفاع والشؤون الخارجية والمالية والاستثمارات والكهرباء والمعادن والثروة الحيوانية، والعمل، وكذلك رئيس الاستخبارات و القائد العام للشرطة.

ويعتقد أن هذه أول رحلة رسمية للرئيس السوداني إلى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2008.

وشهدت العلاقات بين البلدين صعوداً وهبوطاً على مدى العقدين الماضيين.

وطلبت ابوظبي من السفير السوداني وستة دبلوماسيين آخرين مغادرة البلاد في عام 1992 ولم يتم إعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية حتى عام 1999.

وكذلك شهدت العلاقات مع الخرطوم أزمة مكتومة في السنوات القليلة الماضية اثر تعزيز الأخيرة لعلاقتها مع إيران بينما هناك نزاع الحدودي قديم بين الإمارات و إيران حول الجزر الخليجية الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى.

وأغضب الأمارات هذا التقارب في الوقت الذي ترفض إيران التحكيم الدولي بشأن الجزر وتصر أن سيادتها على الجزر غير قابلة للتفاوض.

وعلى الرغم من ان هذه الزيارة التي تتم في إطار معرض دولي للاسلحة وصفت بـ “الرسمية”، فقد بدا ان هناك قدراً من التحفظ من قبل أبوظبي تجلى في عقد عدد قليل من الاجتماعات رفيعة المستوى بين الوفد الزائر والمسؤولين الأماراتيين.

وألتقى البشير مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان ونائب رئيس الدولة محمد بن راشد آل مكتوم فقط على هامش معرض الدفاع الدولي (آيدكس) المنعقد في ابوظبي.

ومن المتوقع أن يجتمع البشير مرة أخرى مع المكتوم يوم الثلاثاء في دبي وأن يعقد لقاءً آخر مع الجالية السودانية هناك في وقت لاحق من نفس اليوم قبل أن يتوجه عائداً الى الخرطوم.

وقد قام البشير والوفد المرافق له يوم الأثنين بجولة في المنطقة الغربية من البلاد مع وزير العدل الإماراتي وسفير الدولة في الخرطوم.

وقال مسؤول حكومي إماراتي لـ(سودان تريبيون) أنه تم ترتيب زيارة البشير على عجل بعد أن أكد حضوره في معرض ايدكس في أعقاب تلقيه دعوة رسمية يوم الأربعاء الماضي.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن البشير أعرب عن استعداده للدخول في شراكة لمواجهة خطر الجماعات الجهادية المتطرفة مثل تنظيم الدولة وخاصة في ليبيا.

والإمارات هي واحدة من الأعضاء الأساسيين في التحالف بقيادة الولايات المتحدة الذي يشن غارات جوية منتظمة ضد التنظيم في العراق وسوريا.

وطبقا للمصدر فقد استمع المسؤولون في أبو ظبي لمقترحات البشير وإلا أنهم يشككون في جدية الرئيس السوداني ويتخوفون من أنه قد يحاول أن “يلعب ألاعيب سياسية ويحورها لصالح أجندته”.

و قال المسؤول أن البشير أعطى الانطباع بأنه “في وضع محاصر”، إلا أنه مع ذلك وصف المحادثات بانها “ايجابية”.

وشدد على أن أبوظبي لم تقدم أي التزام أو تعهد خلال الزيارة، مشيراً إلى أن مستقبل العلاقات سيتوقف على مدى جدية الخرطوم في الالتزام بما قدمته من عروض في المستقبل.

ووصف عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات ، زيارة البشير بأنها “رمزية و تحمل دلالات كثيرة وترسل رسائل مثيرة للاهتمام”.

“هذه أول زيارة له [منذ وقت طويل] وربما ستذيب قدراً من الجليد. أنا أرى أنها فرصة للبشير لأن يوضح مباشرة رؤيته وأن يشرح ما هو تحتاج إلى شرح من الاشياء”.

“أعتقد أن الإمارات وبطبيعة الحال المملكة العربية السعودية ودول الخليج بشكل عام ليست راضية عن البشير وعبروا عن ذلك الأمر بطرق مختلفة”.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية كانت هناك علامات متصاعدة على تدهور العلاقات بين الخرطوم وعواصم دول الخليج، باستثناء الدوحة. وتكهن مراقبون أن علاقات السودان المتنامية مع إيران هي السبب.

وقد سمح السودان بانتظام للسفن الحربية الإيرانية بأن ترسو في ميناء بورسودان المحاذي للمملكة العربية السعودية مما أثار قلق الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الخليج.

وفي عام 2013 أغلقت المملكة العربية السعودية مجالها الجوي أمام الطائرة التي تقل الرئيس السوداني في طريقه إلى طهران حيث كان من المقرر أن يحضر حفل تنصيب الرئيس المنتخب حسن روحاني، مما اضطره والوفد المرافق للعودة إلى الخرطوم.

وتشعر دول الخليج العربي ذات الغالبية السنية بالقلق من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط خوفا من أن تكون ساعية للهيمنة الإقليمية التي من شأنها إثارة التوترات الطائفية.

وفي العام الماضي أمرت السلطات السودانية بإغلاق المركز الثقافي الإيراني في العاصمة الخرطوم وغيرها من الولايات في خطوة اعتبرت كبادرة حسن نية لدول الخليج العربية.

وأشار عبد الخالق انه إلى جانب العلاقات السودانية مع إيران وجماعة الإخوان المسلمين، فان وضع البشير في المجتمع الدولي باعتباره “منبوذا” وتتجنبه العديد من البلدان هو أيضا عامل من عوامل الفتور في العلاقات.

وقال “هناك أطنان من المخاوف بشأن البشير وحول السودان”.

وكانت الإمارات هي الدولة العربية الوحيدة التي انتقدت بشكل رسمي وعلني تعامل الخرطوم مع احتجاجات سبتمبر 2013 التي اندلعت بعد أن قررت الحكومة رفع الدعم عن الوقود مما أدى إلى وفاة المئات من المتظاهرين.

والبشير أيضا هو واحد من المسؤولين السودانيين الذين تم توجيه الاتهام لهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يزعم أنها ارتكبت في إقليم دارفور بغرب السودان.

والإمارات ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها وهي غير ملزمة بموجب بموجب اتفاقية روما باعتقال الرئيس السوداني على أراضيها.

ورداً على سؤال حول تصريحات البشير لصحيفة (الإتحاد) أن تنظيم الإخوان المسلمين هو أكبر تهديد للاستقرار في العالم العربي ومدى تأثيرها في احداث تقارب بين البلدين، قال عبد الخالق أن على الرئيس السوداني ” أن يقرن الأقوال بالأفعال”.

وفي نوفمبر 2014، صنفت الأمارات رسمياً جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات التابعة باعتبارها تنظيما إرهابيي. وقد فعلت المملكة العربية السعودية الشيء نفسه قبلها بأشهر.

وأكد البشير للصحيفة رفض بلاده القاطع لظهور الطابع الدولي لجماعة الإخوان المسلمين عبر ما يعرف بـ «التنظيم الدولي للإخوان المسلمين»، منوها بحق الدول في اتخاذ ما تراه مناسباً لخدمة أمنها واستقرارها بعد تنامي تأثير التنظيم الدولي للإخوان وتدخله في شؤون عدد من الدول العربية.

وذكر عبد الخالق أن “التصريحات الرسمية هي جيدة ولكنها ليست كافية … خاصة أن هناك روابط قوية ومعروفة بين الإخوان المسلمين والخرطوم وعلى سبيل المثال فهناك تقارير عن وجود شخصيات مصرية من الجماعة في السودان”.

و وصف عبد الخالق تصريحات البشير حول التنسيق مع دولة الإمارات في ليبيا بأنها بادرة لإظهار موقف مختلف “وأن أية مخاوف قد تكون لدى ابوظبي لا أساس لها لذلك دعونا نبدأ صفحة جديدة”.

“ستراقب أبو ظبي تحركات الخرطوم المقبلة عن كثب”.

ويتهم رئيس الوزراء الليبي المعترف به دوليا عبد الله الثني السودان وقطر بأنهما يسلحان الفصائل الإسلامية التي تسيطر على طربلس.

ووجه اللواء السابق خليفة حفتر الشريك العسكري الرئيسي للثني الاتهام مرارا لسودانيين بالانضمام إلى جماعة أنصار الشريعة وغيرها من الجماعات الإسلامية التي تقاتل القوات الموالية للحكومة في مدينة بنغازي في شرق البلاد.

وترى المعارضة الليبية ان مصر والأمارات يساعدان جيش خفتر.

ومن شأن التحسن في العلاقات أن يسمح للخرطوم بالاستفادة من فوائض الأمارات المالية للحصول على مساعدات وودائع في البنك المركزي لإنعاش الاقتصاد السوداني المنهك من تأثير انفصال الجنوب والعقوبات الأمريكية والنزاعات الداخلية.

وقد دبرت الجبهة القومية الإسلامية بقيادة حسن الترابي انقلاب 1989 الذي جاء بالبشير إلى السلطة ولكن الرجلين دخلا في صراع مرير على السلطة انتهى بانشقاق الحزب الحاكم إلى حزبين.

ولا يزال البشير يحظى بدعم من قبل معظم الحركات الإسلامية في البلاد، وكان قد أكد مراراً وتكراراً أن حكومته لن تتخلى عن تبنى دستور إسلامي في البلاد.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *