وزير يبرر مصادرة الأمن لـ 14 صحيفة واحتجاجات للصحفيين بالخرطوم
الخرطوم 16 فبراير 2015 ـ اعتبر وزير الإعلام السوداني أحمد بلال مصادرة جهاز الأمن 14 صحيفة، الإثنين، مبررة بالقانون وهدد بحسم أي محاولة لبث الفتنة وتهديد الأمن القومي، وذلك في أول تعليق رسمي على الحادثة النادرة، وبينما عبر الصحفيون عن صدمتهم جراء الخطوة واحتجوا وسط الخرطوم، أدانت قوى المعارضة ما أسمته تعدي السلطات الأمنية على حرية الصحافة.
وصادر جهاز الأمن والمخابرات السوداني، فجر الإثنين، 14 صحيفة من دون إبداء أسباب، ودعا اتحاد الصحفيين السودانيين لاجتماع طارئ لمكتبه التنفيذي.
وقال وزير وزير الاعلام احمد بلال في منبر وكالة السودان للأنباء، الإثنين، إن الصحف تمت مصادرتها وفق القانون، وأضاف “ما حدث ليس مجزرة وأي محاولة لبث الفتنة وتهديد الأمن القومي سيتم حسمها عن طريق القانون”.
وذكر بلال أن الصحف لا تملكها الدولة ولا المؤتمر الوطني الحاكم، موضحا أن هناك 68 قانونا لم تعدل بينها قانون الأمن الوطني الذي سيستمر العمل بها لحين تعديله، وأشار الى أن كل ما تواجهه الصحف يتم وفقا للقانون.
وتابع “إن جهاز الأمن يقوم بدوره إذا نقلت الصحف أي خبر يهدد الإقتصاد القومي والاجتماعي أو إذا كان الخبر يثير فتنة وبلبلة”. وأفاد أن الرقابة القبلية المفروضة على صحيفة “صيحة” سيتم رفعها.
وأبلغ مسؤول رفيع “سودان تربيون”، الإثنين، بأن طريقة تناول الصحف مؤخرا لحزمة من القضايا الإجتماعية والأمنية، اقلقت الأجهزة العليا على مستوى رئاسة الجمهورية وجهاز الأمن الذي وجه تنبيهات عديدة لرؤوساء التحرير بتوخى الحذر وعدم إثارة القضايا من دون تحقق من مصادرها بلا طائل.
وطبقا للمصادر فإن نشر العديد من الصحف لأخبار تتناول دخول حاويات مشعة ضارة، بجانب تناول قضايا عسكرية بدون تصريحات رسمية فضلا عن اثارة تلك المطبوعات لإختفاء صحفي، وعرض جرائم بنحو يشير الى ارتباك الوضع الأمني والاجتماعي في البلاد أغضبت الجهات المعنية ودفعتها لاتخاذ قرارها الصارم بمعاقبة 14 صحيفة دفعة واحدة.
اجتماع طارئ لمجلس الصحافة
في ذات السياق عقدت هيئة المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، الإثنين، اجتماعاً طارئاً على خلفية مصادرة جهاز الأمن لنحو 14 صحيفة شاملة وصحيفتين اجتماعيتين، وقالت إنه لم تكتمل لديها حتى وقت اجتماعها الحيثيات والوقائع التي أملت اتخاذ مثل هذه “الخطوة غير المسبوقة.”
وعبرت الهيئة عن أسفها العميق تجاه الخطوة التي تم اتخاذها بتعطيل ومصادرة هذا العدد الكبير من الصحف، قائلة إنه كان بالوسع حتى بافتراض وجود أخطاء وقعت فيها الصحف تدارك الأمر ومحاسبة المخطئين بمنهج وأسلوب يتناسب وقانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009.
وأكدت هيئة أنها ستشرع فوراً فى إجراء اتصالاتها مع رئاسة الجمهورية وشركاء العمل الصحفى فى البلاد ممثلين فى اتحاد الصحفيين والناشرين ورؤساء التحرير ووزارة الإعلام وجهاز الأمن لاحتواء الآثار السالبة لما حدث.
وأشارت إلى أن الشأن الصحفي بالبلاد يُدار بواسطة المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية عن طريق قانون خاص هو قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية، “ولأن القانون الخاص يقيد العام فقد كان من المرتجى أن يكون المجلس هو الجهة التى تحاسِب الصحف إذا وقعت فى أخطاء مخالفة للقانون”.
وأقر المجلس “بحساسية الأوضاع السياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد في هذه المرحلة على وجه التحديد، ما يتطلب أن تتعامل معه الصحافة بالقدر الذي يقابل ذلك من المسؤولية الوطنية وأن تتجنب في تعاطيها مع الأحداث والوقائع جميع أشكال الإثارة الضارة بالمجتمع أو بأمن البلاد القومي وخاصة تحركات القوات المسلحة”.
المعارضة تدين
و شجب تحالف قوى الاجماع الوطني الخطوة واعتبرها في بيان، نتيجة لأن جهاز الأمن مطلق اليدين في مصادرة الحريات، والتعدي على الحقوق بلا رقيب.
وعبر تحالف المعارضة عن كامل تضامنه مع الأسرة الصحفية “التي اصيبت اليوم في مقتل”، وأعلن عن دعمه لكافة الخيارات التى سيتخذها الصحفيون، ولوح باتخاذ تحالف قوى الاجماع “مواقف واضحة تجاه هذه الممارسات المهدرة للحقوق والحريات”.
وقال حزب المؤتمر السوداني في بيان: “يأتي هذا التعدي السافر على الحريات الصحفية في ظل تمتع جهاز الأمن بسلطاتٍ واسعة في الرقابة القبلية التي جعلت من الجهاز مديراٌ فعلياُ لتحرير كل الصحف السودانية”.
وأشار بيان الحزب إلى ما أسماه التحكم التام في سوق الإعلان وربطه بالسياسة التحريرية للصحف، ورفض الحزب الخطوة وعدها تكشف بجلاء “زيف وادعاءات النظام بوصوله إلى انتخاباتٍ يدعو الآخرين للتنافس حولها”.
صدمة الصحفيين
وفي الوسط الصحفي عبر الصحفيون عن صدمتهم، ونظم العشرات منهم وقفة احتجاجية وسط الخرطوم احتجاجا على المصادرة الجماعية للصحف.
ولم يجد الصحفيون سوى حساباتهم على “فيسبوك” للتعبير عن صدمتهم حيال الإجراءات التي اتخذها جهاز الأمن ضد الصحف.
وقال ماهر ابو الجوخ: “يوم أسود في تاريخ الصحافة السودانية”، ومضى زميله محمد عبد العزيز في ذات الوصف: “يوم أسود فى تاريخ الصحافة السودانية بمصادرة ما يقارب نصف الصحف، والمكتبات تغلق بوابها باكرا”.
الصحفي يوسف حمد علق قائلا على حائطه في (فيسبوك): “مصادرة صحف بالجملة.. الفعل عبثي بامتياز، ولا يمكن أن يُبرٍّر على الإطلاق؛ وينطوي على جرأة…”، وعلق علي ميرغني: “مذبحة الصحف تكشف سواد الأشهر المقبلة”.
سخر الزين عثمان: “يعلن الزين عثمان تضامنه مع جهاز الأمن في مواجهة الشياطين الـ 13”.
وأفاد الصحفي عوض صديق قائلا “يوم بلا صحافة..”، وقال عباس محمد ابراهيم “المدهش ليس مصادرة 14 صحيفة بواسطة الأمن.. المدهش حالة الذهول التي يكتب بها الصحفيين عن الحدث.. منع خبر وإيقاف عمود ومصادرة عدد من أي الصحف فعل يماثل حدث اليوم في فداحته وهو يحدث بشكل يومي وراتب.. الحريات ليست بالأرقام، ما حدث اليوم فعل مستمر منذ سنوات ولن يتوقف قريبا”.
اتحاد الصحفيين يطالب الصحف بالمهنية
وطالب الاتحاد العام للصحفيين السودانيين الصحف بالالتزام المطلق بالقيم المهنية وممارسة العمل الصحفي الحُر والمسؤول الذي يحفظ للبلاد أمنها واستقرارها ويصون وحدتها ونسيجها الاجتماعي في ظل حملات الاستهداف والتربص الذي يواجه السودان في أمنه القومي والاجتماعي والاقتصادي.
وأعلن الاتحاد في بيان له، الاثنين، عن مباشرته الاتصال بالقيادة السياسية والأمنية والمؤسسات الصحافية لإدارة حوار شفاّف ومنتج، يُوقف استخدام التدابير الاستثنائية في مواجهة الصحف.
وأشار الاتحاد في بيانه إلى أن مصادرة عدد من الصحف تمت بدون إخطار الجهات ذات الصلة بتقويم العمل الصحفي ومراقبة أدائه، ممثلة في اتحاد الصحافيين ومجلس الصحافة.
وأسف لإعمال الإجراءات الاستثنائية في مواجهة الصحف بعيداً عن قانون الصحافة والمطبوعات الحاكم للممارسة الصحافية في البلاد.
ودعا الاتحاد، الجهات العدلية والتشريعية، العمل على موائمة القوانين ذات الصلة بالنشر وحرية التعبير، وضرورة الاحتكام للقضاء في التعامل مع الصحف وقضايا النشر.