المهدي يطالب مفوض حقوق الإنسان بالتدخل في أحداث داخلية “البركس”
الخرطوم 18 أكتوبر 2014 ـ بعث رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي برسالة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير الأردني زيد بن رعد بن زيد يطلعه فيها على ملابسات إخلاء داخلية “البركس” وسط الخرطوم من طالبات دارفور، وطالب المفوض بالضغط على الحكومة لاطلاق سراح الطالبات المعتقلات فورا، وإجراء تحقيق حول الحادثة.
وأخلت السلطات في السادس من أكتوبر الحالي بشكل قسري “داخلية البركس” بالخرطوم، بعد رفض نحو 70 طالبة من دارفور مغادرة الداخلية العريقة، وأعتقل الأمن على إثر ذلك نحو 18 طالبة، 13 منهن ما زلن معتقلات حتى الآن.
وقال الصندوق القومي لرعاية الطلاب عقب الأزمة إن سكن الطالبات في “البركس” آيل للسقوط بسبب انتهاء مدته الإفتراضية والتي تعود إلى عهد الاستعمار الإنجليزي وأنه استبدله بمكان آخر لحين تشييد 4 أبراج مكانه.
وقال المهدي في متن رسالته للأمير الأردني إن الرسالة تأتي عملاً بوعد قطعه، بشأن توفير المعلومات للمجلس عن حالة حقوق الإنسان بالسودان، لتمكينه من الرقابة وإقرار المطلوب لبسط منظومة حقوق الإنسان.
وروى المهدي أنه تم إخراج الطالبات من الداخلية بالقوة في ثاني أيام عيد الأضحى الموافق يومي 5 و6 أكتوبر الحالي، باستخدام قوات تفوق المائة من جهات نظامية متعددة شملت جهاز الأمن، وشرطة مكافحة الشغب، بصحبة مسؤولين من صندوق الطلاب.
وأشار إلى أن الطالبات المبعدات ذكرن مدى العنف المستخدم بالضرب، والتحرش، والعنف اللفظي الذي اشتمل على تحرش لفظي وإثارة للعنصرية.
وأكد زعيم حزب الأمة رصد اعتقال 22 طالبة منهن بالاسم، بينما شوهد عدد آخر يعتقل بدون التعرف على هوياتهن، وتمت إحالتهن لأماكن غير معلومة تابعة لجهاز الأمن، منوها إلى أن بعض ممن أطلق سراحهن تحدثن عن تعرضهن للتحرش، وأنه تم تصويرهن في أوضاع فاضحة لابتزازهن.
وطالب المهدي مفوض حقوق الإنسان بضرورة الضغط على حكومة السودان لإطلاق سراح الطالبات المعتقلات فوراً، والسماح للطالبات بالبقاء في الداخلية، وإذا وجدت أية ضرورة لإخلاء الداخلية فينبغي أن يتم ذلك بعد توفير سكن دائم وملائم للطالبات خاصة من دارفور، وأن يتم الإخلاء طوعاً.
وقالت منظمة “هيومان رايتس واتش” في بيان، الأربعاء الماضي، إن على السلطات السودانية التحقيق في انتهاكات استهدفت طالبات من دارفور، ومنها اعتداءات جنسية، أثناء اقتحام مسكن للطالبات، كما يتعين على السلطات إطلاق سراح جميع الطالبات اللائي ما زلن قيد الاحتجاز، أو توجيه تهم إليهن.
ودعا المهدي لتكوين لجنة تحقيق علنية مستقلة للتحقيق حول العنف غير المبرر الذي تمت به مواجهة الطلاب في جامعة الجزيرة 2012، وجامعة الخرطوم مارس 2014، وحادثة إخلاء داخلية “البركس”، مع مساءلة الجهات التي ارتكبت اﻻنتهاكات المذكورة وتعويض الضحايا معنوياً ومادياً، والتأكيد على سن عقوبات رادعة للأفعال الناتجة عن العنصرية، وإدانتها على أوسع نطاق.
وقتل أربعة من طلاب دارفور بجامعة الجزيرة على خلفية اعتصام احتجاجا على التراجع عن إعفائهم من الرسوم الدراسية في ديسمبر 2012، كما أغتيل الطالب بجامعة الخرطوم علي أبكر موسى في مارس الماضي.
وأكد المهدي أهمية تنفيذ التعهدات الواقعة على الدولة في اتفاقيات سلام دارفور (أبوجا والدوحة) خاصة المتعلق منها بطلاب التعليم العالي، وقيام السلطة الإقليمية لدارفور بمهامها المنوط بها في ذلك.
وقال: “لتفهم فداحة ما جرى للطالبات المعنيات ينبغي معرفة خلفية الحدث، فالتشريد طال بداية طالبات دارفور اللائي ظللن بالداخلية أثناء إجازة عيد الأضحى.. غالبية هؤلاء الطالبات أتين من معسكرات النازحين بدارفور، وليس لهن أهل أو جهة تتكفل بهن في العاصمة، فهن يعشن ظروفاً صعبة، كما أن الدولة ملتزمة وفقا لمبدأ التمييز الإيجابي الذي أقر في اتفاقية أبوجا لسلام دارفور، ووثيقة الدوحة، بالتزامات عديدة تجاه طلاب دارفور”.
وأكد المهدي أن الحكومة منذ العام 2011 سعت للتنازل عن تعهداتها في اتفاقية أبوجا في مايو 2006، رغم التأكيد على تلك التعهدات من جديد في وثيقة الدوحة في يوليو 2011، وتابع “بالنسبة لطالبات دارفور في مؤسسات التعليم العالي بالخرطوم، تم استيعاب الآلاف منهن ويسكن المئات منهن في مجمع داخليات البركس”.
وأوضح أن صندوق الطلاب حاول وبطرق شتى إخلاء تلك الداخليات من طالبات دارفور منذ 2011، كما حاول منع تسجيل الطالبات الجدد بالمجمع، لكن كل المحاولات السابقة فشلت بسبب تضامن الطالبات واحتجاجهن على سياسة التنصل الرسمية عن حقوقهن المقرة.
شكوى للمفوضية القومية لحقوق الإنسان
في ذات السياق دبجت مبادرة “لا لقهر النساء” مذكرة احتجاجية للمفوضية القومية لحقوق الإنسان تضمنت شكوى من الطالبات ضد تدخل جهاز الأمن والمخابرات ومواقف الصندوق القومي لرعاية الطلاب، في حادثة إخلاء داخلية “البركس”.
ونبهت المذكرة المرفوعة، الخميس الماضي، إلى أن قوات مختلفة هاجمت الداخلية وتم القبض على طالبات دون أي أسباب مشروعة وتم اعتقالهن في جهات غير معلومة.
وتابعت “نتيجة لهذا الاقتحام غير الشرعي تعرضت الشاكيات إلى التحرش الجنسي والضرب والقذف وإتلاف ممتلكاتهن، وحرمانهن من حق السكن”.
وقالت المذكرة إن عدم معرفة ذوي الشاكيات لأماكنهن وأسباب الاعتقال فيه إهدار لنص المادة (51) من قانون الأمن والتي تقرأ: “يجب أن يبلغ الشخص عند إيقافه أو القبض عليه أو اعتقاله بالأسباب الداعية لذلك، ويكون لهذا الشخص الحق في إبلاغ أسرته، أو الجهة التي يتبع لها باعتقاله ويسمح له بالاتصال بأسرته أو محاميه، إذا كان ذلك الأمر لا يضر بسير الاستجواب أو التحري أو التحقيق”.
والتمست مبادرة “لا لقهر النساء” من المفوضية القومية لحقوق الإنسان إجراء التحقيق في الشكوى والإفتاء في مدى قانونية وشرعية التصرفات التي قام بها جهاز الأمن، وصندوق الطلاب.