Tuesday , 26 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

قضايا النوع: قولن إنتن، شن عرفتن!

محمد بدوي

بقلم محمد بدوي

(١)
خلال الإسبوع الأول من يوليو ٢٠٢٤ وخلال متابعتي للشأن السوداني، توقفت عند ثلاثة أحداث مرتبطة بأدوار ومشاركات النوع، في السياق المرتبط براهن الحرب المستمرة منذ عام يزحف نحو النصف التاني، ولعل تلك الأحداث دفعت بعدة أسئلة حول وضع النساء السودانيات في الحروب المختلفة منذ تاريخ الإستقلال، المشاركة السياسية والآخري المرتبطة بتحديد الأدوار ومناصرة القضايا والمداخل لذلك، مع الأخذ في الاعتبار بأن الصبيات والنساء الاكبر والكتلة الثابتة في سجل الإنتهاكات المرتبطة بالسياسات والصراعات السياسية المسلحة.

(٢)
الحدث الأول هو مؤتمر حوار المرأة السودانية، الذي سهله الاتحاد الافريقي لينعقد بمدينة كمبالا اليوغندية في الفترة من ٣- ٥ يوليو٢٠٢٤، شعار المؤتمر هو تسهيل الحوار بين النساء السودانيات،يساهم في الخروج بمعايير لاختيار النساء للتمثيل في عملية السلام، شهد المؤتمر إبعاد للاستاذة أميرة الفاضل الوزيرة السابقة والمنتدبة للالتحاق بأحد أجهزة الإتحاد الافريقي بإحتجاج من بعض المشاركات، وكذلك عراك محدود بين أحد المشاركات مريم حامد حسب المتاح من المعلومات بانها عضوة مستقيلة من حركة تحرير السودان المجلس الإنتقالي، فيما ذهب بعض المشاركات الي الإشارة لإرتباطها بالدعم السريع، لم يتمكن كاتب المقال من التحقق من ذلك، انتهت الحالة بالمفاضلة بين ابعادها أو انسحاب المشاركات الاخريات، بشكل مبدئي توقفت عند اللقب الذي أطلق عليها ( جنجويد) ملحقا بأسمها الأول، لا يستقيم لن يكون الجنجويد امرأة لانه اول من استهدفهن هن النساء والصبيات، فإن يكوم الجلاد من النساء فهي بداية تصدير الهزيمة على نسق (الوأد).

(٣)
الحدث الثاني * نشر منصة السياسات والشفافية لورقة بعنوان منظور نسوي للنزاع المسلح في السودان للباحثة السودانية زينب عباس البدوي، في تقديري أن الورقة تمثل إضافة وقراءة محترفة لتحولات أوضاع النساء السودانيات بخلفية لما قبل الحرب، ومعوقات المشاركة السياسية، والحلول التي تعزز من دورهن وعدم اقتصاره على دورهن بل بنظرة عكست مفهوم الرؤية التي تشمل كل الأطراف، واستفدت زينب على انهن الاكثر لعرضة لمسارات عدم الاستقرار بالسودان سواء النساء أو الصبيات.

(٤)
الحدث الثالث هو الحوار الذي أجرته قناة الجزيرة القطرية مع القيادية الاسلامية السودانية الأستاذة سناء حمد، وملخص الحوار كشف عن دعوة الاسلاميين السودانيين إلي الدعم السريع للحوار مع رفض لأي دور لكتلة تقدم المدنية، اي بشكل اخر محاولة للعودة الي ما قبل ١٠ ابريل٢٠١٩ أو العودة للسلطة الثنائية بين الاسلاميبن والدعم السريع، عطفا على ذلك فقد كشفت مصادر اخبارية في وقت سابق عن اتصال من الاسلاميين بدولة الإمارات بهدف التفاوض السياسي .

(٥)
بالعودة إلي مؤتمر كمبالا فالسؤال الذي يثور حول ضوابط الاتحاد الافريقي للتعامل مع القضايا المشاركة بحصافة، فالأستاذة أميرة الفاضل وزيرة سابقة بالسلطة التنفيذية لنظام الحركة الاسلامية، ثم انتدبت للعمل بالاتحاد الافريقي وهي وظيفة يتم اعتمادها بموافقة الحكومات، وفقا لحيثيات المشاركات اللائي رفضن مشاركتها فقد دفعن باعتبارها بنظام المؤتمر الوطني، بما يجعل مشاركتها معدومة الحساسية في ظل الوضع السياسي الراهن بالسودان، في السياق الطبيعي والحساسية موضوع الورشة فان مشاورات المشاركين حول القوائم ومراعاة المعايير للحضور بما فيها الخلفيات السياسية امر مهم لارتباط الأمر بجند مشاركة النظام السابق المحلول والذي ثار عليه الشارع السوداني، أضف إلي ذلك الخلل الذي ظل يتكرر في النهج الفوقي للتمثيل مع تغييب لمشاركة أو صوت القواعد.

(٦)
بالعودة لسناء حمد فقد مثل لقاءها التلفزيوني الظهور الثاني المؤثر سياسيا حيث دفعت قبل فترة بتصريحات ذهبت إلي مشاركتها في عمليات محاسبة لبعض جنرالات الجيش على خلفية سقوط نظام المؤتمر الوطني، كلا الحدثيين وجدت سناء ردود أفعال منتقدة، فتوظيف عامل الجندر في ظهورها ساهم في ذلك وهو تكتيك يشير إلي تخطيط من قيادة الحركة الاسلامية لعدم الكشف عن قيادتها الحالية واحداث اثر عبر سناء بناء على منصة الجندر التي تنتمي إليها ولا سيما أن النساء لعبن دورا كبيرا في ثورة ديسمبر٢٠١٨، و الاستفادة من ذلك الذخم للإشارة بأن الإسلاميين على وعي بأن النساء لا يمكن تجاوزهن، فضلا عن محاولات سناء للظهور بمظهر حداثي و تقديم النساء كقياديات وفي مجالات حساسة كالحديث عن الجيش.

(٧)
مساهمة زينب عباس تشكل ركيزة بين النظري والواقع الذي يمثله عدم تراجع القدرات القيادية والاجندة التي يمكن أن توحد النساء حول القضايا المرتبطة بالمشاركة والقضايا الأساسية التي تقف على منصة ان غالب ضحايا النازعات والتراجع الاقتصادي والحصانات القانونية والحرب الراهنة من النساء، مع الاخذ في الاعتبار أن ثورة ديسمبر ٢٠١٨ قدر فيها مشاركة النساء ب٦٠% بتعبير آخر هن الضحايا التاريخيات والفاعلات الراهنات والمؤثرات في سياق المشاركة.

(٨)
بالنظر الي ما اعتري مؤتمر كمبالا من حالات مغادرة قاعة المؤتمر، وظهور الأستاذة سناء حمد وفحوي خطابها الذي غابت عنه العدالة في تعزيز لاستغلال الجندر سياسيا من أجل عودة الاسلاميين للسلطة، فذلك يكشف اختلال العلاقة بين قضايا الجندر والحقوق باعتبارها أضعف في ترابطها من علاقة الجندر والانتماء السياسي، وهو ملخص للصورة الفوقية أو النمط الصفوي في التعامل مع قضايا النوع ومشاركتهن.

(٩)
يظل غياب المنهج الذي يخاطب قضايا الجندر والحقوق هو المؤثر، ولعل مرد ذلك في تقديري هو منهج المشاركة الفوقي كما أشرت ومن ناحية ثانية النظر للمشاركة بالنسب المئوية وليست المشاركة المتساوية، بالإضافة إلي ان الغياب الطويل للعدالة وعدم ترتيب الأجندة التي تعزز دستوريا للمشاركة المتساوية والانخراط نحو مناقشة نسب المشاركة في وثائق فرعية شكلت دافعا اخر استهدف مفهوم الاستحقاق لينزلق نحو مفهوم المنحة، كما ان مجرد التلويح بفكرة عودة النظام السابق بالتحالف مع الدعم السريع كما يسعي اليه الاسلاميين يعني مزيدا من القهر والانتهاكات تجاه النساء والصبيات بشكل غالب.