تراجيديا “الحرب السودانية” وخازوق الدعم السريع وكوميديا دولة “العطاوة” في دمار البلاد وتشريد المواطن، تشريح للسلوك المليشيوي
■ بقلم: ترايو أحمد محمد علي
■ تمر السودان و علي مراي و مسمع من العالم بحالة من دمار تراجيدي شامل غير مسبوق من كافة جوانبها. اقتلاع في بنيتها التحتية (التي هي اصلا في حالة هشاشة)، و تمزيق لنسيجها الاجتماعي بصورة لا يمكن إصلاحه او ترقيعه. كل هذا نتيجة لحرب 15 ابريل (2023)، التي اشعلت تحت غطاء أهداف مشبوهة تمثلت في إقامة دولة كوميدية اسمها “دولة العطاوة” تتبناها و تتصدرها المليشيا العرقية المسماه بقوات الدعم السريع التي تستظل تحت قبة تنظيم “تقدم” كحاضنة سياسية لها.و بها تمت خراب عاصمة البلاد (الخرطوم) وشقيقاتها من المدن الاخري، الجنينة وأم درمان وزالنجي ومدني وبحري مثالا (مثلما عملت “عجوبة” في تخريب مدينة سوبا في الاساطير السودانية). هذا االدمار ظل يتلعه حصار و تدمير لمدن أخرى، في مقدمتها مدينة الفاشر (التي تنام و تصحي تحت ازيز القصف المدفعي) من قبل مليشيا الدعم السريع و تترك مئات الموتي من المدنيين (من الاطفال و النساء و العجزة) لهدف اعادة ارتكاب ابادة جماعية اخري لسكان دارفور على أساس عنصري وإثني بغيض كما حدثت في 2003.
■ هذا المشهد الجنائزي الكئيب الذي يمزج بين دموع الثكالي و أحزان المغتصبات و بين مأسي النازحين و بؤس اللاجئين و المشاعر المضطربة لعامة السودانيين هو ما ينقله شاشات التلفزة و المواقع الاسفيرية و يشاهده كل العالم بأم عينيه (بما فيها مناصري و داعمي غول الدعم السريع) بكل دهشة و استغراب و زهول و صدمة و يتالملون للسلوك البربري الوحشي التي تمارسها قوات الدعم السريع في استهدافها للسودان و للابرياء اللمدنيين و ترويعهم و ترهيبهم عبر القتل و التنكيل و التعزيب و الاغتصاب و الاسترقاق و النهب و السلب و التجويع و تدميرها المعالم و تشريدها و تهجير القسري للمواطن و حريقها للقري و المدن عبر قصفها بالمدفعية ة بالمسيرات المدمرة.
■ مع صعوبة ايجاد اي تفسير منطقي لهذا السلوك الوحشي (غير المسبوق) التي تمارسها الدعم السريع ضد المدنيين بكل اريحية ضمير، الا ان المنطق الاقرب الذي يدفع بهؤلا اللجوء الي تفريغ هذه الشحنة الهائلة من الحقد ضد المدنيين قد يكمن في رؤية هذه المليشيل بان هذه هي الوسيلة و الاستراتيجية الفعالة في تعجيل و تسريع وتيرة تحقيق تاسيس دولتها المزعومة “دولة العطاوة” (خاصة ان تحقيق هذا االهدف لا يقتصر في استجلاب الاجانب للتوطين و تمليكهم للاراضي) و لكن يقتضي في المقام الاول ضرورة احداث فراغ ديمغرافي سكاني واسع النطاق و كنس كل المعالم ذات الصلة بالدولة السودانية الحالية و تحطيم اي ارتباط وجداني بالسودان (بما فيها الذاكرة الجمعية). بيد ان ما هو غير المفهوم و مثير للدهشة و الاستغراب هي حالة “التماهي” التي تبديها بعض القوي السياسية السودانية (علي راسها تنظيم “تقدم”) و مباركته لهذاةالسلوك و تبريره و الدفاع عنه و كذلك ايضا في الاصرار المستميت لبعض القوي الدولية في دعمها السياسي للدعم السريع و تمويلها بالمال و امدادها بالسلاح و بالمقاتلين لتعضيد و تسريع ما تقوم بها الدعم السريع من تخريل و من ابادة جماعية للشعب السوداني من خلال هذا السلوك البربري اللعين.