الحلو: سنكشف جدية ”تقدم“ على المائدة المستديرة ونرحب بالمبادرة المصرية
لنبدأ من آخر التطوُّرات: حضرتم مؤتمر (تقدُّم) بصفة مراقب رغم توقيعكم قبل أيام من المؤتمر على اتفاق مع عبد الله حمدوك بصفته رئيس التحالف؟ ماذا يعني ذلك؟.
نحن لدينا تواصُل مع تحالف القوى الديمقراطية المدنية (تقدُّم) منذ يناير من العام الجاري حيث تلقَّينا دعوة رسمية منهم بتاريخ 6 يناير 2024 لنجلس سويا ونتحاور حول مُستقبل السُّودان وسبل إنهاء الحروب المستمره فيه، من جانبنا ردينا عليهم بخطاب رسمي أيضاً بتاريخ 10 يناير 2024 وافقنا فيه على الدعوه شريطة أن تتم مناقشة جذور المشكلة السُّودانية فى اللقاء من أجل تطوير ميثاق تقدم الذى تفادى مخاطبة جذور الازمة توجِت هذه الاتصالات بالتوقيع على (إعلان نيروبي) في 18 يناير 2024، والذي نص على مبادئ لحل الازمة في إطار دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، مشاركتنا في مؤتمرهم التأسيسي بصفة (مراقب) جاءت بغرض الوقوف على مدى جدية تقدم في تضمين مبادئ الحل الجذري التى وردت فى إعلان نيروبى بميثاقهم من عدمه.
كيف كان تقييمكم لجدية (تقدُّم) بعد المؤتمر؟
الحقيقه هي أن وفدنا وجد ترحيباً كبيراً من المُشاركين في المؤتمر وهنالك عدة قوى سياسية ولجان مقاومة التقت بالوفد على هامش المؤتمر وأكَّدت تأييدها لإعلان نيروبي، إضافة إلى أن (تقدُّم) قد أعادت الثقة في حمدوك وانتخبته رئيساً لها بعد توقيعه على إعلان نيروبى، و بما أن الإعلان قد اشتمل على فقرة عن عقد مؤتمر مائدة مستديرة تشارك فيه كل القوى المؤمنة بالمبادئ المضمنة فيه، سيكون ذلك المؤتمر هو المحك الذى سنكتشف فيه مدى جدية تقدم فى تطوير ميثاقها من عدمه.
هل سنرى الحركة الشعبية عضواً في التنسيقية قريباً؟
هذا الأمر مرتبط بنتائج مؤتمر المائدة المستديرة المزمع عقده لاحقا . لذلك لم يحن الوقت بعد لنُقرِّر عما إذا كنا سنكون جزءاً من التنسيقية أم لا. ولكن الحوار والتواصل بيننا سيستمر لحين الوصول إلى حلول جذرية تضمن وحدة عادلة و سلام مستدام كبديل للوحدة القسرية الشائهة المنتجة للحروب و عدم الاستقرار.
القضايا التي تطرحها الحركة الشعبية حول تقرير المصير وفصل الدين عن الدولة، يعتبرها البعض قضايا خلافية ينبغي أن تخضع لمؤتمر جامع ليفتي فيها جميع السودانيين؟
إصرار البعض على تاجيل قضية العلمانية للمؤتمر الدستوري ليس إلا تحايل و محاولة لدفن الرؤوس فى الرمال تفاديا لمواجهة هذه القضية المفصلية و التى تكاد أن تودي بالوطن إلى المهالك. المؤتمر الدستوري يتطلب قناعات مسبقة من القوى السياسية بضرورة العلمانية كحل وإلا فإن المؤتمر سيكون ساحة للتمرين والتباري فى فنون الخطابة والبلاغة والإنشاء، و لكي يظل السودان موحَّداً و مستقرا لا بد من العلمانية و التى هى الحرية و المساواة و شرط أساسى للممارسة الديموقراطية و التبادل السلمى للسلطة، وأن قضية العلمانية لا تخضع للأهواء أو لمبدأ (الأغلبية – والأقلية) باعتبارها أهم مبادئ حقوق الإنسان وغير قابلة للمساومة والتسويف من البعض.
هل سعت الحركة الشعبية لأي مبادرة مع طرفي الحرب لإيقافها؟ هل تواصلتم مع الطرفين منذ انفجار 15 أبريل؟
هذه الحرب اشتعلت بين طرفين هما (القوات المسلحة السودانية، والدعم السريع) والحركة الشعبية لم تكن طرفاً فيها، نحن نرى أن الجهه التي تستطيع ايقاف هذه الحرب هما طرفا الصراع، لأنهما يعرفان كيف أشعلاها، وكيفية إيقافها.
هل تعتقد أنهما على قدر من الاستقلالية في القرار؟ هناك من ينظر للدعم السريع باعتبار قراره لدى الامارات بينما قرار الجيش لدى الحركة الإسلامية؟
نحن لا نستبعد ارتباط هذه الحرب بمحاور خارجية بل هنالك مؤشِّرات عديدة توحي بذلك، إضافة الى أن كل الدلائل تؤكد ضلوع الحركة الإسلامية فى الأحداث والقتال الدائر منذ ١٥ أبريل فى البلاد . ولكن في نهاية الأمر كما ذكرت فإن طرفا القتال هما وحدهما من يملكا إرادة إيقافه من عدمه رغم الجهود المبذولة حاليا من عدة جهات وأطراف لتحقيق ذلك .
طرحت مصر مؤخراً مُبادرة لجمع كافة القوى السياسية بهدف وقف الحرب، كيف تُقيِّيم هذه المُبادرة؟
نحن نُشجِّع مثل هذه المُبادرات، ولكن يجب أن تكون من أجل إنهاء كافة الحروب وليس وقف القتال الدائر منذ ١٥ أبريل فقط. وأسباب الحروب المستمره منذ العام ١٩٥٥ في السودان معروفة وتحتاج إلى حل جذري. ولا يهم من هو القائم بالمُبادرة وأين، و لكن العبرة بالنتائج.
فشلت جولة التفاوض حول إيصال الُمساعدات بسبب تمسُّك الحركة الشعبية بإيصال المُساعدات لكافة المناطق وهو موقف يتَّسق مع توجُّهات الحركة المعلومة، لكن ألا ترَى أن ذلك يُمكن ان يُمثِّل إجحافاً بحق المواطنين في مناطقكم؟
التقينا بالجنرال شمس الدين كباشي علما أنه نائب القائد العام للقوات المُسلَّحة السودانية واتَّفقنا معه على إيصال المُساعدات الإنسانية للمُحتاجين والمُتضرِّرين، وهذا حقَّهم ولا يمكن أن يُرفض. ولكن هنالك تفاصيل فنية تركناها لتحسم بواسطة وفدي الجانبين. من حيث المبدأ نحن مع إيصال المُساعدات الإنسانية لكل المحتاجين فى انحاء السودان كافه لأن الإنسانية لا تتجزأ
ولكن كيفية إيصالها فهي مسؤولية الجميع. و إنَّه لضمان وصول المُساعدات فلا بد من إشراك جميع الأطراف المُسيطرة على الطرق او التي لديها وجود فعلي في المناطق المُستهدفة – وهذا ما عبَّر عنه وفدنا المُفاوض. وهي مسائل ضرورية وموضوعية دونها لا يمكن ضمان وصول هذه المساعدات للمُحتاجين.
نحن لم، ولن نجحف في حق المواطنين في مناطق سيطرتنا، لقد عملنا على حمايتهم على مدار (40) سنة – عمر نضالنا من أجل قضاياهم العادلة فى التحرُّر . الآن مواطنينا لم يتركوا المناطق المُحرَّرة ليذهبوا إلى أي مناطق أخرَى. ولكن العكس صحيح أن الاخرين أتوا إلى المناطق المحرره طلباً للحماية والأمن والإستقرار. ومواطنينا تقاسموا معهم القليل الذى يمتلكون. نحن نستشعر المسؤولية تجاه احتياجات شعبنا ووفدنا المفاوض غير غافل عن ذلك .
الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال لا ترفض دخول المساعدات الإنسانية إلى أي جهة في السودان ولدينا تجربة سابقه في ذلك. حيث طالب وفدنا المفاوض بضرورة إيصال المساعدات لجميع السُّودانيين دون تحيُّز (إثني أو جغرافي)، وتساءَل لما الإهتمام المفاجئ بإقليمي (جبال النوبة والفونج الجديده ) فى هذا التوقيت بالذات ؟ وقد تم رفض وصول المُساعدات الإنسانية إليهما من قبل عبر برنامج (شريان الحياة – 1989) و لمدة ١٨ عاما ؟! ما تم رفضه بواسطة القوات المسلحة السودانية من قبل تم الاهتمام به الآن وبصورة مفاجئة و بإلحاح . لماذا ؟
ذهبت بعض الآراء إلى إن غرض الجيش ليس هو إيصال المساعدات إنما محاولة تحييدكم من القيام بأي عمليات عسكرية تفتح للجيش جبهة ثانية، هل جرى أي حديث حول هذا؟
وفدنا المُفاوض أكَّد إن الورقة التي قدمها وفد القوات المسلحة السودانية تكشف عن هكذا نوايا. و من جانبنا قدمنا ثلاثة مقترحات عملية لتوصيل الإغاثه للمحتاجين لكن رفضها وفد القوات المسلحة.
هل ممكن التوضيح أكثر؟
كشف وفدنا المفاوض أن المسارات والممرَّات المُقترحة بواسطة وفد حكومة بورتسودان كان يهدف لإيصال الغذاء والدواء إلى جنودهم بالحاميات العسكرية فى الإقليمين، و لا علاقة لذلك بمعاناة و احتياجات المواطنين، كما أن وفدهم ربط إيصال المساعدات الإنسانية بوقف إطلاق النار وهو بند يتعلَّق بالترتيبات الأمنية ولا يمكن أن يتم إلا بعد التوصل لإتفاق سياسي بين الطرفين، علما بأننا لسنا طرف في الحرب الدائرة بين القوات المُسلَّحة والدعم السريع منذ ١٥ أبريل، وأننا لا مع القوات المسلحة و لا مع الدعم السريع، نحن مستقلين والجيش الشعبي يقوم فقط بواجباته تجاه حماية المواطنين بسبب الهجمات المُتكرِّرة التي تُشن ضدهم.
وهل الحركة الآن متوقفة من أي عمليات؟
كما ذكرت فإن ما يحدث من احتكاكات بين الجيش الشعبي والقوات المسلحة السودانية أو غيرها مرتبط بالدفاع عن المواطنين وحمايتهم فقط .
اتهمكم القيادي السابق بالحركة (مبارك أردول) بأن موقفكم الرافض لإتفاق إيصال المُساعدات جاء بسبب تفاهُمات إماراتية؟
ليست لدينا أي تفاهُمات مع أي جهة بخصوص المساعدات الانسانية الحركه الشعبيه لتحرير للسودان شمال تنظيم مستقل، الأولوية عندنا للقضايا الإستراتيجية والأهداف التي نُريد تحقيقها – وهي التحرُّر الكامل لشعبنا وتحقيق تطلُّعاتِه فى بناء سُّودان جديد – وما يقوله (مبارك أردول) عار من الصحة، وهو المسؤول عن ما يقول.
مؤخراً برز توجه صريح نحو التحالف مع روسيا متبوع بخطوات عملية، مما أحدث ردود أفعال واسعة، كيف تنظر لهذه الخطوة من قبل الجيش وتبعاتها على مستقبل البلاد؟
الارتهان لأي قوى أجنبية مهما كانت المُبررات فإنه يسلب الإرادة والقرار الوطنى ويعيد البلاد إلى عهود ما قبل الإستقلال.