الجيش ينفي تورط الاستخبارات في تغذية الصراع القبلي المتصاعد بدارفور
نيالا 14 أكتوبر 2023 – برأ الجيش السوداني، الاستخبارات العسكرية التابعة له من الضلوع في تغذية الصراع القبلي الدامي الذي تشهده مناطق واسعة من ولايتي جنوب ووسط دارفور إثر اتهامات من الدعم السريع بالتورط في تأجيج النزاع المتصاعد.
وفي أغسطس الماضي نشب قتال عنيف بين السلامات والبني هلبة تركز حول محلية كبم، والوحدة الإدارية أم لباسة بولاية جنوب دارفور وتمدد ليشمل مناطق واسعة، وتجدد القتال بنحو ضار يوم الجمعة الماضية في وسط دارفور.
وأدى هذا النزاع الى مصرع أعداد كبيرة من الطرفين وتشريد الآلاف بعد حرق قراهم.
وبث ناشطون أمس الجمعة مقاطع فيديو تظهر مشاركة قوات تابعة للدعم السريع في القتال ، وتبين المقاطع مسلحين من القبيلتين يرتدون زي الدعم السريع ويستغلون مركباتها العسكرية وهم مزودون بأسلحة حديثة يشاركون في القتال الشرس.
لكن قائد ميداني بقوات الدعم السريع تحدث لسودان تربيون، اتهم الاستخبارات العسكرية بتأجيج الصراع والتورط في إفشال اتفاق صلح ووقف عدائيات رعته الدعم السريع في 30 أغسطس الماضي نص على وقف القتال وأن تلتزم الدعم السريع بدفع الديات للضحايا من الجانبين علاوة على فتح الأسواق.
وأضاف “بعد أيام قليلة من هذا الاتفاق حركت الاستخبارات أذرعها داخل مليشيات القبائل العربية الداعمة لها في ولاية وسط دارفور وجنوب دارفور ونفذوا هجوما داميا على مناطق البني هلبة ما أوقع ضحايا كثر وحرق أكثر من 15 قرية”.
وكشف عن إلقاء القبض على مجموعات مسلحة في منطقة “كابار” التابعة لمحلية أم دخن بولاية وسط دارفور اقرت بتلقي دعما عسكريا من الاستخبارات العسكرية لتأجيج النزاعات القبلية وإفشال مساعي الصلح.
وأكد أن قيادة الدعم السريع كلفت نظار التعايشة والفلاتة والترجم وزعماء آخرون بقيادة الجهود الأهلية لوقف النزاع وذلك بعقد لقاءات منفصلة مع قيادات السلامات والبني هلبة وصولا إلى عقد مؤتمر الصلح النهائي في 18 أكتوبر الجاري بمحلية كأس في ولاية جنوب دارفور.
في المقابل شدد المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله في تصريح لسودان تربيون الجمعة على أن “الاتهامات الموجهة للاستخبارات العسكرية بالوقوف وراء القتال الأهلي بين السلامات والبني هلبة مغرضة”.
ونوه إلى أن القوات المسلحة طوال تاريخها ظلت تعمل على تماسك النسيج الاجتماعي لكل مكونات المجتمع السوداني، وأشار إلى أن رقعة المواجهات القبلية اتسعت عقب ظهور قوات الدعم السريع التي قال إنها أفسدت كل شيء في السودان.
انحدار للأسوأ
إلى ذلك أبلغت مصادر عسكرية وأهلية سودان تربيون أن الأوضاع الأمنية والإنسانية في ولاية وسط دارفور انحدرت للأسوأ خلال الخمسة أيام الماضية في ظل تجدد الاشتباكات بصورة أعنف واستمرار التعبئة والتعبئة المضادة من قبل طرفي القتال الأهلي.
وكشفت أنه في الثامن من أكتوبر الجاري هاجم مسلحون من قبيلة البني هلبة قرى تقطنها أثنية السلامات في محليتي بندسي ومكجر بوسط دارفور ارتكبوا خلالها انتهاكات واسعة ترقى إلى جرائم حرب وتطهير عرقي ضد السلامات.
ونتج عن الهجمات فرار أعداد كبيرة من المواطنين بعضهم لجأ إلى دولتي أفريقيا الوسطى وتشاد المجاورتين فيما يهيم اخرين في الغابات وسط ظروف بالغة التعقيد.
وتحدثت المصادر عن تهجير أعداد كبيرة من السلامات كانت تقطن في كل من “مورلقا، بورو، عمار جديد، وكابار” بالإضافة إلى قرى “مركندي، الجريف، روينا، وكرلوقي”.
جرائم حرب
وافاد الناشط في قبيلة السلامات سالم النو سودان تربيون إن الاشتباكات بين السلامات والبني هلبة مستمرة للشهر الثالث بعد أن باءت جهود الإدارة الأهلية بالفشل.
وأوضح أن الاعتداء على قرى تقطنها قبيلة السلامات بحضور لجنة الوساطة من قيادات الإدارة الأهلية منتصف الأسبوع الماضي ينذر بفشل ملتقى أهلي ينتظر عقده في 18 أكتوبر الجاري بمدينة كاس في جنوب دارفور برعاية قوات الدعم السريع.
وطالب النو قوات الدعم السريع بسحب عناصرها من القتال قبل السعي للصلح بين القبيلتين.
ونوه إلى أن الاعتداء على السلامات أودى بحياة أعداد كبيرة وتشريد ألألاف وأضاف “الاعتداء على السلامات تم بأسلحة ثقيلة وما نريد تأكيده أن هذه الأسلحة لا تمتلكها إلا القوات المسلحة والدعم السريع لذلك نحذر من إعطاء القبائل مثل هذه الأسلحة لقتل الأبرياء”.
وطالب النو بتشكيل لجنة تحقيق دولية للكشف عن المتورطين في ارتكاب هذه الانتهاكات والجرائم غير الإنسانية وحث على ضرورة تصنيف ما جرى بأنه عملية تطهير عرقي لكون أن عملية القتل تمت على أساس الهوية العرقية وهي الانتماء لقبيلة السلامات.
وكانت قبيلة البني هلبة وهي واحدة من أكبر قبائل جنوب دارفور، أعلنت في الرابع من يونيو الماضي ضمن إثنيات أخرى في الولاية دعمها وتأييدها لقوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش.
وعززت الخطوة المخاوف من انزلاق إقليم دارفور، إلى حرب أهلية في ظل حالة الاستقطاب والانقسامات الحادة وسط المكونات السكانية المقيمة في الإقليم، حيث تدعم معظم القبائل العربية قوات الدعم السريع، بينما تتهمها الإثنيات الأخرى بارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي.