Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

تقرير يرصد انتهاكات طالت المدنيين في 52 معتقلا للجيش والدعم السريع بالخرطوم 

آثار تعذيب وحشي لأحد معتقلي الدعم السريع - صورة لـ "سودان تربيون".

الخرطوم 3 سبتمبر 2023 ــ قال “محامو الطوارئ”، الأحد، في تقرير عن المعتقلات إن مئات المدنيين تعرضوا لجرائم ضد الإنسانية في 52 معتقلا للجيش السوداني والدعم السريع، داخل ولاية الخرطوم منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل الماضي.

واندلعت حرب شرسة بين الجيش والدعم السريع في 15 أبريل المنصرم، تمددت في مناطق واسعة، ما قاد إلى فرار 4.5 مليون شخص من منازلهم منهم 75% من العاصمة الخرطوم.

وقال محامو الطوارئ، في التقرير الذي أطلعت عليه “سودان تربيون”، إن “عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري تصاعدت على نحو مروع في سجون الجيش والدعم السريع، حيث يتعرض المحتجزون لأصناف واسعة من التعذيب، تشمل التجويع وتصل إلى حد الموت”.

وأحصى التقرير 44 مركز اعتقال لقوات الدعم السريع و8 مراكز اعتقال للجيش، كما تحدث عن مراكز اعتقال مؤقتة يُجمع فيها المعتقلين وعادة ما تكون في مبانٍ سكنية أو مدارس أو أعيان مدنية، قبل أن يتم فرزهم ونقلهم إلى مراكز الاعتقال الدائمة.

وأشار إلى أن مراكز الاعتقال الدائمة عادة ما تكون في المقار العسكرية ومبان المؤسسات الحكومية البعيدة نسبيا عن الأحياء السكنية.

وعمل محامو الطوارئ منذ الانقلاب الذي نفذه الجيش والدعم السريع في 25 أكتوبر 2021، على كشف الانتهاكات وتقديم العون القانوني لضحايا عنف الدولة.

ونقل التقرير عن معتقل قوله إن قوات الدعم السريع تعتقل 200 شخص في مركز اعتقال يقع في بدروم عمارة سكنية، بينما قال آخر أن عدد المعتقلين في جامعة السودان المفتوحة يصل إلى 700 ـ 800 معتقل.

أصناف متعددة من التعذيب

وقال محامو الطوارئ في التقرير إن المعتقلات تعاني من عدم التهوية والرطوبة العالية التي تؤدي إلى صعوبة في التنفس، ما قاد إلى وفاة عدد من المعتقلين، كما لا توجد فيها مراحيض.

وأشار التقرير إلى أن القاسم المشترك لمراكز اعتقال الجيش والدعم السريع، هو ممارسة التعذيب والمعاملة القاسية في مواجهة المدنيين والأسرى العسكريين.

وتابع: “إن المعتقلين يخضعون للاستجواب تحت عمليات تعذيب بشعة مثل التعليق من الأرجل والصعق بالكهرباء وإطفاء أعقاب السجائر، إلى جانب إجبارهم على القيام بأعمال شاقة وحفر القبور لقتلى للطرفين”.

وتحدث التقرير عن استخدام طرفا الحرب تجويع المعتقلين كوسيلة للتعذيب، حيث قال معتقل إنهم ظلوا طوال 6 أسابيع يتلقون حصص ضئيلة من الأكل والمياه.

ويطلق الجيش وقوات الدعم السريع، بين الحين والآخر، سراح بعض المعتقلين بعد مرور فترة من الاعتقال غير المشروع.

وقال محامو الطوارئ في تقريرهم إن مراكز الاعتقال تُمارس فيها جميع الجرائم والتعذيب والسخرة، إضافة إلى اعتداءات جنسية شملت الذكور والإناث.

وأكد معتقل أنه، وبمجرد وصوله لمعتقل تابع لقوات الدعم السريع، خُلعت ملابسه وظل يتعرض للتهديد بالاغتصاب، فيما أفاد معتقل آخر كان محتجزا في مقر هيئة العمليات بالرياض شرقي الخرطوم أن امرأة متزوجة وفتاة كانتا ضمن معتقلات تعرضتا للاعتداء أكثر من مرة.

وقال معتقل، وفقا للتقرير، إن عناصر الجيش كانوا يحتجزونه في مركز بأم درمان ضمن 18 معتقلا آخرين، تعدوا على اثنين من المعتقلين فيما جرى تصفية ثالث نتيجة لمقاومته.

ورصد التقرير نساء معتقلات وكذلك أطفال، في عدد من مراكز الاعتقال التابعة للطرفين، حيث ظلوا مختلطين مع بعضهم البعض.

ووثق محامو الطوارئ طلب قوات الدعم السريع من أسرة معتقل فدية 10 ملايين جنيه مقابل الإفراج عنه، ونتيجة لعجزها عن سداد المبلغ لا يزال معتقلا.

وفيات وتوصيات

وتحدث التقرير عن انعدام الخدمات الطبية والصحية في المعتقلات، حيث كان ذلك سببا في وفاة معتقلين مكثوا أشهرا عديدة دون تلقي الرعاية الطبية للإصابات الناجمة عن التعذيب.

وشدد على أن بعض المعتقلين من أصحاب الأمراض المزمنة يعانون من عدم تلقي العلاج والأدوية المنقذة للحياة، حيث شهد معتقل كان محتجزا في مركز تابع للدعم السريع وفاة مريض بأزمة تنفس وآخر بالسكرى.

وقال التقرير إن وجود عدد كبير من المعتقلين في مساحات ضيقة يسبب انتشار كثير من الأمراض الفيروسية، كما أن شربهم لمياه غير صالحة للشرب يصيبهم بالأمراض المعوية.

وأوصى التقرير بإطلاق سراح جميع المعتقلين دون مسوغ قانوني والكشف عن قوائم المخفيين قسريا والسماح لهم بالتواصل مع ذويهم، مع السماح بدخول مراقبين مستقلين لمراكز الاحتجاز.

ودعا الأمم المتحدة وشركاء السودان الإقليميين والدوليين بتكثيف الضغوط على الجيش والدعم السريع من أجل الإفراج عن المعتقلين وتوثيق الانتهاكات وتشكيل لجنة أممية لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان.

وأطلق محامو الطوارئ على التقرير الذي تحدث عن الانتهاكات في مراكز اعتقال الجيش والدعم السريع مسمى “تقرير معتقلات الموت بالخرطوم”.

يذكر أن “محامو الطوارئ” هي مبادرة من قانونيين تعمل في رصد الانتهاكات الحقوقية منذ الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021.