Saturday , 20 April - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

توثيق وتعليق..عهد وميثاق الوفاق الوطني والمصالحة الوطنيَّة

Omer Shurkian

الدكتور عمر مصطفى شركيان

[email protected]

بعد استيلاء الجبهة القوميَّة الإسلاميَّة على السلطة في انقلاب عسكري في 30 حزيران (يونيو) 1989م، نشأت معارضة سياسيَّة وعسكريَّة عارمة ضد ذاك الانقلاب، الذي أقام حكومة الأمر الواقع التي أسمَّوها “حكومة الإنقاذ الوطني”.ومع هذه المعارضة العارمة ضد النظام “الإنقاذي”، نشأ حوار بين ممثلي الحكومة الانقلابيَّة من جانب، وكيان الأنصار والكيانات الإسلاميَّة غير المشاركة في السلطة من جانب آخر، منذ العام 1992م، وتوقَّف العام 1995م لأسباب مجهولة.  وقد تحدَّدت أجندة المفاوضات، وتكوَّنت اللجان الفنيَّة للشروع في الحوار حول ما سُمِّي ب”عهد وميثاق الوفاق الوطني والمصالحة الوطنيَّة”.  فهل كان هؤلاء الأشخاص يتفاوضون بصفاتهم الشخصيَّة، أم كممثلين لتنظيماتهم الحزبيَّة، وبخاصة الوجود الأنصاري الضخم في الوفد؟لئلا نحسب في شؤون البشر كلها حساب المصادفة، لا نعتقد الاعتقاد المفضي إلى اليقينبأنَّ هؤلاء الشخوص كانوا بما هم فيه منغمسونوفاعلون دون موافقة قياداتهم السياسيَّة.  إذاً، ما الذي دفعنا إلى الاعتقاد الجازم بأنَّ قيادة حزب الأمَّة كانت مباركة أو مشاركة في هذه الجهود؟  حتى لا يكون زعمنا هذا رجماً بالغيب، أو نطقاً بالعيب، أو افتراءً على الحق، فقد أكَّدت مصادر الأطراف المشاركة في المفاوضات أنَّ الدكتور حسن عبد الله الترابي والسيد الصَّادق الصديق عبد الرحمن المهدي قد باركا هذه المساعي التي كانت تدور تحت إشرافهما المباشر، وأنَّ قيادات معارضة أخرى كان لديها علم كامل بما يدور.

مهما يكن من أمر، فقد جاءتوقُّف مفاوضات “عهد وميثاق الوفاق الوطني والمصالحة الوطنيَّة” فجاءة،وذلك بعد خروج الصَّادق المهدي من السُّودان إلى إريتريا في عمليَّة الهجرة المهدويَّة المريبة التي أسمَّاها “عمليَّة تهتدون”.  إذ كان ذلك التوقُّف دليلاً على أنَّ النظام قد ارتأى عدم جدوى المضي قدماً في هذه المساعي، لأنَّها في نهاية الأمر لسوف لا تجد من يعتمدها من الطرف الآخر.  لكن هل كان هناك ثمة عيب في التحادث مع النظام بشكل عام؟  كلا، لكن العيب في أنَّ حزب الأمَّة كان جزءاً لا يتجزأ من التجمُّع الوطني الديمقراطي، وبحكم ميثاق التجمُّع الذي وقع عليه الحزب كان عليه أن يتحاور مع النظام تحت لواء التجمُّع، وبالتنسيق مع جميع فصائله، أو اتخاذ خط التجمُّع في المسار الديبلوماسي، والعمل المسلح، والانتفاضة المحميَّة كوسيلة من وسائل النضال كما جاء في أدبيَّات التجمُّع.  غيرأنَّ إصرار حزب الأمَّة والتماديفي سريَّة المحادثات – وهذا هو المهم في الأمر – كان يشي بأنَّ ثمة شيئاً نتناً كان مخبوءاً عن أعين النَّاس.

علاوة على ما أباحت به الصحيفة الناشرة للخبر(صحيفة “الرأي الآخر”، الثلاثاء، 26/8/1997م) بأنَّ قيادة حزب الأمَّة قد باركت هذه المساعي، فليس في الأمر من غرابة أو دهشة، إذ أنَّ تاريخ تقارب حزب الأمَّة بزعامة السيِّد الصَّادق المهدي من ناحية، مع الحركة الإسلاميَّة تحت قيادة صهره الدكتور حسن الترابي من ناحية أخرى، لذاخر بأمثلة عديدة تعود إلى الستينيَّات والسبعينيَّات والثمانينيَّات من القرن العشرين.  مرجعيَّة هذا التقارب تعود إلى أسباب عائليَّة وعقائديَّة وسياسيَّة، حيث لعبت المصاهرة جانباً هاماً منها، والدعوة إلى دستور إسلامي جانباً آخر، والغلو في الثقافة العربيَّة والهُويَّة الإسلاميَّة جانباً ثالثاً.  أما في ظل ذلكم العهد “الإنقاذي” فقد اجتمع السيِّد الصَّادق المهدي من قبل مع قيادات النظام “الإنقاذي” في الخرطوم، وبعدئذٍ مع صهره الدكتور حسن عبد الله الترابي في سويسرا (جنيف) في أوائل أيار (مايو) 1999م، ومع الرئيس عمر البشير ذاته في جيبوتي في يوم 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 1999م، حيث وقَّع مع الأخير اتفاقاً تمَّت تسميته “نداء الوطن”، ويشار إليه أيضاً ب”اتفاق جيبوتي”.  غير أنَّ النظام لم يعر كل هذه الاتفاقات أو التفاهمات أيَّة اهتمام، وكان الخاسر السياسي الأعظم في كل هذه الهرولة الدؤوب نحو الخرطوم هو الصَّادق، الذي لم يع الدَّرس،ولم يتعلم شيئاً برغم من تجاربه السياسيَّة منذ نعومة أظفاره.

بعد كل هذه المحاولات المجهضة فشلالصَّادق المهديفي تفعيل أي اتفاق أو وفاق ثنائي مع النظام “الإنقاذي” حتى يستطيع أن ينخرط هو بنفسه أو حزبه علانيَّة في الحكومة، بل اكتفي بأن يجعل ابنه عبد الرحمن مستشاراً للرئيس المخلوع عمر البشير، وابنه الآخر بشرى ضابطاً في أمن النظام حتى يقوم بمراقبة نشاط والده إمام الأنصار ورئيس الحزب.

فماذا جاء في “عهد وميثاق الوفاق الوطني والمصالحة الوطنية” المشار إليه أعلاه؟  في النَّص الكامل للوثيقة أدناه نجد الأجندة المتفق عليها كأساس للحوار بين الطرفين، وما جاء فيها، وصيغة القسم التي أداها المفاوضون، وأسماء وفدي التفاوض عن الحكومة ممثلة في أمانة المؤتمر الوطني، وعن الأنصار والكيانات الإسلاميَّة غير المشاركة في السلطة.  بيد أنَّ اللافت إلى النظر هو أنَّ ذاك العهد أو ميثاق الوفاق لم يكن وطنيَّاً في شيء، بل غلب عليه طابع المحاصصة في توزيع السلطة بين أيدي أصحاب القبلة، حتى ولئن أدخلوا في عناصره بعض أبناء الجنوب للتمويه.  إذ أنَّ نظام الحكم في السُّودان، والدستور المنظِّم له، وسن التشريعات والقوانين، وتحديد السياسة الخارجيَّة للدولة، ورسم السياسات الاقتصاديَّة والعدليَّة والتعليميَّة والصحيَّة والخدميَّة والإعلاميَّة، ووضعيَّة الأديان في الدولة، والحريَّات العامة، والمشاركة في السلطة، وتقاسم الثروة القوميَّة وغيرها لا يتمُّ تحديدها بواسطة طائفتين إسلاميَّتين في غياب تام لكل القوميات الوطنيَّة، ومنظمات المجتمع المدني، والأحزاب السياسيَّة الأخرى في البلاد.على أيَّة حال، فإلى نص الوثيقة:

“نحن الموقِّعين أدناه الممثلين لحكومة السُّودان وممثلي كيان الأنصار والكيانات الإسلاميَّة غير المشاركة في السلطة لقد اتفقنا على إجراء حوار وطني يقود إلى وفاق وطني لمصلحة الإسلام والسُّودان والوحدة الوطنيَّة على أن تكون الأجندة المتفقة عليها بين الطرفين محور الحوار والنقاش؛

كما اتفقنا على عدم التشكيك في جديَّة أي من الطرفين في الآخر، أو التقليل من شأنه وحريَّة النقاش؛

كما اتفقنا على حريَّة الحركة والاتصال بالآخرين، وكذلك عدم المساءلة القانونيَّة والأمنيَّة والجنائيَّة فيما يختص بهذا الوفاق الوطني، على ألا يُستغل هذا الميثاق لغير الوفاق الوطني والمصالحة.

(ب) القسم

تأسيساً على ما سبق في عهد وميثاق الوفاق الوطني والمصالحة الوطنيَّة لقد اتفقنا على القسم الوارد نصَّه:

نحن لجنة الوفاق الوطني المنبثقة من الطرفين أعلاه نقسم بالله العلي العظيم، وكتابه الكريم، أن نعمل بإخلاص وتجرُّد وحريَّة كاملة لمناقشة وجهات نظر الطرفين للوصول لوفاق وطني يخدم الإسلام، ويصون وحدة السُّودان، وألا يكون الغرض من ذلك مناورات سياسيَّة، أو تسويف أو خيانة.  وأن يدافع أي من الطرفين عن النقاط المتفق عليها بقدر الإمكان، من أجل الإسلام ومصلحة السُّودان، للوصول للوفاق الوطني دون تأثير من تدخُّلات أجنبيَّة، وألا نكفر عن هذا القسم.. والله على ما نقول شهيد.

(ج) المفاوضون

أسماء المفاوضون الموقعين على الأجندة أعلاه:

____________________________________________________________

الطرف الأول                              الصفة

1/ محمد حامد حاكر                         المستشار القانوني لأمانة المؤتمر الوطني الاتحادي

2/ سليمان محمد جاموس           رئيس المجلس المحلي للبقعة

3/ وانس عبد الرحمن علي               أمين أمانة البقعة

4/ محمد الفاتح أحمد                         عن الأمانة

____________________________________________________________

الطرف الثاني                              ممثلو الكيانات غير المشاركة في السلطة

1/ خميس واتاما السابا كلاسيوا           ممثِّل جنوب السُّودان

2/ سيِّد بندقي بولو                         ممثِّل جنوب السُّودان

3/ قاسم كريانق                            ممثِّل جنوب السُّودان

4/ مولانا علي فضل الله علي أبوشام     ممثِّل قبيلة الهواوير/اتحادي

5/ معاوية محمد عيد                         قبيلة الكبابيش/اتحادي

6/ علي محمد المحينة                       قبيلة الحسَّانيَّة

7/ الفاتح إبراهيم السيِّد                    أنصاري

8/ التوم عبد الله أحمد                     ,,

9/ النذير الشيخ عثمان منير              ,,

10/ الخير محمد الخير                      ,,

11/ عبد الله الطاهر معلا                 ,,

12/ هاشم المعتصم محمد عثمان            ,,

13/ عبد الله إدريس عيسى                ,,

14/ حيدر إبراهيم جلال                  ,,

15/ بشرى عبد الله أحمد                           ,,

16/ الأستاذ فيصل حسن الفكي           ,,

17/ الأستاذ مأمون محمد إبراهيم  ,,

18/ أحمد مختار آدم (سنين)              ,,

أجندة الحوار للوفاق والمصالحة الوطنيَّة

التأريخ: الأحد، 19/11/1995م

تأسيساً على عهد وميثاق الوفاق والمصالحة الوطنيَّة الذي اتفق عليه بين ممثلي الحكومة السُّودانيَّة (طرف أول) كيان الأنصار والكيانات الإسلاميَّة غير المشاركة في السلطة (طرف ثاني).

لقد اتفقنا واعتمدنا الأجندة الوارد نصُّها فيما يلي على أن تكون محور النقاش الذي سوف يؤدِّي إلى وفاق ومصالحة ووحدة وطنيَّة وهي كما يلي:

  • نظام الحكم في السُّودان.
  • نظام رأس الدولة.
  • فصل السلطات، ووضع دستور دائم للبلاد.
  • مراجعة القوانين الإسلاميَّة.
  • مراجعة كل القوانين والأوامر واللوائح لتتماشى مع الوفاق الوطني.
  • الاتفاق على السياسة الخارجيَّة.
  • الاتفاق حلى حل مشكلة الجنوب.
  • الاتفاق على قيادات الأمن والجيش والخدمة المدنيَّة.
  • الاتفاق على سياسة اقتصاديَّة شاملة.
  • الاتفاق على سياسة التعليم والصحة والإعلام وجميع الخدمات.
  • الاتفاق على وضعيَّة القضاء.
  • الاتفاق على وضعيَّة الأديان الأخرى.
  • الاتفاق على مراجعة وضع الإدارة الأهليَّة.
  • كيفيَّة المشاركة في السلطة والثروة.
  • الاتفاق على كيفيَّة وضع الحريَّات العامة والخاصة.
  • الاتفاق على كيفيَّة رد المظالم.
  • الاتفاق على ضمانات استمراريَّة ما تمَّ الاتفاق عليه، وعدم الإخلال به.
  • الاتفاق على إعادة النظر ومراجعة برنامج الإستراتيجيَّة الشاملة.
  • الاتفاق على مراجعة برنامج سياسات التكافل الاجتماعي، ودعم الشريعة، والطلاب والدعوة الشاملة.
  • الاتفاق على وضعيَّة المؤتمر العربي الإسلامي الشعبي القائم بالخرطوم.
  • الاتفاق على وضعيَّة العمل النقابي، وجميع الاتحادات، واللوائح والقوانين الخاصة بهم.
  • الاتفاق على وضعيَّة برامج وسياسات الهلال الأحمر، والصليب الأحمر السُّودانيين.
  • الاتفاق على هيكليَّة الوزارات الاتحاديَّة والولائيَّة ونظامها وقوانينها ولوائحها.
  • الاتفاق على وضعيَّة مجلس الإفتاء الشرعي.
  • الاتفاق على مراجعة بيع مؤسَّسات القطاع العام.
  • الاتفاق على مراجعة وتنظيم الصناديق الخيريَّة والتطوعيَّة وخلافها المقامة بالسُّودان، سواء كانت سودانيَّة، أو أجنبيَّة، ومراجعة قوانينها ولوائحها.
  • الاتفاق على إضافة المستجدات الضروريَّة التي لم تذكر وتساعد في الوفاق الوطني.
  • الاتفاق على تكوين مكتب سياسي ممثِّل لأطراف الوفاق الوطني لإدارة شؤون السُّودان.
  • الاتفاق على فترة زمنيَّة محدَّدة لتقييم مسار التجربة الوفاقيَّة، ومراجعة الايجابيَّات والسلبيَّات.
  • الاتفاق على طريقة الإخراج بعد الاتفاق النهائي.
  • الاتفاق على سريَّة المفاوضات وإبعادها عن الأضواء والإعلام.
  • الاتفاق على تكوين لجنة دائمة من الطرفين للإشراف والمتابعة والفصل في الخلافات التي قد تنشب بين الطرفين.

والله ولي التوفيق.”