Thursday , 21 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

احتمالات ترشيح البرهان قائدا عاما.. هل تنهي أحلام المدنية؟

خاص: سودان تربيون

وقعت قوى سياسية مع المكون العسكري الاثنين الماضي، اتفاقا سياسياً إطارياً ينص يمهد لخروج المؤسسة العسكرية من الحكم، وتكوين سلطة مدنية بفترة انتقالية مدتها 24 شهراً.

وتتضمن المرحلة الثانية من العملية السياسية التفاوض حول عدد من المسائل العالقة تتضمن الإصلاح العسكري والأمني، الأمر الذي يراه البعض مثيرا للشكوك حول موقف قائد الانقلاب ومدى التزامه بتنفيذ خروج المؤسسة العسكرية من الحكم وتسليم السلطة للمدنيين.

وتدور كثير من الأحاديث حول مرشح المؤسسة العسكرية لمنصب القائد العام للقوات المسلحة الذي يصادق عليه الرئيس المدني إلى جانب استمرارية البرهان وحميدتي  في رئاسة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.

يؤمن عضو مجلس السيادة السابق صديق تاور وهو قيادي في حزب البعث المعارض للاتفاق الإطاري، بأن البرهان استدرج الموقعين من قوى الحرية والتغيير للتوقيع على الاتفاق الذي يمنحه أهم شئ وهو الاعتراف به كطرف في معادلة المشهد السياسي، وليس كقائد انقلاب عسكري ضد سلطة مدنية شرعية.

وقال لسودان تربيون إن البرهان، حصل على ما يريد بلا مقابل. إضافة إلى ذلك سخر من مدى قوة السلطات التي تتمتع بها الحكومة المدنية في مواجهة العسكر  مردفاً”أي سلطة مدنية هذه التي يتلقى رئيسها القرارات من قيادة أدنى منه، ولا يستطيع أن يعفى أو يرقى أو يقيل وسيكون البرهان بهذا المعنى فوق أي سلطة والمؤسسة العسكرية تحت أمرته هو وخارج سلطة الحكومة المدنية”.

ويمضي قائلا إن هذا الوضع لا مثيل له في أي سلطة مدنية مؤسساتية.

ويعتقد تاور أن تصريحات البرهان الأخيرة بعد توقيع الاتفاق الإطاري حول رئاسة القائد الأعلى للقائد العام ووجود قوانين تحدد شكل هذه العلاقة بين القائد الأعلى والأجهزة النظامية، حررت شهادة وفاة لمشروع التسوية.

وتشير “سودان تربيون” إلى أنه في أواخر أكتوبر الماضي أصدر البرهان قرارات بإلغاء رئاسة الأركان المشتركة واستبدالها بهيئة الأركان التي تجعل قيادة الجيش في يد القائد العام بينما نظام الهيئة المشتركة  كان يضع القرار في يد القائد الأعلى للجيش السوداني أي رئيس الجمهورية.

 حسم الأمر

جانب من الموقعين على الاتفاق الاطاري

ويوضح محمد عبد الحكم القيادي عضو اللجنة الإعلامية بتحالف الحرية والتغيير، لـ(سودان تربيون) أنّ تعيين القائد العام وفق ما نصت عليه مسودة الدستور الانتقالي ، يتم من الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة. ورأس الدولة هو الرئيس المدني الذي تختاره قوى الثورة الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري.

وقال إن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة أما القائد العام للقوات هذا شأن يخص المؤسسة العسكرية برفع توصية لاختيار قائد عام لها وهذه التوصية يتم رفعها بالضرورة إلى الرئيس الذي يصادق عليها أو ربما يعيدها مرة أخرى لكن المبادر هنا في اختيار هذا الموقع (القائد العام) هي المؤسسة العسكرية بتوصية ترفع إلى رأس الدولة المدني الذي تختاره قوى الثورة.

مع ذلك، أكد عبد الحكم، أن رأس الدولة يصادق فقط ويعتمد القائد العام للمؤسسة العسكرية، ولا يعتقد أن هذا من الأشياء التي يمكن أن تعيق عملية الانتقال بل هو شأن يخص العسكريين ويعطي الرئيس المدني الموافقة بالتصديق.

وحول ما يتعلق بالمؤسسة العسكرية قال إن مسودة الدستور الانتقالي والاتفاق السياسي الإطاري حددت بأن الشركات التجارية والاستثمارية العسكرية ستؤول إلى وزارة المالية ويحظر على القوات المسلحة ممارسة هذه الأنشطة إلا فيما يتعلق بالمهمات العسكرية والتصنيع الحربي.

وبشان قرار إعلان الحرب، يبين عبد الحكم، أن القرار أو سواه من قضايا تهم البلاد يتم التباحث حوله في مجلس الأمن والدفاع الذي يرأسه رئيس الوزراء الذي تختاره قوى الثورة الموقعة على الإعلان السياسي.

بقاء البرهان

مع رفض لجان المقاومة للتفاوض او الشراكة مع المكون العسكري، لا تنبئ التوقعات بتغيير الأسماء العسكرية الموجودة حالياً حال تم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد شهر.

ويرى الباحث والمحلل السياسي د. محي الدين محمد، أن ترشيح القائد العام للمؤسسة العسكرية تجعل من البديهي بقاء القيادة الحالية على سدة رئاسة القوات المسلحة ولا يتوقع محي الدين في حديثه لـ(سودان تربيون) ترشيح آخر بخلاف البرهان، ولا رفضه من رئيس الدولة المدني لأنّ الضمانات والاتفاق نفسه وقع بين الجيش ممثلا في البرهان وحميدتي والقوى المدنية.

ويعتقد أن الجيش لن يجتمع لأجل تغيير قادته وتخطي أعضاء المكون العسكري الحاليين ولن يشذ عن ذلك، لأن القيادة وسلسلة القيادة والسيطرة في القوات المسلحة قائمة على التراتيبية وليس الانتخاب.

ويحدد محي الدين، سياقان يمنعان رفض رأس الدولة لترشيح البرهان يتمثلان في أن القائد العام الحالي موجود ووقع على الاتفاق، والثاني فرضيات الواقع السياسي الذي قام عليه الاتفاق الإطاري وكل الاتفاقيات المختلفة.

أزمات في الطريق

ومن جانبه، يعتقد المحلل السياسي أحمد موسى أن قضية المؤسسة العسكرية وعلاقتها بمجلس السيادة والوزراء شائكة وربما تصبح أزمة في المستقبل بين الجيش والقوى المدنية.

وأضاف موسى، لــ(سودان تربيون) أن الأزمة ربما تتمحور في تمثيل الجيش بالأجهزة مثل لجنة الأمن والدفاع التي يرأسها رئيس الوزراء و مستوى تمثيل الجيش حسب أمر تشكيلها.

ولفت إلى أن هذه التعقيدات تقود لسؤال حول وجود رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحالي في قمة الجيش، ولا مجال لإجراء أخر لتقديم ممثل خلاف البرهان إلا باستقالته وهي أمر يحتاج ترتيبات دستورية قانونية تتعلق بحصانة موقعه في مواجهة عدة أحداث وقعت بالبلاد تعتبر قيادة الدولة مسؤولة عنها بشكل ما ولا تأتي إلا ضمن تسوية غير معلنة.

ورأى أن الأقرب استمرار القائد العام للجيش في منصبه لنهاية الفترة الانتقالية المحددة بعامين، مع احتمال حدوث خلاف حول صلاحيات رأس الدولة في الجيش وحدوث نزاع حول القضايا الفنية الداخلية التي ستظل شأنا داخليا للجيش مع التشاور حول بقية القضايا التي يعتبر الجيش طرفا فيها خاصة التي لا تتعلق بأمور السيادة كالحرب وإعلان الطوارئ.

وذكر أن هناك احتمال تفكيك المكون العسكري السابق بإحالة عدد من أعضائه للمعاش مع إمكانية تقديمه في مراكز دستورية وتكليفهم بمهام أخرى وبالمقابل لا يمكن للحاضنة السياسية التدخل في تلك القرارات لما تم الاتفاق عليه بابتعاد القوى السياسية عن الجيش في المرحلة القادمة حتى الانتخابات.

وأكد موسى، أنه حال لم يقرر البرهان تقديرات خاصة أو بالتشاور فإنه سيظل القائد العام للجيش وينتزع أعلى صلاحيات ممكنة له وللجيش كمؤسسة شريكة في الانتقال ويضغط باتجاه تحصينها من أي تدخلات تمس هيكلها وبنائها الداخلي وهو ما سيحد من أجل المرحلة القادمة من التفاوض حول القضايا الخمسة وسيتخلل ذلك ضغط سياسي ضد الاتفاق الإطاري الأمر الذي يضعه بمواجهة تغييرات.

  استعادة السلطة للمدنيين

وحول الشؤون الكبرى في البلاد حتى في جوانبها العسكرية يؤكد عبد الحكم، لـ(سودان تربيون) أنها ستخضع للسلطة المدنية باعتبار أن رئيس الوزراء يرأس مجلس الأمن والدفاع وعلى سبيل المثال في حال إعلان الحرب سيمر القرار بممثلي  الشعب السوداني بالمجلس التشريعي الانتقالي ويجيز حالة الحرب وغيرها من القضايا الكبرى التي تشترك فيها القوات المسلحة السودانية.

ويجزم أن الأمر ليس فيه (منقصة) للاتفاق على السلطة المدنية الكاملة، وأوضح انه ووفقا للاتفاق السياسي الإطاري تمت استعادة السلطة بشكل كامل سواء المستوى التنفيذي أو التشريعي أو القضائي وكل ذلك تحت المظلة والإدارة المدنية.

وأشار أيضا إلى التوصل أن يكون جهاز الأمن والمخابرات وجهاز الشرطة هي من الأجهزة التي تتبع مباشرة إلى رئيس الوزراء ورمز السيادة المدني.

نص مٌحكم

يؤكد مستشار رئيس الوزراء في الحكومة المدنية السابقة فائز السليك، لـ(سودان تربيون) أن النص الخاص بتعيين القائد العام للجيش يجب أن يكون واضحا ويقترح صياغة: (اعتماد القائد العام يتم بواسطة مجلس السيادة بناء على ترشيحات هيئة أركان الجيش).

وينبه السليك، إلى إن  القائد العام ليست وظيفة سياسية، بل وظيفة فنية عسكرية في المقام الأول، مشيراً في الوقت نفسه إلى قانون القوات المسلحة لسنة 2017 المادة (1)- (10) بتعيين القائد العام للقوات المسلحة بواسطة رئيس الجمهورية وذلك وفق النظام الرئاسي السابق المستبد.