Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

فى عقبة قولبة بلا دغمسة

حسين مناوي

حسين أركو مناوي

حسين اركو مناوى

“عبدالرحمن ” هكذا وجد اسمه فى سجلات المدرسة إلا أن اسمه المعروف عند الاهالى قبل دخول المدرسة هو “إدوبر “. عندما يذهب ادوبر الى المدرسة وخاصة وهو داخل الفصل يجد نفسه مضطراً ان يخلع الاسم الذي ينادونه في القرية. سرعان بدأ يتفهّم هذه الازدواجية فى الأسماء حينما نشأ وبلغ الرشد وهى جزء متوارث عند أهل المنطقة الذين اعتادوا على إطلاق اسم آخر مقابل اسم عربى يطلق على الطفل عند ميلاده, ووجد ايضاً بعض الأسماء العربية تُخفف بحيث يتناسب مع مخارج حروف لغة الزغاوة, عبدالكريم يسمونه ” ادّه”, ولكنّ اكثر شيوعاً هو إطلاق اسم محلى مقابل اسم عربى …عبدالرحمن يسمونه فرتى أو جَاروّة او ادوبر … سليمان يسمونه تقد او مِنّى ….محمد يسمونه نِنّى , وللمرأة اسماء ايضاً , كنديا, تتيا, نيّا ….وهكذا.

وصل إدوبر فى تلك الليلة متأخراً إلى منزله الكائن في امدرمان -امبدة بصحبة زميله فى الدراسة, عبدالله (المحامى), والذى يُعرف عند الاهل ب “دِلّى” وكان ادوبر يبدو عليه الإرهاق من متابعة أعمال تشييد مباني لشركة قابضة فى الظاهر شركة عامة وعند حديث مجالس المدينة يقال انها تتولى تمويل أنشطة حزبٍ له السطوة فى البلاد ….. إدوبر مهندس معماري ماهر تخرج فى جامعة الخرطوم في بداية الثمانينيات القرن الماضي, دخل الجامعة متفوقاً رغم العقبات التى تعيق التعليم والتعلّم فى البيئة التى جاء منها, فهو أتى من رحم المعاناة إلى تلك الجامعة, وكل من بلغ هذه المرحلة متخطياً تلك البيئة الصعبة يُعد من شديدي المراس. وهو رجل متواضع, دائماً طلق الوجه تكسوه البشاشة بإبتسامة مُفلّجة, في عقده الخامس, متوسطة القامة, فى هيئته تبدو سمات الرجل الصحراوى فى الضمور والرشاقة ومن أول نظرة يُخيّل إليك ٱنه من جماعات الإسلام السياسي نسبة للطريقة التي يُشذّب لحيته الكثيفة.
لا يسترسل اللحية كما يفعله الجماعات السنية ولا يزيلها, ولكنه لا ينتمي إلى جماعات الإسلام السياسي ولا إلى الجماعات السنية .

كعادته قبل أن يسلّم أهل بيته تأخر قليلاً عند الديوان حيث يكتظ بضيوفه من ابناء قبيلته قدموا إلى العاصمة السودانية, البعض منهم شباب بغرض التعليم والبعض الآخر مرضى يتابعون أحوالهم الصحية والآخرون يبحثون عن فرص العمل.
” الشباب كيف قيلتم” هكذا قدم الباشمهندس ٱدوبر التحية لضيوفه.
لم يرد التحية إلا عدد قليل منهم لأنّ البقية كانوا ٱما منهمكين فى لعب ورق الكوتشينة أو مُنغمسين في نقاشات جانبية فرضتها تداعيات الأزمة فى دارفور.
نظر زميله “دِلّى” إلى الشباب المنهمكين في الكوتشينة بنظرة لا تخلو من التوبيخ قائلاً لهم “يا الناس ليه ما تردوا السلام” ؟
ادوبر ودِلّى من قبيلة واحدة غير أنّ دِلّى ينتمي إلى عشيرة اخرى, وهو رجل طويل فى القامة, يميل الى البدانة , بدأ الشيب يشتعل رأسه اشتعالاً خفيفاً ,حليق الذقن, شواربه الكثة تكاد تزاحم منخريه ,عبوس الوجه, تبدو على مظهره سطوة الغرور.

جلس إدوبر أمام التلفاز….تأوّه من الفتور وتَنَهّد مثل الطفل المفجوع …. إسترخي قليلاً على أريكة وبدأ يفرك عينه اليمنى بسبابته واليسرى بإبهامه نحو الأسفل ضاغطاًعلى أرْنَبته كأنه ماهرٌ فى التدليك. وفجأة رفع عينيه نحو التلفاز فٱذا الشاشة البلورية تنقل صوراً لزعماء البلد يوقّعون على اتفاقية سلام نفد فيها الشعب الصبر على رصيف الانتظار. عَبَثَ إدوبر بلحيته برهة كَمَنْ أثقله التفكير ثم أغمض عينيه برهة على رحلة من ذكريات وأحلام كبيرة جَمعتْ الماضى والحاضر والمستقبل وهو يردد فى سره قول الشاعر المجذوب ” وعيون الشيخِ أُغْمِضنَ على كونٍ به حُلمٌ كبير”.

” يا عبدالله دى خطوة عديلة تب “؟ قالها ادوبر وهو يحرك اصبعه برضا وإنشراح ويشيرإلى مشاهد توقيع اتفاقية السلام.
“أى خطوة يا الباشمهندس”؟ رد عليه دِلّى.

” خطوة السلام, انا قلت ليك من قبل السودان بلد متنوع لا يمكن فرض هوية واحدة….
أنظر الآن, الجنوبيون انتصروا لقضيتهم العادلة, ولا انا غلطان”؟ ….خاطب ادوبر الحضور
ثم أضاف “الأحادية على شاكلة لا نقبل الدغمسة لن تنتصر في هذا البلد”.
لم يأبه دِلى كثيراً بإهتمامات صديقه ادوبر, قائلاً ” يعنى كل قبيلة تريد فرض ثقافتها فى الدولة؟….كم عدد الرُطانات فى البلد”؟ .
ولم يشأ دِلّى أنْ يخوض عميقاً فى هذا الموضوع لانه ظلّ يجادل ادوبر منذ وقت طويل بعدم جدوى فكرة التعدد حتى وصل الجدل بينهما الى نقطة الابتذال وهو لا يرى حرجاً فى أن الدولة تكون آحادية الثقافة, ولم يجتهد يوماً فى تفسير معنى التعدد الاثنى فى المجتمعات لأنّ غطاءً سميكاً تراكم فى ناظريه وجعله يرى الأشياء منذ بداية المرحلة الابتداىية بمنظار ما تحدده ثقافة آحادية, وله رأي واضح فى اللغات السودانية الأخرى دون اللغة العربية ويراها مجرد رطانات ومرات كثيرة عندما يحتدم الجدل بينه وبين ادوبر يكرر عبارة لغات أعجمية.

“يا الباشمهندس السودان زى قربة مقدودة تسدها من جهة تَنْقد من جهة أخرى ” قالها ابو تتيا. واردف قائلاً ” ما شافين الحرب المولعة فى دارفور”؟
تدخل أحد الشباب ضاحكاً ” صحيح قربة مقدودة يا عمنا هارون”
لم يعجب احد الحضور أن ينادى شابٌ رجلاً كبيراً باسمه وأحتج بقوة قائلاً ” يا اخى ابو تتيا قدرك؟؟؟ من متين احنا ننادى الناس الكبار بأسمائهم يا خالد؟ قل أبو تتيا؟
سكت الشباب برهة وعلّق أحدهم قائلاً, ” صحيح …صحيح.. يا أبو الشباب, علينا أن نحترم قِيَمنا الجميلة”.
ٱلتفتَ ادوبر إلى زميله دِلّى وحكّ رأسه حكة خفيفة وقال “يا الاستاذ دِلّى تذكر لما كنا تلاميذ صغار فى مدرسة كتم ذات الرأسين عام 1968” ؟
“انا اتذكر تماماً يا الباشمهندس” اجابه دِلّى غير مبالٍ عما يقصده زميله ادوبر.
كان ادوبر يرمي إلى حادثة بعينها لذا حاول أن يدخل فى الموضوع من خلال بعض مقدمات. فقال ” تتذكر قبل مجيئنا إلى كتم كانت المدرسة فى البلد هي المصدر الوحيد لتعليم اللغة العربية”؟
,ٱدوبر ودلى وثلاث من اطفال القرية هم الذين ساعدهم الحظ في الالتحاق بمدرسة كتم ذات الرأسين, وكانوا يصطادون المفردات اصطياداً كما يصطاد الطفل العصافير.
يلتقطون في اليوم الواحد بضع كلمات, لا تزيد عن اثنتين او ثلاث حسب درجة تعرضهم للغة وحسب استعدادهم الذهني, وقد تَنْفلتْ منهم هذه المفردات ولن تعود مرة أخرى إلى ذاكرتهم, بالضبط كالعصافير التي تنجو من فخ الصياد.
ذات أمسية في مدرسة كتم ذات الرأسين الأولية جلس ادوبر ودِلّى مع زملاء لهم من قبائل أخرى.
“المدرسة فيها أجناس كثيرة”… قالها ادوبر وهو يتفرّس وجوه زملائه الذين شاركوه فى دردشات المساء.
نظر اليه أحيمر رافعاً حاجبيه كأنّ شيئاً غريباً يجرى من حولهم.
ضحك أحيمر ضحكة خافتة كأنه لا يريد أن يلفت الأنظار وقال بدهشة ” اجناس”!!!!
قرأ ادوبر أسارير وجه أحمير سريعاً وأدرك ثمة خطأ ما فى كلامه وبدأ يراجع قاموس المفردات فى ذهنه ويسترجع المعانى التى تناسب كلمة الأجناس.
فانفجر دِلّى ضاحاً بالرغم من أنّه لم يفهم مغزى الحوار كثيراً ولم تسعفه معرفته فى اللغة العربية لتبيان الفرق بين الجنس والقبيلة إلا إنّه وجد ذلك فرصة لكى يتظاهر أنه يفهم اللغة العربية أكثر من صاحبه ادوبر الذي خلط كلمة أجناس بكلمة اخرى.
كانت فرص التعليم فى القرن العشرين قليلة جداً وخاصة عند أهل دِلّى وادوبر وبيئة اللغة العربية عندهم قاحلة جرداء تفتقر الى ذخيرة لغوية تمكنهم من كسر حواجز التواصل مع المجتمع الواسع, والمفردات القليلة التي يحصل عليها الشخص من هنا وهناك كان بشق الأنفس, احياناً ادوبر وزملائه يغرسون في عقولهم المفردات كغرس الشتول, ثم يقطفون قطفاً عند مناسبات لا تتكرر كثيراً مثل أوقات الدراسة فى الفصول.
ذلك اليوم قطف ادوبر كلمة (أجناس) بدل كلمة أخرى تناسب السياق.
‘لا لا كلنا جنس واحد…. نحن كلنا بشر” قالها أحيمر بلغة لطيفة,, وأردف في شرح المضمون ” الأجناس يعنى حيوانات مختلفة, الطيور جنس…, والاغنام جنس …والجمال جنس… إنما نحن قبائل مختلفة “.
ٱجتهد ادوبر أن يجد موقعاً لكلمة أجناس فى قاموسه الفقير وإن كان فى نفسه شئ من الشك لانه لاول مرة يخرج من مجتمع معروف بأُحادية اثنية الى مجتمع متعددة الاثنيات , فعلاً بالنسبة له كانت المدرسة مجتمع فيه اختلاف واضح فى اشياء كثيرة.
عندما ينتهى اليوم الدراسى ويعود التلاميذ إلى العنابر تاركين رتابة الفصل ومتحررين من قيود القناة الأحادية في اللغة, تنشط عدة قنوات اخرى داخل العنبر الواحد لتُجسّد كل الأقاليم التي تغذي هذه المدرسة فتسمع لغة الزغاوة ولغة الميدوب ولغة الفور واللغة العربية.
منذ وقت مبكر لاحظ ادوبر ٱنّ كل هذه اللغات أصبحت رهينة اللغة العربية فى إطار حجرة الدراسة الضيقة ولكنه لم يدر فى المدى البعيد ٱنها سوف تتلاشى في أتون الحرب الخفية بين اللغات وتذوب الى الابد. نعم فى مخيلة ادوبر هؤلاء أجناس متعددة وكان يعتقد قد أصاب كبد الحقيقة في هذه التسمية وإن كانت الكلمة الأدق لهذا التنوع البشرى هى قبائل وليست أجناس وقد تشابهت عليه البقر, والسبب هو ربما أخفق ادوبر فى يوم ما منذ البداية فى غرس كلمة القبيلة فى ذاكرته حينما كان يصطاد المفردات العربية من بطون الكتب وأثناء شروح المعلمين.

عندما انتقل ادوبر وزميله دِلّى من الصغرى الى مدرسة كتم ذات الرأسين وجدا هناك مواد جديدة أُضيفتْ فى دروسهم ومع ذلك ظلت اللغة العربية من اكثر الحصص التى تبعث التوتر فى نفوس التلاميذ. نادراً يدخل معلم اللغة العربية الفصل بدون سوط وكان إدوبر يعقتد جازماً مبدأ العقاب عند المعلمين هو سر نجاح الطالب فى فروع المادة؛ القراءة والأناشيد والاملاء. وكان التلميذ دِلّى رغم تفوقه فى كثير من المواد بما فيها اللغة العربية, يلاقى متاعب جمة فقط في درس الإملاء.
” يا استاذ دِلّى أكثر ذكريات مؤلمة فى ذات الرأسين هى مادة الاملاء”. قالها ادوبر بشئ من الاثارة.
” آه…, بالجد مآسى, ارجوك لا تذكّرنا” هكذا حاول دِلّى عبثاً أنْ يُغير مجرى الحديث الى موضوع آخر ولكن تعمّد ادوبر أن يعطى جرعات زيادة فى الاثارة فقال: ” انت بالذات يا دِلّى وصحبك ود العرب أحيمر كنتم من أكثر التلاميذ تكرهون درس الاملاء”.
كان لا بدّ ل دِلّى تبرير صعوبة مادة الاملاء للشباب الذين يسترقون السمع لحوارهما فى الديوان, فقال:
“يا ما بهدلتْنا قواعد الإملاء”.
كان معلم اللغة العربية يَدوّخ التلاميذ بكلمات ذات قواعد إملائية متشابه مثل همزة الوصل والقطع والألف الممدودة والمقصورة وكتابة التنوين وهكذا.
يوم الاملاء, المعلم ينادى تلميذين او ثلاث الى المكتب لحمل كراسات الاملاء الى الفصل. عادة الكراسات تُقسّم الى اكثر من ثلاث مجموعات. المجموعة الاولى “ممتاز” وعددهم لا يزيد عن ثلاث او اربع تلاميذ والثانية مجموعة “جيّد جداً وجيّد” وعددهم معقول والمجموعة الثالثة “متوسط” وعددهم كبير والمجموعة الرابعة “كرر” والمجموعة الاخيرة “أعد” ….وكان دِلّى احياناً يرى نفسه فى إحدى المجموعتين الأخيرتين.

بعد استرخاء وتجاذب أطراف الحديث حول ما يجري عن السودان في عاصمةٍ افريقية, وحول ذكريات كتم ذات الرأسين, دلف أدوبر إلى ذكريات المراحل التعليمية فى الثانوي والجامعة والمواقف المتضاربة بينه وبين زميله دِلّى فى قضايا كثيرة.
فى المرحلة الثانوية اختار كل منهما مساقاً, وقد إختار دِلّى المساق الأدبي وكان يأمل الالتحاق باحدى الكليات الادبية ولكنه فى البداية لم يختر ايهم انسب له.
وفي المرحلة الثانوية بدأ دِلّى يقلد طريقة الكلام بما يشبه بلكنة أهل المدينة وأظهر تعلقه ببعض معلميه فى الكلام وطريقة نطق الكلمات العربية, وكلما يتحدث مع زملائه فى المدرسة يَتكَلّف كثيراً فى حروف الحلق وفي نَطْق حرف القاف , إذ يحاول بمشَقّة أنْ يقلقل القاف قلقلة كأنّه يتتلمذ لحاذق فى علوم القرآن يقدم درساً في التجويد .
كان دِلّى منذ المرحلة الأولية لا يخفي إعجابه بالثقافة العربية وعندما تخطى إلى مرحلة الوسطى بدأ يأتي بروايات متضاربة عن انتمائه إلى الأصول العربية, بل يفتخر أنّه من سليل البيت الهاشمي حينما يستيقن لا أحد في المجالس ينتقده فى رواياته.

فى الجامعة أبدى أدوبر ٱهتمامه بالثقافات السودانية وبالرغم من أنّه طالب فى قسم الهندسة كان واسع الاطلاع في الآراء الفكرية , فقد تعمق فى أفكار مدرسة الغابة والصحراء ورموزها امثال النور عثمان ابكر, محمد عبدالحى, محمد مكى ابراهيم , اسحاق ابراهيم اسحاق والشاعر صلاح احمد ابراهيم. وكان يطّلع على كل كتابات القلم الدارفورى, الأديب ابن الودعة اسحاق ابراهيم اسحاق فى مجلة الثقافة, وكان ادوبر يحرص على حضور مناسبات الروابط الإقليمية مثل رابطة دارفور وجبال النوبة والمحس والدناقلة بل كان يحضر منتديات ثقافية تعنى بثقافات الشعوب السودانية الخليطة بين الافريقية والعربية, فى الوقت الذى اتخذ دِلّى منحىً أكثر تطرفاً فى إختيار الثقافة العربية دون الثقافات الأخرى, وبدل ما كان يقلقل القاق فى وسط ثقافة دارفور الآن يغير القاف غيناً على لَكْنة ثقافة الصباح وبدأ فعلاً يتقرّب إلى مجموعات تضع حداً للمجتمع السودانى بين ثنائية ثقافية, الثقافة العربية ونقيضها.
فى ذات يومٍ أثار بعض زملائه موضوع اللغة والرطانة وهو من بين الحضور ولم يجرؤ على الدفاع عندما هاجمت شابةٌ اللغات الاخرى بانها رطانة ومجرد لغة الطير وبوقاحة قالت باللغة الانجليزية إنها unintelligible languages.

للمرة الثانية أُبتلى دِلّى بموقف آخر أكثر حرجاً عندما قابله زميله ادوبر ذات يومٍ وهو مع بعض زميلاته فى كلية القانون, تحدث ادوبر عمداً بلغة الزغاوة أولاً بقصد توصيل رسالة لزميله دِلّى وثانياً ليؤكد للبقية أنه صاحب لغة يعتزّ بها. حاول ادوبر أن يستفز الحضور حتى يتمكن من استدراجهم إلى معمعة الثقافات وجدل التعدد, فسألهم قائلاً؛ ” ايهما صحيح قال ام غال”
بهذا السؤال فتح ادوبر باباً للنقاش وجرجر الجميع إلى معركة الثقافة واللغات والتنوع فى السودان واستطاع بمهارة أن يقدم دفوعات قوية لموقفه عن التعدد فى السودان وعن أنّ الشعوب ليست اطيان تشكلها يد السياسة كما تشاء, وقد تناول الموضوع ب علمية فائقة أقرب إلى انثروبولوجى وليس شخص متخصص في علم الزوايا والأبعاد والأشكال الهندسية.
“ٱنتهى الدرس أيها الشباب”…. قالها ادوبر وهو يتفرّس وجوه الفتيات من حوله ثم ٱلتفت الى زميله دِلّى الذي أصابه الذهول وأعياه ذلك الجدل الفكرى… وأردف قائلاً؛ …… “للاسف السودان سئم من أقلام بلا فكر ومن بندقية بلا ضمير ” .