Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

السُّلطات تتمسك بتشريح آلاف الجثث وسط مخاوف من (الطاعون)

مشرحة مستشفى الاكاديمي

مشرحة مستشفى الاكاديمي في الخرطوم

الخرطوم 26 سبتمبر 2022 ــ تمسك مسؤولون في وزارة الصحة السودانية بتشريح آلاف الجثث مجهولة الهوية، مبدين تخوفهم من تسببها في تفشي وباء الطاعون بالمناطق القريبة من المشارح.

وقررت النيابة العامة، الأحد، تأجيل تشريح ثلاث آلاف جثمان مجهول الهوية تتكدس في مشارح العاصمة الخرطوم الثلاث تمهيدًا لدفنها، بسبب تنامي الرفض للخطوة.

وقال رئيس المجلس الاستشاري لهيئة الطب العدلي عقيل سوار الذهب، في مؤتمر صحفي، الاثنين؛ إننا “نتمسك بتشريح جميع الجثث مجهولة الهوية وفقًا لبرتوكول الصليب الأحمر وعدم تركها في هذا الوضع المأساوي”.

واعترض على تشكيك لجنة نيابية في مهنية الأطباء الشرعيين وقال إن هذا أمر غير مقبول، مشيرًا إلى أن تراكم الجثث في المشارح يمس كرامة الشعب السوداني والأطباء.

وأفاد عقيل بأن قرار منع تشريح الجثامين ترتب عليه تكدس قرابة الـ 3.500 جثة، بعد أن كانت 200 جثمان فقط في العام 2019، واصفا وضع هذا التكدس بأنه “يتنافي مع الأخلاق الطيبة والسلوك الطبي القويم”.

وبدأت الجثث تتراكم في مشارح العاصمة الخرطوم منذ أن قررت لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص “المفقودين” التابعة للنيابة العامة في 19 ديسمبر 2019، منع دفن أي جثمان مجهول إلا بعد تطبيق بروتوكولات الصليب الأحمر الدولي.

ولاحقًا، بدأت خطوات عديدة لتشريح ودفن الجثث إلا أنها واجهت صعوبات من بينها خلافات داخل هيئة الطب العدلي التابعة لوزارة الصحة؛ لتنتهي بتوجيه من مجلس السيادة في أبريل الفائت، وبناء عليه قرر النائب العام تنفيذه في 25 سبتمبر الجاري.

وقالت لجنة المفقودين، الأسبوع المنصرم، إن قرار النائب العام لم يتضمن التحقيق في أي شبهات جنائية حيال الجثث، معلنة عدم مشاركتها في الأمر إلا بعد استطحاب تحقيقاتها عن المشارح والاستعانة بفريق دولي.

ترافع ومخاوف

وأبدى استشاري الطب الشرعي والسموم بهيئة الطب العدلي محجوب بابكر، مخاوف من تسبب الجثث في وباء الطاعون في المناطق القريبة من المشارح، نظرًا لوجود كميات كبيرة من الفئران.

وقال: “إن مشرحة بشائر تتواجد فيها كميات كبيرة من الفئران جراء تكدس الجثث لسنوات”.

بدوره، أرجع عضو المجلس الاستشاري خالد محمد خالد تأجيل تشريح الجثث إلى التشاور  مع أهالي وأسر المفقودين الذين “أجرينا معهم لقاءات عديدة تمكسوا خلالها برفض التشريح لعدم ثقتهم في الأطباء كما يطالبوا بفريق تحقيق دولي”.

وقال إنهم لا يمانعون في وجود فريق تحقيق دولي، لكن هذا الأمر “يتطلب إرادة سياسية”، كما أن بقاء الجثامين فترة طويلة يُساعد على طمس الأدلة وضياعها.

وأشار إلى أن اتهام هيئة الطب العدلي بعدم المصداقية غير منطقي، دون أن ينكر وجود أطباء شرعيين فاسدين تسببوا في إعطاء معلومات مضللة عن بعض المفقودين، وقال إن هناك أطباء ساهموا في اكتشاف والعثور على جثامين العديد من المفقودين.

وتحدثت لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص عن وجود تجارة أعضاء بشرية وبيع جثث داخل المشارح، ودفن جثث من مجزرة فض الاعتصام ــ حالات اختفاء قسرى ــ بطرق غير قانونية، إضافة إلى قبر جثامين دون تشريح وتزوير تقارير الطب العدلي.

مزيد من الرفض

وجددت حملة “دفن بدون عدالة.. ضياع للمفقودين”، التي تضم 15 كيانا منها أسر المفقودين ومبادرة مفقود ولجنة الأطباء ولجان مقاومة، رفضها عملية تشريح ودفن آلاف الجثث مجهولة الهوية.

وحملت هيئة الطب العدلي مسؤولية طمس الحقائق “سواء بالتقارير المتضاربة والاحصائيات المختلفة والممارسات الغريية التي ظلت تمارسها طوال 30 عامًا، بتورط جميع مسؤوليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة”.

وفرقت قوات الشرطة، الاثنين، مئات المتظاهرين الذين تجمعوا في شارع رئيسي بمنطقة أم درمان، للتضامن مع ضحايا الاختفاء القسري.

واعتبرت الحملة “القمع والبطش الذي صاحب هذا الموكب وتواجد القوات الأمنية بكثافة وملاحقة المتظاهرين داخل الأحياء السكنية، دلالة على نوايا دفن الحقيقة وطمس الأدلة التي تثبت تورط المجلس الاستشاري والطب العدلي وتواطُئهم مع منفذي فض الاعتصام والانقلاب”.

وطالبت السلطات باستجلاب فريق تحقيق دولي، خاصة وأن “الضرورة الملحة لدفن الجثث في وجود شبهات جنائية تتمثل أن تكون مصدرا لوباء أو عدوى يتضرر منها العاملون والمجتمع المحلي”.

وتوقع محققان، تحدثا لـ “سودان تربيون”، السبت؛ وجود أكثر من 200 جثة لضحايا الاختفاء القسري، وسط الثلاث آلاف جثمان مجهول الهوية في المشارح الذين قررت السُّلطات تأجيل خطوة تشريحهم ودفنهم بسبب الرافض الواسع لها.

وبدأت كثير من الجثث المتكدسة في التحلل بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء وتحميل المشارح أكثر من طاقتها الاستيعابية.