“توباك ورفاقه” عن أي “جينوم” يصدرون؟!
الجميل الفاضل
مع كل لمحة ونفس يزداد يقيني يقينا بأننا نعيش في هذه البلاد.. ثورة فريدة من نوعها.. في عصرها، وفي محيطها.
ان مايشبه المعجزة يحدث على هذه الأرض في كل يوم، وعلى مدى ثلاثة أعوام او يزيد.
تأمل.. فمن بين اصبعين من أصابع الفتي الصلد “توباك”.. لوح بهما من على سلم سيارة الاحتجاز، تفجرت في الناس امس شلالات من مشاعر مفعمة بالحزن والفرح، والحسرة والفخر.. تداعت كالسيل المنهمر، جملة واحدة ودون مقدمات، لتكسر حصار البنادق التي تحرس “توباك” ورفاقه الثلاثة.. في تفاعل ثوري هستيري نادر الحدوث في اي مكان.
انتصر فيه المحاصرون لقاعة المحكمة معنويا على الاقل لفرسانهم الاربعة المتهمين، ولانفسهم التي لا تقبل ان يكون ايا من “تروس” و”مكنات” ثورتهم السلمية محل شك واتهام.
هو انتصار معنوي كبير بلا شك، انعكس على روح الفتية الذين تهللت وجوههم، وانفرجت اساريرهم، بل ولم يستطيعوا رغم صعوبة الظرف، ووحشة المكان، وخطورة الاتهام.. مقاومة
ان تفتر افواههم بابتسامة عريضة تنم عن استهانة بما يجري حولهم، او ما يراد بهم، أو أنها ابتسامة تعبر عن ثقة عالية بالموقف والنفس، أو عن رضا على الأقل بما ابداه مناصريهم من تضامن معهم.
اذن هو انتصار معنوي بطعم خاص.
لان الهزيمة – اي هزيمة – تنشأ اصلا وتبدأ من داخل النفس، لا من خارجها.
إذ أن الهزيمة النفسية، هي الهزيمة الحقيقية، وبالطبع فالمهزوم نفسيا يمكن ان يسقط سيفه من يده قبل أن يبدأ المواجهة فعليا مع خصمه.
ولذا يذهب رجال الحرب النفسية للتسلل بحيل مختلفة الي داخل عقل الخصم لزعزعة ثقته بنفسه، وبامكانية بلوغ أهدافه، ثم بنشر بذور الشك والتردد والخوف فيه، ليتركونَه في النهاية جثة هامدة بلا حراك.. عضلاته لا تطاوعه، وقدراته لا تنطلق، لفقدانها من الداخل حوافزها ودوافعها.
المهم فإن الصراع الماثل الان بين قوي الثورة الحية، وقوي الثورة المضادة لها، هو في الحقيقة صراع ارادات، يسعي الطرف الذي يمتلك أدوات السلطة والقوة فيه لتطويع إرادة الناس بحيل مخاتلة ناعمة، لو انها عجزت.. تولي سلاحه من بعد مهمة اخضاعهم بالنار.
بل تتنوع طرائق تطويع الارادة، أو كسرها في مثل هذه الصراعات، وتتخذ عدة صور واشكال من أساليب وانماط للترهيب والترغيب.
لكن يظل تحطيم المعنويات، وكسر الارادات، اخطر وسائل الأنظمة المستبدة للحفاظ على سلطتها ولاستمرار حكمها.
وبدا لافتا امس تجلى “توباك” ومن معه مطلا من سيارة الشرطة، و من جوف قفص الاتهام.. في صورة من رباطة الجأش، والتماسك والثبات.. صورة تعكس نضجا يفوق أعمار المتهمين الأربعة الصغيرة بمراحل، بما يثير في الاذهان سؤالا كبيرا فحواه باختصار.. (عن اي “جينوم” يصدر هؤلاء؟).
لام.. الف
سرقت دموعنا يا ذئب
تقتلني وتدخل جثتي وتبيعها
اخرج قليلا من دمي حتى يراك الليل اكثر حلكة
وأخرج لكي نمشي لمائدة التفاوض واضحين
كما الحقيقة
قاتل يدلي بسكين
وقتلي يدلون بالاسماء
محمود درويش
حالتي
اشهد الا انتماء الان
الا انني في الآن لا