كيف استطاع العسكر تسخير الاتحاد الأفريقي في عملية يونيتامس لإضفاء الشرعية على انقلاب ٢٥ اكتوبر
خالد مختار سالم
عندما أعلن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان ورئيس بعثة يونيتامس ، فولكر بيرتز تدشين مبادرة الأمم المتحدة التي تدعو الي عملية سياسية بعد انقلاب 25 أكتوبر المشؤوم في ٨ يناير ٢٠٢٢ ، تفائل الكثيرون حيال ذلك ، باعتبارها قد تشكل بصيص أمل في استعادة مسار التحول الديمقراطي المدني في السودان. تم النظر الي هذه العملية على أنها تعبير ملموس عن التزام المجتمع الدولي والأمم المتحدة تجاه عملية التحول الديمقراطي في السودان بالأفعال وليس الأقوال فقط. كان الهدف المنشود من مبادرة الأمم المتحدة هو وقف استمرار الانقلاب وعكس مساره نحو انتقال ديمقراطي مدني بشكل توافقي. جاء ذلك بعد فشل العديد من المبادرات المحلية التي لم تكتسب زخما كافيا وأدت في النهاية إلى استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وأكدت الاستقالة ، التي تم الترحيب بها شعبيا بشكل واسع ، وفاة اتفاق 21 نوفمبر ، ورفض السودانيين القاطع لقبول سلطة الانقلابيين وحكمهم. ومع ذلك ، وبعد أكثر من أربعة أشهر من إطلاق تلك المبادرة ، يبدو أنها لا تزال في المربع الأول وتتحرك فقط في مسار دائري. تبدو العملية الان مثال فعلي لمقولة لينين في وصف تأثير العقبات التنظيمية في إعاقة أي عمليات سياسية ؛ خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف.
كانت العقبة التنظيمية الرئيسية التي أعاقت المبادرة ودفعت بها إلى الوراء ، هي درس لم تتعلمه الأمم المتحدة من تجربة العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد). على الرغم من إعلان يونيتامس نهاية المرحلة الأولى من العملية السياسية في 14 فبراير ، وإصدارها لتقرير ضافي ، لقي ترحيبا معقولا من قبل السودانيين ، يلخص نتائج المشاورات الواسعة التي أجرتها مع مجموعة كبيرة من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في السودان ، الا انها لم تتمكن بعد من الإعلان عن بدء المرحلة التالية من العملية السياسية. والسبب الرئيسي لذلك هو أن يونيتامس لم تعد وحدها التي تقرر كيفية تنفيذ مهامها. فالعملية السياسية الآن لا تقوم على امرها بعثة يونيتامس ، بل آلية ثلاثية الأطراف تضم منظمة الايقاد والاتحاد الأفريقي.
تظهر عبثية هذا الموقف في الوقت والجهد الضائعين في في التركيز على الأدوات بدلاً عن الأهداف. لقد كانت بعثة يونيتامس هي الإطار السياسي الذي طلب السودانيون أنفسهم من الأمم المتحدة (وليس من الاتحاد الأفريقي أو الايقاد) إنشاؤه من أجل المساعدة في الانتقال السياسي في بلادهم. وهذا يشمل بداهة مواجهة مثل هذه الظروف الانقلابية الحالية للمساعدة في حماية الانتقال السوداني من التقهقر والانتكاس. في عالم مثالي ، كان من الممكن أن تكون مثل هذه الالية مثالًا رائعًا للتعاون الدولي والإقليمي لدعم الديمقراطية وحقوق وتطلعات الشعوب ، ولكن يبدو أن القيادة الحالية للاتحاد الأفريقي لديها نوايا أخرى في هذا الملف وذلك عبر أجندة عملت باستمرار على تحويل آليات الاتحاد الأفريقي من منظمة للشعوب الافريقية إلى نادٍ للطغاة يدعم ازدهار الاستبداد ، ويسمح للطغاة في إفريقيا بتقديم الخدمات الي بعضهم البعض. وقد أصبح هذا أكثر وضوحا في الوضع السوداني الحالي ، حيث يستخدم الانقلاب اجهزة الاتحاد الأفريقي الحالية لاكتساب الشرعية.
استخدمت قيادة الاتحاد الأفريقي بند حول مبدأ تفريع السلطات في ميثاق الأمم المتحدة بشكل يناقض الإرادة السياسية الواضحة للشعب السوداني. جاء استخدام هذا المبدأ على عكس ما فعلته القيادة الحالية للاتحاد الافريقي في عام 2019 ، عندما اختطف نفس الأشخاص في قيادة الاتحاد الأفريقي مبادرة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والتي كان يفترض ان تتم عبر منظمة الايقاد ، بدعوى علو تفويض الاتحاد الأفريقي على الدول الأعضاء والايقاد [1]. استخدمت مفوضية الاتحاد الأفريقي جميع وسائل الخطاب المنطوي على مركزية أفريقية وكراهية الاخر لمطاردة الأمم المتحدة وإجبارها على أن اعتماد الاتحاد الافريقي شريكًا بحسب إطار عمل معقد مكلف بتيسير العملية السياسية السودانية. لقد كان الامر مثالا واضحا في تبني تكتيكات انطوائية معادية للمؤسسات الدولية بغرض خدمة المصالح الشخصية لاشخاص في قيادة الاتحاد الافريقي وبتجاهل تام لخيارات السودانيين في شئونهم وشئون بلدهم.
وقد تواترت التقارير أنه بعد قيام بعثة يونيتامس بابلاغ الاتحاد الأفريقي عن نوايا الأمم المتحدة لبدء عملية سياسية في السودان ، وحتى قبل إعلانها، اتصل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي السيد موسى فكي عدة مرات وبشكل ملح بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والذي كان من المقرر له اعلان مبادرة العملية السياسية، من أجل ايقاف الأمم المتحدة من اعلان هذه العملية. ونجح هذا الابتزاز في إجبار الأمين العام على التخلي عن إعلان العملية السياسية من مقر الأمم المتحدة وتحويلها إلى ممثله الخاص في الخرطوم. كما كان لهذه الضغوط تأثير مريع داخل مقر الامم المتحدة على تقديم الدعم الكامل للجهود السياسية لبعثتهم في السودان وفتح الباب أمام مساحة إضافية للاتحاد الأفريقي لتقويض جهود المساعي الحميدة ليونيتامس في السودان وضمان التأثير على توجهاتها. ولاحقا تفاقم هذا الامر بسبب الحرب في أوكرانيا التي لم تترك مساحة للمنظمة الاممية للتركيز على اي قضايا أخرى.
وبالطبع خدم هذا أجندة الانقلابيين العسكريين بشكل جيد. اذ انهم لم يرغبوا في عملية ذات وزن ثقيل تحظى بدعم واشراف وضمان دولي على مستوى قيادة الأمم المتحدة. بدلاً من ذلك، فضلوا عملية محلية لا تملك نفوذا كافيا، بما يمكنهم من التلاعب بها، مع مشاركة تجميلية فقط من الخارج بشكل يمكن أن يعطيها نوعًا من الشرعية. وهو ما حصلوا عليه بفضل موسى فكي.
لم يكن خافيا على الأوساط السياسية السودانية العلاقة الوثيقة لمعسكر الانقلابيين باستدعاء الاتحاد الأفريقي للتدخل في العملية السياسية. وقد واصل الانقلابيون المدنيون الممثلون في ائتلاف الميثاق الوطني التأكيد في تصريحاتهم على أنهم لا يريدون سوى الوساطة الأفريقية. لكن الرابط العضوي أصبح واضحًا للغاية عندما تدخلت السلطات للضغط على يونيتامس لإلغاء مؤتمرها الصحفي [2] للإعلان عن انتهاء المرحلة الأولى من المشاورات وإصدار تقريرها الموجز ، بناءً على طلب مباشر من المبعوث الأفريقي: ولد لبات.
اكثر من ذلك ، قامت الأوساط الإعلامية المؤيدة للانقلاب، والتي شهدت النجاح الكبير لتكتيك الاتحاد الأفريقي في الابتزاز باستخدام خطاب الزينوفوبيا وكراهية الأجانب ضد الأمم المتحدة في الاستمرار باستخدام تكتيك مماثل ضد يونيتامس دون ذكر المنظمتين الثانيتين حتى بعد انشاء الالية الثلاثية. خلال الأشهر القليلة الماضية ، شنّت المنابر الحكومية الرسمية وكبار المسؤولين الحكوميين ، بما فيهم رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان ، هجماتهم ضد بعثة الأمم المتحدة والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرثيس ، دون اي ذكر للمبعوثين الآخرين من الاتحاد الأفريقي والايقاد، واتهموا الأمم المتحدة بالتدخلات الأجنبية وتجاوز الخطوط الحمراء، على الرغم من أن المبعوثين الثلاثة يديرون أنشطتهم بخصوص العملية السياسية بشكل مشترك. وذهبت الصحيفة اليومية الرسمية للقوات المسلحة في 17 أبريل إلى حد اتهام الممثل الخاص للأمين العام بيرثيس بنشر الفوضى والإرهاب وبأنه نازي [3] في محاولة رخيصة لتقليد الشوفينية السياسية التي تبناها الروس في حربهم في أوكرانيا.
ونتيجة لكل ذلك ، أصبحت المبادرة السياسية الدولية الآن رهينة لدى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ، السياسي التشادي موسى فقي محمد واسيرة لطموحاته السياسية الشخصية التي يتم تنفيذها حاليا عبر رئيس هيئة موظفينه: الموريتاني محمد الحسن ولد لبات. كان لبات هو الميسر للصفقة السياسية غير المستحبة شعبيا والتي تم إجهاضها بانقلاب ٢٥ اكتوبر بين المدنيين والمجلس العسكري في عام 2019. حيث قام لبات باختطاف مبادرة رئيس الوزراء الإثيوبي ، أبي أحمد والذي كان يتولى رئاسة الايقاد حينها، بطريقة مماثلة. ومن المفارقات انه قام حينها باستخدام مبدأ تفوق تفويض الاتحاد الأفريقي على الايقاد والدول الأعضاء في ذلك الوقت، بشكل مخالف لمبدا تفرغ السلطات الذي استخدمه الان.
هذا التناقض غير المبدئي في المواقف والإجراءات لا يمكن تفسيره او فهمه الا عند النظر إلى الدوافع الشخصية لقيادة الاتحاد الأفريقي. فالسيد موسى فكي ينظر الي الأزمة السياسية السودانية بعد انقلاب 25 أكتوبر من خلال عدسات ما يحدث في وطنه تشاد. فمنذ وفاة الرئيس إدريس ديبي وتولي نجله محمد ديبي لمقاليد الحكم في تشاد، برزت طموحات فكي لرئاسة تشاد بشكل كبير. موسى فكي (62 سنة) هو سياسي تشادي مخضرم من نفس قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها إدريس ديبي. وله روابط وثيقة مع الحركات المسلحة في دارفور ، ولا سيما حركة تحرير السودان – قيادة ميناوي ، وحركة العدل والمساواة – قيادة جبريل إبراهيم حيث ان كلا الحركتين تتكونان أساسًا من قبيلة الزغاوة. وكما هو معروف فقد انحازت الحركتان منذ البداية الي تأييد معسكر انقلاب ٢٥ اكتوبر وبل شاركتا بشكل فاعل في التحضير والتخطيط له. قبل تعيينه في مارس 2017 رئيسًا لمفوضية الاتحاد الأفريقي ، عمل فكي في عهد إدريس ديبي كرئيس لوزراء تشاد من 2003 إلى 2005 ووزيرًا للخارجية من 2008 إلى 2017. وبكل هذه الخبرات المحلية والخارجية يتم بشكل مكثف مقارنة موسى فكي مع الرئيس التشادي الحالي؛ ابن ديبي الشاب وعديم الخبرة نسبيًا ، محمد إدريس ديبي إتنو (38 عامًا). ويعتبر المراقبون ان طموحات فكي الرئاسية هي أكبر تهديد حقيقي لاستمرار رئاسة ديبي الابن في الحكم [4]. موسى فكي، بكل خبرته في العلاقات الخارجية التشادية، يعرف جيدًا أنه منذ استقلال تشاد عام 1960 ، لم يصل أي رئيس إلى السلطة في انجامينا بدون دعم الخرطوم. بل أن الانقلاب الذي أوصل الرئيس السابق إدريس ديبي إلى السلطة انطلق من داخل الحدود السودانية عام 1990 بدعم مباشر من نظام البشير. كما أن فكي عضو في “حركة الإنقاذ الوطني” التي أسسها وترأسها ديبي حتى وفاته. وكذلك يدرك فكي جيدًا أن وجود اي حكومة مدنية ديمقراطية في السودان من المرجح أن تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون السياسية الداخلية للدول المجاورة. وهذا ما حدث خلال الأزمة الإثيوبية الأخيرة عندما حاول الجيش السوداني ، الذي استولى الآن على السلطة في الخرطوم ، التسرع في دعم طرف ضد آخر ، بينما قاوم ذلك المدنيون الذين كانوا في السلطة مفضلين إبقاء السودان على الحياد. وجود نظام عسكري يسيطر على الشؤون بالخرطوم يخدم بشكل مباشر طموحات موسى فكي الرئاسية. خاصة إذا كان ذلك بمثابة رد جميل لموسى فكي مقابل خدمات سابقة.
أما بالنسبة للوسيط الافريقي: محمد الحسن لبات (69 عامًا) ، وهو رئيس هيئة موظفي موسى فكي ، فلا يزال السودانيون متشككين في طريقة تعامله مع العملية السياسية ، بعد الطريقة الكارثية التي أدار بها المفاوضات عام 2019 [5]. علاوة على ذلك ، انزعج الكثيرون من نشره كتابًا عن مفاوضات 2019 بعد أشهر قليلة من اختتامها، والذي بالغ فيه بشكل كبير في دوره وكما احتوى على سرد لأحداث اقل ما يقال عنها انها مشكوك في صحتها إن لم تكن غير حقيقية تمامًا [6]. ومن غير المعروف عن الرجل (لبات) انه يؤيد الديمقراطية أو الحكم المدني بل على العكس من ذلك ، بنى لبات تاريخه السياسي في بلده (موريتانيا) من خلال الانحياز إلى حكم الانقلابات العسكرية. حيث أيد لبات انقلاب معاوية ولد سيد أحمد الطايع في موريتانيا عام 1984 ، والذي استمر في الحكم حتى عام 2005. شغل لبات منصب وزير خارجية موريتانيا في منتصف التسعينيات خلال فترة حكم ولد طايع. وينتشر اعتقاد واسع في الأوساط السياسية الموريتانية أن تعيين لبات وزيرا للخارجية كان مكافأة لع على الإفشاء عن رفاقه اليساريين الذين كان ينتمي إليهم قبل انحيازه للانقلاب وتسليمهم لسلطة الانقلاب. باختصار، الرجل الذي عينه موسى فكي بشكل غير اعتيادي للمساعدة في تسهيل استعادة المسار الديمقراطي في السودان ، ليس لديه في تاريخه السياسي ما يُظهر أنه مؤيد للديمقراطية.
منذ اليوم الأول لتنصيبه كشريك في إدارة العملية السياسية السودانية ، اجتهد لبات في دعم أجندة الانقلابيين العسكريين، مع إعطاء وزن سياسي غير مستحق لعملائهم المدنيين، سواء من التحالف الانقلابي الجديد الذي يمثله ائتلاف الميثاق الوطني، أو المخلفات السياسية من فلول النظام السابق ، مثل التيجاني السيسي ومبارك الفاضل.
الأمر الأكثر غرابة في الشراكة القسرية التي جاءت بالاتحاد الأفريقي في العملية السياسية السودانية، هو أن موسى فكي أصر على إخراج ملف السودان من أيدي مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي ، وهو الهيئة المسؤولة عن حل الخلافات السياسية في الاتحاد الأفريقي ، وانتزع الملف من المفوض السياسي السيد بانكولي اديوي ، وهو دبلوماسي نيجيري محنك انتخبته الدول الافريقية الأعضاء لهذا المنصب، وقام بتسليم الملف إلى رئيس هيئة موظفينه ذي التاريخ المثير للجدل، ولد لبات. حدث هذا على الرغم من أن مجلس السلم والامن الافريقي لديه آليات وظيفية نشطة في التعامل مع الشؤون السودانية ، مثل لجنة الحكماء [7] ولجنة التنفيذ رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي للسودان (AUHIP) [8]. وتتضمن الآليتين قادة أفارقة محترمين يتمتعون بقدر كبير من الخبرة والمعرفة والتدخلات السابقة المؤيدة للديمقراطية في السودان مثل رئيس جنوب إفريقيا السابق ثابو مبيكي والرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو. إنه تناقض لا يمكن تفسيره إلا بالنظر إلى المصالح الذاتية لموسى فكي في التعامل مع الوضع السوداني.
يمكن لأي شخص ينظر الي طريقة إدارة العملية السياسية الحالية في السودان مؤخرًا أن يرى بوضوح تأثير تعدد مراكز اتخاذ القرار واختلاف التوجهات حول إدارة العملية السياسية. لقد تحوّل هدف العملية السياسية ومسارها تدريجياً من معالجة أسباب الانقلاب ووقف استمراره وعكس مساره ، إلى معالجة وحل المشاكل الناجمة عن الانقلاب وحماقة العسكريين الذين ارتكبوه. الأهداف الأربعة للعملية السياسية التي أعلن عنها سفير الاتحاد الإفريقي في السودان محمد بلعيش في 12 أبريل / نيسان ٢٠٢٢ بعد لقائهم برئيس مجلس الانقلاب عبد الفتاح البرهان ، يمكن تلخيصها في تمكين وتدعيم الانقلاب، بدلا من مخاطبة المشكلة الحقيقية المتمثلة في التدخل غير الدستوري للجيش في السياسة، وقيام العسكر بطرد من لا يحبذونهم وتنصيب من يمكنهم السيطرة عليهم في المناصب الدستورية والسياسية كما يحلو لهم.
انه لامر محزن أن القيادة الحالية للاتحاد الأفريقي تقوم بتسخير مؤسسات الاتحاد الافريقي للعب دور المحلل في إضفاء الشرعية على انقلاب ٢٥ اكتوبر بعد ثورة ملهمة مثل تلك التي حدثت في السودان. ثورة كان من الممكن أن تكون مثالاً عملياً لتأسيس الديمقراطيات الشعبية في إفريقيا في القرن الحادي والعشرين. يجب على المجتمع الدولي والدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي ألا يقعوا في فخ الاستسلام لهذا الوضع المشوه الذي لا يخدم أي غرض سوى المصالح الشخصية لعدد قليل من قادة الاتحاد الأفريقي. من أجل حماية جهود الآلية الثلاثية من عملية الاختطاف التي تقوم بها قيادة الاتحاد الأفريقي والتي تخدم فقط مصلحة تعزيز الانقلاب، هناك ضرورة إلى إنشاء لجنة دولية متنوعة لتقديم المشورة والاشراف على توجيه العملية. ويجب أن تضم هذه اللجنة شخصيات قوية ومحترمة و مؤيدة للديمقراطية من إفريقيا وخارجها، وان تشمل المشاركة المباشرة للمبعوثين الدوليين الذين لن يعكسوا التزام بلدانهم بدعم الديمقراطية في السودان فحسب، بل سيعطون العملية وزنًا ونفوذًا أكبر ويخفف من محاولات استخدام العملية السياسية في السودان لخدمة مصالح ذاتية لا علاقة لها بالثورة السودانية وتطلعات الشعب السوداني إن لم يُلغها تمامًا.
أحد تعقيدات الانقلاب الحالي في السودان هو أن العديد من الدول الإقليمية المجاورة كانت لهم بصماتهم في التخطيط له وتنفيذه. الآن ومن أجل حل الأزمة السياسية التي أحدثها الانقلاب ، يجب إزالة جميع المصالح الأخرى غير المتعلقة بالسودان وتطلعات شعبه من هذه العملية. إن شعارات الثورة السودانية متمثلة في الحرية والسلام والعدالة ، هي شعارات يجب دعمها وتبنيها وحمايتها رغم كل الظروف والتحديات ، ليس فقط في السودان ، بل في جميع أنحاء إفريقيا والعالم.
المراجع:
[2] https://sudantribune.net/article255785/
[3] https://sudantribune.com/article257773/
[6] https://www.alnilin.com/13139086.htm/amp