السودان يتمسك بمغادرة (يوناميد) ويكشف عن تأييد أفريقي واسع للخطوة
الخرطوم 17 ديسمبر 2015 ـ جدد السودان تمسكه بمغادرة قوات حفظ السلام المشتركة من إقليم دارفور، وعدها ضرورة يستوجبها الاستقرار الذي يشهده الاقليم الواقع غربي البلاد، وكشف عن تلقيه تأييدا واسعا من دول أفريقية تدعم موقفه الرافض لاستمرار تواجد القوات في الاقليم.
وقال وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، إن خروج البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة “يوناميد”، بات ضرورة، لافتا إلى أن “ولايات دارفور تشهد حاليا عودة للنازحين، ومشروعات تنموية كبيرة، فضلا عن الأمن”.
وقال غندور، في تصريحات شاملة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، بثتها الخميس، إن هذه التطورات الإيجابية في ولايات غرب السودان تتطلب خروج البعثة الأممية باعتبار ذلك حق سيادي للسودان، لافتا إلى أن بلاده تسعى للحصول على هذا الحق بتوافق الآراء، وأوضح في الوقت ذاته أن “البعثة إفريقية وأممية، ونحن أعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، نريد خروجها بتوافق الآراء، لأن هذا حقنا السيادي ولم نتخلى عنه ونتابعه باستمرار”.
وشدد غندور على أن الاتحاد الإفريقي يؤيد السودان تماما في هذا الأمر، كاشفا أنه زار 14 دولة إفريقية حمل فيها رسائل من الرئيس البشير، أكدوا جميعهم وقوفهم مع الخرطوم.
وأضاف “في القمة الأفريقية الصينية الأخيرة التقى النائب الأول للرئيس السوداني بعدد من الرؤساء كلهم أكدوا تضامنهم مع السودان في هذا الأمر، حتى الأمم المتحدة ومسئول قوات حفظ السلام (يوناميد)، ونائب الأمين العام والأمين العام للأمم المتحدة، أكدوا أن هذا حق السودان، ولكن مجلس الأمن وضع بعض المؤشرات يريد أن يطمئن عليها ونحن لنا رؤية فيها، والآن نتحاور حول هذه المؤشرات”.
وبيّن غندور، أن بعثة السلام لدى أي دولة يُقر وجودها بتوقيع الطرفان وجزء من هذا الاتفاق هو الاتفاق على كيفية خروجها.
وأضاف “أبلغت ذلك للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عندما التقيت به في فبراير الماضي، وقلت له نفس الأمر، عندما كنت في اجتماعات الأمم المتحدة على هامش هذه الاجتماعات، ثم التقيت وفي اجتماع ثلاثي عالي المستوى مع نائب الأمين العام للأمم المتحدة نانو ألياسو، ونائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي باعتبارها الضلع الثالث في هذه القضية”.
وأوضح غندور، أن هناك لجنة ثلاثية توصلت إلى تفاهمات كبيرة، وهذه اللجنة للأسف توقف عملها بسبب قرار من مجلس الأمن، مشيرًا إلى أننا اتفقنا الأن على أن يتم تكوين آلية جديدة للجنة، ولكن على أن تبدأ من حيث انتهت الآلية الأولى.
في سياق أخر أكد غندور، أن اشتراك بلاده في (عاصفة الحزم) يأتي من منطلق واجب عربي من أجل استعادة الشرعية إلى اليمن ، ولا علاقة له بالخلاف مع إيران (التى تدعم المتمردين الحوثيين في اليمن)، لافتا إلى أن “خلاف السودان مع ايران ظل في حدود إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية في البلاد بعد تجاوزها حدود الصلاحيات الممنوحة لها”.
وقال الوزير إن هناك “قرارا عربيا بالالتزام بإعادة الشرعية في اليمن، والسودان بانحيازه هذا هو انحياز لقرار عربي لإعادة الشرعية والذي نتمنى أن يكون نموذجا يحتذى في أي حالات عربية مماثلة”.
وأضاف أن اشتراك السودان في عاصفة الحزم “هو التزام عربي أكثر منه قرار وطني آحادي، ومن الممكن أن يحدد مسار العمل العربي المشترك مستقبلا”.
وكشف أن الخلاف السوداني مع إيران لم تكن له علاقة “بعاصفة الحزم”، وبدأ مع ممارسات للمراكز الثقافية الإيرانية بولايات السودان، وتجاوزها لما منح لها من صلاحيات وممارسة عملها داخل السودان، موضحا أن قرار علاقاتنا مع إيران لم يتجاوز إغلاق هذه المراكز، وهذا يعني ان هناك إشكالية في العلاقة، برغم من استمرار أعمال السفارة الإيرانية بالخرطوم والسفارة السودانية في طهران”.
وتابع غندور بالقول “إن عاصفة الحزم جاءت بعد ذلك نتيجة لتفاهمات بين العاهل السعودي الملك سلمان والرئيس عمر البشير، وبعدها كان هناك قرار عربي شامل، وهو الالتزام بإعادة الشرعية في اليمن”
وأشار إلى أن “السودان بانحيازه هذا ينحاز لقرار عربي لإعادة الشرعية، والذي نتمنى أن يكون نموذجا يحتذى في أي حالات مماثلة مستقبلا بالمنطقة العربية”.
العقوبات والعلاقات مع الغرب
وأكد الوزير السوداني، تمسك بلاده بالحوار مع الغرب على كافة المستويات، على الرغم من استمرار العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على الخرطوم منذ أكثر من ربع قرن، وما ترتب عليها من آثار وأضرار إنسانية.
وقال “تواصلنا مع الغرب لأننا نؤمن بالحوار، مع الذين يختلفون معك قبل الذين يتفقون معك، وبدأنا حوارا مع الغرب منذ فترة طويلة، وكان هذا الحوار يتم على مستوى مبعوثين رئاسيين، ثم على المستوى الفنى ثم المستوى السياسى”.
وأضاف “الحوار تحول الآن إلى حوار بين مسئولين فنيين حول ملفات بعينها، والآن مضى أيضا إلى مستويات الحوار بين السياسيين، حتى وصلنا إلى (تفاهمات)”.
مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على ضرورة أن تكون لدينا خارطة طريق للوصول إلى ما يمكن أن نسميه “علاقات طبيعية”.
وأوضح أنه ما زال أمام الغرب والسودان “طريق يجب أن نمضي فيه قبل أن نقول أننا وصلنا على تطبيع كامل”.
وكشف أن السودان مازال يخضع لقرار حصار وعقوبات أحادية، وعلى الرغم أنه قرار أحادي فرضته الولايات المتحدة ، لكنه مفروض على دول أخرى بقوة أميركا الاقتصادية والعسكرية والسياسية وتأثيرها على العالم، وأصبح أشبه بحصار دولي ناتج عن قرار آحادي، ولكن تطبقه الدول الأخرى على الرغم من أنه آحادي .
وأضاف”نحن لا نرى مبررا مقنعا وسنستمر في الحوار على أي حال باعتباره الطريق الوحيد للوصول لنتائج”.
وقال الوزير السوداني إن تقييم علاقات أي دولة “يقاس أولا بعلاقاتها بجيرانها، وهدف السودان الأول في علاقاته الدولية هو الوصول بالخلافات إلى درجة (صفرية) أي علاقات بدون مشاكل أو خلافات مع جيرانه”.
وأضاف “نعمل على تحسين وتطوير هذا الوضع ونحاول أن نعطيه البعد الشعبي، لأنه الأبقى دائما، حتى إذا اختلفت السياسات الحاكمة تحت أي ظرف بين الدول فإن البعد الشعبي سيعيدها إلى مسارها الصحيح، والبعد الشعبي سيحافظ دائما على ما يمكن أن نسميه “شعرة معاوية”.
الحوار الوطني
وأفاد غندور ان “الحوار الوطني” فى البلاد وصل الى توافقات بنسبة 75%، في مختلف القضايا السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية.. ومن اهمها بناء الثقة واعلاء المصلحة العليا للوطن وتحقيق الامن والاستقرار ووحدة الكلمة والصف.
وقال أن الحوار بدأ ساخنا جدا باتهامات متبادلة، وكان بعض المشاركين يحمل السلاح، والبعض لا يثق في الأخر، مشيرا الى ان الجميع اكتشف من خلال الحوار المباشر أن القضايا المختلف حولها ليست كبيرة، وليست بالتعقيد الذى كان متصورا من قبل، وحلت لغة التفاهم تدريجيا محل الاتهامات، والنقاش محل السلاح.
وتابع غندور ان قضية الحوار الوطني بالبلاد انطلقت من داخل حزب المؤتمر الوطني “الحاكم” بعد موجة ثورات الربيع العربي، والصورة كانت واضحة جدا للقيادة السياسية، بأن السودان ليس بعيدا عن أي حراك شعبي عربي، أو مطالبات بالتغيير أو تحسين الأوضاع، وقضية الإصلاح.