وفود اتحادية تصل الضعين للتهدئة والتحقيق في معارك الرزيقات والمعاليا والحكومة تقر بخلل أمني
الخرطوم 12 مايو 2015 ـ وصل فريق من الحكومة الاتحادية إلى عاصمة ولاية شرق دارفور الضعين، للتحقيق في تجدد مواجهات بين الرزيقات والمعاليا أسفر عن مقتل وإصابة المئات، كما وصل وفد رسمي وشعبي لتهدئة الموقف، واعترفت الحكومة بأن تجدد القتال بين القبيلتين يمثل خللا أمنيا، وبينما منعت الشرطة صحفيين من تسليم مذكرة للقصر الجمهوري للفت الانتباه للصراع القبلي، أبدت قوى معارضة أسفها للأحداث.
وعقد النائب الاول للرئيس السوداني بكري حسن صالح اجتماعا طارئا، الثلاثاء، ضم وزيرا الدفاع والداخلية والمدير العام لجهاز الامن والمخابرات لبحث تداعيات المواجهات القبلية بدارفور
وطبقا لمتابعات “سودان تربيون” فإن لجنة تحقيق اتحادية مشكلة من قيادات أمنية وعسكرية وصلت، صباح الثلاثاء، إلى الضعين، ودخلت في اجتماع مطول مع لجنة أمن الولاية، في محاولة لتدارك الموقف، حيث بدأت الحكومة ترتيبات لإرسال تعزيزات عسكرية ضخمة للحيلولة دون تجدد القتال بين الطرفين.
وقال وزير الخارجية علي كرتي، للصحفيين، إن تجدد القتال يمثل خللا امنيا كبيرا ، لا يساعد في الحديث عن استتباب الأمن في دارفور.
وأضاف “هذه الحالة تشكل وضعا لا يساعد في الحديث أن الأمن مستتب بدارفور وتشكل نقطة الى الخلف”، بيد أنه أكد مقدرة القوات المسلحة والأمن والشرطة على السيطرة على الموقف.
وكشف مساعد الرئيس السوداني، نائب رئيس المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم غندور، عن توجه وفد سياسي وشعبي من المركز لولاية شرق دارفور لإنهاء النزاع القبلي هناك.
وحذر غندور في تصريحات صحفية، الثلاثاء، في رد على سؤال حول وجود اتهامات لمسؤولين اتحاديين بالضلوع في تأجيج النزاع القبلي بالولاية، من الإنسياق وراء اتهامات لا أسانيد لها، قائلا: “من لديه دليل فهذا مدعاة لأقصى أنواع المحاسبة لكننا لا ننساق وراء اتهامات لا أسانيد لها”.
وحول جهود الحزب فى إنهاء الاقتتال القبلي بشرق دارفور أوضح غندور أن لجنة من الأمانة المعنية ظلت ترابط بالولاية لأكثر من شهر مؤكدا دورها في تخفيف الاحتكاكات.
ونبه إلى استمرار المتابعة الشخصية من الرئيس عمر البشير لجهود معالجة الصراع بشرق دارفور، مبينا أن اللجنة العليا برئاسة النائب الأول للرئيس وعضوية نائب الرئيس ومساعد الرئيس ووزراء الدفاع والداخلية وجهاز الأمن، التي أشرفت على مؤتمر مروي بين الرزيقات والمعاليا، اتخذت إجراءات إحترازية خففت من آثار الاشتباكات الأخيرة.
وإعتصم صحفيون ضمن مبادرة “صحفيون ضد العنف القبلي” أمام القصر الجمهوري بالخرطوم للتنديد باستمرار المواجهات القبلية في دارفور، وحاول الصحفيون تسليم مذكرة للقصر لكن الأجهزة الأمنية طلبت منهم التفرق بحجة عدم حصولهم على إذن.
ونعى الصحفيون السودانيين أقرباء لزملاء لهم سقطوا خلال معارك المعاليا والرزيقات، يوم الإثنين، حيث فقد الصحفي بصحيفة “التيار” عبد الله اسحاق إثنين من أشقائه، كما قتل شقيق الصحفي في “أول النهار” علي فضل المولى، وشقيق الصحفي بصحيفة “السوداني” محمد حمدان، فضلا عن مقتل أقرباء للصحفي عبد الرحمن العاجب.
إلى ذلك أدان الحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد تجدد الصراع بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا وناشد عقلاء القبيلتين لتحكيم صوت العقل وضبط النفس.
وقال الحزب في بيان إنه يراقب بمنتهى القلق تطورات الصراع الدامي في دارفور وتنوعه المريب بين مكونات أهل الإقليم، “ما يشي بضلوع أيادٍ وأصابع خفية لها مصالح آنية ومستقبلية تعمل بقوة لإشعال حريق لا يبق ولا يذر الغرض منه تفريغ دارفور لقادمين جدد”.
وتأسف الحزب الاتحادي الموحد على أن هذا المخطط يجري تنفيذه تحت سمع وبصر الحكومة “التي أصبح عجزها واضحا وضوح الشمس في حماية المواطن والوطن من الأمراض القَبَلية والجِهوية والتي إتخذت طابعا عنصريا”.
واقترح سن تشريعات تردع النزعات العنصرية التي تتفشى في المجتمع بصورة تكاد تجعلنا نرتاب أنها تجد الرعاية والحماية من النظام”.
وطالب القوى السياسية الساعية للتغيير وفي مقدمتها هيئة قوى الإجماع الوطني بأن تضع الأمر في مقدمة أولوياتها وهي تتدارس السياسات البديلة، ودعا السياسيين والإعلاميين والمثقفين والشباب من الجنسين لقيادة حملة إعلامية شاملة لإحلال السلام والتعايش السلمي بين قبائل دارفور.
كما تأسف تحالف قوي الاجماع الوطني المعارض، في بيان تلقته “سودان تربيون”، لأحداث العنف بين المعاليا والرزيقات ودعا العقلاء من القبيلتين لتحكيم صوت العقل ووقف نزيف الدم بين الجانبين من أجل اعادة الاستقرار للمنطقة.
وحمل تحالف المعارضة النظام مسؤولية النزاع الدائر الآن بتغذيته النعرات العنصرية وإعلاء القبلية على المواطنة التي هي أساس الواجبات والحقوق، وترك السلطة السلاح بأيدي المواطنين ودعم طرف على الآخر بما يخدم أهدافها في تقسيم وتشظي السودان.
ورأى التحالف النزاع الدائر بين الأطراف “صراع عبثي يعمل على إطالة عمر النظام”، ودعا الى تحرك كل الحادبين على مصلحة الوطن لوقف النزاع والحرب بكل أطراف البلاد.
وأعربت حركة “الإصلاح الآن” عن بالغ قلقها إزاء التوتر المتصاعد في ولاية شرق دارفور والذي وقعت على أثره أمس معارك ضارية بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا راح ضحيتها الأبرياء وهلك الحرث والنسل.
وأبدت الحركة، في بيان، تخوفها من تمزق النسيج الاجتماعي وتفكك لحمة السودانيين بفعل تفشي ثقافة العنف وتغليبها على الحوار والتعايش السلمي الذي كان ديدن أهل دارفور بجميع مكوناتهم الاجتماعية والقبلية.
وحثت حركة “الإصلاح الآن” زعماء وأبناء القبيلتين على تحكيم صوت العقل وممارسة أقصى درجات ضبط النفس حقنا للدماء والإنخراط في حوارٍ مجدٍ من شأنه تسوية الخلافات وطي صفحة الإحتراب والامتناع عن أي من الأفعال التي من شأنها إذكاء أوار الحرب.
وحملت الحركة الحكومة المسؤولية بسبب سياساتها التي عمقت الصراع في دارفور وطالبتها بتحمل مسؤوليتها في العزل بين الطرفين وحقن دماءهم، واتخاذ السياسات التي تعزز السلام وتجنب التفرقة ونشر الخلاف والصراع بين المواطنين.
ويعد النزاع بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا من أطول النزاعات القبلية بإقليم دارفور حيث أندلعت أول شرارة له في العام 1966 بسبب الصراع حول أراضٍ “حاكورة” يدعي الرزيقات ملكيتها، بينما يتمسك المعاليا بأحقيتهم في الأرض.
وأخذ الصراع بين الطرفين منحىً أكثرة عنفا وحدة بعد اكتشاف النفط في المناطق المتنازع عليها.
ونزح 120.000 من المدنيين في هذه المنطقة نتيجة للنزاع القبلي الذي اندلع في اوائل شهر اغسطس من عام 2013.
وخلف الصراع الدائر بين الرزيقات والمعاليا في يوليو من العام الماضي أكثر 600 قتيل بالاضافة الى إصابة ما يقارب 900 جريح بين الطرفين، فضلا عن نزوح أكثر من 55,000 ألف نازح الى محليات “عديلة وأبوكارنكا”.