Friday , 26 April - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

جرائم شرطة ابو طيرة فى نازحى دار فور تحت سمع وبصر “اليوناميد” وحكومة شمال دار فور

بقلم محمد بشير ابو نمو
[email protected]

عندما يسمع الناس عن لفظ الشرطة او البوليس فى كل بلاد العالم ، يحس السامع بالامن والطمأنينة الا فى سودان الانقاذ وخاصة فى دار فور . لفظ الشرطة الان فى دار فور كلمة مخيفة ترتعد لها الفرائص لان الشرطة هناك تمارس عمل العصابات المسلحة ضد المدنيين العزل ، وقد يستغرب الناس من غير اهل دار فور ومناطق الحروب الاخرى فى السودان ، ان الناس العاديين فى قراهم واسواقهم فى دار فور يهربون للنجاة بانفسهم بمجرد ظهور الشرطة السودانية وخاصة ما يسمى بشرطة ابوطيرة السيئة الصيت ، والمفارقة المعكوسة هى ان الناس هناك تحتفى بمقدم “المتمردين ” الى مناطقهم وقراهم وتشعر بالامان بوجودهم ، على الاقل لانه لن يكون هنالك وجود للشرطة بوجود الثوار ، وهم من يحمونهم واموالهم من سطوة الشرطة والمليشيات الحكومية ، واحداث ابوزبد الاخيرة خير مثال . وهذا الامر ليس فقط فى المناطق الريفية النائية ولكن حتى فى المدن ، لان الشرطى فى عرف المواطن فى مناطق الحرب الان ، هو من ينهب ويقتل فى وضح النهار ولا احد يحاسبه .

قصدت بهذه المقدمة لاسلط الضوء على جريمة بشعة ارتكبتها ما يسمى بشرطة ابوطيرة فى نازحى معسكر زمزم فى تخوم مدينة الفاشر قبل ايام ولكنها – اى الجريمة – مرت مرور الكرام كغيرها من الجرائم اليومية فى دار فور من القتل والنهب والاغتصاب والتى لا تثير اى اهتمام من الحكومة ، لان ابطالها دائما المليشيات التابعة لها بأسمائها المختلفة مثل شرطة ابوطيرة او حرس الحدود او مليشيا الوالى كبر وغيرها من الاسماء الكثيرة . والرواية حسب شهود العيان هى كالاتى :

اثناء انهماك بعض نازحى معسكر زمزم فى مناسبة اجتماعية فرحة ، مر شرطيان مسلحان من شرطة ابوطيرة على الجمع المحتفل ، وقد بدأ احدهما باطلاق الفاظ استفزازية و نابية تجاه الجمع ثم قال : اسمعوا يا تورابورا (لفظ شعبى يقال لثوار دار فور ) بلاش ازعاج فى المعسكر وإلا لو اى واحد قل ادبه يكون ثمنه رصاصة واحدة من كلاشى دا(اى بندقيته) !

تدخل بعض العقلاء لغرض تهدئة الاجواء و التوضيح للعسكر بأنهم فى مناسبة اجتماعية عادية ولا توجد اى مشكلة من اى نوع ، وبالتالى لا حوجة لوجودهم كشرطة وترجوهم ان يغادروا الموقع طالما ان هنالك لا توجد اى مشكلة . وفى اثناء هذا النقاش ، قال احد افراد الشرطة انه بإمكانه قتل اى عدد من الموجودين هنا دون ان يسأله احد لان اى واحد من هؤلاء يعتبر واحد من التورابورا ، وقتل التوبورا جائز لدى اى عسكرى فى دار فور ، وبعد احتدام النقاش اطلق احدهما اعيرة نارية على الجمع وتسبب الرصاص فى قتل واحد على الفور وجرح آخر ، وبعدها مباشرة هرب الجنديان بسلاحهما الى رئاستهما .

اتصل الجمع الى احدى المنظمات الخيرية القريبة من المخيم لإحضار اسعاف لنقل الجريح والقتيل الى مستشفى الفاشر ، وأثناء انشغال الناس برفع القتيل والجريح الى عربة الاسعاف فإذا بعربة من شرطة ابوطيرة بدوشكا تظهر فجأة ومسرعة وتطلق النار بكثافة وبشكل عشوائى من مدفع الدوشكا على المواطنين وعلى سيارة الاسعاف ، الامر الذى ادى الى مقتل شخص كان يساعد على ادخال الجريح والقتيل الى سيارة الاسعاف فى الحال ، بالإضافة الى تعطيل سيارة الاسعاف وجرح ثمانية آخرين ، وكانت الحصيلة النهائية لهذه الجريمة كالاتى :

القتلى :

1- محمد صالح بنات
2- احمد اسماعيل هارون
الجرحى :
1- حسن اسحاق محمد
2- جمال احمد عربى
3- خديجة موسى جمعة
4- آدم التجانى آدم
5- إتى حسن
6- عبدالله بخيت عبدالبنات
7- اثنان(2) من الاطفال لم يتسنى التأكد من اسمائهم

ردود الافعال من اليوناميد و حكومة الولاية ورئاسة شرطة ابوطيرة بالمدينة

المعروف ان البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقى “اليوناميد” هى المناطة بتوفير الامن وحماية المدنيين فى دار فور والنازحين على وجه الخصوص ، وبالتالى وجود شرطة ابوطيرة فى معسكرات النازحين يعتبر امر غير مقبول ويتعارض مع تفويض البعثة المشتركة ، ولان اليوناميد وبتسجيله للغياب من معسكرات النازحين قد تنازل عن دوره الامنى وفق التفويض ، سواء كان طوعا او كرها ، وبالتالى لا رد ولا موقف له بخصوص هذه الجريمة للأسف .

اما والى شمال دار فور “كبر” فحدث ولا حرج ، فهو رغم مسئوليته عن مجموعة من المليشيا المجرمة ، تسمى بمليشيا كبر ، والتى تمارس القتل والتطهير العرقى ضد قبائل محددة بتوجيهات مباشرة منه ، الا ان ممارسات مليشيا ابوطيرة والمليشيات الاخرى والتى تأتمر برئاسة الجمهورية مباشرة ، قد خلقت على الوالى الكثير من المشاكل داخل مدينة الفاشر فى الايام الاخيرة ، وبل احرجته امام مواطنى المدينة لان المليشيا لا تأتمر بتوجيهاته وتمارس النهب والقتل وتجارة المخدرات والخمور الحديثة والمستجلبة من خارج الحدود بلا ضوابط او قيود ، وكل ذلك فى داخل مدينة الفاشر وعلى وضح النهار و(عينك يا تاجر) ، وبالتالى اذا كان الوالى لا سيطرة له على ممارسات شرطة ابوطيرة وبقية المليشيات فى داخل عاصمته ، فانه من المؤكد لا مصلحة له ولا سيطرة على اى جرائم او تجاوزات تتم فى معسكرات النازحين خارج المدينة.

اما ادارة شرطة ابوطيرة ، ولانها شرطة غير منضبطة ويغلب على قياداتها النزعة القبلية والشحنة العدائية تجاه كل من هو نازح ، لاعتقادات خاطئة بان النازحين اينما حلوا فى دار فور هم قواعد للتمرد ، كانوا وما زالوا ، ويساعدهم فى ذلك الجهة المرجعية العليا التى يأتمرون بها ، فان التجارب اثبتت ان اعضاء هذه المليشيات هم معصومون ولا يطالهم القانون ، ولكن مجاملة وكنوع من امتصاص غضب اهل الضحايا ، يقال لهم ان المتسببين فى عمليات القتل قد تم القبض عليهم للتحقيق ، وتمر الايام ولا احد يعرف اين هم واسمائهم واين يحتفظون بهم للتحقيق دعك عن محاكمتهم ، وينسى الضحايا الامر بمرور الزمن لانهم سوف لن يجدوا بعد حين المسئول الذى يتابعون الامر من خلاله ، لانه ببساطة يقال لهم ان المسئول قد تم نقله الى جهة اخرى !

هكذا تُزهق ارواح المواطنين العزل فى دار فور من قبل المليشيات ، والمجرمون دائما معصومون من العقاب ، وهذا التراخى والتساهل مع هولاء المجرمين من قبل حكومة المؤتمر الوطنى امر مفهوم جدا للناس ، لان الحكومة الان معتمدة على حربها المعلن فى كل جبهات الحرب مع الجبهة الثورية على هذه المليشيات القادمة من وراء الحدود ، من النيجر ، مالى ، تشاد وافريقيا الوسطى . ولاعطاء مثال واحد على الاعتماد الكلى على المليشيا المرتزقة وتجاهل الجيش النظامى الرافض للقتال ، خذ مثلا قائدا مجرما مثل “حميدتى ” ، كم مرة تمرد هذا القائد الجنجويدى على القيادات العسكرية الحكومية ، فى عمليات تعتبر ابتزازا ماليا على الحكومة ، للدرجة التى دخل مع قوات الحكومة فى معارك شرسة فى اكثر من مرة ، ولكن الحكومة ترضخ فى النهاية وتسكت بقتلاها وتدفع ديات مضاعفة لقتلى القائد حميدتى بالإضافة الى المبالغ التى يطالب بها هذا المجرم وياتى فى النهاية الى احضان الحكومة حتى يوكل له مهام اخرى ارتزاقية جديدة كوجوده الان فى جنوب كردفان للقتال لصالح الحكومة ، فاذا كانت الحكومة تصرف النظر عن قتلاها من القوات الحكومية مع هذه المليشيات ، فمن باب اولى تجاهل قتلى الجنجويد من النازحين والذين لا حول لهم ولا قوة ، ولكن والحال كذلك ما المطلوب من الضحايا ؟

اقول لاهلنا النازحين ولكل ضحايا مثل هذه الاحداث فى مناطق الحرب وأناشدهم ألا يستسلموا ولا بد من الاصرار والضغط بكل السبل ليس للحصول على العدالة فى ظل هذا النظام لان ذلك من شبه المستحيلات ، ولكن للحصول على اكثر معلومات ممكنة عن هولاء المجرمين وخاصة اسمائهم واماكن اقامتهم ، لان الوضع الذى يعيشون فيه الان هو وضع استثنائى بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، وذلك مهما طال الزمن ، وانه سيجئ اليوم الذى يحتكمون فيه الى عدالة ناجزة ، وارجو الا ينسى الضحايا انه والى وقت قريب كان زعماء النازية يتم محاكمة الاحياء منهم فى مختلف دول العالم ، ولا ارى فرقا بينهم وبين هؤلاء وان يوم الحساب لآت لا محالة .

Leave a Reply

Your email address will not be published.