احتجاجات متفرقة فى الخرطوم ومواكب تشييع القتلى تتحول الى موجات غضب عارمة
الخرطوم 29 سبتمبر 2013- تجددت احتجاجات مئات السودانيين فى العاصمة الخرطوم السبت غضبا على استخدام السلطات الامنية العنف المفرط فى مواجهة محتجين على ارتفاع الاسعار وسياسات الحكومة الاقتصادية ، وتواصلت المظاهرات فى مناطق متفرقة بالعاصمة منذ الاسبوع الماضى وسط انباء عن سقوط جرحى لم يتثنى التاكد من عددهم .
واعلنت مصادر فى المعارضة السودانية عن تشكيل تنسيقية قوى التغيير من منظمات المجتمع المدنى والاحزاب والناشطين والمحامين والمعلمين وقالت ان حدها الادنى هو اسقاط النظام الحاكم ،واعلنت عزمها قيادة احتجاجات واسعة ومنظمة فى مقبل الايام لتحقيق ذات الغرض.
وتحول تشييع الطبيب صيدلى صلاح السنهورى الذى صرعته رصاصة فى صدره ليل الخميس الى ساحة غضب عنيفة وهتف مشيعوه بذهاب النظام والدعوة للحرية مع تعهدات بالمضى على درب الراحل وافتداءه بالدم ، وحوصر موكب الجثمان الذى غطى على شارع “الستين” بعربات الشرطة والامن التى اطلقت الرصاص على المشيعين بعد انتهاء مراسم الدفن واصيب شقيق الشاب القتيل بجراح نقل على اثرها الى مستشفى “رويال كير”.
ونعى ناشطين على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك” السبت التشكيلى “مصعب مصطفى ” الذى توفى متاثرا باصابته التى تعرض لها الاربعاء الماضى اثر اختراق رصاصة لجسده .
كما شيع اهالى بضاحية شمبات بالخرطوم بحرى فى مشهد مهيب الشاب “منتصر” الذى اغتيل بالرصاص الجمعة ، وتحول الموكب الى مظاهرة عارمة ،.
كما خرج متظاهرون فى ضاحية برى والسوق المركزى ونظيره المحلى علاوة على سوبا احتجاجا على الاوضاع الاقتصادية بينما تواصلت الاحتجاجات فى منطقة امبدة بامدرمان التى حلقت فيها مروحية عسكرية على علو منخفض.
واصيبت الحركة فى اغلب مناطق العاصمة بالشلل التام وبدت الطرقات خالية فيما اغلقت غالب المحال التجارية ابوابها، وانتشرت بكثافة ايضا سيارات الشرطة والقوة الامنية التى ظلت تجوب الشوارع الرئيسية حاملة عشرا ت الجنود المدججين بالسلاح والغاز المسيل للدموع والهراوات.
وقالت الشرطة السودانية، إن جهة مجهولة اطلقت أعيرة نارية في مواجهة مجموعات من المتظاهرين في محليات الخرطوم وبحري وكرري وأمبدة، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص خلال احتجاجات الجمعة، مؤكدة أنها تجري تحقيقيات لمعرفة الجهة المعنية.
وأكدت الشرطة ـ في بيان السبت ـ هدوء الأحوال الأمنية واستقرارها بكافة ولايات البلاد، وأن الحياة تسير فيها بصورة طبيعية.
وجددت مناشدتها للمواطنين، بعدم الالتفات للشائعات والتحريض ودعوات المشاركة في التظاهرات غير القانونية، وتفويت الفرصة على من يسعون لإشاعة الفوضى والانفلات الأمني، وعدم الالتفات لما تبثه بعض الفضائيات ووسائل الاتصال، بصورة تفتقر للمصداقية والدقة والمهنية لإثارة الرأي العام. وأضاف بيان الشرطة “أن بعض تظاهرات الجمعة كانت سلمية وقامت الشرطة بحمايتها”.
وتابع “عمدت الشرطة على تفريق بعض التظاهرات التي جنحت للتخريب وقفل الطرق وإثارة الفوضى، مستخدمةً في ذلك الغاز المسيل للدموع بصورة محدودة”.
وقال البيان إن الشرطة استصحبت في كل عملياتها، وكلاء النيابة الذين قاموا بمخاطبة التجمهرات بعدم قانونية هذه التظاهرات، ومن ثم أصدروا التوجيهات بتفريقها.
وأكد أن الشرطة واصلت حملاتها ضد العصابات والمجرمين الذين نهبوا وسرقوا في الأيام الماضية، وألقت القبض على عدد منهم واستردت كمية كبيرة من المسروقات العامة والخاصة، مشيراً إلى إصابة عدد محدود من المواطنين والشرطة.
وأوضح البيان أن ولاية الجزيرة شهدت تجمعات صغيرة فى ود مدني، قاموا بحرق الإطارات في موقعين دون إصابات.
وأفاد المعتمد برئاسة حكومة ولاية الخرطوم، اللواء عبدالكريم عبدالله، قناة الشروق، أنَّ ثمَّة مجموعات مكونة من 40 – 50 شخصاً خرجت في مظاهرات متفرقة بالخرطوم، يوم الجمعة موضحاً أنَّ حتى الاحتجاجات السلميَّة غير قانونيَّة، لأنها تحتاج إلى تصديق.
وقال عبدالله إنَّ الشرطة تتصدَّى للاحتجاجات، لأنها لا تخلو من المعارضين وعناصر الجبهة الثوريَّة، فضلاً على المجرمين، مشيراً إلى استهداف منازل قيادات في الحكومة ودور المؤتمر الوطني الحاكم ومؤسات حكوميَّة. وذكر أنَّ أكثر من 700، منهم منسوبون لأحزاب، تمَّ توقيفهم متلبِّسين في أعمال التخريب.
وأكَّد أنَّ لجنة تنسيق شؤون الأمن في ولاية الخرطوم لا زالت تجري حصراً لعدد القتلى في الأحداث، رافضاً إعطاء أي أرقام لحين انتهاء الحصر، طلباً للدقة.
الى ذلك قالت وزارة الإرشاد والأوقاف السودانية ـ في بيان ـ إن الإسلام كفل حق التعبير الراشد، وحرية الرأي لكل مسلم، وإسداء النصح للحاكم، لكن التخريب فيه انتهاك لحرمات الأنفس والأموال، الأمر الذي ترفضه الشريعة الإسلامية.
وأضاف بيان الوزارة الجمعة إن الأحداث التي شهدتها البلاد خلال اليومين الماضيين مؤسفة، لخروج أعداد من مثيري الشغب ومروعي الآمنين إلى الشوارع، تعمل تخريباً وإتلافاً وتعيث فساداً، وتستهدف الآمنين في دورهم وأماكن أعمالهم.
وقال البيان إن الأيادي الآثمة طالت المرافق العامة والممتلكات الخاصة، مما نجم عنه دمار وإزهاق لأرواح بريئة، فأثر سلباً على حركة المواطنين وزرعت في أنفسهم استياءً عاماً.
وتابع “أن هذه الأحداث المؤسفة ترفضها الشريعة الإسلامية، لأن فيها انتهاكاً لحرمات الأنفس والأموال، وأن الإسلام ليدعو إلى عمارة الأرض وإصلاحها، لينعم الإنسان بخيراتها، ويُسال أمام الله تعالى عن إفسادها بغير وجه حق”.
ورأى البيان أن التخريب الذي حدث طال الأنفس والأموال، بل حتى الأشجار التي يستظل بها الناس، والطرق التي أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بإماطة الأذى عنها، فكيف بنا نضع الأذى فيها ونعوق حركة المرور.
وقال ندرك تماماً أن الإسلام قد كفل حق التعبير الراشد وحرية الرأي لكل مسلم، وإسداء النصح للحاكم جعله واجباً علينا (فلا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها)، ولكن ذلك من غير مجافاة للحق والعدل، ودون اعتداء ولا قطيعة ولا إثم.
ودعا البيان إلى وحدة الصف وتماسك الجبهة الداخلية، حتى لا يندس بيننا عميل أو مخرب، وقال ندرك أن شبابنا مدركون لدورهم في بناء الوطن، ونشد على أيدي أولي الأمر بتوخي الصبر وضبط النفس، ومعالجة القضايا بحنكة وتجرد، لتجنيب البلاد والعباد مزالق الشر حتى ننعم جميعاً بخيراتها وأمنها واستقرارها”.