الكشف عن مذكرة أخرى لإسلاميين ينادون بقيام دولة مدنية في السودان
الخرطوم 27 يناير 2012 — كشف النقاب في العاصمة الخرطوم عن ورقة إصلاحية أخرى أعدت منذ شهر نوفمبر من العام الماضي تدعو إلى أعادة تأسيس الحركة الإسلامية في السودان على أسس ديمقراطية جديدة بعيدا عن تأثير أحزاب المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي.
وعرف معدي الوثيقة إنها “ورقة إطارية” تتضمن “معالم في طريق الإصلاح والنهضة”، وتدعو الإسلاميين “لإبداء الرأي حولها، واعتمادها إطارا عاما لإعادة تأسيس الحركة الإسلامية”.
وكشفت المصادر ان معدي الوثيقة هم نخبة من الإسلاميين وقيادات رفيعة في التنظيم الإسلامي وبينهم كتاب ومفكرين اثروا الابتعاد عن الحركة بتنظيميها المؤتمر الشعبي والوطني وشرعوا في توجيه انتقادات عنيفة للتجربة الإسلامية في السودان منذ استيلائهم على الحكم عبر انقلاب 30 يونيو 1989.
وتختلف هذه المذكرة عن غيرها في أنها الأولى التي يطالب فيها إسلاميين إصلاحيين بتغيير النظام الحالي وقيام نظام ديمقراطي يكفل حقوق المواطنة للجميع وفصل الحركة الإسلامية عن الحكومة.
وفي الخرطوم طالب أمين حسن عمر من معدي المذكرة الكشف عن هويتهم مشددا على ان قيمة العمل تكتسب من الأسماء التي تقف خلفه وقال ان حزبه لا يتعامل مع مذكرات بدون أسماء لان أي شخص يمكن ان ينشر مثل هذه الآراء التي ترمي إلى زعزعت الحكم وإضعافه.
وقالت الوثيقة إنها تهدف إلى تحقيق أربعة أهداف أهمها إعادة تأسيس الحركة الإسلامية بعيدا عن قبضة المؤتمر الوطني الحاكم وقال معدوها ان مسايرة النظام واعتباره “أمينا على المشروع الإسلامي، أو داعما له، هو ضرب من مخادعة النفس، والتهرب من مواجهة الواقع”.
وشددوا على أنهم يرمون إلى السير في اتجاه التطور الديمقراطي السلمي، وعبروا عن رفضهم للتعصب القبلي والطائفية وأكدوا على تمسكهم ” بالحرية والعدل كمبادئ أخلاقية مطلقة لا تقبل المساومة.”
وذهبوا إلى أبعد من ذلك حيث أكدوا على إنهم يلتزمون بالنظام الديمقراطي ” حيث تستمد المشروعية من الشعب، عبر الانتخاب الحر النزيه” و”حيث تتجسد السيادة في دولة مدنية مسئولة، تكفل فيها الحقوق والحريات الأساسية، ويتساوى الناس فيها أمام القانون بلا تمييز جنسي أو عرقي أو ديني.”
ويعد طرح مفهوم “الدولة المدنية” من قبل إسلاميين سودانيين انقلابا على مفهوم الدولة الدينية الذي يدافع عنه المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي وقفزة سياسية في فكر أعضاء من الحركة الإسلامية بعد أكثر من عشرين عاما من سيطرة فصيل منها على مقاليد الحكم، وفشله في إقامة دولة دينية في السودان وانفصال جنوب السودان تحت راية تطبيق شرع الله”.
وتعيش التنظيمات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي في الوقت الراهن حالة تأرجح بين مفهوم الدولة الإسلامي التقليدي وأخر جديد تطرحه تركيا وتبناه حزب النهضة التونسي مؤخرا.
ويجعل الأول من الدولة حامية للعقيدة وتغيب فيه دولة المواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون ويقوم المفهوم الأخر على مبدأ حياد الدولة التي تكلف بصيانة الحريات ويقول يكلف المجتمع المدني بالدفاع عن الديانات.
ويقول أنصار الحداثة من الإسلاميين أن الدولة الإسلامية لست فرضا دينيا مثل الصلاة وانه يجوز ابتكار أشكال جديدة تسمح بالمساواة والحريات الديمقراطية التي صارت ميزة لعصرنا. ويقولون ان الدولة هي سياسة الدنيا والدين ولكنها ترتكز على مفهوم الحرية أولا وان الدولة حارسة للحريات، وليست حارسة للتفسير الديني الذي يؤمن به القائمون على الدولة.
وصرح الإسلاميين السودانيين من أصحاب المذكرة الإصلاحية أنهم يسعون لفتح قنوات العمل الوطني المشترك مع القوى السياسية الأخرى. وقالوا في مذكرتهم إن “الوطن يجب أن يكون فوق الأحزاب والتنظيمات، فلا ينبغي لجماعة أن تحتكره سياسيا، أو أن تنقطع عنه جهويا” كما ينادون بوضع حد للحروب الداخلية والدفع في اتجاه السلام والتنمية.ومحاربة الفساد.
وتم الكشف عن هذه المذكرة التي تفيد التقارير بتوقيع 600 إسلامي سوداني عليها أسابيع بعد نشر مذكرة إصلاحية أخرى تسمى “مذكرة الألف أخ” تدعو إلى محاربة الفساد وإجراء إصلاحات في الحكم القائم وإعادة توحيد الحركة الإسلامية وإيجاد حلول للصراعات القائمة في أقاليم البلاد المختلفة.
للاطلاع على نصالمذكرة انقر على :
معالم في طريق الإصلاح والنهضة