الترابى فى نسخته الجديدة : التنوع العرقى و الدينى لا يشكل خطرا على مستقبل السودان
الدوحة 1 يونيو 2011 –
على نحو مغاير لما طبقه من سياسات خلال السنوات العشر الاولى من حكم نظام الرئيس السودانى عمر البشير اعتبر زعيم الاسلاميين السودانيين ، حسن الترابى التنوع العرقى و الدينى ليس مصدر خطر على مستقبل السودان مستشهدا بالنموذج الامريكى فى التعايش بين المجموعات المختلفة .
وسعى الترابى من قبل الى فرض دولة اسلامية فى السودان بالقوة حينما اقصى جميع خصومه السياسيين عن الساحة و ادار حرب دينية ضد جنوب السودان ذى الاغلبية غير المسلمة قبل ان يختلف مع الرئيس البشير الذى اقصاه عن السلطة فى العام 2000 .
و اقر الترابى الذى كان يتحدث فى ندوة عن ربيع الثورات العربية باالعاصمة القطرية لدوحة امس بفشل نموذجين للحكم الاسلامى فى العالمين السنى و الشيعى هما تجربتى السودان و ايران ، التي وصف نظامها بأنه “يحكم الناس بالغيبيات وينصب عليهم سلطة أعلى من تلك التي انتخبوها».
وأرجع الامين العام لحزب المؤتمر الشعبى المعارض ثقة الناس في حكم الإسلاميين رغم الفشل الظاهر في طهران والخرطوم إلى جهلهم بتاريخ الشعوب، خصوصا الإسلام، لأن «من يتسلمون السلطة عادة يتشبثون بها وينقلبون على أقرب الناس إليهم، خصوصا المفكرين الذين ينهون عن منكر الفعل، ويطلقون أيديهم في خزائن المال العام» فى اشارة لما فعله تلاميذه السابقين به .
ورغم حكمه بالفشل على التجربة السودانية عدد الترابي إنجازات الإسلاميين هناك التي قال انها تتجاوز تحرير المرأة إلى نشر لغة الضاد «لأن السودان على ثغر من جغرافيا العرب».
وقال الترابي إن السودان يواجه نذر ثورة لأن نصفه بتر -في إشارة إلى استقلال الجنوب-، ويواجه أزمة في دارفور «رغم أنهم اتفقوا على تسوية وكأنهم بنوا اتفاقا».
وأضاف زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض أن الوضع في السودان يدعو الناس للانفجار، ولن تكون الثورة الجديدة ثورة نخبة كما حدث من قبل مرتين.
واعتبر الترابي أن التنوع العرقي والديني لا يشكل خطرا على مستقبل السودان لأن أميركا تجمع الكثير من الأجناس والأعراق والأرقاء لم ينتظموا إلى الآن، في الوقت الذي يساهمون جميعا في رقي وتقدم البلد.
ورأى أن الثقافة العربية الإسلامية تدعو إلى الاتفاق والائتلاف، ويمكن في ظلها أن يسهم الكل بما عنده «كما هو الحال في نظام الشركة»، مضيفاً أن السودان محتاج لجهود جميع أبنائه حتى يسير نحو النماء والازدهار.
وقال الترابي إنه وزعماء الأحزاب المعارضة في السودان نصحوا حكومة الخرطوم بالعمل على حل مشكلة دارفور قبل أن تستفحل لكنها لم تعمل على استدراك الوضع المتدهور هناك.
وأكد أن غالبية الأحزاب السودانية كانت أجمعت في السابق على أنه لا فائدة من الحوار مع حكم البشير -الذي تحاشى ذكر اسمه طيلة المحاضرة- وترى أنه لا بد من زوال النظام.
إلى ذلك، حذر زعيم حزب المؤتمر الشعبى من أن الثورات إذا لم تستعدّ لما بعدها سيعقبها فساد آخر وطغيان وهو عكس ما دعا اليه بخصوص السودان فى وقت سابق .
وكان الترابى قد شدد فى مقابلة صحفية مع صحيفة (اخر لحظة) قبل نحو اسبوعين على ضرورة اسقاط نظام الرئيس البشير اولا ثم التفكير بعدها فى البحث عن البديل .
وشدد الترابي ندوة الدوحة امس على أن النظر للعاقبة أكثر فائدة من التمتع بالحاضر. ودعا للتعاون من أجل إنجاح المستقبل بدل الانتقام، والتركيز على محاسبة المفسدين، لأن فشل الثورات سيقنع الشعوب الخانعة بأنها في وضع أفضل.
لكن الترابي يرى أن خلع الأنظمة يشكل الهم الأكبر بالنسبة للشباب حتى «إنهم لا يفكرون فيما بعد في إزالتها، ولا يعرفون تنزيل الشعارات وترجمتها إلى واقع».
وذكّر الترابي بأن التاريخ يقول إن الشعوب الثائرة ترتبك عندما تقضي على الأنظمة المستبدة «فحتى الثورة الفرنسية كادت تفشل لانشغالها في البداية بملاحقة وقتل النبلاء».
ولفت إلى أن الشعب الأفغاني جاهد وقدم أكثر من مليوني شهيد لدحر الروس «لكنهم لم ينشغلوا بالإعداد للبديل».
ورأى المعارض السوداني أن الديمقراطية باتت أحد أبرز الأهداف العربية حتى بالنسبة للحركات الإسلامية «دون فهم معانيها وسياقها العام».
وحمّل الترابي الفقه الإسلامي فى تردي الممارسة السياسية في العالم العربي لأنه «نصب علينا خليفة وحرم علينا الخروج الذي سماه بالفتنة»، بينما وصف الثقافة الإسلامية بالجمود حيث رهنت الناس للانتماء المذهبي حتى في الصوفية «وفي النحو هناك البصريون والكوفيون».
وقال الزعيم الإسلامي إن المسلمين أبعدوا السياسة عن الدين منذ الخلافة الراشدة، «فالصوفية رغم مدها الواسع ترى أن الوقوف عند باب السلطان من عمل الشياطين».
ورغم اقرار الترابى بفشل تجربتى الحركة الاسلامية فى السودان و ايران الى انه عاد و أكد أن ما اسماه ( المد الإسلامي) هو الوحيد الذي يفرض الشعارات على الشارع العربي، رغم أن الشباب الثائر ليس منتظما في الحركات الإسلامية .
ورأى الترابى أن حركة النهضة هي الحزب القوي الوحيد الموجود في تونس «لذلك الكل يريدون تأجيل الانتخابات . و توقع إذا ما قامت ثورة في السودان ان يكون المد الإسلامي الأكثر حضورا خصوصا في الشمال».
ورأى الترابي أن الغرب يدرك أن الإسلام قادم للحكم «بنمط غير النمط الذي يخيفهم، وقد اقتنعوا بهذا لأن قوة التاريخ لا يصدها أحد».
ولاحظ الشيخ الترابي أن الغرب بدأ يتفاعل مع الحركات الإسلامية ويشرح صدره لها، لأن «بعض الإسلاميين القادمين متعلمون في الغرب، ويريدون نظاما ليس بحكم النمط الواحد. إنما ثورة لجميع البشر».
و انتقد الترابى جماعة الاخوان المسلمين فى مصر و وصفهم ب(التحايل) على الشعب المصرى و الرأى العام العالمى حينما تبرأوا من احد مرشحيهم للرئاسة و انكارهم له وهو عبد المنعم ابو الفتوح و قولهم انه لا يمثل الا نفسه رغم انه احد قادة الجماعة الكبار وعضو مكتب الارشاد فيها .