Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

سجال بين اقطاب الحركة الاسلامية حول تطبيق الشريعة ومستقبل الحكم فى السودان

الخرطوم 30 مايو 2011 –
تحدى حزب المؤتمر الشعبى (الجناح المعارض فى الحركة الاسلامية الحاكمة فى السودان) ما اسماه ب(تيار التكفيريين) المتحالف مع نظام الرئيس السودانى عمر البشير وقيادات حزب الرئيس للقبول بمناظرة زعيمه حسن الترابى حول تطبيق الشريعة الاسلامية و وضع دستور دائم للبلاد .

turabi_and_bashir.jpg

و اتهم الامين السياسى لحزب المؤتمر الشعبى ، كمال عمر قيادات حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى شمال السودان بأنها لاتفهم فى الشريعة الاسلامية ولا تمتلك مقدرات فكرية توازى مقدرات الترابى .

و اضاف عمر الذى كان يتحدث فى ندوة سياسية بالنادى القبطى بالخرطوم امس الاول الاحد ان الترابى عندما كان يطرح ارائه الفكرية حول تطبيق الشريعة لم يستطيع تيار التكفيريين المتحالف مع السلطة ان يناظره فكريا .

ونوه عمر الى توافق جميع الأحزاب السياسية المعارضة على إقرار مبدأ الحريات في أي دستور مرتقب في السودان، وأضاف بالقول: «لن نعترف بأي دستور إلا بعد تغيير النظام ونريد أن تضع بنوده حكومة انتقالية» .

و اكد الامين السياسى للمؤتمر الشعبى أن حزبه يطالب بان يكون اعتقال الاشخاص وفقا لقانون الإجراءات الجنائية وتقوم بتنفيذه الشرطة وفقاً لرقابة النيابة والقضاء، وأشار إلى أن المؤتمر الشعبي يدعو في الدستور القادم إلى إلغاء القوانين التي تحول دون قيام المؤسسات الصحفية وحقها في التعبير .

وكان الترابى وهو الاب الروحى للحركة الاسلامية الحاكمة الان و عراب نظام الرئيس السودانى عمر البشير الذى اعتلى السلطة عبر انقلاب عسكرى فى العام 1989 كان قد ذكر فى وقت سابق من هذا الشهر ان تطبيق الشريعة الاسلامية ينبغى الا يكون قهرا و ذا لم يوافق الشعب عليها فينبغى الا تطبق عليه .

و اقر الترابى فى حديثه امكانية الغاء تطبيق الشريعة الاسلامية اذا ما اجمعت الاحزاب السياسية على ذلك وهو ما يعد تناقضا مع اراء سابقة للرجل حينما كانت له اليد العليا فى الحكم خلال السنوات العشر الاولى من عمر نظام البشير و التى كان يصر خلالها على وجوب تطبيق شرع الله بقوة السلطان .

و تتطابق اراء الترابى الفقهية الجديدة مع ما كانت ترمى اليه مستشارية الامن القومى فى حوارها الاستراتيجى مع القوى السياسية على ايام تولى الفريق اول صلاح عبد الله “قوش” لرئاستها و اللواء حسب الله عمر لامانتها العامة قبل اقالة الرجلين فى ملابسات متعلقة بصراعات مراكز قوى داخل الطبقة السياسية الاسلامية الحاكمة .

وكان الامين العام لمستشارية الامن القومى ، اللواء حسب الله عمر قد ذكر فى برنامج بالاذاعة السودانية بث فى ابريل الماضى فى سياق الترويج للحوار الذى تتبناه مستشارية الامن القومى مع القوى السياسية : (اذا اجمعت الاحزاب على الغاء الشريعة الاسلامية فلتذهب الشريعة) الامر الذى اطلق حملة شعواء ضد الرجل و مستشارية الامن القومى من قبل دوائر متشددة داخل نظام الرئيس البشير ادت الى اضطرار المستشارية الى اعفائه من منصبه .

وهاجم حسب الله فى رسالة نشرها بعد اقالته فى ثلاثة صحف رئيسية فى الخرطوم (جماعات المصالح ) التى قال انها التفت حول الرئيس و منعت مؤسسات الدولة من اداء عملها و اكد انه لا خطر يتهدد الشريعة الاسلامية فى السودان (سوى ادعيائها) .

وقادت تداعيات تصريحات حسب الله و اقالته الى جانب ملابسات اخرى الى اعفاء مستشار الرئيس البشير لشؤون الامن القومى ، الفريق اول صلاح عبد الله “قوش” فى ذات الشهر بعد اتهامه ببناء مركز قوة من خلال مستشارية الامن القومى سعيا وراء تولى رئاسة البلاد .

و تزامن احتدام الصراع بين مراكز القوى داخل نظام الرئيس السودانى عمر البشير و اقالة حسب الله و “قوش” من منصبيهما مع اطلاق سراح الاب الروحى للحركة الاسلامية الحاكمة حسن الترابى بعد اعتقال دام لاكثر من ثلاثة اشهر على خلفية اتهامات موجهة له بالسعى للاطاحة بنظام الحكم من خلال التنسيق مع حركة العدل و المساواة المتمردة فى دارفور و ذات الخلفية الاسلامية .

وفتح هذا (التزامن) الباب واسعا لتكهنات حول امكانية توحد الحركة الاسلامية الحاكمة او تيار منها و المعارضة مجددا على هدف استراتيجى هو الحفاظ على (مكتسبات الحركة) فى ظل ريح عاصفة متوقع ان تهب ناحية نظام الرئيس السودانى عمر البشير بعد التاسع من يوليو التأريخ المقرر فيه انفصال جنوب السودان رسميا و اعلان دولته المستقلة فى وقت بدأ البشير فى قيادة (انقلاب عسكرى) بالتدريج ضد حلفائه من الاسلاميين .

وكانت الحركة الاسلامية الحاكمة قد انقسمت على نفسها فى العام 2000 على اثر خلافات داخلية عاصفة بين الرئيس البشير و من تحالف معه من الاسلاميين و الزعيم الروحى للاسلاميين حسن الترابى حول النفوذ بين الرجلين و توجهات النظام فى ملابسات الخناق الدولى الذى احاط به فى ذلك الوقت الامر الذى قاد للاطاحة بالترابى و انصاره الى صفوف المعارضة و تكوينه لحزب المؤتمر الشعبى .

واحاط الرئيس البشير نفسه منذ ان ضاق الخناق عليه بمذكرة الاعتقال الصادرة ضده من المحكمة الجنائية الدولية بطبقة من رجال الدين المتشددين ، و صار يعقد معهم (لقاء مناصحة) شهرى حول شؤون الحكم و المجتمع .

و تطور الامر الى اعلان البشير قبيل استفتاء تقرير مصير الجنوب الذى جرى فى يناير الماضى عن عزمه تطبيق الشريعة الاسلامية بعد انفصال الجنوب كاملة و بدون (دغمسة) على حد تعبيره .

وقال البشير فى لقاء جماهيرى بالقضارف ان نظامه سيتبنى دستورا اسلاميا للحكم يصبح بموجبه الاسلام هو دين الدولة الرسمى و العربية هى لغته .

وتحرج توجهات البشير حلفائه من الاسلاميين الحركيين (البراغماتيين) الذين باتوا يرون الرئيس (اليائس) يقود دفة دولتهم نحو الغرق الحتمى فى خضم العواصف الهوج المتوقع ان تهب نحو نظامهم ما بعد يوليو المقبل .

وفى سياق متصل استنكر الناطق بأسم حزب المؤتمر الوطنى الحاكم ، ابراهيم غندور الدعوة التى اطلقها مستشار الرئيس السودانى و القيادى بالحزب الاتحادى ، احمد بلال فى وقت سابق من هذا الشهر والتى طالب فيها بحل الحركة الاسلامية و استغرب فيها لتمسك نائب الرئيس ، على عثمان بكيانها فى وجود حزب المؤتمر الوطنى .

وتساءل غندور فى تصريحات امس عن علاقة احمد بلال بالحركة الاسلامية حتي يقترح حلها و اضاف هذا امر يخص عضوية الحركة الاسلامية وان كان بلال عضوا فيها فعليه ان يقدم هذا المقترح من خلال مؤسساتها .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *