Friday , 29 March - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

اللاجئون في السودان…. فرار من المعاناة الى هواجس (كورونا)

لاجئون في مركز استقبال حمداييت على الحدود السودانية الاثيوبية .صورة لـ(سودان تربيون)
لاجئون في مركز استقبال حمداييت على الحدود السودانية الاثيوبية .صورة لـ(سودان تربيون)

الخرطوم -23 فبراير 2021– لا تبدو “يميم” كثيرة الالتفات لمخاطر جائحة “كوفيد – 19” المعروفة شعبيا بكورونا التي تفشت على نطاق واسع في السودان لاسيما العاصمة الخرطوم حيث تقطن الفتاة القادمة من اريتريا مع طفليها بأحد الأحياء المعروفة.

ولدى الشابة العشرينية وصديقاتها الثلاث قناعة بأن الافارقة هم الأقل تعرضا للفيروس وتقول إنها تدرك بأن هذه الفرضية غير صحيحة لكنها تسمع في الأخبار عن تفشي المرض بكثافة في أوروبا وأميركا بينما تتضاءل أرقام الإصابة في أفريقيا وهو ما يجعلها تميل أحيانا الى تصديق أن المرض الفتاك بعيد عنها وولديها.

والمؤكد ان تلك الشائعة التي سرت على نطاق واسع في افريقيا لم تصمد امام ملايين الاصابات التي سجلتها دول اوربية واسيوية دون تمييز بين انتماء افريقي عن سواه.

ومع ذلك فإن هذه الأفكار دفعت بالشابة التي تكابد في عمل متواصل بالمنازل القريبة من موقع سكنها، لأن تبتعد عن التقيد بالاشتراطات الصحية المطلوبة للوقاية من كورونا كما تقول كذلك إنها غير قادرة على شراء “كمامة” يوميا بالنظر لتكفتها العالية خاصة انها قد تضطر أحيانا للعمل في منزلين خلال يوم واحد بما يعني أن عليها الحصول على كمامتين في اليوم بمبلغ 100 جنيه وهو أمر تراه صعبا في ظل حاجتها لتغطية مصاريف منزلها واحتياجات أطفالها اليومية.

ووصلت “يميم” من اريتريا الى السودان قبل حوالي 5 سنوات عبر التهريب وكانت وقتها تحمل طفلها الأكبر وفي احشائها أخيه وقاست رحلة شاقة الى أن عبرت الحدود مع زوجها، الذي أوصلها وعاد ليحاول تهريب شقيقته لكن السلطات في بلدها القت القبض عليه وزج به في السجن وبات عليها أن تنتظر كما تقول عدة سنوات ليخرج لكنها لا تعرف إن كان بإمكانه الوصول إليهم في السودان ورؤية ولديه أم لا.

وتروي الشابة جميلة الملامح قصة معاناة أخرى قضتها في مخيم “الشجراب” المخصص للاجئين الاريتريين بشرق السودان بعد عبورها الحدود وكيف اضطرت لمغادرة المخيم وهي في شهور حملها الأخيرة فبدأت رحلة صعبة للوصول الى الخرطوم والبحث عن عمل يعيلها وأطفالها وهو ما تمكنت من إنجازه أخيرا وصار لها غرفتها الخاصة داخل منزل تقيم فيه مع اسرتين ويدفعون اجرة شهرية تشاركية.

وتستصعب الشابة الاريترية فكرة التوقف عن العمل لحين انجلاء الجائحة مع انها تلمح الى أن بعض الاسر باتت حذرة في التعامل معها ورفيقاتها منذ تفشي الوباء حيث باتت ربة منزل الذي تعمل فيه وبنتها تغادران فور وصولها وتمهلاها ساعتين لإنهاء أعمال النظافة وتعقيم المنزل قبل أن يعودوا اليه من جديد، وهو ما لا تجد فيه الفتاة غبارا بل تعده تصرفا سليما من الاسرة خاصة وأنها معرضة للإصابة بسبب وجودها المستمر في الخارج وعدم تقيدها بإجراءات التباعد أو التعقيم الشخصي رغم ادراكها لأهميته.

وتقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في السودان إنها اتخذت تدابير وقائية من جائحة كورونا لأكثر من مليوني نازح ومليون لاجئ ووزعت الصابون على مليون شخص في السودان من اللاجئين والنازحين والأفراد الأكثر ضعفاً في المجتمعات المحلية.

وحتى 31 مارس 2020 يستضيف السودان 823,344 لاجئ من دولة جنوب السودان، و120.388 لاجي من إريتريا بجانب 93.497 لاجئ من سوريا، و33.053 لاجئ من جمهورية أفريقيا الوسطى* 13.090 لاجئ من أثيوبيا 3.493 لاجئ من تشاد عدد 1,795 لاجئ من اليمن و 1.378 لاجئ من جنسيات أخري ليصل بذلك مجموع اللاجئين في السودان الى 1.090.038 لاجئ وذلك وفقا لإحصائيات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في السودان والتي تقول إنها بحاجة الى تمويل بحوالي 265.1 مليون دولار لتغطية احتياجات هؤلاء اللاجئين لكنها لم تحصل سوى على 53 مليون دولار بما يعادل 20% فقط من المطلوب.
من الحرب الى هواجس كورونا
ويقاسي الاف اللاجئين الذين فروا حديثا من شمال اثيوبيا الي شرق السودان بعد تفجر النزاع بين الحكومة الفدرالية وجبهة تحرير التقراي، حيث تزداد المخاوف من تفشي وباء كورونا بسبب اكتظاظ المعسكرات وعدم توفر الاشتراطات الصحية الأساسية.

وبحسب احصائيات رسمية فإن عدد الفارين من حرب التقراي الي شرق السودان جاوز الـ 63 ألف لاجئ تم توزيعهم على عديد من النقاط ومراكز الاستقبال قرب الحدود بين البلدين.

وتقول “مسرات ابرها” احدى الاثيوبيات في معسكر “أم راكوبة” بولاية القضارف إنها أكملت دراستها في جامعة أديس أبابا بعد أن درست الهندسة وذلك قبل اندلاع الحرب بأربعة أشهر وتروي أن الدراسة كانت تتم وسط إجراءات احترازية كاملة مما ساعد في تقليل تفشي الجائحة.

وتضيف بالقول إنه رغم برودة الطقس التي تساعد على انتشار الفيروس الا ان نسبة الإصابة في إثيوبيا لم تكن عالية مقارنة مع الدول الأفريقية الأخرى وقالت مسرات إنها حين أكملت دراستها وعادت إلى مسقط رأسها في اقليم التقراي وجدت السلطات الصحية تهتم كثيرا باتباع الاحتياطات اللازمة خاصة في المناطق المجاورة للسودان في الحمرة وماي خدرة بإقامة مركز فحص ثابت وعزل مستمر.

غير أن الشابة بدت قلقة للغاية بعد وصولهم إلى معسكر ام راكوبة حيث تتناقص الخدمات الصحية وتنعدم الصحة الوقائية.

ولاتبدو “مبرات أكسوم” أكثر اطمئنانا من رفيقتها حيث ينتابها الخوف والقلق بعد رؤيتها بأم عينيها شراسة الحرب واضطرارها الي الهرب للسودان فبدت واضحة الإعياء والتعب بعد أن قطعت أكثر من 9 ساعات مشيا للوصول إلى السودان.

وتقول أكسوم إنهم قادمون من مناطق الاقليم التي تخلو من الجائحة وهي الرويان “ماي خدرة”و” الحمراء شيري” العاصمة الثانية للتقراي يعد مكلي ولم يتم رصد هنالك اي حالات إصابة بكورونا لكن المخاوف انتاشتها عقب وصولهم السودان وسماعهم بتفشي موجة ثانية من كورونا ادت الي وفاة الكثيرين.

وطالبت مديرة الشؤون الصحية في محلية القلابات الشرقية خديجة محمد موسى بضرورة توفير أدوات الوقاية والسلامة والمعقمات وتوفير جهاز فحص كورونا بعد الاشتباه بوجود حالات إصابة بالفيروس بما يتطلب إقامة مركز عزل وتوفير معمل وكوادر طبية.

عناية الرب

وفي معسكر “التكامل ” للاجئين من دولة جنوب السودان بضاحية الحاج يوسف شرق العاصمة الخرطوم يقول السلطان غبريال خميس إن “الرب كان رحيما بهم لأنه يعرف ضعفهم وعدم قدرتهم على مواجهة كورونا فصده عنهم ولم يصب أحد من القاطنين بالمخيم حتى الان”.

ويقول خميس إنهم حاولوا في المخيم فرض إجراءات احترازية بناء على الحملات المكثفة التي يتابعونها في وسائل الاعلام والعمل على حث القاطنين في المخيم على التباعد لكن ازدحام المكان يحول دون تحقيق ذلك حيث تعيش في هذا المعسكر 413 أسرة بعدد أفراد يصل الى الفي نسمة.

كما يتحدث السلطان عن مشكلة عدم توافر المياه التي تعيق تطبيق اشتراط النظافة وغسيل الايدي باستمرار، لكنه يبدي ثقة من جديد بأن العناية الإلهية تحفهم على الدوام فرغم سوء الأحوال من كل النواحي البيئية فإن المرض القاتل الذي يقول إنه ضرب كل العالم ابتعد عنهم.

ويتابع ” مع ذلك نحاول استخدام علاجات استبقاية كما سمعنا فإن الليمون يقي من المرض فنحدث اللاجئين عن شرب خمس حبات منه بعد عصرها في كوب، أو وضعها داخل اناء شرب الماء فتكون بمثابة وقاية من كورونا”.

ولم يجد السلطان فيما يبدو وكثيرين مثله من يبلغهم بان الليمون لايقي شر كورونا وان كان ما يحمله من فيتامين سي يزيد المناعة بقدر معقول.

يطرق السلطان خميس قائلاً “لكم ان تتصوروا إذا ضرب فايروس كورونا هذه المخيم فكيف سيكون الحال في ظل صعوبة الحصول على علاج للملاريا والالتهابات ناهيك عن مرض قاتل مثل كوفيد -19-”

وتضم العاصمة الخرطوم في أطرافها البعيدة ما لا يقل عن 6 معسكرات للاجئين الجنوبيين تعاني جميعها من شح خدمات المياه والمعينات الأساسية بما يفاقم معاناة اللاجئين بشكل يومي.

Leave a Reply

Your email address will not be published.