Thursday , 21 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

اضاءات على مسيرة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني ..(2)

بقلم : أحمد كرموش

على خلفية العودة المرتقبة وبعيدا عن الخصومات السياسية والخلافات المذهبية نود في هذه الحلقات أن نسلط الضوء في لمحات وشذرات على مسيرة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني حفظه الله …

اتفاقية القاهرة وما بعدها ..

نصت اتفاقية القاهرة التي تم التوقيع عليها بين الحكومة والتجمع الوطني الديمقراطي في 20 يونيو 2005م على : ( التحول الديموقراطي، والانتخابات، والقضايا الدستورية، والحكم اللامركزي، والعمل المشترك من اجل الحفاظ على وحدة البلاد الطوعية، وقومية الخدمة المدنية، وقومية القوات المسلحة والقوات النظامية الاخرى وجهاز الامن، ورفع المظالم، ورفع الضرر، ومعالجة اوضاع كافة تنظيمات التجمع الوطني ).

وبناء على ذلك شارك التجمع في السلطة مشاركة رمزية، سواء كان ذلك على المستوى التشريعي أو المستوى التنفيذي، ولكن سرعان ما تنصلت حكومة المؤتمر الوطني عن بنود الاتفاق الاساسية، بل وتجاهلته تماما إلى الدرجة التي لم تعد تذكره في خطاباتها الرسمية حينما تذكر الاتفاقيات الأخرى نيفاشا والشرق وغيره .

في ابريل 2010م كانت الانتخابات العامة، وعلى الرغم من تجربة التجمع مع حكومة المؤتمر الوطني وعزوف ألاحزاب الاخرى عن المشاركة في هذه الانتخابات إلا أن الحزب قرر دخولها بقوة لاختبار مصداقية النظام، فكان أن خاض الانتخابات بكل كوادره وجماهيره بصورة ارعبت المؤتمر الوطني وعرفته حجمه ومقداره، على الرغم من ان المؤتمر الوطني سخر كل امكانيات الدولة لصالحه، وكانت النتيجة ان تم تزوير الانتخابات بصورة فاضحة يندي لها الجبين ، وقال مولانا مقولته المشهورة : ( أين ذهبت اصوات الجماهير التي استقبلتنا ؟! هل شالها القاش ؟! ) .

ثم كانت مسالة المشاركة في الحكومة والتي انقسم فيها الحزب إلى قسمين ، ودار صراع عنيف حول هذا الامر، انحاز فيه مولانا في اللحظات الاخيرة لصالح المشاركة، على الرغم من ان اغلبية جماهير الحزب كانت تقف ضد هذه المشاركة، الامر الذي اصابها بخيبة أمل كبيرة .

ومما يحفظ لمولانا في هذا المقام انه قدر الموقف، فلم يقم يفصل احد أو الاساءة إلى أحد، بل علق على ذلك يقوله : ( هذا حزب الرأي والرأي الآخر ) وحافظ على علاقته مع جميع الاطراف بصورة دلت على حكمته وحنكته ورحابة صدره .

خلال هذه المشاركة حاول مولانا كعادته أن يقدم شيئا على مستوى العلاقات الخارجية، لاسيما في المحيط العربي ليقلل من تداعبات الحصارالاقتصادي المفروض، ولكن المؤتمر الوطني ذو التوجه الاحادي المعروف لم يشأ أن يفعل مولانا شيئا من ذلك، وظل ممسكا بهذا الملف إلى أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية وقرر النظام زيادة المواد البترولية والسلع الغذائية الاخرى، فقام مولانا بتشكيل لجنة من كبار العلماء وأهل الخبرة والاختصاص، قامت هذه اللجنة بوضع برنامج اقتصادي متكامل لمعالجة الأزمة وتقديم المقترحات البديلة، وعند الفراغ طلب منها مولانا تسليم ذلك لرئاسة الجمهورية ووزير المالية، إلا أنه تم التجاهل التام لهذه المجهودات، وكانت قرارات المؤتمر الوطني بالزيادات جاهزة تم الاعلان عنها عقب ذلك مباشرة، فكان ان سافر مولانا مغاضبا الى لندن سفرته التي لم يعد منه حتى الان، وقامت بعد ذلك انتفاضة سبتمبر 2013م التي رفضت هذه القرارات وهذه الزيادات والتي قتل فيها مئات الشباب والشابات بصورة افتقرت إلى أبسط درجات الرافة والإنسانية .
نواصل ..

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *