مجلس الأمن يمدد لـ (يوناميد) عاما والسودان يندد بتجاوز استراتيجية الخروج
الخرطوم 29 يونيو 2016 ـ صوت مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، بالإجماع، لتمديد مهمة بعثة حفظ السلام بدارفور “يوناميد”، لعام بلا تعديل في المهام أو عديد القوات، وبدون الإصغاء للخرطوم المطالبة بتنفيذ استراتيجية خروج البعثة، وهاجم مندوب السودان القرار قائلا إنه حفل بالتناقض وتجاوز توصيات الفريق المشترك لاستراتيجية الخروج.
وأورد التقرير الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي حول يوناميد، والذي جرى اعتماده بإجماع مجلس الأمن، حيثيات تم التمديد بموجبها للبعثة 12 شهرا تنتهي في 30 يونيو 2017.
وقال إن النزاع في إقليم دارفور لم يطرأ عليه أي تغيير في ظل عدم توصل الحكومة والحركات المسلحة لأي تسوية سياسية، فضلا عن استمرار الاقتتال القبلي والعمليات العسكرية بين القوات الحكومية وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، رغم أن حدتها قد خفت عما كانت عليه.
وأشار التقرير الذي حوى الفترة من يوليو 2015 وحتى مايو 2016، إلى استمرار عمليات النزوح في ظل أوضاع لا تساعد على عودة النازحين.
وأكد التقرير استمرار العمليات العسكرية والقصف الجوي على مناطق في جبل مرة بالرغم من اعلان الحكومة في 12 أبريل الماضي أن دارفور خالية من الحركات المسلحة بسيطرتها على سورونق آخر معاقل حركة عبد الواحد.
ونوه إلى إفادات بإنسحاب قوات عبد الواحد إلى “دايا” و”تورونق تونقا”، إلى الشرق والجنوب الغربي من سورونق، على التوالي، موضحا أن يوناميد ما زالت عاجزة عن التحقق من نتائج تلك الأعمال وأثرها على السكان المدنيين بسبب رفض الحكومة وصول فرقها إلى هناك.
وبحسب التقرير فإن القتال القبلي في دارفور مسؤول عن ثلث الوفيات المرتبطة بالنزاع وعن 40% من حالات النزوح في الإقليم، كما أكد استمرار النزوح حيث يصل عدد النازحين إلى 2.6 مليون نازح منهم 1.6 مليون في 60 مخيم، فضلا عن مليوني شخص بحاجة للمساعدات و2.7 مليون يواجهون حالة طوارئ متعلقة بالأمن الغذائي.
وأضاف التقرير أن نحو 106 ألاف شخص تعرضوا لنزوح جديد في العام الحالي إلى جانب 300 ألف لاجئ بتشاد و50 ألف لاجئ من جنوب السودان وصلوا شرق دارفور أخيرا.
ورسم التقرير صورة قاتمة لوضع سيادة القانون ونظام العدالة بدارفور في ظل وجود المحاكم الرسمية في 19 محلية من أصل 65 محلية ومخافر الشرطة في 29 محلية، ما يعني أن نحو ثلث سكان دارفور فقط بامكانهم الوصول الى مؤسسات العدالة الجنائية، بينما أصاب الوهن الشديد قدرة الإدارة الأهلية على اقامة العدالة غير الرسمية بسبب التسييس من قبل الحكومة.
وبشأن أوضاع السجون نبه التقرير إلى وجود 13 سجن حكومي، 7 منها بشمال دارفور و3 بجنوب دارفور، وسجن واحد بكل من شرق وغرب ووسط دارفور، وهو ما يعني أن ظروف الاحتجاز لا تمتثل للمعايير الدولية الدنيا.
وحوى التقرير خططا لتعزيز وضع يوناميد على الارض في الإقليم لجهة أن العنصر العسكري يحمل فوق طاقته لانتشار 14 كتيبة من أصل 16 كتيبة هو القوام المأذون له، وتخطط البعثة لإنشاء مواقع فرق جديدة تنتظر موافقة الحكومة عليها في “أنكا” بشمال دارفور و”عديلة/ أبوكارنكا” بشرق دارفور و”أم دخن” بوسط دارفور.
وأفاد أن الكتيبة الـ 16 سيعاد تشكيلها لتكون قدرة احتياطية ذات قابلية عالية للتنقل، واكمال وحدة طائرات الهيلكوبتر العسكرية المقرر ادخالها الخدمة مع قدرة البعثة على الرد السريع.
وعكس التقرير الكثير من الصعوبات التي تواجهها البعثة بسبب إجراءات حكومية، منها التأخر في اصدار التأشيرات وتخفيض فترة تجديد الاقامة لموظفي البعثة من 12 شهرا إلى 6 أشهر، ما نتج عنه شواغر بنسبة 31%.
وحذر التقرير الصادر في 8 يونيو الحالي من أن مخزونات الاعاشة لقوات يوناميد مهددة بالنفاذ بحلول 28 يونيو بسبب تأخر التخليص الجمركي لشحنات البعثة في بورتسودان، كما أن مهام حماية البعثة للمدنيين ولنفسها مهددة بسبب حاويات محتجزة في الميناء تشمل عتاد عسكري مثل المدرعات وناقلات الجند والذخائر والمعدات الطبية.
وكشف عن كتيبة كاملة بلا أسلحة شخصية ووحدة عسكرية أخرى بلا ناقلات، فضلا عن نقص في الذخيرة والمعدات الطبية والاتصالات في جميع مناطق انتشار البعثة، بسبب عدم مخالصة 511 شحنة محتجزة في بورتسودان، مبينا أن البعثة ابلغت بالافراج عن 218 شحنة منها 189 شحنة إعاشة.
من جانبه انتقد مندوب السودان لدى مجلس الأمن السفير عمر دهب قرار المجلس بالتمديد لبعثة يوناميد، قائلا إن التطور الذي شهده الإقليم خلال فترة التقرير “لا يمكن انكاره أو تغييبه أو الافتراء فيه أو عليه”، وأوضح أن القرار المعتمد حفل بالعديد من التناقض في فقراته.
وأكد دهب في خطابه أمام المجلس، الأربعاء، تحسن الاوضاع الانسانية بعد انتهاء العمليات العسكرية في جبل مرة بعودة 800 ألف نازح بحسب تقرير مفوضية العون الانساني في مايو الماضي، فضلا عن عودة 24 ألف نازح بعد أحداث جبل مرة بحسب افادات رئيس قطاع يوناميد بوسط دارفور، قبل يومين.
وأشار مندوب السودان إلى أن زيارتين تقيميتين للفريق الثلاثي المشترك أثبتت تطور الأوضاع بدارفور تطورا كبيرا يمكن معه تقليص وسحب قوات يوناميد من عدد من المواقع.
وتابع “لا نرى مبررا للفقرة (27) التي تحاول اختزال مهمة الفريق في رفع توصيات قد يعمل بها أو تهمل كلية.. هذا أمر ترفضه الحكومة السودانية تماما وسيكون لها موقف من مثل هذا التعامل”.
وأكد عزم الحكومة على استمرار عمل الفريق لوضع وتنفيذ استراتيجية الخروج بالصورة التي تم الاتفاق عليها، وطالب بأن تأخذ ادارة عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة، طلب الخرطوم بشأن استراتيجية الخروج “بالجدية والاحترام اللائقين بلا مراوغة أو تسويف”.