توحيد التعليم القانوني – 3
بقلم دكتور فيصل عبدالرحمن على طه
[email protected]
طرائق التدريس
ليست هنالك طريقة ثابتة للتدريس. إن طرائق التدريس – كمحتوى المنهج نفسه – يجب أن تخضع للمراجعة والتكييف المستمر حسب مقتضى الحال.
إن كان للجنة أن تعدد طرائق التدريس التي درجت عليها مؤسسات التعليم القانوني فتذكر ما يلي:
1- هنالك طريقة تعتمد أولاً وآخراً على المحاضرات كأداة لنقل المعارف القانونية للطالب. من مثالب هذه الطريقة أنها تركز على المحتوى النظري للقانون وتغفل المسائل التطبيقية.
2- تستعمل الجامعات الامريكية طريقة دراسة القضايا ولا تأخذ بالنهج التقليدي لنقل المعارف القانونية للطالب. إذ يشير المعلم على طلابه بالاطلاع على قضايا ومراجع يعينها قبل الإختلاف إلى قاعة الدراسة توطئة لمناقشتها ودراستها دراسة تحليلية. تتطلب هذه الطريقة أن تكون الكتب الحاوية لهذه القضايا متيسرة للطلاب وأن يعد الطالب نفسه إعداداً تاماً للإسهام الإيجابي في النقاش.
3- هناك طريقة ثالثة تمزج بين النهج التقليدي والنهج الحديث إذ تجمع بين المحاضرات التي يلقيها المعلم وحلقات النقاش الصغيرة التي يشرف عليها المعلم ولكنها تعتمد على جهد الطالب نفسه. فالمحاضرات تقتصر على الأساسيات وتوجه الطالب للمصادر التي يمكن أن ينهل منها، أما حلقات النقاش فترمي إلى تدريب الطالب على إعداد البحوث الحية والتصدي للمسائل العملية وتنمية قدراته على التحليل والاستنباط.
لعله من الواضح أن هذه الطريقة تتطلب مراعاة نسبة معقولة بين عدد الطلاب وعدد المعلمين ووجود مكتبة قانون مكتملة كما وتفترض تفرغ الطلاب ومعلميهم للدراسة والبحث.
توصي اللجنة باختيار الطريقة الثالثة وتشير إلى أن نقل المعارف القانونية للطالب عن طريق المحاضرات فقط وإعداد المعلم للمذكرات أو إملائها يدفع بالطالب للحفظ ويؤدي في نهاية التحليل إلى وأد روح البحث في الطالب وعزوفه عن استخدام مصنفات مكتبة القانون.
لغة التدريس
جاء في المادة 1 من الدستور أن «جمهورية السودان جمهورية ديمقراطية اشتراكية موحدة ذات سيادة وهي جزء من الكيانين العربي والافريقي». وفي المادة 9 أن «الشريعة الاسلامية والعرف مصدران رئيسيان للتشريع…» وفي المادة 10 أن «اللغة العربية هي اللغة الرسمية لجمهورية السودان الديمقراطية».
نصت المادة 5 من قانون الحكم الذاتي الاقليمي للمديريات الجنوبية لسنة 1972م على أن «اللغة الرسمية للسودان هي اللغة العربية وتعتبر اللغة الانجليزية لغة رئيسية لاقليم جنوب السودان وذلك مع عدم المساس باستعمال أية لغة أو لغات اخرى تساعد على أداء المهام التنفيذية والادارية بطريقة فعالة وعاجلة».
وتنص المادة 7 من قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة 1974م على الآتي:
(1) تعد مشروعات القوانين وتصدر باللغة العربية على أن توضع لها ترجمة انجليزية يعتمدها النائب العام وتنشر في الجريدة الرسمية.
(2) يعتبر النص العربي هو الأصلي وله الحجية بالنسية لجميع القوانين التي صدرت منذ أول يناير لسنة 1956م على أنه يجوز للمحاكم أن تستعين بالنص الانجليزي في تفسير القوانين الصادرة قبل ذلك.
لأجل كل هذا ترى اللجنة الشروع في التخطيط لتعريب مناهج مؤسسات التعليم القانوني والدراسة الوافية للأطر التي يمكن أن يتم فيها التعريب. إن الاستمرار في تدريس القانون بأية لغة غير العربية فيه خروج على دستور البلاد وقوانينها وفيه إعاقة لنمو وبلورة الفقه السوداني الخالص.
إن الاخفاق الذي منيت به الدعوة للتعريب في الماضي مرده أن البعض رأي فيها وسيلة لفرض نظام فقهي جديد ورأى فيها البعض الآخر ذريعة للاستيراد غير الواعي لنظم ومناهج مؤسسات التعليم القانوني في العالم العربي.
إن معظم الاسباب العملية التي وقفت في طريق التعريب يوماً قد زالت الآن ولم يبق سوى العكوف على إعداد الكتب والمراجع المستقاة من المواد القانونية السودانية ولنا في ذلك ان نسترشد بتجربة من سبقونا في هذا المضمار.
إن كنا لا نريد لمؤسساتنا للتعليم القانوني عزلة أو جموداً، فإن التعريب يجب أن لا يؤخذ كدعوة لالغاء تدريس اللغات الاجنبية ونبذ كل المراجع القانونية المكتوبة بغير اللغة العربية. إذ أن الالمام التام باللغات الأجنبية سيظل معبرنا للثقافات القانونية المتقدمة ووسيلتنا للاطلاع على المراجع والبحوث التي تكتب بلغات غير العربية.
طرائق التقويم
تكاد مؤسسات التعليم القانوني في السودان تجمع على تطبيق طريقة واحدة في تقويم طلابها وهي طريقة الامتحانات النهائية التحريرية على اختلاف بينها في نوعية الاسئلة التي تشملها أوراق الامتحانات وعسى أن يكون السبب في ذلك اختلاف في المراد بالتقويم. فالاسئلة التي تمتحن مقدرة الطالب على الحفظ والاستظهار غير الأسئلة التي تمتحن المقدرة على التفكير الأصيل. وللطريقة التقليدية في التقويم عيوب كتب عنها رجال التربية الكثير ولعل أظهر عيوبها أن تقويم الطالب عن أدائه في عام كامل يتم في ساعات قليلة وفي ظروف لا تساعد كثيراً على حسن الأداء. غير أن التقويم عن طريق الامتحانات قد أصبح حتماً مقضيا ولكن كثيرا من الجامعات قد ابتدعت صوراً جديدة للامتحانات بغرض تهيئة أفضل الظروف النفسية للطلاب عند أداء الامتحانات. من ذلك الامتحان بطريقة الكتاب المفتوح، والامتحان بطريقة الزمن المفتوح. ففي الأولى يسمح للطلاب باحضار مذكراتهم معهم تأكيداً لأنه ليس الغرض امتحان مقدرة الحفظ وفي الثانية لا تحدد للطالب ساعات معينة للاجابة على اسئلة الامتحان.
ولكن أغلب أهل العلم قد أجمعوا على أن الامتحان هو الامتحان مهما تعددت صوره واشكاله وأنه لا يقوم وحده دليلاً كافياً أو عادلاً عن مقدرة الطالب الحقيقية. لذا فقد إتجهت كثير من الجامعات إلى ما يسمى نظام التقويم المستمر بالإضافة إلى نظام الامتحانات. والتقويم المستمر يعني أولاً أن يكون لاداء الطلاب أثناء العام الدراسي في حلقات البحث وفيما يطلب منه كتابته من بحوث قدر معلوم ومرصود من الدرجات تشكل نسبة مئوية من الدرجات النهائية التي يحصل عليها في الامتحان. وتعني ثانياً أن يخطر الاساتذة طلابهم أولاً بأول من مستواهم ومدى تقدمهم في الدراسة حتى يكون الطالب على بينة من امره: يعرف مواطن ضعفه فيضاعف فيها الجهد ومواطن قوته ليحافظ على مستواه فيها. ترى اللجنة أن تجمع مؤسسات التعليم القانوني في السودان بين نظام الامتحانات ونظام التقويم المستمر.