المفاوضون الأحرار ..ردا على مجدي الجزولي وعارف الصاوي
بقلم : فيصل سعد
[email protected]
مدخل
طالعت كغيري من المكتوين بنار الحرب مقال (المفاوضون الأشاوس) الذي إختطه يراع الزميلين الصديق عارف الصاوي ومجدي الجزولي وما كُتب تباعاً يمثل حراكاً للساكن ويفضح بجلاء المواقف الرقراقة تجاه قضايا المدنيين الذين يعيشون تحت غمار الحرب.
يطئون جمرها باحثيين عن كلأ يسد رمقهم ، وفي ذات الأثناء يقف المثقفين ممن اكتو بجحيم الإنقاذ وهجرها ناظرين من علي لمأساة حرب دون أن يحركوا ساكناً يقى بني جلدتهم شرها الضروس. بالضغط على الأطراف المحتربة لإقامة سلام يُدمل جرحاً نازفاً من أوصال قطعها القصف الجائر في حرب تستهدف كلُ من هو حي!!.
(1)
فيما يختص بالرؤية النقدية التي صوبها كل من الصاوي والجزولي في مقالهما رصين اللغة متباعد الجوانب النقدية . فالذي قرأته يحمل في متنه نقداً صريحاً للأمين العام للحركة الشعبية في أشعاره التي ظل يتغنى بها مشركاً فيها الراي العام.مستدعيا في ذلك سباق إنتخابات 2010 التي سُحب منها حينذاك مرشح “الأمل والتغيير ياسر عرمان” وفي المنهجين سواءً كان الشعري أو الإنتخابي نجدهما يرتكزان مرتكزاً شخصي أكثر من أنه نقد قد يٌصوب الأمور إلى مبتغاها المنشود للشارع العام الذي ينظر إلى الأمور من (باب انه يريد الخلاص)وليس من باب التهريج وإظهار البراعة اللغوية في الكيل بمكيالين. فما العلاقة بين الإبداعات الشعرية او النثرية ومفاوضى الحركة الشعبية الذين أسموهم بالأشاوس وهم احرار؟.
يتضح جلياً التشبيه في السرد بين ضعف شعرعرمان عجزاً وصدراً بضعف مفاوضي الحركة الشعبية إذا ما أتفقنا في أن تذوق الشعر يختلف فيه الناقد والقارىء بمعاير متعددة فهنالك من يرى في شعرعرمان الشاعرية ويترنم به .
(2)
جانب النقد السياسي لسحب مرشح الحركة الشعبية من إنتخابات 2010 والتي ضاعت فيها سدىً أمال عراض ، موقف يحسب سلباً على الحركة الشعبية أنذاك وليس على عرمان في شخصة ،فعلينا أن نعرف جيداً أن مرشح” الأمل والتغيير” لم يكن مرشحاً لنفسه بقدر ما أنه يُمثل تنظيماً له أدبيات ومناهج وإنضباط تنظيمي يتطلب من كل كوادره الإلتزام بالخط العام والتوجيهات المنزلة من علي . فبعد سحب مرشح الحركة الشعبية أنذاك لم تُشنف أذاننا أخبار بأن عرمان تمت إحالته الى التحقيق بسبب الإنسحاب من الإنتخابات .ثم من أعلن سحب ياسر عرمان أنذاك لم يكن هو نفسه وانما نائب رئيس حكومة الجنوب د. رياك مشار عقب إنفضاض إجتماع المكتب السياسي مما يؤكد إن السحب موقف أتخذته القيادة وماعلى عضو التنظيم وهو ياسر عرمان إلا التنفيذ.ولمن لايعلم كان على عرمان أن يذهب حينها وفق مصلحة شعب خاض غمار الحرب لخمسين عام قبل ان تلوح له فرص الإنعتاق من جبروت المستعمر الجديد او أن يختارمواصلة قد تحسب أمراً شخصي اذا ما واصل في الإنتخابات التي كانت رهينة بتمزيق حق تقرير المصير ، وحينها إنصاع لحقن الدماءإنفاذاً لرغبة التنظيم الذي دعى الى مكتب سياسي للفصل في شأن المواصلة ام الإنسحاب .
وفي اقتصارهتركم على عرمان بمعزل عن الحركة الشعبية التي رشحته ثم سحبته تصعد بجلاء هامة الذاتية على القضية المفصلية وهي التغير، إذ انكم تركتم الكل الحركة الشعبية وتشبثتم بالجزءعرمان الذي لم ولن يمثل نفسه في حلبة السباق ماضياً ام مستقبلا.
(3)
وإذا ما إسترسلنا في الحديث عطفاً على ما اختطه يراعكم فيما يختص بموقف الحركة من إدخال الإغاثة وربط ذلك بحديث السيد مناوي رئيس حركة تحرير السودان (“صفقة ثنائية…أورجس من عمل الشيطان!) والوقوف الى جانب مناوي فهو لا يدل الا على السعي الجاد لتوسعة الهوة بين مكونات الجبهة الثورية ، فالكل يعلم أن الخلافات بلغت مداها بُعيد إجتماع باريس قبل الاخير بخصوص رئاسة الجبهة الثورية، الذي أعقبته حرب إعلامية ضروس كادت أن تعصف بالحلف لولا التريث . فتثوير الإنتقادات لتفرقة التحالف او الصيد في الأجواء الملبدة(بالضغائن) يدل على شيئين الاول هو الحفاظ على إستمرار الصراع بإعلاء حديث هذا على ذاك . والتاني هو تعميق حجم الهوة بين الأطراف غير المتناقمة .وكل ذلك يصب في مصلحة النظام، الذي يمر بمرحلة موت “إكلنيكي” يحتاج فيها الى إنقاذ ولو بسد رمقه ليزداد عمره يوماً بعد يوم ، وهذا مالم يتأتي إلا بإضعاف الجانب الأخر.
وهو ما فعله مقالكم الرصين ببراعتكم وإتساع خيالكم للوقوف صفاً الى جنب النظام ، وهنا تمايزت الصفوف ارضاً سلاح.
(4)
لنعرج بعد ذلك الى محمل الجد أبهين لخطورة قولكم الذي يتماشي مع قول سادات النظام وأتباعه الذين أستمرؤا إستهلاك نافر القول ليمتطوا ظهرنا متصيدين كل برهة من الزمن لعمر جديد . ولنافل القول في هذا الحديث مدلولات كامنة في موقفكم الضمني لرفض إدخال الإغاثة أو فتح ممرات أمنه من دول الجوار.
موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان الرافض لإدخال الغذاء من ضفة الخرطوم لأسباب قد تغفلونها. وربط ذلكم بقضية الحل الشامل التي ظلت الحركة تتمسك بها طيلة الجولات العشر العجاف . وهنا لزم التوضيح بأن موقف الحركة الشعبية لن يتزحزح قيد أنملة ، ولكن سوء النوايا وإستباق النهايات ظل يُسود أعين قارئي السياسية ومحلليها بإستباق التوقيع الإفتراضي، لأي إتفاق مبادىء بين الطرفين إذا كان حسناً للنوايا او وقفاً لإطلاق نار. لذلك وجب علينا أن نتحدث كأناس واطئين جمر الحرب بحق وحقيقة ولسنا بسفسطائين مقصدنا هو التنظير في امور متعلقة بحياة الملايين ممن يقطنون ببؤر الصراع و الهائمين على اوجههم غير قادرين تيمم شطر البلاد لعلمهم بمأساة قد تطالهم من قبضة الجلاد.
(5)
اولاُ همنا الأكبر هو وقف نزيف الدماء السائل وعودة الناس لقراهم ومساكنهم بإقتلاع اسباب الحرب من جذورها .وهذا مالم يتأتي إلا بإتفاق سلام شامل يعالج جذور المشكل . بإستعادة ترتيب الأوضاع وفق برتكولات توضح للكل حقة ومستحقة، لذلك داوم النظام على الرفض و التمترس جيئةً وذهابا لأديس أبابا .
المفاوضون الأحرار الذين يتجاذبون أطراف الحوار داخل ردهات رديسون بأديس ابابا عالمين بأن هناك امهات ثكالى ، واطفال يتامى، وكبار سن عاجزين عن الحراك يشرئبون عشية وضحاها لسماع اخبار تقيهم بأس الطيران المحلق برؤسهم يٌرسل عليهم شواظ من نار في حزم معبأة بالموت.
ورغماً عن ذلك يعلمون ان الذي يجري في ميدان القتال لم يكن شي سوى الكرامة التي دفعتهم لحمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم . لذلك لن تُقدم الحركة الشعبية على إتفاق ينتقص من كرامة بني البشر ويعيد الجراح الى فتقها ثانية.
خلاصة
فتح الممرات الأمنة من الضفة الموالية لمواقع الحكومة السودانية سيجلب علينا مزيد من الثبور وعظائم الأمورلأننا نتعامل مع خصم يعرف كيف يقضم من الكتف إن وجد ضالته المنشودة، لذلك موقف فتح الممرات من ضفة دول الجوار ليٌقي إنسان مناطق النزاع شر نظام الخرطوم . وهذا شىء بديهي يعرفه القاصي والداني . ولكن غير البديهي هو تبني موقف الحكومة السودانية ضمنياً بالوقوف خلف رفضها لفتح الممرات الأمنة لإدخال القمح لثكالى مناطقها اوالمحرومين . وهنا يتفق في الأمر اصحاب المفاوضين الاشاوس والرئيس البشير اضافة لكافة ابواق النظام المستخدمين . فالسؤال لمصلحة من يخرج الزميلان عارف الصاوي ومجدي الجزولي( باطروحة) تضفي على النظام حيويةً في تواقيت ترتعش منها الإنقاذ باحثة عن مٌنقذ يشوه الراي العام ليبقية على الحياد؟. ولماذا هذا التوقيت ؟ اسئلة تبادرت الى العديد من الاذهان إجباتها أن من سكب مداده لتمكين النظام له من المأرب ما يجلعه يقف مع سيل الدماء المنحدر.
ولنا عودة
.