Friday , 29 March - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

هل سقط سهواً ؟

بقلم: شمائل النور

هناك قاعدة تقول (لا يوجد ضابط مخابرات متقاعد) أي أن رجل المخابرات وإن أصبح خارج دائرة الفعل الرسمي، لكنه يظل رجل مخابرات، محتفظاً بسماته الأساسية، قلة الحديث، تلقي المعلومات أكثر من منحها..حينما ظهر مدير الأمن والمخابرات السابق صلاح قوش في حوار صحفي متسلسل الحلقات على صحيفة السوداني بدأ للوهلة الأولى وكأن قوش الذي يتحدث بإسهاب ممل هو ليس قوش الذي ملأت سيرته الإعلام وصُوّر للناس أنه ضابط مخابرات خارق بكل المقاييس، غير أن الذي اتضح –من خلال ذلك الحوار- أنه رجل أكثر من عادي بل أن بعض إجاباته على أسئلة الصحفي صديق دلاي كان يفصلها من الخواء شعرة، ذلك طبعاً قياساً بالصورة الذهنية “الخارقة” التي رسمها الإعلام للرجل، إضافة إلى حساسية المنصب الذي يشغله.

في حوار نادر، ظهر مدير الأمن والمخابرات محمد عطا، وأيضاً على ذات النسق، سلسلة (5) حلقات، بدأ فيها أكثر رغبة في الحديث من الزميلة لينا يعقوب التي أجرت معه الحوار على صفحات السوداني، وكان يفترض أن يكون العكس.. فكرة الحلقات في الحوارات الصحفية تناسب أكثر، المفكرين، الزعماء السياسيين الذين عاصروا فترات. لكنها لا تناسب البتة شخصيات ذات علاقة بالعمل الأمني والمخابراتي وعلى الرغم من وصفه على صدر الحوار بالرجل الصامت، إلا أنه تحدث طيلة أيام الأسبوع على صفحات الصحيفة، فانتفت عنه صفة الصمت فبدأ مُسهب في الحديث مجتهدا في رسم صورة غير التي باتت ثابتة لدى الأغلبية، وإن كان قد قال في ذات الحوار انهم غير مهمومين كثيراً بصورتهم، فوقع في تناقضات في معرض إجاباته.

في ملف المجموعات الجهادية، مستعرضاً جهود مؤسسته في قطع الطريق أمام الملتحقين بتنظيم الدولة الإسلامية يقول مدير الجهاز أنهم فعلوا كذا وكذا، ومن ضمن جهودهم يقول عطا إن لديهم علاقات داخل تنظيم “داعش”، ويُفهم من السياق الذي ورد فيه الحديث أن جهاز الأمن السوداني اخترق التنظيم المثير للجدل، وربما أراد الرجل أن يرمي جزرة للغرب، أن تنظيم الدولة الإسلامية وما شابهه تحت سيطرتنا، وكما هو متعارف عليه على نحو واسع على مستوى الإقليم والعالم أن الخرطوم عاصمة ذات علاقات شائكة مع المجموعات الجهادية، فهي مفرخة وحاضنة لهذه الجماعات من جهة، وهي غادرة بهذه الجماعات من جهة أخرى، وملف التعاون مع CIA معلوم، لكن أيضاً بهذه الإجابة فقد منح التنظيم الضوء الأخضر لتصفية كل السودانيين في صفوفه، وبذا يكون الرجل حاول قطع الطريق أمام الشباب الذين يفكرون بالالتحاق، إن وقعت أي تصفية لشباب سودانيين، خاصة وأن هناك من يتحدث عن الشكوك التي تحوم حول السودانيين في صفوف داعش باعتبار أنهم جواسيس، ولا أظن أن مدير الأمن سقطت عنه سهواً عبارة “لدينا علاقات داخل داعش” ليُثبت حقيقة علاقة الخرطوم -المشتبه بها- بهذه المجموعات وأنها ترفدها دائماً بالمقاتلين.

غير أن مدير الجهاز تناقضت إجاباته، وأدلى بمعلومة غاية في الخطورة والحساسية، حيث ذكر أنهم تعرضوا لضغوط فاضطروا لإطلاق سراح عدد من الجهاديين..فإن كان جهاز بهذا الحجم ولديه معاملات دولية ومخترق لتنظيم الدولة الإسلامية الأكثر تطرفاً ودموية، فكيف له أن يتعرض لضغوط في هذا الشأن بل ويستجيب لهذه الضغوط، وأي جهة يُمكنها أن تضغط على الجهاز وتجبره على الاستجابة، وأي جهة تملك السلطة الأعلى وتجعل الجهاز يضطر اضطراراً ؟؟ هذه المعلومة بقدر ما خلفت استفهامات كبيرة، لم يجب عليها الحوار إلا أنها كادت أن تُثبت حقيقة واحدة، يجتهدون كثيرا في تغييرها.!!

Leave a Reply

Your email address will not be published.