السوريون في السودان.. من نيران الحرب الى رمضاء المهجر
الخرطوم 19 ديسمبر 2015 – تتجول في العاصمة السودانية الخرطوم، مئات العائلات السورية الهاربة من جحيم القتال الذي اجتاح غالب المدن والبلدات هناك وخلف دمارا هائلا تبعه فرار آلاف المدنيين إلى شتى بقاع الأرض طلبا للأمن والسلامة، فكان نصيب السودان أن يأوي عددا مقدرا من الذين قصدوه طلبا للنجاة.
وفي أحياء الرياض، الطائف، والعمارات، وهي من المناطق المعروفة بالرقي، ويقطنها في الغالب ميسوري الحال من الأسر السودانية، انتشرت بكثافة خلال الأشهر الأخيرة، محال تجارية يديرها سوريون ينشطون في بيع الحلويات والوجبات السريعة، وسط رواج لافت لمبيعاتهم، كما افتتح بعضهم مصانع صغيرة لإدارة الأعمال الحرفية البسيطة، وبالتالي فان تلك المحال تستوعب أعدادا كبيرة من الوافدين السوريين وتوفر لهم فرص عمل يعتبرونها جيدة، وان كانت لا تكفي الاحتياجات بالنظر إلى الحالة الاقتصادية الصعبة التي بمر بها السودان.
ويقدر عدد اللاجئين السوريين في السودان بحوالي 105 آلاف منحتهم الحكومة كافة حقوق المواطنة في الإقامة والتنقل والعمل والخدمات العلاجية والتعليمية كما عمدت بعض العائلات السودانية إلى استضافة إسر سورية، استعصى عليها السكن في منازل بالإيجار لغلاء الأسعار.
وفي مقابل حصول بعض السوريين على فرص عمل في السودان، يواجه المئات منهم ظروفا سيئة، وبما أنهم لم يصنفوا كلاجئين، فإنهم يتلقون الإعانات من المنظمات الخيرية المحلية، ومن بعض التجار السودانيين والسوريين الذي كانوا يقيمون في السودان، قبل اندلاع الحرب، لكن ذات المساعدات غير منتظمة، كما اللاجئين الذين تتولى أمرهم وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، وبات مألوفا أن تجد الكثير من السوريين يتسولون في الشوارع والمساجد والأسواق.
ويقول مسؤول في مكتب (إغاثة وخدمة العائلات السورية في السودان)، إن نحو 100 فقط من الرعايا السوريين يعيشون في السودان على التسول، وان المكتب حاول مساعدتهم وتقديم يد العون لهم من خلال سلال غذائية ومعونات مالية، لكنهم رفضوا كونهم يكسبون أضعاف المبلغ الذي يمنح لهم.
ويوضح مازن أبو الخير لـ(سودان تربيون) أنه بسبب الغلاء وعدم التناسب بين الدخل والمعيشة لدى معظم العائلات اجتمع بعض التجار المقيمين في السودان منذ عام 2012 وشكلوا لجنة من عدة أشخاص تقوم بإغاثة العائلات السورية بدأت بست أسر إلى أن وصل العدد الحالي إلى أكثر من 700 أسرة مسجلة لدى المكتب بولاية الخرطوم، كما يؤكد عدم وجود لجان مساعدة أخرى.
ويشير إلى أن مكتب الإغاثة معروف ومدعوم من الجالية السورية كلها وهو يتسم بالتطوع وتقديم الخدمة الإنسانية، ويعتمد بالدرجة الأولى على التجار السوريين وعلى بعض السودانيين والمساعدات من المنظمات الأهلية المحلية.
ويقدم المكتب (سلة) معونات شهرية للعائلات المسجلة كما يحاول توفير فرص العمل للشباب بالإضافة الى توفير مسكن للعائلات الفقيرة، وتعاقد المكتب أيضا مع مستشفى خاص لتأمين 35 حالة ولادة.
عقبات أمام التعليم
وبحسب أبو الخير فإنه برغم من قرار الحكومة السودانية بمجانية تعليم الأساس لأبناء السوريين، الوافدين، إلا أن صعوبة المناخ وتباين اللهجة دفع بعدد كبير من التلاميذ والطلاب السوريين لعدم الانتظام في الدراسة.
ويضيف “لتأمين مستقبل الأطفال وخوفا عليهم من التشرد شرع المكتب في إنشاء مدرسة سورية – سودانية تمهد لهؤلاء الطلاب الانخراط التدريجي في المدارس والجامعات السودانية”.
وبالفعل حصل المكتب على جميع التراخيص اللازمة لإنشاء المدرسة ولم يتبق سوى إيجاد جهة تمول إنشاءها.
توفير مساكن
ويؤكد ممثل معتمديه اللاجئين السودانية، المرضي صالح سعيهم لتوفير سكن للسوريين في السودان.
ويقول إن الدولة منحتهم كافة حقوق المواطنة كما أن المفوضية بدأت في تسجيل السوريين ومنحهم بطاقات (ضيف) يحصلون بموجبها على كافة الحقوق من خدمات علاجية وتعليم.
ويتابع “من الممكن على المدى البعيد توفير السكن في شكل معسكرات داخل الخرطوم أو تسليمهم مبالغ لإيجار مقار تأويهم”.