الحركة الشعبية ليست شقة مفروشة للإيجار!
بقلم : مبارك أردول
طالعت كغيري من المتابعين المقالات التي كتبها أبكر آدم إسماعيل عن الحركة الشعبية نشاطها وقيادتها وعضويتها بسلسلة من المقالات (لربما لم تنتهي بعد)، في وسائل التواصل الإجتماعي، بشر بها أصدقاءه قبل نشرها بأيام على شاكلة دور إنتاج الأفلام ( شاهدوا العرض الأول وهكذا للمزيد من التشويق والإثارة وزيادة مرتادي شباك التذاكر)، لم أكترث حقيقة لذلكم الإعلام الدعائي لأن السيناريو ليس بجديد لدي وأبكر لن يأتي في مقالته هذه بأكثر مما كان يردده شفاهة من قبل أو يمليه لأحد ليتحدث به نيابة عنه، ولكن الجديد في الأمر أن المدرب قد قرر هذه المرة إنتعال حذاءه والدخول في أرض الملعب بدل التخطيط خلف الكواليس دوماً.
وكعادتي لا أرد على كل المقالات التي تكتب في حق الحركة الشعبية أو برنامجها أو في حقي الا لسببين، هما الكاتب والموضوع نفسه، فأكتب دفاعاً عنها أو معرفاً ببرنامجها وإنتصاراتها أو موضحاً لبعض اللبس الذي يحاول البعض قصداً تشويه الحقائق وإلحاقها بالحركة الشعبية أوبأحد قادتها وكادرها النشط وعضويتها، هذا في الإطار العام، أو أرد دفاعاً عن موقفي وقناعاتي تجاه ما أفعله وأتبناه.
فالكاتب أبكر يجمع بين السببين لأرد له، فهو ذهب في الطريقين معاً، الأول تشويه الحركة الشعبية وتسفيها وتمليش جيشها وإتهام قيادتها والإستخفاف بهم، والثاني محاول التقليل من شخصي والإزدراء بها ممارساً سلوكه المتعالي الذي حاول كثيراً إخفائه وقد نبهنا عنه بعض الرفاق من قبل، فتسال عني وأرقى وأزبد شاكياً لماذا قمت بإرسال التوجيهات (أي كان نوعها ومضمونها) من
قيادة الحركة الشعبية اليه والصق بي ألقاب واوصاف تعبر حقيقة عن سقوطه وإنحطاطه وما يكنه تجاه الآخرين، فقال في مقالته ” فالصفة المعلنة للرفيق أردول هي أنه “المتحدث الرسمي بإسم وفد الحركة الشعبية المفاوض،” فالصفة المعلنة للرفيق أردول هي أنه “المتحدث الرسمي بإسم وفد الحركة الشعبية المفاوض،” وفي رواية أخرى “المتحدث بإسم ملف السلام في الحركة الشعبية،” كما يكتبها هو في بياناته؛ أو، من واقع الحال، أنه الراعي الرسمي لأغنام الرفيق ياسر عرمان الذهنية، التي يكلأها ويسقيها ويذود عنها في الأسافير.
وكما هو معلوم للداني والقاصي، فأنني لا علاقة لي بالوفد المفاوض ولا بما يسمونه بملف السلام أو أغنامهم الذهنية التي يرعونها في الأسافير؛ فبأي صفة تنظيمية يخاطبني الرفيق أردول؟ وبصيغة الأمر؟”. إنتهى كلامه.
لقد وقع أبكر في الفخ الذي كان يتظاهر بأنه ضده ويناضل من أجله، وهو التعالي والتقليل من شأن الأخرين والإذدراء بمهنتهم وسبل كسب عيشهم، فشبهنا برعاة الغنم، وهم أي (رعاة الغنم) في الواقع هم المهمشين الذين طفق يتحدث بإسمهم، يجوب الدنيا وبقاع الأرض ويقلب طوبها منصباً نفسه مدافعاً عنهم.
أولاً فلنثبت هذه، أنني أتشرف بأن أكون من هؤلاء الرعاة بل أتشرف بأن أنتمي إليهم وأكون إبنهم، بغض النظر عن ما كانوا يرعون، فلا أتحسس وأشمئذ من مخالطتهم، فالرعاة جزء بل قطاع عريض من شعبنا وأهلنا وثورتنا ولهم تضحيات كبيرة من أجل مشروع السودان الجديد الذي نؤمن به، فقد بعضهم أرواحهم وأموالهم (وغنمهم) في سبيل ذلك، فهذه الثورة يا عزيزي هي ثورة الرعاة والمزارعين والميكانيكيين والحدادين والجزارين والترابلة وعمال المناجم وكذلك العطالة والمحرومين وكل من يؤمن بالتغيير ومشروع الحركة الشعبية.
وحتى لا ينزلق غداً ويشتمنا بأننا مجرد مهمشين ومغفلين، أوجه له هذه الإسئلة، لما أصبحت مهنة المهمشين مسبة؟ الا تحوي قائمتك من المهمشين هذه الرعاة عموماً ورعاة الغنم على وجه الخصوص؟، أليسوا هم بالمهمشين ؟ ولما التحقير بهم ؟ ووصف من تختلف معهم في الرأي بأنهم رعاة أغنام؟ هل هذه عنصرية وطبقية ؟ مع العلم بأن الرعاة والمزارعين في السودان لا تقل نسبتهم عن ال80% من السكان، فالعنصرية والطبقية هي التي تجعلك أن تحكم على الشخص بأن مهنته لاتساوي مهنتك، وتستحقرها، ولأن كل مهنه لها مزاياها، وكثير من المهن والاعمال الشريفة يحتقرها البعض وتشمئز منها أبدانهم وارواحهم معاً، أهي من جعلتك تقول عنا ذلك!، عليك أن تتزكر إن إحدى النساء المحترمات هي من رعاة الغنم وهى التي أوصلتك الي ما وصلت اليه.
فالندع هذا كله جانباً ولنحاكم أبكر بما خطته يداه في كتابه جدلية الهامش والمركز (الطبعة الأولى) المطبوعة كما كتب في غلافها في ( PANAMA ENTRPRISES)، فقد قال في الفصل الثالث من صفحة (146- 157) تحت عنوان المعايير وهي المعايير الأساسية للثقافة العربية الإسلامية، مستنبطاً ومقرراً محدداتها الثابتة ومركزيتها، فقال من ضمن ثلاثة محددات، قال في الثالثة والأخيرة (الإقتصاد الطفيلي = إحتقار المهن والحرف والعمل اليدوي على المستوى الإقتصادي)، وبالرغم من إن هذه الجزئية تفتقر الي التبويب والترقيم الجيد في كتابه، الا أنه يمكنك أن ترى من خلال قراءتها وبعد الملاحظة والتمعن أن ترى التناقض البائن فيما كتبه هناك وفي مقالته التي نحن بصددها، فسكب كثيراً من مداده يحدث قراءه عن إذدراء العربوإسلاميين للمهن والحرف والعمل اليدوي، ولكنه عاد يمارس نفس ما كان ينهى عنه، لربما أن في أسَفار أبكر ناسخ ومنسوخ، أي أن المقالة نسخت الكتاب، من يعلم؟ أو إنه قرر مصادمة أفكاره ؟ ولكن السؤال المبدئي هو، هل أصلاً كان يؤمن بما كتبه؟ كلها تساؤلات إظهرتها محاولاته للتسامي في التفكير وإنحطاطه في الممارسة وخاصة في مقالته ومناسبتها.
فالإستهزاء والاحتقار أو ازدراء الآخرين سواء في أشكالهم أو ألوانهم وفي أنسابهم أوحتى في جنسياتهم ومهنهم.. وغير ذلك من أنواع الازدراء أو الاحتقار هو مزيج مركب من المشكلات النفسية والاجتماعية تتلبس في ذلك الشخص الذي يتمثل بهذه الأدوار السئية ولاشك بأن المستهزيء لغيره لا يخلو من إحدى ثلاث حالات:
الأولى أن يصدر من شخص محُترم ويحترم أي أحد غيره ، ولكن حصل أن جاء الاستهزاء أو الازدراء مستفزاً أو جاء لأي سبب خارج عن ارادته البشرية وليس من ديدنه ولا من عاداته، بل أنه يؤنب نفسه عليه.. وهذا لا يدخل فيما نقصده لأننا لم ندخل في دائرة الإستفزاز لان أبكر هو عضو مثله مثل غيره من الأعضاء ينتمي لمؤسسة لديها لوائح ونظم تسيير بها عضويتها، وطالما كانت لديه حقوق كعضو تمتع بها وأصبح بها مسئولاً لمؤسسة التدريب فيها لفترة وزيل إسمه كثيرا بمديرها فحتما عليه واجبات واولها المحاسبة والمساءلة أمام رؤساءه في التنظيم فلا نرى ما يستفز هنا، فالنذهب إذن الي الثانية.
وهي أن يكون الاستهزاء وازدراء الآخرين صفة ملازمة للشخص واسلوب له في الحياة دائماً أو بصفة غالبة أو كذلك لمن يتعامل بمكيالين أو شخصيتين كالذي يظهر بوجه المتواضع أمام اناس وتتغير شخصيته أمام آخرين فيحتقرهم بسبب كما ذكرنا أشكالهم أو أنسابهم أو ألوانهم أو حتى مستوى تعليمهم وهكذا. وهذه هو الراجح ويمكنك ببساطة إستنباطه من خلال مقالاته وكتابه وسلوكه لمن عايشه كإنسان فأبكر يفرض على من حوله معاملته بطريقة مميزة (Unique) في كل شئ، ويزهو عندما يطلق عليه لقبي (مفكر ومنظر) وفي نفس الوقت يتحدث عن التواضع ويتظاهر بالزهد والبساطة.
أما الثالثة فهي لمن يتسم بشخصية متواضعة تحترم الآخرين أياً كانوا (ظاهرياً) ولكنها تضمر ( تخفي ) الكبر والإزدراء بالآخرين فتجده يضحك أمامهم ويضمر الاستهزاء على شكله أو خَلقه أو لونه..الخ، وهذا برأيي مثله مثل الشخص الثاني ومن كانت نيته الداخلية الاستهزاء واحتقار الآخرين ولكنه يظهر لهم عكس ذلك فهو والمستهزيء الصريح سواء بل نفاقه يزيده سوءاً.
فصديقنا هذا يعاني كذلك من علة نفسية سادية وهي في حد زاتها مشكلة يقول عنها علماء النفس بأنها تتمثل بسيكولوجية المستهزيء وهى من ضمن أخريات وتعطي دلالة على وجود عدة علل نفسية، و السادية، هي أن المستهزيء أو المزدري والمحتقر وحتى المتكبر لا شك بأنه يحمل شيئاً من السادية تجاه من يستهزيء بهم أو يحتقرهم فهو يحصل مقابل ذلك على اللذة والمتعة لأن الآخرين بنظره يتألمون ويجلدون بسياط حديثه بل إنه يسبب لهم آلاماً نفسية هو بالمقابل يستمتع بها !!
مّا أسوأ ما في التعليم وفي الشهادة الجامعيّة، إحساس البعض بأنّها تمنحهم القيمة في مواجهة الشرفاء من العاملين والفلاحين والحرفيين والرعاة، الذين يصنعون كلّ شيء في حياتنا: يزرعون الطعام.. يبنون البيوت…. ينسجون الملابس.. يرصفون الطرق.. يصنعون المنتجات المختلفة.. ويتاجرون في السلع.. و… و… و…. كلّ الأنشطة البشريّة هي نتاج عمل أيدي هؤلاء البسطاء، الذين للأسف، ينظر إليهم بعض المتعلّمون العاطلون باعتبارهم أدنى منهم.. لما يسوق بعض المثقفين السودانيين الي هذا النوع من الفرز التعليميّ الجائر! إنّنا نحتاج لإعادة النظر في وسائل تقييمنا للأدوار..ووسائل تقييمنا للمعرفة..ووسائل تقييمنا للتعليم!!!!
ما دمر المجتمع السوداني الا تعالي الطفيليين على القوى المنتجة في الريف من رعاة ومزارعين، وكاتبنا هذا نموذج لمتعالي طفيلي واللغة التي يخاطب بها زملائه ورفاقه تعكس ضحالة تفكيره، وإذا كانت هذه هي اللغة التي يخاطب بها الرفاق فنتسأل ماهي اللغة التي سيخاطب بها أعداءه إن وجدوا!، ولكن يبدوا أن أبكر ليس لديه أعداء الا رفاقه، فهو شديد الهجوم عليهم ورحيم خجول على أعداءه، وقد ثبت منذ زمن طويل إن المثقف العضوي هو الذي يربط الممارسة بالنظرية.
فالنعود الي أصل الحكاية، فماهي قصة أبكر ولما هذا كله، ببساطة أبكر آدم إسماعيل هو عضو في تنظيم رات قيادته بأنه إرتكب مخالفات تنظيمية تستوجب المساءلة والتحقيق لينصف هو أولاً والتنظيم ثانياً بإعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة والمساواة لكل عضو أمام قوانينها ولوائحها ولا كبير فوق النظم واللوائح (Full Stop).
ولكن ما الذي حدث؟ فعندما أخطرتنا القيادة هذه لإخطار أبكر وغيره من الرفاق ترقية وترفيعاً أو مساءلة ومحاسبة، جن جنونه وأخدش كبرياءه الزائف، وكما هي نفس القيادة التي ظلت تسمينا كلنا لتولى مهام متعددة في التنظيم هذا من فترة ما قبل إتفاقية السلام 2005م ومروراً بالمرحلة الإنتقالية (مرحلة الإستوزار والمناصب) والي الآن، رفض أبكر هذا القرار هذه المرة لأنه كبير ومفكر ومنظر كما يحب أن يكنى (من كنية)، وقد قبل قرارات هذه القيادة مرات كثيرة من قبل مغتبطاً ومسروراً (كمان) وتمتع بمزاياها، فهذه المرة كانت مساءلة وتحقيق رفضها ولم يلتزم بالتوجيهات التي جاءت فيها.
فالرفيق مدير معهد التدريب السياسي والتأهيل القيادي الأسبق فات عليه أن أولى أبجديات وساس أساسيات تدريب وتأهيل الكادر هي حفظ أسرار ومكاتبات التنظيم خاصة إذا ما طلب منك ذلك، ولكن المعلم فشل في الإختبار الذي كان يجب أن يمتحن فيه دارسيه وطلابه، فحري بي أن أتسأل هل أبكر هذا كان يؤهل ويدرب الكادر حقيقة؟ وعلى ماذا؟ طالما غابت عنه أهم الأساسيات وأولى الإبجديات، أي الف باء تاء ثاء التنظيم، أو قل دعونا نقلب الحكاية فإذا كان أبكر هو من يريد محاسبة أحد من يرأسهم هل كان سيقبل هكذا سلوك؟.
الحقيقة لو كنت في محل أبكر لذهبت ونفذت ما طلبه مني تنظيمي وقيادتي لأثبت عملياً لكل جماهير الحركة الشعبية وعضويتها بأن لا أحداً فوق التنظيم وكلنا سواسية أمام القانون، وحتى لو تمت إدانتي سوف أعتذر للتنظيم وهو سلوك رفيع أقدم به تدريباً عملياً لمن أديرهم عن الإنضباط والإلتزام، وعلى الأقل أترجم لهم الكلام النظري الي واقع.
فالنذهب الي قصة بيته التي أوردها في مقاله ووصف بعض الرفاق ضباط الجيش الشعبي وهو الذراع العسكري للمؤسسة التي أنتمى لها وصفهم ب” مليشيات ياسر عرمان”، أولا الجيش الشعبي لايمكن أن تطلق عليه عبارة مليشيا فهم جيش منظم ومنضبط وله تضحيات كبيرة ومعارك ضخمة يعلمها الإعداء قبل الأصدقاء ولولاه لما كانت هنالك حركة شعبية ولتمددت الشمولية والدكتاتورية وإبتعلتنا جميعاً، فالكفاح المسلح وسيلة تتبعها الحركة الشعبية وطورتها من ضمن وسائل آخرى لتحقيق السودان الجديد وهذا الكفاح يقوم به هؤلاء الرفاق والرفيقات يسقطون واحداً تلو الآخر من أجله، وهذه تجعلنا نعود لقصة الإستحقار والتقليل من شأن الرفاق في الجيش الشعبي وتشبيهمهم بالمليشيات مثلهم ومثل جنجويد حميدتي ومليشيات كافي تيار. فيا أبكر ليس لديك بيت في جبدي، والذي سكنت فيه هو منزل مدير المعهد لأنك كنت مديراً له أنذاك، وبمجرد مغادرتك لكاودا في نهاية 2011م كان عليك تسليم مفتاحه لمن خلفوك في إدارته، ليس إدخال المفاتيح في جيبك كانك تمتلكه، والرفيق لؤي الرضي وبقية الرفاق الذين فكوا إحتكارك الشخصي لبيت مدير المعهد كانت عبر إتباع إجراءات مؤسسة وسليمة (يمكنك معرفتها)، فهذه البيوت مبنية في أرض أهل كاودا أعطوها للحركة الشعبية ليبتنوا هذا المعهد منذ عام 2003م قبل مجيئك بأربعة أعوام، فعليك عدم التدليس والكذب ومحاولة إستعطاف الأخرين بأن بيتك قد كسر، وأما إذا ما تم تمليك هذا البيت لك فأخبرنا متى وكيف؟.
ثانياً هؤلاء الضباط الذين يديرون المعهد كانوا يقعون أنذاك تحت قيادة الفريق عبدالعزيز الحلو رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الشعبي السابق ونائب القائد العام حالياً، ولم يكونوا تحت قيادة الرفيق الأمين العام ياسر عرمان لتطلق عليهم مليشياته، فهذه أمانة يجب أن يعلمها القارئ/ة الكريم/ة. نتسأل لماذا نسب هذا الكلام وقصة البيت لشخص غير مسئول مطلقاً عن القيادة العسكرية في جبال النوبة ولا بمعهد جبدي؟ فالمبرر والمصدر هو نهج التقسيم الإثني لقيادة الحركة الشعبية، فهذه اللغة تخرجك خارج زمرة المثقفين الواعيين بحقائق الصراع وترياق الحلول وتجعلك من المتداولين والمتعاملين بعملة النظام الأثنية، فأنت تتعامل مع قيادة الحركة الشعبية على حسب قربها وبعدها الإثني منك ودخولها في دفترة يومياتك الأثنية الذي لا يتسع لروية الحركة الشعبيةكلها، فالحركة تكافح الأثنية لإقامة مجتمع جديد ولا تريد أن تبدل الضحايا بضحايا آخرين.
الغريب في الامر أنك ممن تحذرون وتشيطنون الآخرين ضد الهبوط الناعم للنظام (soft landing ) ولكن لم أكن أتوقع أن تستحقر بالجيش الشعبي وتطلق عليهم بالمليشيات في نفس الوقت، فيا أبكر (أنت لا تريد السوفت لاندنيغ وكمان تستحقر وتتعالى على الجيش الشعبي) فماذا تريد إذن!؟.
فالنقل شيئاً ولنصحح ونوضح بعض اللبس عن معهد جبدي فهو معهد التدريب السياسي والتأهيل القيادي أنشأته الحركة الشعبية في جبال النوبة عام 2003م، فعهدت إدارته عند تأسيسه للرفيقين المفقودين عمرفضل دارشين وأحمد بحر هجانة، وبعدها تعاقب عليه عدد من المدراء آخرهم العميد رمضان حامد أورندي، فليس صحيحاً ما يقال من حديث بأن أبكر هو المؤسس لهذا المعهد وأفنى عمره يدرب كادرها ولم نشهد له توضيحاً بذلك. فعملية التدريب السياسي وتأهيل الكادر في الحركة في جبال النوبة قد بداءها القائد يوسف كوة قبل (28) عاماً تحت إشرافه، فأين كان أبكر حينها، عليه أن يترك الأستاذية ويستمع الي الناس البسطاء من أمثالنا، فالأساتذة الحقييقين هم الشهداء والفقراء والمهمشين.
لأبكر إسهامات في الحركة الشعبية كغيره من الرفاق، ولكن علينا أن نسلط الضوء عن الدور الذي يريد ويحاول أن يلعبه ويتغمسه، فهو يريد أن يكون ميشيل عفلق للحركة الشعبية، لإن ميشيل عفلق هو أسس حزب البعث مع صلاح الدين بيطار بعد عودتهم من الدراسة في السوربون في فرنسا ووضع أهدافها وبرنامجها وحدد ألياتها، وله حق الأبوة الروحية في البعث إتفقنا أو إختلفنا معه، عكس ما يريد أن يتمظهر به أبكر، وهذا تجاوز للحدود، فلا هو بمؤسس للحركة الشعبية ولا بمنتج لنظرية السودان الجديد ومن حقه أن يساهم في تطويرها لا تدميرها، فأبكر عاش في السنوات العشر الماضية على ريع الحركة الشعبية وخيرها، بداءاً من الأمين العام نفسه الذي كان عليه أن يشكره على رعايته له طوال الفترة الإنتقالية، والحركة الشعبية ليست في حاجة لميشيل عفلق لأنها أسست من قبل الراحل دكتور جون قرنق فهو من وضع نظرية السودان الجديد وخط برنامجها ومنفستوها السياسي وحدد أهدافها ووسائلها وهيكلها وحدد أصدقائها وأعداءها، بل هي تراكم لنضالات المهمشين في مختلف أقاليم السودان والتي أخذت طوابع وأشاكل متتعدة ومرت بظروف مختلفة وقيادات متنوعة تتوجت أخيراً بالحركة الشعبية لتحرير السودان التي هي في السودان اليوم، فقولك أن قيادة الحركة الشعبية قد فارقت مشروع السودان الجديد فراق الطريفي لجمله، نقول لك عندما تركت هذا الطريفي وجمله وذهبت لكندا لتصبح مواطناً فيها كان هؤلاء يناضلون دفاعاً عن هذا المشروع وعن هذا الطريفي وجمله معاً ومازالوا.
المدهش حقاً خلال بحثي في الإنترنت كتبت على محرك البحث (أبكر آدم إسماعيل) فلم أجد له مقالة ولو واحدة ضد نظام عمر البشير لا في الحرب الأولي ولا الحرب الثانية، وبالرغم من مرور أحداث كبيرة ومصائب جلل كانت مفصلية في تاريخ شعبنا، منها الإبادة والتهجير والتنزيح في إقاليم دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة والقتل في الخرطوم وغيرها والإعتقالات والتعذيب وكل الإنتهاكات التي تحدث، كل هذه لم تجعل صاحبنا هذا ولم تجود أحباره وأفكاره بأي مقالة فضحاً لسياسات النظام أو دفاعاً عن المضطهدين وعن المشروع الذي يتبناه، والا فان هنالك خطأ ما؟ ربما في قوقل، لأن الخلاف الذي جعله يكتب ضد تنظيمه في أسابيع نذكره بأن النظام له 26 عاماً.