Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

الحركة الإسلامية من المهد للنظام الخالف (11-11)

بقلم : د.علي السيد – المحامي – [email protected]

هذه المقالات ليس المقصود منها التوثيق للحركة الاسلامية انما هي دراسة لفكر (اخوان السودان ) منذ النشاة الي اليوم اعني بها الجيل الجديد خاصة الذي اتي الدنيا في عهد الانقاذ او قبلها بقليل موضحا كيف تخلت الحركة عن الدعوة لله واتجهت للسلطة والجاه .

وحدة الاسلاميين

إنّ نزعة الجمود والتقليد خلقت فراغاً فكرياً أفسح المجال للثقافة الغربية الرأسمالية والثقافة الماركسية الشيوعية أن تمد خيوطها للا مرئية لتنسجها بين المجتمعات الاسلامية نتيجة لذلك الجمود أو التقليد ، لهذا وجب أن يكون باب الاجتهاد مفتوحاً كما سبق من قبل، وأن يقوم علماء المسلمين باستنباط الأحكام الشرعية الجديدة كضبط المسائل الدستورية المعاصرة. بما يتواءم وروح العصر من أصول الأحكام الإسلامية الكلية مثل الشورى، والحرية، والمساواة، والعدالة، والتكافل الاجتماعي، ومسئولية الحاكم . صحيح انّ الفساد والفوضى في القرن الرابع الهجري أدى إلى قفل باب الاجتهاد كما هو معروف إلا إن قفل باب الاجتهاد غير مجمع عليه من كافة المذاهب ، ويرى معظم الفقهاء المتقدمون والمحدثون أن الأسباب التي أدت إلى قفل باب الاجتهاد قد زالت ، ولا يوجد ما يدعو لقفل هذا الباب .

يرى البعض أنّ انصراف الفقهاء عن البحوث الدستورية أي تلك البحوث المتعلقة بأمور الحكم في الدولة ، يعزى إلى النظام الاستبدادي الذي ساد أداة الحكم الإسلامي في كثير من الأحيان منذ عهد خلافة الأمويين، فالفقه الإسلامي لا تثبت بذوره إلا في أرض حرة . ويكفي أن نشير إلى فقيه يكاد يكون من أكبر فقهاء السياسة الإسلامية القدامى وهو(الماوردي) الذي عاش في العهد العباسي وتوفي سنة 540 هـ إذ وضع مؤلفا شهيراً هو (الأحكام السلطانية ) وهو أول كتاب جاء فيه ذكر لنظام الحكم في الإسلام ، يذكر عن الماوردي انه بعد أن انتهي من مؤلفه هذا أوصى أن لا ينشر إلا بعد موته ، وهكذا نري أن بعض الباحثين المسلمين المجتهدين في الميدان السياسي كانوا يكتبون في جو من الخوف والرهبة ، بينما يكتب البعض الآخر بدافع الزلفي والرغبة ويبدو أن الأمر امتد إلى عصرنا هذا، فلا نجد إلا القليل من العلماء من رجال الفقه الإسلامي الذين يكتبون في البحوث الدستورية الإسلامية كما هو شان علماء القانون الدستوري الوضعي في العصر الحديث.

ان مسألة البحث عن النظريات السياسية الدستورية على قدر كبير من الخطورة، إذ أنّ ذلك يتعلق بنظام الحكم في الدولة وبيان حريات الناس وحقوقهم الأساسية، يضاف إلى ذلك الأوضاع والملابسات التي تمر بها الجماعة الإسلامية والأمة بشكل عام، والاتهامات التي تصفها بأنها أمة إرهابية ومتخلفة، ويرجع ذلك لعدم فهم بعض الجماعات الإسلامية لروح الشريعة الإسلامية و أحكامها الكلية، والتعصب القائم على الجهل.

صحيح ان الفكر السياسي الإسلامي المعاصر يجتاز أزمة خطيرة ، ويدخل في تجربة مريرة ، ويواجه موقفا بالغ الدقة والتعقيد، الامر الذي يوجب تمهيد الطريق إلى أولئك المشرعين والباحثين الذين يحاولون أن يقيموا أو يستنبطوا في العصر الحديث نظاما سياسياً إسلامياً، أي نظاماً من أنظمة الحكم مطابقاً لأحكام الشريعة الإسلامية أنظمة تتواءم مع الواقع، وتتجاوب مع الراهن، وتراعي مطالب العصر، وتساير مقتضيات الحضارة الحديثة ، ومجابهة أحداث اليوم، فكل عصر جديد ، يتطلب أنظمة جديدة كما يتطلب أيضا التخلص من الأنظمة والنظريات التي أصبحت متخلفة عن الواقع ومتعارضة مع الراهن، وكما ذكرت فإن حل الأزمة يكمن في الاجتهاد لانه المصدر الوحيد الذي يسمح بالملاءمة بين أحداث الحياة المتجددة وبين نظم ونظريات السياسة الإسلامية ، وعن طريق الاجتهاد يمتلك الإسلام الوسائل التي توفق بين أصول عقائده الثابتة وحاجات المجتمع المتغيرة ، ونشير هنا إلى اجتهاد الحركة الإصلاحية التي تزعمها المفكر الإسلامي الشيخ محمد عبده تلميذ جمال الدين الأفغاني وهي حركة تدعو للاجتهاد والتجديد والتحرر من قيود التقليد لأن الإسلام يستطيع دون حاجة للتقليد الأعمى للحضارة الغربية أن يساير العصر والتطور والتقدم

إن القضية المحورية في العالم الإسلامي اليوم تدور حول كيفية تداول وانتقال السلطة سلمياً، وهذا يتطلب أن تعلن الجماعات والحركات والمنظمات والأحزاب الإسلامية صراحة قبولها التعددية والحزبية وإيمانها بحل هذه المشكلة التي تشكل تهديدا للعالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *