الحركة الإسلامية من المهد للنظام الخالف ( 5-7)
بقلم : علي السيد – المحامي – [email protected]m
هذه المقالات ليس المقصود منها التوثيق للحركة الاسلامية انما هي دراسة لفكر (اخوان السودان ) منذ النشاة الي اليوم اعني بها الجيل الجديد خاصة الذي اتي الدنيا في عهد الانقاذ او قبلها بقليل موضحا كيف تخلت الحركة عن الدعوة لله واتجهت للسلطة والجاه .
هنالك حديث مهم حول صدور قرار الحركة بحل مجلس قيادة الثورة ترتبت عليه أثار خطيرة نشاهد نتائجها اليوم، وهو ان رئيس مجلس قيادة الثورة السيد عمر حسن احمد البشير رفض قرار الحل من حيث المبدأ ،وبعد مداولات وحوارات وافق علي حل المجلس عدا رئيسه عمر حسن احمد البشير بحجة انه قائد المجلس وهو صمام أمان للثورة ومشروعها الإسلامي (كما ذكر عبد الرحمن عمر محي الدين )ويعتبر ما قام به عمر للبشير أمر مخالف لقواعد الحركة الأسلامية، رغم ذلك لم يحاسبه احد ولم ينبهه احد لهذا المسلك غير المنضبط ،وظل محتفظا ببذته العسكرية ولبسها مؤخرا وذلك عندما قام بحل المجلس الوطني بخلاف الدستور ، لذلك قلنا فى أول الحديث أن ذلك الموقف كان له أثره فيما بعد ، كما يجب استعادة ذاكرة هذا الموقف ووضعه فى الاعتبار عند انشقاق الحركة الأسلاميةالذي وقع عام 1999 .
استميح القارئ عذرا باني سوف اذكر فى هذه الجزئية تفاصيل قد تبدو مملة وسخيفة ،ولكنها ضرورية للوقوف علي ماآل اليه الامر اليوم لانه كانت له اثار قديمة اخذت تتجدد وتزاد مع الزمن ،وان هناك رواسب قديمة اخذت تطفو علي السطح ،ان مسالة اصرار رئيس مجلس قيادة الثورة علي عدم انصياعه لقرار حل المجلس والتجاوز عنه اصبحت له اثار سالبة علي مجرى الاحداث فى المستقبل ،كما ان وفاة المرحوم الزبير محمد صالح ،ووقتها كان نائب رئيس الجمهورية واختيار بديل عنه كانت محل خلاف فى قيادة الحركة ، ففي منزل الترابي بالمنشية كان الاجتماع الذي ضم كل من حسن الترابي ويسن عمر الامام وابراهيم السنوسي وغازي صلاح الدين فرشح اربعة اشخاص منهم علي عثمان وعلي الحاج وعبدالله حسن احمد وعوض الجاز وقد تم التداول حول هؤلاء واستقر الامر فى النهاية لترشيح اثنين يختار منهم الرئيس منهم واحداً وهم علي عثمان محمد طه وعلي الحاج 0غير ان إبراهيم السنوسي وغازي صلاح الدين كان رايهم ان يكون الترابي هو النائب الاول دون ترشيحات اخري غير ان ياسين عمر الامام رفض ذلك الامر بشدة ،وقال لايمكن لرئيس الحركة الإسلاميةان يكون نائبا لرئيس الجمهورية ،وذلك الامر لان الحركة حاكمة فكيف ياتي الرجل الاول ليكون نائبا حيث ان الحكومة تعتبر أداة من أدوات الحركة ،والأفضل ترشيح علي وعلي الحاج ليختار احدهما وانفض ذلك الاجتماع دون التوصل الى قرار وعقد اجتماع اخر موسع حضره الكاروري وعبد الوهاب عثمان واخرين ،وفى ذلك الاجتماع تم طرح اسم الترابي مرة اخري ، الا ان الترابي اعترض علي الترشيح بحجة ان من تجاوز الستين عاما يجب الا يشغل منصبا تنفيذيا وطرح الاجتماع ترشيح ثلاثة أشخاص يختار الرئيس احدهما وهما علي الحاج وعلي عثمان والترابي ،وقدم الترابي الأسماء للرئيس الذي قال اذا ورد اسم الترابي فى الترشيحات سوف أستقيل لانه لايمكن ان يكون الترابي نائبا ، اما علي الحاج فان العمل معه صعب وعليه فاني سوف اختار علي عثمان محمد طه ،ومن ثم اصبح علي عثمان محمد طه نائباً لرئيس الجمهورية الي يومنا هذا .
ان الطريقة التي تم بها اختيار نائب رئيس الجمهورية تعتبر ِمخالفة للوائح ولم يتم الاختيار بطريقة صحيحة لانها تمت خارج المؤسسات ، الامر الذي احدث شرخا كانت له اثار ظاهر ،يقول البعض ان معظم الترشحات التي تتم بعض الاحيان بطريقة مفاجئة كانت تتم هكذا خارج المؤسسات وهذه واحدة من الاسباب الكثيرة التي ادت لخروج قيادات كثيرة من الحركة الإسلامية.
بعد حل مجلس الثورة كون رئيس الجمهورية لجنة قومية لوضع دستور للبلاد، غير انه لم يلتزم بمسودة اللجنة القومية ،وقدم رئيس الجمهورية مسودة اخرى للمجلس الوطني الذي اجازها وهو ذلك الدستور الذي سمي دستور السودان 1998 ، جاء فيه الحق فى التوالي السياسي أي حرية تكوين الاحزاب، وقد اثارت عبارة التوالي السياسي جدل كبيرا حول المقصود منها الى ان عدلت بقانون الاحزاب السياسية مؤخرا، وبعد صدور الدستور انتقلت البلاد من الشرعية الثورية الي الشرعية الدستورية شكلا والى يومنا هذا، رغم ان دستور 2005 كان دستورا ديمقراطيا احتوىعلي وثيقة لحقوق الانسان وهي من اجود الوثائق ، الا ان القوانين جميعها جاءت مخالفة لها فلا توجد حرية تذكر حتي يومنا هذا ، ظل هذا النظام شموليا رغم انه اجري انتخابات زائفة زورها واصبح بذلك التزوير هو الحزب الذي يحكم السودان حتي هذه اللحظة ، وفي رأيى ان الحديث عن الشرعية الدستورية حديث لامعني له ،خاصة بعد التاسع من يوليو 2011 ،ولانود ان نخوض فى هذا لانه سوف يخرجنا مما نحن بصدده .
المؤتمر الوطني (حزب الحاكم )
لقد قامت الإنقاذ وامعانا فى اخفاء هويتها الإسلامية ،عقدت مؤتمرات شكلية ودعت لها لفيف من المثقفين والمنشغلين بالمسائل محل البحث من كافة الاتجاهات، الا انها وضعت الضمانات الكافية لتخرج تلك المؤتمرات بما يتوافق وتوجيه ثورة الإنقاذ الإسلامية ،والحقيقة ماخرجت به تلك المؤتمرات هو عينه برنامج الجبهة الإسلاميةالقومية التي خاضت به الانتخابات الاخيرة ،قبل انقلاب مع بعض التفصيلات غير المهمة والتي قصد منها (تغبيش الوعي ) عن هوية الانقلاب ، وان الانقلاب العسكري جاء قوميا ومن صنع القوات المسلحة ،وليس له اي توجه سياسي وهدفه هو انقاذ البلاد من الدرك الذي اوصلته الاحزاب السياسية اليه ،وللمحافظة علي وحدة البلاد وسيادتها، وانها أي ثورة الانقاذ جاءت لتجهز القوات المسلحة لدحر قوات التمرد والتصدي للضايقة المعيشية وايقاف التدهور الاقتصادي واصلاح المؤسسات العامة والخدمات الصحية والتعليمية ومحاربة الفساد ، كما جاء فى البيان الاول مانصه ) التمرد : فقد فشلت الاحزاب ايضا فى تحقيق السلام الذي رفعته شعار للكيد والكسب الحزبي الرخيص حتي اختلط حابل المخلصين بنابل المنافقين والخونة ، وكل ذلك يؤثر سلبا علي قواتكم المسلحة فى موقع القتال ،وهي تقوم باشرف المعارك ضدالمتمردين ولاتجد من الحكومة عونا علي الحرب او السلام هذا، وقد لعبت الحكومة بشعارات التعبئة العامة دون جد او فعالية) .