الصحافة البريطانية تحتفي بتسلل تاريخي لمهاجر سوداني عبر نفق (المانش)
الخرطوم 7 أغسطس 2015 ـ تمكن مهاجر سوداني، من المشي تحت بحر المانش، الفاصل بين فرنسا وبريطانيا، وقام بعبور مذهل قطع خلاله أكثر من 50 كيلومترا على قدميه، في أول تسلل ناجح عبر ثاني الأنفاق طولاً تحت الماء بالعالم، وهو “يوروتانل” المعروف باسم “نفق المانش”.
ويستخدم النفق لنقل الركاب والبضائع بقطارات تقطع المسافة من باريس إلى لندن بساعتين و25 دقيقة، منها 20 دقيقة تصرفها لتعبر النفق الشهير، أما عبد الرحمن هارون فقطعه بيوم كامل محفوف بمخاطر متنوعة.
وأفادت وسائل إعلام بريطانية، الجمعة، أن هارون تمكن من القيام بما لم يسبقه إليه سواه، عندما اخترق أرقى الحواجز وأنظمة الرصد والتفتيش، ومر بأكثر من 400 كاميرا مراقبة في رحلته داخل نفق مظلم، كان جسده قريبا في بعض أماكنه 90 سنتيمترا من قطارات مرت إلى جانبه بسرعة تزيد عن 160 كيلومترا طوال عبوره تحت الماء من مدينة “كاليه” الفرنسية إلى جارتها “فولكستون” بإنجلترا.
وأعتقل هارون قبل وصوله إلى ضاحية من “فولكستون”، حيث تظهر القطارات إلى الضوء خارجة من تحت بحر المانش، بعد أن جرى توقيفه في نقطة داخل النفق تبعد نحو 900 متر من نهايته.
وكان هارون يأمل حال وصوله في طلب حق اللجوء الإنساني من سلطات المدينة الواقعة بمقاطعة كنت، 65 كيلومتر من لندن، حيث كان يحلم بالعيش والعمل، لكن هارون البالغ عمره 40 سنة أصبح بلا حظ تقريبا بعد اعتقاله.
وقالت شرطة المقاطعة، في بيان إنها تحقق في عبور المهاجر في السابعة والنصف صباح الثلاثاء الماضي من فرنسا إلى حين وصل في السادسة والربع بعد ظهر ذلك اليوم، وهو ما لم يصل صداه إلى وسائل الإعلام إلا حين مثل هارون “عبر الفيديو” بمساعدة مترجم، الخميس، أمام قاض بتهمة التسلل، وإعاقة حركة القطارات، وعقوبتها السجن ثم الطرد، وهو ما سيبلغونه به خلال مثول ثان له أمام قاض آخر في 24 أغسطس الحالي.
لكن يمكن منح هارون حق اللجوء إذا أثبت أن طرده قد يعرض حياته للخطر، كحكم مبرم بالإعدام ينتظره في السودان مثلاً.
وتحمل هارون في رحلته درجات حرارة عالية جدا، وواجه من حيث لا يدري إمكانية ملامسته لأسلاك كهربائية، توترها عال بمئات الفولتات وكافية لقتله مصعوقاً في الحال “أو حتى التعرض للصعق الصوتي من ضجيج القطارات الهائل”.
والنفق هو شبكة من 3 أنفاق، يبعد كل منها 30 مترا عن الآخر، وفي أحدها المخصص للقطارات تم اعتقال هارون الذي عبره مشيا وسط حر شديد معدله في أغسطس 50 درجة مئوية، وتخفف نظم التهوية في بعض الأماكن بعض الشيء من الحرارة التي يتسبب بارتفاعها مرور القطارات، ومعدل عمق النفق تحت المانش 50 والأعمق 70 مترا، وهذا كله مر به هارون من دون أن يراه بوضوح، لأن النفق شبه مظلم تماما.
وكانت السلطات الفرنسية، أعلنت في اليوم الذي اختفى فيه هارون داخل النفق، أن 600 مهاجر غير شرعي حاولوا عبور النفق تسللاً في الشهرين الماضيين إلى بريطانيا، إلا أنهم فشلوا جميعهم، ومات منهم 9 حتى الآن، منهم سوداني آخر وجدوه ميتا في 29 يوليو الماضي، ووحده هارون نجح بعبور “المانش” من أسفله، مشيا ولأول مرة بالتاريخ.