الحكومة السودانية: لا مفر من زيادة تعرفة الكهرباء لضمان استقرار التيار
الخرطوم 24 يوليو 2015 ـ أكد وزير الموارد المائية والكهرباء في السودان أنه لا محالة من زيادة تعرفة الكهرباء، مع الأخذ في الاعتبار محدودي الدخل، ورهن الوزير استقرار التيار الكهربائي بتطبيق تعرفة مجزية، وطمأن بالإبقاء على دعم 200 كيلوواط لأي مواطن شهريا.
يشار إلى أن قرارا مماثلا برفع تعرفة الكهرباء سيضع الحكومة السودانية في مواجهة داخل البرلمان والشارع، وشهدت البلاد في سبتمبر 2013 احتجاجات عنيفة راح ضحيتها عشرات القتلى على خلفية رفع الدعم الحكومي عن الوقود.
وشهدت مناطق واسعة من البلاد خلال الأسابيع الماضية إنقطاعا في التيار الكهربائي لساعات طويلة، ما خلق حالة من التذمر والاحتجاجات وسط المواطنين الذين تأثروا أيضا تبعا لذلك بإنقطاع الإمداد المائي.
ورهن وزير الموارد المائية والكهرباء معتز موسى زيادة تعرفة الكهرباء بالوصول الى اتفاق مع المستفيدين عبر حوار ونقاش موسع، وأكد ضرورة زيادة التعرفة خاصة للمقتدرين، قائلا إنه “لا محال من ذلك مع الأخذ في الاعتبار محدودي الدخل”.
وتابع “السؤال هل المستفيدون يريدون كهرباء مستدامة أم يريدون كهرباء رخيصة وغير مستمرة ؟”، وشدد على عدم تأثر الفئات الضعيفة ومتوسطي الدخل من أي تعديل يطرأ على تعرفة الكهرباء، وتساءل “ما هي الأسس الأخلاقية والقانونية التي تجعل الحكومة تدعم مواطنا مقتدرا ؟”.
وقال موسى للإذاعة السودانية، الجمعة، “يجب علينا أن نقول التكلفة الحقيقة للكهرباء بكل وضوح، وأصحاب الدخل المنخفض هم خط أحمر كما أوصى بذلك الرئيس عمر البشير.. أنا لا أرى أن دعم الكهرباء للمقتدرين له قيمة ونريد حوار تشاوري موسعا في ذلك”.
وبحث الرئيس البشير، الأربعاء الماضي بمعية نائبيه ووزراء رئاسة الجمهورية ومدير جهاز الأمن والمخابرات، أزمة التيار الكهربائي مع المسؤولين في وزارات النفط، والكهرباء والموارد المائية ، في إجتماع مطول امتد زهاء الخمس ساعات.
وأفاد وزير الكهرباء عقب الاجتماع أن البشير أكد خلال الاجتماع أن زيادة تعرفة الكهرباء لمحدودي الدخل “خط أحمر”، بالرغم من أن التعرفة الحالية تغطي نحو 20% من تكلفة التشغيل.
وكشف أن تعديل تعرفة الكهرباء ليس الغرض منها زيادة الموارد المالية وإنما الحد من الاستهلاك الكبير للكهرباء في ساعات الذروة التي تكلف الدولة مئات الملايين من الجنيهات.
وعزا موسى أزمة القطوعات الى قلة حجم المياه في خزان سد مروي وإرتفاع تكاليف تشغيل المحطات الحرارية بسبب ارتفاع اسعار الوقود، مشيرا إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء خلال الفترة الأخيرة، وزاد “أصبحنا بحاجة ماسة إليها حتى اننا إذا وصلنا الى مرحلة أي طلب متزايد لن يكون متوفرا”.
وأوضح الوزير أن الوزارة كانت تؤمل على محطة خزان أعالي نهري عطبرة وستيت لكن تأخر اكتمال انشائها تسبب في المشكلة الأخيرة، وقطع بأنه في غضون الشهر المقبل سيشهد التيار الكهربائي استقرارا.
وأشار إلى دخول محطة بورتسودان للتوليد الحراري بطاقة 1500 ميقاواط خلال أيام، وكشف عن شراء السودان لطلمبات ألمانية تعمل بالطاقة الشمسية تبلغ قيمتها حوالي 16 ـ 17 ألف دولار لري مساحات تتراوح بين 20 ـ 30 فدان، مشيرا إلى ارتفاع تكلفة تصنيع الخلايا الشمسية بالبلاد.
وناشد المواطنين بترشيد الاستهلاك، مبينا أن “الناس يعتقدون أنهم أحرار، لكن لا بد من ترشيد استخدام الكهرباء والاستهلاك غير الضروري.. نحن نعاني من مشكلة الذروة التي تشهد كثافة في استخدام الكهرباء في وقت واحد”.
وأعلن وزير الموراد المائية والكهرباء أن خطة الوزارة للعام 2016 ستكون خالية من برمجة قطوعات الإمداد بعد إضافة توليد إسعافي حراري وتشغيل المحطات بطاقتها القصوى “وبالتالي سيكون العام القادم أفضل ما لم يحدث طارئ خارج نطاق التحكم”.
ولفت الى أن القطاع خاص لم يدخل جديا في مجال توليد الكهرباء، قائلا إن “الكهرباء قبل سد مروي كانت أشبه بـ (التحلية)”. وأوضح ان قطاع الكهرباء يكلف كثيرا، مستدلا بأن تكلفة بناء محطة كهرباء تبلغ 1.5 مليار دولار يضاف إليها تكلفة التشغيل من الوقود بين 500 – 600 مليون دولار، بجانب تكلفة قطع الغيار.
وأشاد موسى بالتداول الواسع لقضايا الكهرباء في وسائط الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وقال إنه أظهر مستوى ودرجة الوعي التي يتحلى بها المواطن والتحول النوعي الكبير نحو الأحسن من خلال إدارة حوار موضوعي يناقش المشاكل والصعوبات.
ووصف التداول الإعلامي بـ “التعاطي المحمود”، معربا عن سعادته به رغم النقد والرسوم الكاريكاتورية الساخرة، مضيفا “أن الحكمة ضالة المؤمن أنّا وجدها فهو أحق الناس بها”.