Wednesday , 24 April - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

خبراء إقتصاديون: رفع العقوبات عن السودان مرهون بالإصلاح السياسي

الخرطوم 8 نوفمبر 2014 ـ أجمع خبراء إقتصاديون على أن الطريق إلى تخفيف أو رفع العقوبات الأمريكية على القطاعين الصناعي والمصرفي يتطلب تغيير نهج السياسات الحكومية التي تسببت في المقاطعة، ونادوا بإبتدار حوار بين المجتمع المدني والسياسي السوداني، والجهات الدولية لتخفيف ضرر العقوبات على السودانيين.

سمنار آثار العقوبات الأمريكية علي السودان
سمنار آثار العقوبات الأمريكية علي السودان
ونوه الخبراء في سمنار آثار العقوبات الأمريكية علي السودان الذي نظمته مجموعة إقتصاديات سودانيات بالتعاون مع مفوضية الإتحاد الأوروبي بالخرطوم، الإثنين الماضي، إلى تأثيرات كبيرة جراء العقوبات على قطاع إنتاج الأدوية والمستحضرات الصيدلانية، ومعظم القطاع الخاص الصناعي بالإضافة للتأثير الواضح في انكماش التعامل المصرفي مع معظم البنوك الخارجية والتي ترفض المعاملات المصرفية من بنوك سودانية.

وأوضح عضو أمانة الاتفاقيات الخارجية باتحاد أصحاب العمل السوداني محمد سليمان في ورقته المعنونة (تأثير العقوبات الاقتصادية الأمريكية في السودان- قطاع الصناعات) أن الحكومة الأمريكية فرضت العقوبات لأول مرة في عام 1997 بعد أن وجدت أن (سياسات وإجراءات حكومة السودان بما في ذلك الدعم المتواصل للإرهاب الدولي، والجهود المستمرة لزعزعة استقرار الحكومات المجاورة، وانتشار إنتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك العبودية والحرمان من الحرية الدينية، يشكل تهديداً غير عادي واستثنائي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة).

وأضاف أنه تم تصميم هذه العقوبات لتقييد الاستثمارات الأجنبية وحظر الصادرات الدفاعية والمبيعات وإنهاء الأنشطة التجارية بين البلدين.

وألقت الورقة نظرة عامة على العقوبات الإقتصادية الأمريكية في الوقت الراهن إذ يبلغ العدد الحالي للشركات السودانية الموضوعة في القائمة السوداء من قبل الحكومة الأمريكية 106 شركة من ضمنها (GNPOC) وهي شركة النيل الكبرى المسؤولة عن معظم إنتاج النفط في السودان، كما فرضت عقوبات شخصية على رموز في الحكم ومن ضمنهم أحمد هارون والي شمال كردفان وعوض بن عوف مدير الاستخبارات العسكرية.

كما استعرض محمد سليمان أنشطة القطاع الصناعي مثل الصناعات الغذائية والكيميائية والدوائية والطباعة والإتصالات وغيرها منوهاً إلى أن فرع الصناعات الغذائية هو القطاع الرئيسي في البلاد لضرورة ارتباطه بالقطاع الزراعي الذي يمثل العمود الفقري للإقتصاد السوداني، وأكد قدرات هذه القطاعات الإنتاجية مثال النسيج حيث الطاقة الإنتاجية 300 ألف طن والغزل وتبلغ طاقته 59 ألف طن والجلود تبلغ طاقتها 15 مليون قطعة من جلود الضأن والماعز و3 ملايين قطعة من جلود البقر.

وحسب سليمان فإن القطاعات الأكثر تضرراً من العقوبات فهي البترول والتعدين، والكيمياء والصيدلة، والنقل، والصناعات الهندسية، مقترحاً البحث عن أسواق بديلة للصادرات والواردات، واستخدام عملات أخرى بخلاف الدولار في عمليات التبادل.

من جانبه ألقى الخبير المصرفي محمد رشاد، الضوء على العقوبات المفروضة على القطاع المصرفي السوداني، مبيناً أنها ذات تأثير مباشر على الحركة التجارية بين السودان والدول الأخرى، وعلى تحويلات الأفراد والمغتربين، ومشتروات القطاعين العام والخاص.

وأضاف أن الإفلات من العقوبات ذو كلفة عالية، منوهاً إلى التوسع المستمر في حجم مقاطعة البنوك السودانية والعقوبات الدولية التي توقع على مصارف دولية تتعامل مع السودان. وشدد على استشراء الفساد وعدم الشفافية داخل الجهاز المصرفي.

وأكد رشاد أن إنهاء هذه العقوبات مرتبط بتغيير السياسات الحكومية وممارسات النظام التي أدت لفرضها متوقعاً المزيد من الصعوبات الإقتصادية وارتفاع معدل التضخم والمزيد من تدهور قيمة الجنيه قياساً للمؤشرات الراهنة.

من جانبه أوضح ممثل غرفة الصناعات الكيميائية والدوائية حجم الضرر الذي أصاب صناعة الأدوية والمستحضرات الصيدلانية، من حيث صعوبة الحصول على المواد الخام، والأدوية، والتعقيدات التي يواجهونها في مجال التحويلات المصرفية الأمر الذي أدى لانكماش الإنتاج، كاشفاً عن حجم العمالة البالغ 800 موظف وعامل والذين يتهددهم التشريد في حال توقف هذه الصناعة كلياً.

وأشار العديد من المهتمين والإقتصاديين للأسباب المنطقية التي استدعت فرض العقوبات الدولية، مستبعدين رفعها أو تخفيفها ما لم تتغير سياسات النظام السياسي، واقترحوا حوارات بناءة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تشارك فيها القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني واتحاد الصناعات بغية تفادي الضرر وبخاصة على القطاع الصحي مع ابتدار حملة ضغط على الحكومة كيما تنسجم سياساتها مع المعايير الدولية فيما يتعلق بإشاعة الحريات، وعدم إنتهاك حقوق الإنسان وغيرها من المطلوبات اللازمة لرفع أو تخفيف العقوبات.

وأكدت مندوبة الاتحاد الأوروبي في السمنار أهمية دور المجتمع المدني والسياسي في تسليط الضوء على مثل هذه القضايا وتأثيراتها الإقتصادية والإجتماعية، الأمر الذي يساعد في توجيه القرار السياسي الأوروبي والأمريكي مستقبلاً.

وقال المستر ديريك المستشار الإقتصادي لمفوضية الاتحاد الأوروبي لـ”سودان تربيون” إن ثمة معالجات سياسية لا بد من أخذها في الإعتبار، حتى لا تتعقد أزمة الإقتصاد السوداني، الذي يعاني من تشوهات بنيوية وهيكلية قبل فرض العقوبات وبعدها، مثمناً ما طرح من رؤى وأفكار.

يذكر أن الإقتصاد السوداني يشهد أزمة خانقة منذ أن أنفصل جنوب السودان في يوليو 2011، حيث باتت البلاد تستورد المشتقات النفطية من الخارج لسد الفجوة بين الإنتاج الضئيل والإستهلاك المتعاظم الأمر الذي أدى لرفع أسعار المحروقات في سبتمبر 2013 بنسبة 75%، إندلعت على إثرها احتجاجات شعبية ضد رفع الدعم الحكومي راح ضحيتها عشرات القتلي.

Leave a Reply

Your email address will not be published.