اكتوبر شهر المفاوضات و المساعدات الانسانية عقدتها
بقلم عمار عوض
يعتبر شهر اكتوبر القادم شهرا مفصليا في طريق قطار السلام في السودان،حيث ينتظر ان تعقد فيه جلسة اولى للمفاوضات بين حركات دارفور المسلحة الثلاث، حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور، وحركة العدل والمساواة السودانية بقيادة جبريل ابراهيم، وحركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي، والحكومة السودانية في اديس ابابا يوم 15 اكتوبر، وتسبقها جلسة اخرى للمفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان –قطاع الشمال يوم 12 اكتوبر، بحسب تصريحات الوسيط الافريقي تابو امبيكي بعد لقائه مع الرئيس السوداني عمر البشير قبل اسابيع في الخرطوم، وكانت حركات دارفور رحبت بهذه المفاوضات على لسان مني اركو مناوي وجبريل ابراهيم في تصريحات صحفية متفرقة، بينما اعلن عبد الواحد نور رفضه لأي تفاوض مع الحكومة السودانية، واضعا شروطا مغلظة لذلك، وكان مجلس السلم والأمن الافريقي قد دعا في جلسته الاخيرة الى مفاوضات متزامنة في اديس ابابا بين الحكومة السودانية وحركات دارفور والحركة الشعبية شمال السودان، حول وقف العدائيات في دارفور والمنطقتين تمهيدا للحوار الوطني الذي اطلقه الرئيس البشير في يناير الماضي، تسبق ذلك جلسة تحضيرية للأحزاب السودانية والحركات المسلحة بغرض الاتفاق على اساسيات الحوار.
في الوقت الذي سار فيه الرئيس السوداني اثناء خطابه امام المؤتمر العام لحزبه في ولاية الخرطوم في طريق مختلف وهو يقطع الطريق امام قرارات مجلس السلم والامن الافريقي، وهو يخوض في مخرجات مفاوضات اديس ابابا المتوقعه في منتصف اكتوبر القادم، عندما شدد البشير على عدم التفاوض مع حركات دارفور بعيدا عن وثيقة الدوحة التي قال انها نهائية، كما ارسل رسالة الى الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال، وقال ان الحكومة ليس لديها ما تقدمه اليهم بشأن المنطقتين سوى التسريح وإعادة الدمج فيما يخص الترتيبات الامنية ودعاهم الى وضع السلاح والانضمام للحوار الوطني متعهدا بتوفير الضمانات الكافية لعودتهم.
في الوقت الذي شدد فيه ياسر عرمان كبير مفاوضي الحركة الشعبية على انهم “مع الحوار المتكافي ولن يتركوا اسلحتهم إلا اذا توصلنا الى مشروع وطني جديد يحقق الاجماع السياسي وينتقل بالسودان من نظام الحزب الواحد والشمولية إلى الديمقراطية، ومن التمييز إلى المواطنة ومن الحرب إلى السلام العادل، نحن نسعى لبناء مستقبل مشترك جديد لجميع السودانيين وفق ارادتهم الحرة جميعاً” .
حسنا البشير يرى انه لا تفاوض مع الحركة الشعبية إلا في اطار نزع السلاح وإعادة الدمج، في الوقت الذي ترى فيه الحركة الشعبية ان التفاوض على وقف العدائيات من اجل السماح بمرور المساعدات الانسانية الى المنطقتين، تمهيدا لمناقشة القضايا الوطنية التى تخص المنطقتين بشكل خاص، والسودان بشكل عام، وهنا يتضح ان الطرفين على طرفي نقيض في نظرتهم للتفاوض ومخرجاته، وهو امر معتاد مادام الطرفين لم يتفقا على اعلان مبادئ للتفاوض الى الان، ولكن من ناحية اجرائية نجد ان تصريحات البشير لم تخرج عن سياق قرار مجلس السلم والأمن الافريقي الذي ينادي بمفاوضات على بند الترتيبات الامنية منتصف اكتوبر القادم، ولكنه من ناحية اخرى تصريح يصب الزيت على النار، ويجعل الاعصاب مشدودة قبل المفاوضات، وكان من المتوقع ان يخرج البشير بخطاب تصالحي يمهد الاجواء قبل المفاوضات.
الحركة الشعبية حسب مصادر مطلعه لا تمانع في بدء التفاوض ببند الترتيبات الامنية ، ولكنها تقرنه بإيصال المساعدات الإنسانية الى المنطقتين، بينما ترفض الحكومة ايصال المساعدات الإنسانية وتتهم الحركة الشعبية بأنها تريد استخدام كرت المساعدات الإنسانية لتشوين قواتها من اجل الاستمرار في الحرب، وهنا يجدر القول بان المدنيين المتواجدين في مناطق الحرب يحتاجون للمساعدات الانسانية بشكل عاجل لان الأوضاع هناك تتدهور باستمرار، اضافة الى انه من غير المعقول ان يدخل ابناء المنطقتين في اجواء الحوار السياسي الذي دعى له البشير بينما اهلهم في مناطق النزاع يعانون من الجوع، ونقص الأدوية والأمصال، فهو امر لا يستقيم البتة ، ويجب على الحكومة السودانية ان تفرق بين ايصال المساعدات الانسانية والتفاوض السياسي، فان كانت تخشى من استخدام المساعدات الإنسانية كتشوين للجيش الشعبي في المنطقتين، عليها ان توقع على اتفاق مساعدات انسانية مشروط بتسليم المساعدات الى المدنيين في مناطق الحرب دون العسكريين، بالإضافة الى انه يمكن التوصل باتفاق مساعدات انسانية مجدول بحيث انه يجدد كل فترة والأخرى .
ويظل السؤال هل ستنجح الوساطة الافريقية في تجنب عقدة المساعدات الانسانية ومخاطبة مخاوف الحكومة السودانية منها؟ مما يفتح الطريق امام اتفاق لوقف العدائيات في المنطقتين، والذي يقود بدورة الى فتح شهية الحركة للحوار الوطني، بغض النظر عن الخلاف حول مكان انعقاده، وخاصة ان قيادة الحركة ابلغت الوسطاء الافارقة بأنهم لا يمانعون من الحضور الى الخرطوم والمشاركة في الحوار وانهم لا يطلبون اي ضمانات لذلك، حال ما انعقدت جلسة الحوار التمهيدية في الخارج، هذا ما ستكشف عنه الايام القادمة وليس اكتوبر ببعيد .
.