Thursday , 21 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

حكومة الدراويش

بقلم: نعماء فيصل المهدي

بقلم الدرويشة بنت الدراويش والرجعية نعماء فيصل المهدي
في التاسع والعشرين من اغسطس الماضي، خرجت مجموعة من بنات وحفيدات وزوجات وأخوات الدراويش، للمشاركة في مبادرة لا لقهر النساء، ليطالبن بإطلاق سراح اختهن الدرويشة الدكتورة مريم الصادق المهدي.

لم تستمر وقفة الدرويشات بنات وحفيدات وزوجات وأخوات الدراويش بعضاً من ساعة حتى واجهتهن قوة من رجال الامن مدججة بالغاز المسيل للدموع والهروات وانهالت عليهن دون رحمة، فالدراويش يمثلون الرجعية الطائفية ولذلك تضرب نسائهم وبناتهن دون هوادة ويعتقل رجالهم دون رحمة و يقتلون ويهمشون فهم بشر دون سقف الرحمة والاحترام.

كتبت الدرويشة الاستاذة الصحفية رباح الصادق المهدي عن الوقفة الاحتجاجية قائلة:- “كنا في الوقفة الاحتجاجية اليوم حيث تصدت قوات القمع للوقفة بالبمبان وضربت المحتجات والمحتجين وسبهن/م كما أصيب بعض المحتجين والمحتجات بعبوات الغاز المسيل للدموع (البمبان ) وفي النهاية تم اقتياد عدد منهن على رأسهن اﻻستاذة سارة نقدالله التي تم ضربها بهراوة و أخريات ومن اللائي اقتدن اﻻستاذة رشيدة إبراهيم عبد الكريم الوزيرة السابقة في العهد الديمقراطي وكذلك من مبادرة ﻻ لقهر النساء اﻻستاذة زينب بدر الدين- وكل من أم سلمة وزينب ورباح الصادق وساندرا فاروق كدودة وفاطمة غزالي والهام بشرى النيل ومنى محمد طاهر والقاصرتين سلام كمال هداية الله وغفران مرتضى كمال اللائي تم اﻻعتداء عليهن بالعنف اللفظي وأخرج أحد العساكر مسدسه مهدداً لهمن’ كما تم اﻻعتداء بالضرب والسباب على ابنة الأستاذ إبراهيم الشيخ وأخريات. وتم اقتياد ثلاثة من اﻻحباب ، هم يوسف محمد عوض الكريم ومحمد مركز وخالد ابوالقاسم حيث ظلنا نحو ساعتين إﻻ قليلاً في قسم أم درمان اﻻوسط وفي النهاية تم اﻻفراج عنا بالضمان بدون ابلاغنا بالتهمة الموجهة الينا أو أرقام البلاغات التي فتحت ضدنا ولا المواد التي اعتقلنا بسببها .

حينما تقدمت الجبهة الثورية بوثيقة الفجر الجديد قالت بانهم عالجوا مسألة الهوية، بل انهم عالجوها بوصف مقومات الهوية السودانية وذلك لما تطرحة مسألة الهوية السودانية من جدل وما تكرس له الهوية العروبة الاسلاموية من عنصرية وتهميش ضد الهوية الافريقية اللادينية او المسيحية او صاحبة الاديان التي تصنف باديان الطبيعة والتي كانت تسود العالم قبيل ظهور وانتشار العقائد الابراهمية.

والحقيقة هي ان وثيقة الفجر الجديد لم تعالج مسألة الهوية، فالهوية هي شعور انطباعي ووجداني وحصيلة تجارب كثيرة في محيطات ثقافية ومناخات طبيعية مختلفة وهو مصطلح يستخدم لوصف مفهوم الشخص وتعبيره عن فرديته وعلاقته مع الجماعات وذلك يجعل المسألة انطباعية ومكتسبة في المقام الاول.

ان جذور المسألة في الأساس هو التعصب والحكم المسبق واستخدام اسلوب التصنيف دون معرفة والذي يتوغل علي حدود انسانية الاخر.
افتراض البعض بمعرفة هوية وأساليب تعامل ونوايا الاخرين -وهم لم يسبقه وهم واستخدام البعض لهذا المنظور الوهمي للحكم علي الاخر والكتابة عنه جزء من الكارثة المستفحلة حاليا في السودان.

ان الكارثة الحالية والتي تتلخص في انعدام الاحترام بين المجموعات المختلفة في السودان، الامر الذي قاد البعض لرفع السلاح لفرض احترامهم علي الاخر بقوة او للحصول علي المال او النفوذ ايضاً لفرض احترام ينبع من احترام البشر للمال الزائل او السلطة التي دون محال ذاهبة الي زوال.

نعود الي مسألة الدراويش المتخلفين والرجعية،
ان ما يواجهه الدراويش من مجموعة الانصار من التمييز السلبي ضدهم مركب خصوصاً بأنهم جزء من من ويمثلون اعدادً مقدرةً من الأميين ومجموعة الخدم والعبيد التي سئمت الاحتقار والتهميش ورفعت السلاح في عدد من واجهات النزاع الحالي في السودان تحت قيادات الحركات المسلحة، فمناطق النزاعات اليوم تعتبر مناطق نفوذ الانصار.

اعلنت صحيفة الايام في عددها ٥٨٩٨ ليوم ٣٠ مارس ١٩٧٠ بان الرجعية والتي كانت تمثل تحالف احزاب المعارضة خارج السلطة آنذاك اعلنت “ان الرجعية تحاول تنفيذ مخطط دموي في ودنوباوي” ، ما زال هناك من يتحدث عن مجزرة الجزيرة ابا وودنوباوي والكرمك بوصفها بأحداث المرتزقة، ووصف جيوش الانصار بالمرتزقة، في حين لم يترامى الي مسامعي قط خبر دولة افريقية طالبت بجثث رعاياها وان فعلت لوجدت انهم كانوا انصار وأهل البلد وأهلي انا وأسرهم معروفة وما زال ابنائهم بيننا فلهم التحية في علياءهم والخزي والعار للقتلة والجلاد.

حينما دحر المقدم بابكر النور حشود الانصار وقتلهم بدم بارد، فلقد كانوا قد جنحوا للسلم قبيل المذبحة، حينما فعل ذلك يقال بان زغردت زوجته خنساء مبتهجة قائلة :-
” يا عقيد دوس العبيد”
و
” جبنا تار المتمة”

سأعود لموضوع ثار المتمة الذي يتم اخذه مراراً وتكراراً حتى تصدع السودان في مقالاً اخر فمن الواضح ان الثأر لا علاقة له بما جري في المتمة بل علي يد من تمت احداث المتمة. لم يكتفي مطالبي ثار المتمة بالانضمام لجيوش كتشنر الغازية والتي استباحت امدرمان لمدة عام وقتلت ما يفوق ال١١ الف نسمة في اقل من ساعة زمان، في معركة كرري الشهيرة- بل انهم يريدونه مركباً انتقاماً من الغرابة اللذين استعلوا علي أسيادهم!!!
فهل سمعت يوماً عزيزي القارئ عمن يطالب بثار شمال السودان من الاتراك والاكراد والمصريين علي اثر حملة الدفتردار الانتقامية والتي قتلت وسبت من التقتهم من قبائل الشمال من حلفا الي مقر المك نمر وما بعده.
هل سمعت عمن يطالب بالثأر من حكم الاتراك الجائر للسودان؟ ماذا عن الحكم الثنائي البريطاني المصري؟ ام ان الاستعمار كان نزهة او كان برداً وسلاماً علي اهل السودان؟

حينما اعتقلت السلطات السودانية الحبيب الامام الصادق المهدي وهو رجل فوق سن الاعتقال، لم تاخذهم به رحمة، فهو الدرويش مجرد من الانسانية حسب منظورهم وان كان عزيزاً في قومه ، نصيراً للمظلوم، راعياً للفقير والمحروم، محارباً للتسلط والشمولية، مساهماً في مشروع الصحوة الدينة. كل ذلك لم يشفع له فهو الدرويش سليل العبيد لا احترام له.

حينما اعُتقلت الدكتورة الدرويشة سليلة العبيد مريم الصادق المهدي جُردت من البعد الإنساني ولم نجد من ينصرها إلا قليلاً، فهي ان نُصرت مهدت لحكم الدراويش وما ادراك ما حكم الدراويش ان يمهد لتمليك الأغلبية الأمية الامساك بزمام امورهم ولحكم انفسهم بأنفسهم خارج عن وصاية الاقليات المتعلمة والمثقفة من دون ثقافة تذكر.

لقد كانت جدتي لأمي أمية، بل كان رسول أمة الاسلام والتي يزيد تعدادها عن المليار نسمة اليوم أميا، فالأمية تمثل الأمية عائق للتواصل بين المجتمع الأمي والصفوة خريجة المدارس التي تقلدت دور الوصي عليها وبذلك يقع علي عاتق خريجي المدارس اتخاذ القرار باسم الاغلبية الأمية من دون مشورتهم.
هنا تتضح بوادر الكارثة، فان الكارثة ليست في تجريم واحتقار الهويات والثقافات والأعراق المختلفة التي تقطن السودان اليوم، مع سبق الاصرار والترصد بل في فرض الوصاية وعدم استشارة اعداد كبيرة من الشعب السوداني في امور حكمهم ومعاشهم ومصيرهم. هنا تكمن مصيبة الوصاية علي الاخرين ونعتهم بالألفاظ الدنيئة حتى تحطم معنوياتهم.

انطلقت حملة بعنوان (ضحايا الاعتداء اللفظي) للمصور البريطاني ريتشارد جونسون تجسد المعاناة غير المرئية للألفاظ البذيئة في نفس متلقيها من خلال تصوير عدد من الأشخاص تظهر عليهم آثار الألم والكدمات التي استخدم لها مكياجاً خاصاً بحرفية عالية، مع كتابة اللفظ المسيئ على الكدمة مثل (غبي، مذنب، بلا فائدة ” ليظهر أثرها المؤلم وكأنها “لكمة”.
ماذا عن الاعتداء اللفظي ضد جموع غفيرة من الشعب السوداني……………..

ماذا عن فرض الوصاية علي الاخر……..

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *