دعوات للإبقاء على جسر تاريخي قررت سلطات الخرطوم إزالته
الخرطوم 2 يوليو 2014 ـ أمرت السلطات بإزالة كبري المسلمية التاريخي في العاصمة السودانية الخرطوم وأودعت كافة مستنداته دار الوثائق القومية، بعد تعرض الجسر لتصدعات جراء الأحمال الزائدة وحركة القطارات أسفله، وسط دعوات بالإبقاء عليه بوصفه جزءا من تاريخ الخرطوم القديمة.
وشيد الجسر العتيق عند دخول خطوط السكة الحديد الخرطوم على أنقاض بوابة المسلمية التي شيدت عند تأسيس الخرطوم بعد العام 1821، ونسبت تسميته الى قبيلة المسلمية التي حاصرت مع قوات المهدية المدينة من هذا المكان. وجرى لاحقا نقل بوابة المسلمية إلى متحف السكة حديد بمدينة عطبرة.
واشتهرت منطقة جنوب كبري المسلمية في الخرطوم نمرة (2) قديماً باسم قشلاق الجيش المصري، “قشلاق عباس”، وكان من بين سكانه اللواء محمد نجيب وأنور السادات اللذيْن حكما مصر في الخمسينيات وحتى الثمانينيات.
واتهم الدكتور المعماري هاشم خليفة، القائمين على ولاية الخرطوم بأنهم قساة ولا يملكون الخيال، وقال لـ”سودان تربيون” إنه يمكن الإبقاء على الجسر كأثر عظيم بمنع حركة المركبات عليه وتخصيصه للمشاة فقط.
وأعلن وزير البنى التحتية والمواصلات في ولاية الخرطوم أحمد قاسم في ابريل الماضي وجود تصدعات وتدهور إنشائي في كبري المسلمية، وشكل لجنة عليا من ذوي الاختصاص لدراسة السلامة الإنشائية والهندسية للجسر.
وبررت ولاية الخرطوم إزالة الكبري بدراسة فنية خلصت إلى محدودية الحركة فوق جسر المسلمية مقارنة بالكم الهائل من المركبات التي ستتحرك بين مواقف المواصلات الثلاثة عن طريق الشارع الجديد الذي سيشيد بعد إزالة الكبري.
وشكك خليفة في وجود خرط لجسر المسلمية، لكنه أفاد بأن الكباري الخرسانية بدأت منذ عهد الفريق إبراهيم عبود، وهي جسور تتمتع بعمر افتراضي طويل، وأضاف أن الإفتاء بالعمر الافتراضي للجسر صعب في ظل عدم وجود خرطه الإنشائية.
ورأى أنه من الأفضل المحافظة على الجسر كمعلم من معالم الخرطوم القديمة عبر عدة معالجات تقلل الآثار الجانبية، قائلا إن التعامل مع الأجزاء القديمة في أي مدينة يحتاج إلى “محنة ووفاء” للمدن.
وأشار خليفة إلى أن جسري النيل الأبيض والنيل الأزرق القديمين ـ ذات سقوف حديدية ـ عمرهما الإفتراضي انتهى، لكن يجب المحافظة عليهما كجزء من تراث الخرطوم، مستدلا بأن ثريا أميركيا اشترى جسر لندن الحديدي عند تفكيكه بمبالغ طائلة وصنع منه مدينة للملاهي.
وأوصت ورشة بالاستفادة من موقع كبري المسلمية من ناحيتين، الأولى مد طريق الطابية جنوب من موقف شروني وحتى تقاطع صينية طب الأسنان مع شارع المك نمر، والناحية الثانية الاستفادة من موقع الكبري بتوسعة الطريق من ناحيتي الجنوب والشمال.
وطالب خبراء ومهندسو طرق وجسور بإزالة جسر المسلمية لاعتراضه المقترح الهيكلي لولاية الخرطوم وصعوبة صيانته أو إبقائه بعد انتهاء عمره الإفتراضي، وذكروا أنه لم يصمم بطريقة هندسية، داعين الى تحرير شهادة وفاة للجسر مع التوثيق له.
وتعمل ولاية الخرطوم على مخطط هيكلي لتطوير العاصمة، من ضمن خططه نقل الوزارات من شارع النيل والوحدات العسكرية من وسط المدينة.
وأبدى الدكتور معماري هاشم خليفة خوفه من أن تباع مواقع الوزارات المطلة على النيل في الخرطوم لجهات استثمارية، موضحا ان الاستثمار ليس مشكلة في حد ذاته لكن لا بد من استثمار يتناسب مع ملامح البنايات التاريخية الموجودة في هذه المنطقة.
ونوه إلى أن مبنى البريد والبرق يمكن أن يحول إلى “مول” على غرار الميناء البحري في ليفربول، كما أن مبنى على شاكلة وزارة المالية أو وزارة الزراعة يمثلان تحف معمارية يمكن الاستثمار فيهما عبر تحويلهما إلى فنادق أو مطاعم.
وأكد خليفة أن التحسينات التي أدخلت على القصر الجمهوري عبر خبرات صينية أسأت إليه من الناحية المعمارية مثل إدخال واجهات زجاجية على نوافذه.