Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

عبد الرحمن الخضر: نشغلها ليك؟

بقلم مجدي الجزولي

زاغ لسان والي الخرطوم، عبد الرحمن الخضر، بكلمات لاهيات استدعى بها كل عاطل عن العمل إلى مكتبه وشبيك لبيك يخرج العمل بين يديك، مقنطرا لمن أراد إليه سبيلا. “أي زول ما لاقي شغلة يجيني أنا مباشرة” قال الوالي في أحمدية ندم عليها ولا بد فقد ولدت مع عبارته خطة تنظيمية للعاطلين وبرنامج عمل بدأ تنفيذه بتجمع العشرات أمام مكتبه يوم الأحد ينذرون الوالي بما يماثل وعده. “يا والينا نحنا جينا للشغلة القلتها لينا.. يا تشغلنا يا نشغلها ليك”، قالت لافتاتهم. استبق الوالي الحضور أمام مكتبه بإعلان أن التشغيل سيكون عبر محفظة التمويل الأصغر وليس في دواوين الحكومة، واستعد لذلك بفورمات وأقلام. غير ذلك، أعلن مكتب الخضر أن وسائل الإعلام أخرجت تصريح الوالي من سياقه، فما سياقه إذن؟

لا يخفى على الوالي الذي تحدث بلسان السلاطين كأن العمل عنده صدقات يوزعها على معسرين، أن فشو العطالة في الحضر وأشد منها في الريف عرض لعقيدة حزبه الاقتصادية، عقيدة منقولة بالنقطة والشولة من توجيهات صندوق النقد الدولي، حتى أصبحت وزارة المالية كأنها مكتب الصندوق في الخرطوم، تنتظر استحسانه ولا تخشى سوى توبيخه. زار وفد من الصندوق أول مايو الماضي الخرطوم لتقييم أداء المالية في تنفيذ البرنامج الإشرافي المتفق عليه بين الجانبين وأصدر بيانا أثنى فيه على أداء الحكومة الاقتصادي لكن حذر من زيادة الشقة بين سعر الصرف الرسمي والسعر الموازي، وحث على توحيدهما. قال بيان الصندوق أن هذه الشقة ناجمة عن ثلاثة عوامل: المخاوف من عدم استقرار دخل عبور البترول تبعا لاستمرار الصراع في جنوب السودان، عدم الاستقرار السياسي، وانعدام التوازن في سوق العملات الأجنبية.

خرج على لحن الصندوق الدكتور التجاني الطيب ابراهيم، وزير الدولة السابق بوزارة المالية، الذي حذر الحكومة من النتائج الكارثية لاعتمادها روشتات صندوق النقد الدولي هكذا بغير جرح وتعديل. قال التجاني في حوار مع جريدة الرأي العام أول أبريل الماضي أن السودان لم يحصد سوى السراب من تنفيذ برامج الصندوق خلال السبعة عشر عام المنصرمة، وعد هذه البرامج رياضة ذهنية لأفندية الصندوق لا تجد دعما من هيئته التنفيذية. يصر الصندوق، بحسب التجاني، على تعويم سعر الصرف كمسألة شبه عقدية مما يعني تحت ظروف السودان الاقتصادية إضعاف الجنيه وزيادة مضطردة في معدل التصخم وترجمة ذلك مضاعفة معاناة الناس المعيشية. قال التجاني: “إذا تركت العنان للسعر الموحد لكي يقفز هذه القفزة الكبيرة تقريبا ستتغير كل المؤشرات الاقتصادية، وستبقى مشكلة كبيرة والتضخم سيصل معدلات فلكية، والأوضاع المعيشية والإنتاجية ستنفجر بصورة رهيبة.” اقترح التجاني عوضا عن ذلك أن تقر الحكومة سعرين للصرف، أدنى للسلع الضرورية وأعلى للسلع غير الضرورية. قال التجاني أن مدخرات الحكومة تساوي “صفر”، ودحض إدعاءها التقشف مضيفا أن الإنفاق الحكومي زاد بمعدل 60% خلال العامين الماضيين، على عكس وعد برنامج الحكومة الإسعافي الذي وعد بتقليص الجهاز الحكومي بمعدل 45%، 25% في السنة الأولى و20% في السنة الثانية.

عبد الرحمن لا بد عليم بهذه المصاعب فقد باضت وأفرخت في مكتبه سمسرة وشغل، لكن في ذات الوقت شحذت في وعي العاطلين أسئلة عن “السياق” الذي تحدث عنه مكتب الوالي، واختصاره أن سبب العطالة ساكن في مكتب عبد الرحمن ومعشعش وله في أروقة الحكم مقار وفروع كأنه الهيدرا كل ما قطعت لها رأسا نبت آخر.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *