خذوا ديمقراطيتكم من هذه الدويلة ….. ملاوى الافريقية !
بقلم محمد بشير ابونمو
[email protected]
ملاوى دولة تقع فى الجنوب الشرقى للقارة الافريقية ومساحتها تقل عن 120 الف كيلو متر مربع ، وهى دولة لا تتوفر فيها اى منافذ بحرية ، وتحدها كل من تنزانيا ، موزمبيق وزامبيا ، واقتصاديا فهى مصنفة من افقر عشر دول فى العالم . قدمت هذه الدويلة الفقيرة دروسا مجانية لكل دول افريقيا ، وذلك باظهارها للوعى السياسى والفهم الديمقراطى الصحيح والالتزام بالقانون الدولى والعدالة الاجتماعية . اقدمت هذه الدولة على ثلاث خطوات واستحقاقات فى اوقات مختلفة اثبتت انها تختلف عن محيطها الافريقى وبل تُعتبر حالة استثنائية فى الشفافية والحكم الديمقراطى ودولة القانون ، فى محيط يعج بحكم الفرد والدكتاتورية والحكام المجرمون بحق شعوبهم و المطلوبون من قبل العدالة الدولية . الخطوة الاولى هى ان شعب ملاوى من اوائل الشعوب الافريقية التى ارتضت وانتخبت امرأة لرئاسة البلاد وهى الرئيسة جويس باندا ، وهى بذلك لم تسبقها دول افريقية غير ليبيريا والقابون وربما افريقيا الوسطى لفترة وجيزة . الخطوة الثانية ، ورغم فقرها والاغراءات التى قُدمت لها ورغم التهديد والوعيد من بعض الدول ، فقد رفضت ملاوى استقبال مطلوب المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السودانى عمر البشير ، الامر الذى ادى الى تحويل انعقاد قمة الاتحاد الافريقى من عاصمتها ليلونغوى الى اديس ابابا ، وبذلك قد كسبت ملاوى احترام المجتمع الدولى واحترام الشعب السودانى المقهور على وجه الخصوص . الخطوة الاهم فى المسار السياسى لهذه الدولة هى ما تمخضت عن الانتخابات الاخيرة والتى اطاحت بالرئيسة الحالية واسفرت عن فوز زعيم المعارضة ومرشح الحزب “الديمقراطى التقدمى ” السيد /بيتر موثاريكا. تكتسب اهمية هذه التحولات السياسية الديمقراطية فى هذا البلد فى امرين هامين :
الامر الاول هو ان الرئيسة ، السيدة “جويس باندا” سبق وان اختارتها مجلة “فورن بوليسى” الامريكية الرصينة فى تقريرها عن افضل واسوأ رؤساء العالم لعام 2012 م ، وقد اختارتها هذه المجلة فى المرتبة الثانية ضمن افضل الرؤساء العشرة فى العالم بعد رئيس دولة ميانمار السيد / ثين سين . وقد اعتمدت المجلة على اختيارها فى انها اصلحت ما اتلفه سياسيا سلفها الرئيس السابق ، واذا اخذنا فى الاعتبار ان من تلاها فى هذه القائمة (الثالث) وهو الرئيس السنغالى السابق عبدالله واد ، وان استحقاقه فى هذا الترتيب قد بُنى على انه قد غادر الحكم بسلام ودون خلق اى اشكالات سياسية بعد ان امضى 12 عاما ، فان مغادرتها الحكم الان بسلامة من المؤكد سيزيد من رصيدها من احترام المجتمع الدولى وشعب ملاوى ، حتى فى ظل الاحتجاجات التى ابدتها بعدم نزاهة الانتخابات الحالية .
الامر الاخر والجدير بالاحترام ايضا للرئيسة المنتهية ولايتها هو انها ربما الرئيس الوحيد فى افريقيا الذى يحتج على عدم نزاهة الانتخابات وهى على رأس السلطة التى تدير هذه الانتخابات ، وسلطتها هى التى اعتمدت “لجنة الانتخابات المستقلة” وهى نفس السلطة التى تدير الاعلام فى البلاد ، فهذا ان دل على شئ فانما يدل على ان لجنة الانتخابات قد تم تكوينها بصورة مستقلة ونزيهة دون تدخل السلطة الحاكمة ، وان السلطة ايضا لم تسخر وسائل الاعلام الحكومية لصالح الحزب الحاكم ، كما ان هنالك مؤشرآخر جدير بالملاحظة والتقدير وهى ان الرئيسة المنتهية ولايتها ، ورغم احتجاجها على نتيجة الانتخابات واتهام المعارضة بالتزوير والتلويح بالغائها ، – والتى صدتها بعناد كل من لجنة الانتخابات المستلقة والمحكمة العليا – فقد حلت فى الترتيب الثالث من حيث عدد الاصوات التى نالتها ، الامر الذى ابعدها حتى من تولى مقعد المعارضة فى البرلمان ، ولكن من المؤشرات الايجابية ، انه واثناء كتابة السطور الاخيرة من هذا المقال ، حملت الانباء ان الرئيس المنتخب الجديد قد ادى اليوم اليمين الدستورى ، والاكثر اطمئنانا هو ان السيدة الرئيسة السابقة قد قامت بتهنئة الرئيس المنتخب وبذلك قد قضت على اى احتمال لدخول البلاد لفوضى سياسية نتيجة لموقفها من نتائج الانتخابات ، عليه نقول للرئيسة السابقة من على البعد …… برافو ……. جويس باندا ……..وانها لم تسقط فى هذه الانتخابات ، ولكنها فى الحقيقة قد قادت ملاوى الى مصاف الدول الديمقراطية فى افريقيا