Friday , 22 November - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

تزايد الخلافات بين أقطاب المعارضة السودانية حول سياستها تجاه النظام

الخرطوم 8 يناير 2012 — احتدم التصعيد الكلامي بين اثنين من أقطاب المعارضة السودانية حول مسؤوليتهما التاريخية تجاه الوضع الحالي في البلاد وما يجب تبنيه من سياسة للخروج بالبلاد من الأزمات الحالية وإقامة نظام ديمقراطي في البلاد.

Turabi-3.jpgوتبادل زعيم حزب الأمة السوداني الصادق المهدي والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي اتهامات غير مسبوقة على مدى يومين بعد تصريحات للمهدي في يوم السبت الماضي قال فيها ان الترابي عاجز عن تدبير انقلاب عسكري على خلفية الاتهامات الأخيرة التي ساقها ضده رئيس جهاز الأمن محمد عطا المولي الأسبوع الفائت.

تتباين وجهات النظر بين الحزبين حول كيفية التعاطي مع النظام الحاكم وبلوغ التغيير الديمقراطي في البلاد. وكان حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي قد أعلن في مؤتمر صحفي عقده في الخميس الماضي ان حزبه سيركز جهوده لإسقاط النظام وانه ضد سياسة المهادنة معه التي ينتهجها حزب ع حزبي الأمة والاتحادي إلا أنه لا يرغب في انتقاد مواقفهما رغما عن الخلاف حول هذا الأمر.

وانتقد المهدي في خطابا ألقاه أول أمس الجمعة حديث الترابي عن إسقاط النظام واتهمه بالعجز عن تدبير اى انقلاب فى السودان وقال بانه ظل يردد على الدوام “هجم النمر .. هجم النمر ” دون ان يفعل شيئا وشبه المهدي قيادة الشعبي بمن يجلس تحت “شجرة “نبق” وينتظر العاصفة لترمى الثمر فيلتقطه ويأكله “. وذلك في إشارة الي استفادته من جهود الآخرين حين يسقط النظام.

واعتبر الاتهامات التي طالت الترابي من مدير جهاز الأمن السوداني بالتدبير لانقلاب عسكري باطلة لعدم قدرته على إحداث انقلاب، ورجح المهدي الذي كان يخاطب احتفالات حزبه بذكرى الاستقلال ان تكون الحكومة باتهامها المؤتمر الشعبي تسعى لجمع صفها الداخلي ومعالجة انشقاقات تعيشها او انها تريد خلق انقسامات داخل تحالف المعارضة

وحث الاجهزة الحكومية المختصة حال تأكدها من تلك المعلومات لاتخاذ إجراءات قضائية ومحاكمة المتورطين فى التدبير للانقلاب او الإفراج الفورى عن المعتقلين واضاف المهدى “لانقبل اى عدوان فيه انتهاكات لحقوق الانسان ولابد من العدالة الناجزة ” .

ومضى المهدي فى خطابه إلى الكشف عن طلب قدمه حزب المؤتمر الشعبي للأمة فى وقت سابق للمشاركة فى تنفيذ انقلاب عسكري على الحكومة وقال ان حزبه رفض هذا العرض.

وقال الحزب فى توضيح أصدره السبت ان طلب المشاركة فى الانقلاب عرضته الجبهة الإسلامية القومية برئاسة الترابي فى العام 1988 م وقال انها بعثت يومها برسالة شفهية حملها احمد سليمان المحامى ولكن المهدي رفض التجاوب مع فكرة الانقلاب ونصح بعدم تنفيذها الا ان نصيحته لم تلق اذانا صاغية ونفذت الجبهة انقلابها العسكري .

وأوضح المهدي أن قادة الكفاح والنضال الشعبي يقتادون الى المعتقلات وشدد على ان: ” السياسي الذكي والمناضل ينبغي ان يحرص على حريته ليستمر فى النضال”. وتابع في اشارة منه إلى الترابي : “هم يستجدون الاعتقال”، وان الحكومة دوما ما تخطئ باقتيادهم الى السجن وتوهم الاخرين بوجود مناضل وضحية على حد تعبيره

وقال: “المشتهون للاعتقال ما يعتقلوهم لأنو ما في نضال حقيقي وواقعي”.

وفي تعقيب له على تصريحات المهدي، رد الترابي أمس السبت بعنف على المهدي واتهمه بالكذب حيال حديثه عن الدعوة لانقلاب واتهم السلطات الأمنية برميهم بفرية كبرى حين كشفت عن وثائق للشعبي تتحدث عن التدبير لانقلاب عسكري على السلطة وقال الترابي “هذه فرية كبرى ، أتى سياسي آخر- في إشارة للمهدي- ليمدهم بشهادة تثبت علينا التهمة ، لا أدرى لما ؟” وأضاف بغضب شديد “كذاب”.

وشدد الترابي على ان “السياسى نفسه – يقصد المهدى – ترك الناس فى انجلترا وجاء مصالحا نظام نميري ببورتسودان، فضلا عن كتابته مقاله طويلة عن موبقات الإسلاميين بعد اعتقال النميرى لقادة الجبهة الإسلامية بأيام”

وقال الترابي الذي خاطب المؤتمر الثاني لنساء المؤتمر الشعبي بالخرطوم أمس “تانى ما في انقلاب ، ولو فى زول داير ينقلب ما بشاور زول”.

وأكد الترابي إن الانقلاب لم يقر به الحزب في التقرير الذي زعم مدير الامن انه خطة أعدها المؤتمر الشعبي للانقاض على النظام بل ورد كأحد الخيارات المحتملة حول الوضع السياسي بما فيها بقاء النظام وتضمنها احتمالات الثورة الشعبية.

واضاف “هؤلاء اتينا بهم بانقلاب وبعد التمكن تفرعنوا، وهكذا هو الحال يتمكن الحاكم ويقول سلطانى وثروتى لا تقربوها مثلما فعل آل سعود مع الوهابية بقتلهم 150 منهم بعد التمكن من السلطة والثروة بالسعودية”. في إشارة منه إلى جماعة متطرفة تعرف “بالاخوان” دعمت الملك عبدالعزيز آل سعود في تأسيس المملكة لكنها تمرده عليه فيما بعد متهمة إياه بالتراجع عن الإسلام.

وجدد الترابي التاكيد بان النظام الحاكم فى الخرطوم سينتهى بثورة شعبية قال بانها ستواجه بعنف من السلطات بسبب المطالبات الدولية لبعض قادتها ، فضلا عن وضعه لاحتمال حدوث فوضى تدخل الأجانب للبلاد، وشن الترابى هجوما قاسيا على المؤتمر الوطنى واتهمه بتشويه الإسلام وقال “إن استند الاخرين على اسلام هؤلاء يمكنهم القول بان الاسلام يشق الدول ويجعلها الاكثر فسادا”.

وكان الترابي نفى الجمعة في حديثه أمام المصلين بمسجد شيخ إدريس أن يكون السودان محصناً ضد التفكك، وقال: (نحن مسؤولون عن ذلك أمام الله، الجنوب فات، وأقاليم أخرى يمكن تفوت)، واستهجن وجود بعثات أممية وعدّها نوعاً من عدم احترام السيادة الوطنية.

وقال : في ظل وجود جيوش متعددة أصبحنا غير محترمين، وحث الحاضرين بالتوجه صوب قبلة واحدة بمنأى عن التوجهات الليبرالية واليسارية.

وأبدى بالغ قلقه للفتن التي شدد بأنها تحيط بالبلاد. وقال: “ما بقي لي من العمر إلا قليلا وكل ما طال بي العمر جزعت من الفتن التي تحيق بالبلد وأشفقت مما يحدث لها، واسأل الله المغفرة وحفظ البلاد والعباد”.

الشعبي جزء من المؤتمر الوطني

وكان الصادق المهدي قد اتهم المؤتمر الشعبي ووصفه بأنه جزء من نظام الإنقاذ وأنه والمؤتمر الوطني سواء باعتبارهما شريكين في الإنقاذ، وقال: “الشعبي لما كان في الحكومة مافي هامش حرية كما الآن”، وأوضح أن قوى المعارضة كانت ترفض انضمام الشعبي لها، وتابع: لكن حزب الأمة أقنع المعارضة ، وزاد: “الأمة أقنع القوى الأخرى عشان تقبلهم ولما قبلتهم عايزين يعملوا فيها مهندسين”، وأردف: لن نسمح للشموليين بإعطائنا درساً في الديمقراطية

وكشف المهدى عن ان محاسبة حان مجيئها يوما ما فلن تعفى قيادة الشعبى منوها الى مسؤوليتهم عن اعدام شهداء رمضان وقال “عندما تحصل محاكمات كلهم فى صف واحد مع ناس الوطنى لان كلهم انقاذيين” ،وقطع فى سياق اخر بان حزبه كان المحرك الاول خلال الفترة الماضية لكل الاحتجاجات المطلبية وسط الحركات الطلابية والمناصير بينما لم يفعل الشعبى ما مقداره “واحد على الاف” وامتهنوا الكلام فقط .

وابدى المهدى اسفه على ما اسماه الفهم الخاطئ لانتقاداته الموجهة للتحالف المعارض وقال انه رمى اصلاحه وتقويم مساره ، وتمسك بان الوضع فى داخله يستدعى تغيير حتى اسمه واردف “ماعندنا اى اجماع وطنى” وقال بانه حرص ايضا بإعادة الهيكلة لوقف ما اسماه التصريحات المنفلتة

والجدير بالذكر ان قوى التحالف تعيش خلافا حادا حول مصير “الإجماع الوطني” بعد طرح المهدي لتصور فكري وتنظيمي غير متفق عليه بين قوى هذا التحالف. في الوقت الذي يتهم فيه رئيسه الحالي فاروق أبوعيسى الصادق المهدي بالعمل على ازاحته من الرئاسة.

وشدد الصادق على ان المخرج الوحيد هو العمل ببرنامج الأجندة الوطنية وأضاف “لايوجد خيار اخر .. والافضل ان ياتوا معنا بدلا من انتظار الهبوب لترمى النبق” ومضى موجها انتقاداته لدعاة إسقاط النظام بالقول “من يريد انه يريد إسقاط الحكومة بعد ساعة او أتنين الأفضل ان يوقفوا ساعتهم ويتحدثوا بلغة محترمة ”

ورهن المهدي مشاركتهم في الحكومة بتكوين حكومة قومية، واستهجن في الصدد الحكومة العريضة، وقال: “طين في الكرعين ما يبقي نعلين”، وأعلن انحيازهم لجانب المعارضة الرشيدة والفاعلة التي ترتقي للمرحلة وليس المعارضة المشاغبة التي تمتهن الكلام .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *