صندوق النقد الدولي : شمال السودان سيواجه «صدمة دائمة” بعد يوليو
واشنطن 21 ابريل 2011 –
حذر صندوق النقد الدولي حكومة الرئيس السوداني عمر البشير بأنها ستواجه «صدمة دائمة» بعد استقلال جنوب السودان رسميا فى التاسع من يوليو المقبل . ودعاها الصندوق إلى «اتخاذ تدابير عاجلة». ونشر الصندوق توقعات قاتمة عن وضع الاقتصاد السوداني في الشمال بعد ذلك .
JPEG
وصدر التقرير بعد نهاية الاجتماعات نصف السنوية للصندوق، والتي تزامنت ايضا مع الاجتماعات نصف السنوية للبنك الدولي والتي حضرها وزراء مالية ومحافظو بنوك مركزية من كل العالم تقريبا .
وأشار التقرير إلى «عدد من القضايا الرئيسية التي لا تزال معلقة، ولا سيما تقاسم ثروة النفط التي يتمركز معظمها في الجنوب” .
وأشار تقرير صندوق النقد إلى أن إنتاج السودان من النفط يبلغ نحو نصف مليون برميل يوميا، وأنه بينما تقع أغلبية الآبار في الجنوب، تقع الأنابيب والمصافي وطرق التصدير في الشمال .
وقال التقرير الذى عرضته صحيفة “الشرق الاوسط” الصادرة فى لندن اليوم الجمعة إن شمال السودان ربما سيفقد 75 في المائة من عائدات النفط. وإن هذا هو سيناريو أسوأ الحالات، ومن شأنه أن يؤدي إلى اختلالات داخلية وخارجية. وأضاف التقرير: «لأن عائدات النفط تشكل أكثر من نصف عائدات الحكومة، وتشكل نسبة 90 في المائة من الصادرات، سوف تحتاج حكومة الخرطوم إلى التعود على صدمة دائمة. ولا سيما في وقت فيه فرص ضئيلة للتمويل الخارجي” .
وتوقع التقريرأن يشهد شمال السودان نتيجة لذلك انخفاضا بنسبة 10 في المائة في الناتج المحلي غير النفطي، لأن هذه هي نسبة الجنوب في الإنتاج غير النفطي. هذا بالإضافة إلى انخفاض في الخدمات ذات الصلة بالإنتاج النفطي فى الشمال .
لكن الصندوق اشار في نفس الوقت الى ان ميزانية حكومة الخرطوم ستشهد زيادة في عائدات المواصلات التي ستعكس رسوم نقل النفط الجنوبي عبر خط الانابيب الى موانئ التصدير فى الشمال .
و اشار الصندوق الى انه في المقابل سوف تنخفض الاستثمارات وعائدات الاستثمارات ذات الصلة بإنتاج وتجارة النفط في الشمال. وسوف تنخفض الصادرات، والضرائب التي تفرضها حكومة الخرطوم عليها. وستزيد الواردات من المنتجات النفطية لتعكس النقص في الإنتاج المحلي بعد انفصال الجنوب .
وشدد صندوق النقد الدولي لمواجهة هذا السيناريو أنه على حكومة البشير خفض الإنفاق، ورفع الدعم عن الوقود، والحد من الإعفاءات الضريبية، وتحسين إدارة الإيرادات .
وكانت حكومة الرئيس البشير قد وافقت في وقت سابق من هذا العام ، على إجراءات تقشفية أزالت جزئيا الدعم على المنتجات البترولية والسكر، مع توقع مزيد من التخفيضات .
ورحب تقرير صندوق النقد بهذه الإجراءات. وقال إنها سوف «تضيق الفجوة بين الأسعار الدولية والمحلية». وأوصى الصندوق بإعلان «زيادات تدريجية في سعر النفط الخام عندما يسلم إلى المصافي المحلية” .
وكشف التقرير أن حكومة البشير تعتزم إصدار ميزانية تكميلية خلال الربع الثاني من هذا العام، والتي من شأنها أن تأخذ في الاعتبار اتفاقيات الشمال والجنوب بشأن قضايا ما بعد الاستفتاء. وقال إن حسم موضوع تقاسم عائدات النفط «لا يزال قيد التفاوض» بين المسؤولين الشماليين والجنوبيين .
وأيضا، كشف التقرير أن النمو الاقتصادي في السودان تباطأ في عام 2010 إلى نحو 5 في المائة بعد أن كان 6 في المائة في العام السابق، وبعد أن كان أكثر من عشرة في المائة بعد التوقيع على اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب .
واشار التقرير الى ارتفاع معدل التضخم بشكل حاد من 10.0 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 إلى 15.4 في المائة في الشهر التالي. وعزا التقرير هذا الارتفاع إلى الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية. وإلى الشكوك الشعبية والرسمية خلال فترة الاستفتاء في الجنوب. وإلى انخفاض قيمة الجنيه السوداني .
وأيضا، كشف التقرير انخفاض احتياطي النقد الأجنبي الذي يحتفظ به السودان «بشكل كبير» في 2010 نتيجة لـ«تدخل عنيف» من بنك السودان المركزي. ووصل الاحتياطي إلى 500 مليون دولار تقريبا في أكتوبر الماضي.
و بسبب هذه التطورات، قال التقرير إنه، خلال العام الماضي، انخفض الجنيه السوداني مقابل الدولار بـ«شكل كبير». وازدهرت السوق السوداء .
ورحب التقرير بـ«الانخفاض الواقعي» في قيمة الجنية السوداني. لكنه قال إن هذا يجب أن يكون «مباشرا» من قبل السلطات السودانية حتى لا تتشوه صورة السوق المالية والاقتصادية .
وعن ديون السودان الخارجية، قال التقرير إنها وصلت إلى 37 مليار دولار في ديسمبر وإن السودان يحتاج إلى “نجدة” قريبا من الدائنين «من أجل معالجة هذه المشكلة المزمنة” .
وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن هذا الرقم الذي أعلنه صندوق النقد الدولي أقل قليلا من التوقعات في وقت سابق بأن الديون وصلت إلى 38 مليار دولار .