البوليس السوداني يعتقل قيادات معارضة ويقمع مظاهرات ضد النظام
الخرطوم في 10 مارس 2011 — قال شهود عيان ان عشرات من أنصار المعارضة تعرضوا للاعتقال والضرب على أيدي أفراد من الشرطة وقوات الامن السودانية امس الاربعاء بعد دقائق من بدء مظاهرة مناهضة لحكم الرئيس عمر حسن البشير المستمر منذ 21 عاما .
وواجهت الشرطة المتظاهرين القليلي العدد بوحشية وحملت بعضهم الى سيارات “نصف نقل” مكشوفة بمعاونة رجال الامن الذين انهالوا عليهم صفعا وركلا وضربا بالعصي والهراوت بقسوة شديدة واحتجزوا رجالا ونساء فى قسم شرطة الخرطوم شمال واحيل بعضهم الى جهاز الامن .
وبدأ توافد بعض قادة المعارضة والظهور في ساحة ميدان “ابوجنزير” بوسط الخرطوم تقدمهم نقد الذى بادر لدخول ميدان ابو جنزير الممتلئ عن اخره بقوات الشرطة والتقط من الارض ورقة سميكة و كتب عليها “حضرنا ولم نجدكم” وبادر لرفعها فى اشارة تدلل استهجانه تخلف قوى المعارضة في الظهور بالموعد المتفق عليه .
ودفع تصرف الزعيم الشيوعى رجال الشرطة والامن لمطالبته الخروج من الميدان لكنه رفض واقتيد على الفور الى احدى السيارات ليشتعل الموقف بعدها بهتاف المنتظرين عن بعد لتسارع الشرطة لضربهم وتفريقهم و اعتقل رجل مسن بعد ترديده هتافات وانهال عليه رجال الشرطة بالضرب قبل اقتياده الى مركز شرطة قريب من الميدان .
وكان الاحتجاج الذي نظم في وسط الخرطوم احدث حلقة في سلسلة محاولات من جانب مجموعات الشبان وأحزاب المعارضة لاتباع خطى انتفاضات مناهضة للحكومات في مختلف ارجاء العالم العربي. لكن الحركة لم تنجح حتى الان في جذب تأييد واسع النطاق .
وقمعت الشرطة الاحتجاجات بسرعة وعنف متزايدين منذ الانتفاضتين في مصر وليبيا .
وجاءت الاضطرابات في المنطقة في لحظة حرجة بالنسبة لحكومة الخرطوم التي تواجه أزمة اقتصادية وتستعد لانفصال الجنوب المنتج للنفط وتواصل قتال المتمردين في دارفور في غرب البلاد .
وقال شاهد عيان من رويترز ان مجموعات صغيرة من المحتجين تجمعت في ميدان أبو جنزير بالخرطوم بعد الظهر في حين تجمع ما يزيد على 500 من افراد الشرطة والامن في الشوارع المحيطة .
وما أن بدأوا يرددون هتافات حتى تحركت قوات الامن الى الميدان واعتقلت أغلب المتظاهرين ومن بينهم الزعيم الشيوعي المخضرم محمد ابراهيم نقد .
وكان حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه البشير قد حذر في وقت سابق من ان التظاهر سيكون غير قانوني. ونقلت وسائل اعلام حكومية عن نزار محجوب العضو البارز بالحزب الحاكم اتهامه لمنظمي الاحتجاجات بمحاولة اشاعة الفوضى في البلاد .
وقال فاروق أبو عيسى رئيس تجمع قوى الاجماع الوطني وهو ائتلاف فضفاض من أحزاب المعارضة نظم الاحتجاج ان المحتجين يطالبون يتنحي البشير .
ووصف ابوعيسى من يحكمون البلاد الان بأنهم مجموعة “عصابات” وليست مؤسسات ووصف فض التجمع السلمي بميدان “أبو جنزير” أمس بالتصرف الغير قانوني واللا أخلاقي، معتبرا خروج الموكب امس انجازا و خطوة في طريق المفاصلة النهائية بينها والنظام الحاكم .
وقال قبل الاحتجاجات “الرسالة هي أن شعب السودان سيواصل النضال بالطريقة نفسها التي اتبعها الشعبين المصري والتونسي لاعادة الديمقراطية” .
وكشف ابوعيسى عن اعتقال عدد من قيادات المعارضة على رأسهم زعيم الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد، ورئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، ورئيس الحزب الوحدوي الناصري جمال إدريس لساعات والإفراج عنهم في وقت لاحق، لافتاً إلى أن البلاد يحكمها “مجانين” رغم ظروفها القاسية والمخاطر التي تتهددها من كل الاتجاهات .
و تغيب بقية زعامات المعارضة عن الخروج فى التظاهرة المعلنة وعلى راسهم الصادق المهدى الذى غادر السودان الى برلين ، كما طالت الاعتقالات قرابة الستة صحفيين وافرج عن الجميع بعد ساعات .
وانتقدت قوى المعارضة صمت بعثة الامم المتحدة فى السودان ازاء صمتها على المعاملة غير الانسانية التى تواجه بها الحكومة معارضيها .
ولم تصل شخصيات معارضة أخرى الى حد الدعوة لتغيير النظام وأقرت بأنها فشلت حتى الان في حشد تاييد شعبي ضخم لقضيتها .
وقالت مريم المهدي من حزب الامة المعارض قبيل الاحتجاج ان هناك حاجة لتعبئة الناس بشكل أكثر جدية وان المعارضة في الوقت الراهن تمضي الكثير من الوقت في الحديث الى الاعلام وعقد الاجتماعات المغلقة والمؤتمرات الصحفية .
واضافت مريم وهي ابنة رئيس الوزراء الاسبق الصادق المهدي ان هناك فوضى كاملة وفشل كامل في السودان وان الشعب فقير وليس له صوت مسموع والحياة صعبة على غير أعضاء الحزب الحاكم .
وقالت مريم وابوعيسى ان الشرطة اعتقلت ثلاثة من منظمي الاحتجاج من الحزب الشيوعي وحزب البعث في الساعات الاولى من صباح امس الاربعاء .