اتهامات بين جوبا و الخرطوم حول عنف ابيى والمجتمع الدولى يناشد بضبط النفس
الخرطوم في 12 يناير 2011 — اتهم مسؤول امنى رفيع فى حكومة جنوب السودان امس الثلاثاء، مسلحين من قبيلة المسيرية بمهاجمة قافلة لمواطنين جنوبيين عائدين من الشمال إلى الجنوب عند الحدود مساء امس الاول الإثنين ، ما أسفر عن مقتل عشرة مدنيين جنوبيين وإصابة 18 آخرين .
وقال وزير الشرطة والامن الجنوبي ، قيير شوانق ألونق ، خلال مؤتمر صحفي عقده في جوبا عاصمة جنوب السودان، إن “موكباً يضم جنوبيين عائدين من الشمال تعرض لكمينامس الاول “الإثنين” من قبل قبيلة المسيرية” .
وأوضح أن الهجوم وقع على الحدود بين ولاية جنوب كردفان (الشمالية) وولاية بحر الغزال (الجنوبية)، مضيفاً أن “الموكب كان يضم 30 حافلة وسبع شاحنات. الشاحنات تم نهبها والحافلات عادت إلى الشمال” .
وتابع : “المهاجمون كانوا على متن ست أو سبع آليات وكانوا مسلحين” .
وأضاف الوزير الجنوبي أن “قبائل المسيرية تنتمي إلى دولة ، وهذه الدولة يجب أن تكون مسؤولة عنهم”، في إشارة إلى حكومة الخرطوم .
وأضاف الوزير الجنوبي “الجنوب على وشك تحقيق الهدف الذي قاتل من أجله سنوات طويلة”، في إشارة إلى الانفصال، موضحاً أن الوضع الأمني في باقي مناطق الجنوب “هادئ” .
وفي الخرطوم، قال المتحدث باسم الشرطة السودانية ، الفريق أحمد التهامي لـ”فرانس برس” تعليقاً على هذه الأحداث، إن “هذه أشياء متبادلة بين الطرفين، فالجيش الشعبي أتى بقواته إلى مناطق المسيرية شمال حدود 56، فقامت قبائل المسيرية بالدفاع عن نفسها وحصل نهب متبادل من قبل الطرفين” .
وتابع، في إشارة إلى تعرض موكب الجنوبيين للاعتداء: “ورد إلينا أن سيارات عائدين كانت تتحرك نحو ولاية بحر الغزال قد تعرضت للنهب ولكن ليست لدينا أي تفاصيل”.
وكان من المفترض إجراء استفتاء خاص بأبيى ليختار من خلاله سكان المنطقة بين الانضمام إلى الشمال أو الجنوب، إلا أنه تأجل إلى موعد غير محدد بسبب عدم الاتفاق على تحديد الذين يحق لهم المشاركة في هذا الاستفتاء .
ومنذ الجمعة الماضية أدت الاشتباكات بين قبيلة المسيرية وقبيلة الدينكا نقوك في منطقة أبيي إلى مقتل 33 شخصاً على الأقل، بحسب مسؤولين محليين .
وفى سياق متصل حَمّل وزير الداخلية السودانى ، المهندس إبراهيم محمود حامد ، رئيس ادارة أبيي ، كوال دينق أروك ، مسؤولية أحداث العنف التي شهدتها المنطقة الأيام الماضية وراح ضحيتها العشرات من قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك بسبب إصداره لقرار الدفع بقوات إضافية من شرطة الجنوب إلى أبيي بشكل أدى لتجدد الأحداث .
واتهم وزير الداخلية أروك بخرق إتفاق خارطة طريق أبيي الذي ينص على وجود قوات الشرطة مناصفة ، وقال محمود للصحفيين أمس ، إن الحاكم لا يحق له إصدرا هذا القرار وهذا أدى لنشوب أحداث العنف التي وقعت بأبيي .
وكشف حامد عن إجتماع سيلتئم الأسبوع المقبل بين وزيري الداخلية بالشمال والجنوب بالاضافة لحاكم منطقة أبيي ووالي ولاية جنوب كردفان بغية الإتفاق على حل للإشكاليات التي وقعت اخيراً .
من ناحيته قال والي ولاية جنوب كردفان ، أحمد هارون بحسب (كونا) أمس الثلاثاء : سنعقد سلسلة من الإجتماعات خلال الساعات المقبلة حتى نضع حلولاً تنفيذية وعملية بينها إجتماع للإدارة الأهلية .
وفي السياق أرسلت بعثة الأمم المتحدة بحسب راديو الامم المتحدة «مرايا. أف. أم» فريقاً للتحقيق حول النزاع الذي نشب أخيراً بين قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك بشمال وشمال غرب أبيي .
وأكد دينق أروب رئيس إدارية أبيي ، أن القبيلتين إتفقتا على وقف العدائيات بينهما بواسطة إدارية أبيي وحكومة ولاية جنوب كردفان ، وأضاف أن عدد الضحايا في المعارك التي نشبت حديثاً بين الطرفين لم يحصر حتى الآن .
وساد الهدوء الحذر منطقة أبيي السودانية، بعد أن عاشت اليومين الماضيين حالة من الذعر جراء اشتباكات دموية بين قبيلتي المسيرية ودينكا نقوك .
لكن رئيس المجلس التشريعي بالإدارية، شارلس أبيي، توقع تواصل المعارك في وقت لاحق بسبب ما أسماه وجود حشود للمسيرية في منطقتي “توداج” و”تاجلي”، محذراً من تفاقم الوضع الأمني جراء ذلك .
في سياق ثان، نفى الجيش السوداني تورطه في معارك أبيي الأخيرة أو تقديم الدعم للمسيرية. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة المقدم الصوارمي خالد لراديو “مرايا” إن القوات المسلحة غير موجودة أصلاً في أبيي إلا في إطار القوات المشتركة .
واتهم شارلس، اللواء 107 التابع للقوات المسلحة، بدعم المسيرية في المعارك بمناطق شمال أبيي التي بلغت حصيلة ضحاياها 22 قتيلاً بجانب سقوط عشرات الجرحى .
وبالمقابل، نفت قبيلة المسيرية مبادرتها بالهجوم على مجموعات من قبيلة دينكا نقوك أو إغلاقها للطريق البري في شمال أبيي اليومين الماضيين .
واتهم أمير قبيلة المسيرية حمدي الدودو، قوات قال إنها تابعة للحركة الشعبية بتدبير وتنفيذ الهجوم على الرعاة في منطقة “ماكير” .
وطالب الدودو بعثة الأمم المتحدة بالمنطقة، بتقصي الحقائق وإعلان المتسبب في التوترات الأمنية حول بلدة أبيي .
وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها من اعمال العنف في منطقة ابيي بالسودان ولكنها أشارت إلى أنها لن تكون مؤثرة على استفتاء حق تقرير مصير الجنوب .
واعترف برنستون ليمان المفاوض الرفيع فى فريق المبعوث الامريكى الى السودان ، سكوت غرايشن ، بوجود اعمال عنف في منطقة ابيي ولكنه أكد ان هذا “الوضع المحزن ليس له اي تأثير على الاستفتاء” .
وفى سياق متصل ادان السكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون بشدة امس الثلاثاء التقارير التي تشير الى وقوع اشتباكات واعمال قتل بمنطقة ابيي المتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه داعيا كافة الاطراف الى التوصل لحل سلمي لتلك القضية .
وقال بان كي مون في بيان صادر عن مكتبه انه يدين الخسائر في الارواح التي وقعت بمنطقة ابيي المتنازع عليها والواقعة بالقرب من الحدود بين شمال السودان وجنوبه داعيا حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان الى التزام الهدوء وضمان التوصل الى حل لتلك القضية عبر الحوار السلمي .
واشار البيان الى ان بعثة الامم المتحدة في السودان وبالتشاور مع الشركاء الآخرين انخرطت مع الطرفين لتبديد التوترات في المنطقة ومنع المزيد من التصعيد بها .
واضاف البيان ان البعثة الاممية كثفت من دورياتها على الارض وهي مستعدة حاليا لتعزيز وجود قوات حفظ السلام في حال ظهرت حاجة لذلك .
ودعا بان كي مون الطرفين الى استئناف المفاوضات بشأن ابيي والانتهاء منها مشددا على ان تلك القضية تحتل “الاولوية” .
وفى سياق متصل قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها امس ان “من الضروري صيانة السلام والاستقرار والامن في السودان بغض النظر عن نتائج الاستفتاء في جنوب البلاد” .
واعرب البيان عن قلق روسيا حيال التطورات الجارية في منطقة (ابيي) الحدودية بين الشمال والجنوب التي شهدت مؤخرا اشتباكات بين مسلحة ادت الى سقوط ضحايا .
ودعا البيان الاطراف المعنية الى التمسك بالتزاماتها المنبثقة عن اتفاقية السلام الشاملة وحل الخلافات حول منطقة (ابيي) بالوسائل السلمية .
وكانت السلطات في جنوب السودان قد أعلنت الثلاثاء أن عناصر من قبائل المسيرية هاجمت قافلة تقل جنوبيين عائدين من الشمال الى الجنوب ما ادى الى مقتل عشرة اشخاص من القافلة .
وكانت الاشتباكات التي اندلعت بين رجال قبائل دينكا نقوك وقبائل المسيرية منذ يوم الجمعة الماضي قد أسفرت عن مقتل 36 شخصا على الأقل قرب الحدود بين شمال السودان وجنوبه .